للتمارين الرياضية فوائد صحية عديدة لا تخفى على أحد، تدفعنا للاشتراك في صالات الألعاب الرياضية، أو ممارسة رياضة مفضلة في نادٍ ما، أو قطع عدة كيلومترات جريًا أو مشيًا، أو حتى أداء بعض التمارين في المنزل. ولكن ماذا لو تخلينا عن كل هذا، وأمكننا الاستفادة من فوائد تلك التمارين، وخسارة الوزن دون بذل أيّ مجهود؟
التمارين الرياضية قد تقي من 7 أنواع من السرطان
للرياضة فوائد جمة، منها النفسية، والجسدية، والخُلُقية، وغيرها الكثير من المنافع والفضائل. وعلى الصعيد الصحي، تلعب الرياضة دورًا هامًا في الحد من بعض الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب، والأوعية الدموية، وداء السكري. وتقوم بذلك عن طريق زيادة تدفق الدم والأكسجين إلى المخ، والجلد، والأعضاء الحيوية. وتؤدي أيضًا إلى تقوية العضلات والعظام، بالإضافة إلى أنها تحسن من قدرة الرئتين على سحب الأكسجين، وقدرة القلب والشرايين على ضخ الدم عبر الجسم.
فضلًا عن ذلك، يقول الباحثون أنه يمكن ممارسة الرياضة باعتبارها فعلًا وقائيًّا، من شأنه أن يحد من الإصابة بالسرطانات. وهذا بالفعل ما أثبتته عديد من الدراسات، أحدثها ما وجدته دراسة علمية نُشرت في دورية «علم الأورام السريري (Journal of Clinical Oncology)»، وأفادت بأن ممارسة الرياضة قد تُخفض خطر الإصابة بسبعة أنواع من السرطان.
وقد اعتمدت الدراسة على تحليل بيانات تسع دراسات سابقة، شملت أكثر من 750 ألف شخص بالغ. وجاء في التحليل أن ممارسة الرياضة المعتدلة لمدة ساعة يوميًا ارتبطت بانخفاض خطر الإصابة بسرطان القولون لدى الرجال، وسرطان الثدي وسرطان بطانة الرحم لدى الإناث، وسرطان الكلى، والمايلوما، وسرطان الكبد، والأورام اللمفاوية غير هودجكين.
هل يصبح «السيسترين» بديلًا جديدًا لصالة الألعاب؟
كما يقول المثل الشهير «لا ألم، لا مكسب»، فلا يمكن الاستفادة من فوائد الرياضة دون ممارستها بانتظام، وتحمل مشقة التمارين. لكن ماذا لو أمكننا الاستفادة من فوائد تلك التمارين دون تحريك عقلة إصبع؟ هناك أخبار سارة بانتِظار الأشخاص الذين يُكافحون من أجل الذهاب لصالة الألعاب.
تُشير دراسة جديدة نُشرت في مجلة «Nature Communications Journal» إلى أن نوعًا من البروتين يُطلق عليه «سيسترين»، والذي يُفرز طبيعيًا داخل الجسم، يُمكن أن يُحاكي العديد من تأثيرات التمرينات الرياضية في حيوانات التجارب؛ ما يطرح احتمالية أن يُؤخذ في يوم من الأيام في شكل مُكمل غذائي؛ يمنح فوائد التمارين الرياضية دون تحريك عقلة إصبع.
وقد أوضح الدكتور ميونجكين كيم، الطبيب الرئيسي في الفريق القائم على الدراسة، لصحيفة «ديلي ميل» أن الباحثين لاحظوا سابقًا تراكم السيسترين في العضلات بعد ممارسة التمارين، ويُعد مسؤولًا عن فوائد التمرينات الرياضية، ومفيدًا لعملية التمثيل الغذائي والقدرات البدنية أثناء التمرين. ويُعد السيسترين أيضًا أحد البروتينات التي تشارك في تنظيم نمو الخلايا والبقاء على قيد الحياة، إلى جانب عمله على تنظيم الِاستجابة الخلوية لظروف الإجهاد المختلفة.
وبعد ملاحظة تراكم ذلك البروتين في العضلات بعد التمرين؛ حاول باحثون من كلية الطب بجامعة ميتشيجان، معرفة المزيد عن صلة السيسترين الظاهرة بممارسة الرياضة، وكانت الخطوة الأولى دراسة تأثيرِ البروتين في ذبابة الفاكهة. ومن أجل ذلك، طور الباحثون مجموعة من الحشرات جينيًّا لإفراز مستويات أقل من السيسترين، وطوروا مجموعة أخرى لإفراز مستويات أكبر، في حين ظلت المجموعة الثالثة (المجموعةُ الحاكمة في الاختبار) كما هي دون تغيير.
وبدأ الباحثون في تدريب المجموعات الثلاث على الطيران فيما يشبه المعسكر التدريبي، بشكل متواصل لمدة تصل إلى ست ساعات. ووجدوا أن قدرة الذباب على الطيران المتواصل تزايدت في المجموعة الثانية، التي تُفرز مستويات أعلى من السيسترين، في حين قلَّت قدرة الطيران في الذباب الذي يُفرِز مستويات أقل من البروتين، وظلّ الذباب العادي دون أي تحسن.
بعد ذلك، قارن الباحثون بين ذباب فاكهة غيرِ مدرب يحظى بمستويات أكبر من السيسترين، وذباب فاكهة مدرب على الطيران لفترات أطول لكن بمستويات عادية من ذلك البروتين. ووُجد أن الذباب في المجموعة الأولى تمتع بقدرات أفضل وقدرة تحمل أطول مما لدى الذباب المدرب، مع أنه لم يتلق تدريبًا على الطيران بالأساس.
وأفادت الدراسة أن هذا يُرجح إمكانية أن تُغنِي مستويات السيسترين العالية عن مشقة التمارين الرياضية، وهو الأمر الذي تحقق عند ذباب الفاكهة على الأقل. فهل نقول وداعًا لصالة الألعاب الرياضية، ويصبح السيسترين البديل الجديد؟
قد يمنع ضمور العضلات.. تطبيقات واعدة لاستخدام السيسترين
لم تقتصر الآثار المفيدة لبروتين السيسترين على تحسين القدرة على التحمل وحسب، بل أثبتت في تجربة أخرى أن الفئران التي ينقصها بروتين السيسترين، افتقرت للقدرة على ممارسة تمرينات رياضية، وتحسين التنفس، وحرق الدهون المرتبط عادة بالتمرينات. واتضح أن الزيادة في مستويات السيسترين تؤدي إلى زيادة حرق الدهون المرتبط عادة بالتمرينات الرياضية، وتُحسِّن أيضًا عملية التنفس.
كذلك، تبين أنه من الممكن أن يكون للسيسترين القدرة على تنسيق الأنشطة البيولوجية في الجسم عن طريق تشغيل أو إيقاف مسارات التمثيل الغذائي المختلفة، ويعد هذا النوع من التأثير المشترك هامًا لإنتاج تأثيرات التمارين. وقد يكون لهذه النتائج آثار بعيدة المدى في المجالات الطبية، والعلمية، واللياقة البدنية. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد السيسترين الأفراد غير القادرين على ممارسة الرياضة بسبب مشاكل الشيخوخة، أو الأمراض العضلية.
ووجدت الدراسة أن السيسترين الخاص بالعضلات يمكن أن يمنع الضمور في مجموعات العضلات الساكنة، ويساعد في علاج ومنع ضمور العضلات التي تتوقف عن الحركة لفترات طويلة، مثلما يحدث عند وضع أحد الأطراف في جبيرة. وبذلك يمكن الاستفادة من نتائجَ تلك الدراسة في منع ضمور العضلات عند كبار السن، أو المصابين في حوادث تمنعهم من تحريك أطرافهم مدة طويلة. ويمكن أيضًا أن تستخدم في علاج الأشخاصِ، الذين لا يستطيعون ممارسة الرياضة لأي سبب كان.
وفي حين تبدو هذه النتائج واعدة للغاية، إلا أن إنتاج مكملات السيترين سيستغرق وقتًا حتى تظهر على أرفف مخازن التغذية. يقول مؤلفو الدراسة أن جزيئات السيسترين كبيرة بدرجة تجعل من الصعب تحويلها إلى مُكمّل للاستهلاك البشري، وما زال يجري العمل على إيجاد مُعدِّلات لهذه الجزيئات. كذلك، لم يتوصل الباحثون بعد إلى الكيفية التي تؤدي لإنتاج السيسترين في الجسم عقب التمرينات الرياضية، الأمر الذي يُعد بالغ الأهمية للدراسة المستقبلية، ومن شأنه أن يؤدي إلى علاج الأشخاص الذين لا يستطيعون ممارسة الرياضة.
وعلى هذا النحو، لا يمكننا توقع ظهور مكملات السيسترين في وقت قريب؛ وما يزال هناك كثير من العمل أمام الباحثين قبل توفر تلك المكملات في الأسواق التجارية. ولكنها أخبار مبشرة للمرضى، والكسالى من الأصحاء أيضًا.
علامات
أمراض عضلية, بروتين, تمارين, رياضة, سيسترين, شيخوخة, ضمور العضلات, عضلات, فقدان الوزن, هزال العضلات