يقترب عام 2021 على الانتهاء، هذه السنة التي حملت في طيّاتها للدول المغاربية واقعًا مليئًا بالأحداث؛ فما بين أزمات سياسية زادت حدتها هذا العام، وما بين تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والصحي عاشته هذه الدول، رسم هذا عام 2021 ملامح حزن وألم للشعوب المغاربية، وتخللته لحظات أملٍ في أن يكون الفرج في قادم السنوات. في هذا التقرير نرصد أهم الأحداث التي شكّلت سنة 2021 في الدول المغاربية.
يناير 2021: الدول المغاربية تكافح من أجل لقاح كورونا
بتحديات مكافحة جائحة كورونا وآمال الحد من انتشارها؛ بدأت الدول المغاربية سنة 2021 بإطلاق حملات وطنية للتلقيح؛ فكان المغرب أوّل الدول المغاربية التي أعلنت عن انطلاق حملة التطعيم للوقاية من فيروس كورونا وذلك يوم الخميس 28 يناير (كانون الثاني) 2021، بعد أن تسلمت البلاد جرعات كافية من شركتي «أسترازينيكا» و«سينوفارم».
كذلك شهد يوم 16 يناير 2021 منح الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، ملك المغرب محمد السادس وسام الاستحقاق المرموق لـ«تأثيره الإيجابي» على المشهد السياسي في الشرق الأوسط، مشيرًا بالخصوص إلى عودة العلاقات مع إسرائيل.
أمّا في الجزائر فشهد الشهر نفسه، إطلاق الجزائر لحملة وطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا، وكانت البداية من ولاية البليدة التي كانت أولى بؤر انتشار الفيروس بالجزائر، وذلك بعد أن استلمت الجزائر 500 ألف جرعة من لقاح «سبوتنيك 5» الروسي، وفي 10 يناير 2021 عاد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مرة أخرى إلى ألمانيا لإجراء عملية جراحية في قدمه اليمنى إثر «مضاعفات» إصابته بفيروس كورونا.
أمّا تونس فشهد شهر يناير إحتجاجات يومية واسعة تنديدًا بالانتهاكات الواسعة للشرطة التونسية وللمطالبة بالإفراج عن الموقوفين بعد صداماتٍ عنيفة شهدها احتفال التونسيين خالال الذكرى العاشرة للثورة الذي وصل عددهم لأكثر من ألف موقوف. في تونس أيضًا شهد منتصف الشهر إعلان رئيس الوزراء هشام المشيشي عن تعديلٍ حكوميٍ جرى بموجبه تعيين 12 وزيرًا جديدًا، أقال فيه وزير الداخلية توفيق شرف الدين، والمحسوب على الرئيس التونسي قيس سعيد، فكان ردّ سعيّد رفض التعديل الوزاري ووصفه بغير الدستوري.
في ليبيا بدأت بوادر حلحلة الأزمة السياسية التي غذّتها التدخلات الأجنبية منذ إطاحة نظام معمر القذافي، ففي أعقاب جولة جديدة من المحادثات التي احتضنتها مدينة بوزنيقة جنوبي العاصمة المغربية الرباط، توافقت الأطراف الليبية المشاركة في المحادثات على فتح باب الترشح للمناصب السيادية السبعة في البلاد، وذلك في الفترة ما بين من 26 يناير إلى 2 فبراير (شباط) 2021. ومن بين هذه المناصب: محافظ مصرف ليبيا المركزي، والنائب العام، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس المفوضية العليا للانتخابات ورئيس المحكمة العليا.
وفي 31 يناير كشفت بعثة الأمم المتحدة عن لائحة المرشحين للمجلس الرئاسي الانتقالي ومنصب رئيس الوزراء؛ وشملت اللائحة أسماء 45 شخصًا بينهم ثلاث نساء، وتضم شخصيات من غرب البلاد وشرقها. على أن يجري تعيينهم في الفترة من 1 إلى 5 فبراير في سويسرا برعاية أممية، لضمان عملية الانتقال بحلول انتخابات ديسمبر (كانون الأول).
وفي موريتانيا قرّر مجلس الوزراء الموريتاني استئناف الدراسة في جميع مؤسسات التعليم الموريتانية بعد إغلاق استمر خمسة أسابيع، خوفًا من تفشي الموجة الثانية من فيروس كورونا التي ضربت البلاد بقوة مقارنة بالموجة الأولى، كما تواصلت احتجاجات مقدمي خدمات التعليم ومطالبتهم المستمرة للوزارة بترسيمهم؛ وشهد الشهر أيضًا اجتياح وباء إنفلونزا الطيور محمية طبيعية في البلاد.
فبراير 2021: الأزمات السياسية تفرض نفسها على الدول المغاربية
حمل شهر فبراير 2021 للدول المغاربية أولى بوادر الأزمات الساسية، فساءت فيه العلاقة بين الرباط ومدريد من خلال انتشار صور عنيفة توثق تعرض مهاجرين قاصرين من المغرب للضرب من قبل الشرطة الإسبانية؛ الأمر الذي أدى إلى استدعاء وزارة الخارجية المغربية في الثالث من فبراير 2021 للسفير الإسباني بالرباط، لإبلاغه قلق المغرب إزاء العنف الممارس داخل أحد مراكز الاحتجاز في جزيرة لاس بالماس.
وفي إطار جهودها لمكافحة جائحة كورونا؛ قررت الحكومة المغربية، تمديد حالة الطوارئ الصحية في البلاد حتى 10 مارس (آذار) 2021؛ إضافة إلى قرار تعليق الرحلات إلى ثلاث دول أوروبية منها ألمانيا. كذلك أحيى المغاربة الذكرى العاشرة لانطلاق «حركة 20 فبراير» – النسخة المغربية من الربيع العربي – وذلك عبر مسيرات احتجاجية جابت شوارع الرباط، وشهد الشهر ذاته انتفاضة لأساتذة التعليم المغاربة، دعت إليها خمس نقابات تعليمية، تطالب بتعديل قانون عمل القطاع، وتفعيل ترقية الموظفين وزيادة أجورهم.
فيما كانت أبرز أحداث شهر فبراير 2021 بالجزائر، العودة الجزئية للحراك الشعبي بمناسبة الذكرى الثانية لانطلاقه؛ فبعد التوقف الاضطراري الناجم عن تفشي جائحة كورونا، خرج آلاف الجزائريين في مظاهرات حاشدة في الجزائر العاصمة ومدن أخرى بالبلاد لإحياء الذكرى الثانية للحراك الشعبي التي تُصادف 22 فبراير؛ وسط انتشار أمني مكثف، فيما شهد يوم 12 من الشهر عودة الرئيس الجزائري إلى البلاد بعد شهر من العلاج من مضاعفات كوفيد-19.
في تونس تواصلت التوترات السياسية الناجمة عن رفض الرئيس قيس سعيد للتعديل الوزاري الذي قام به رئيس الحكومة هشام المشيشي، على الرغم من تنازل المشيشي في 17 فبراير عن تعديله بإعفاء نحو نصف الوزراء الجدد الذين يعترض عليهم الرئيس قيس سعيد ممن شملهم التعديل المتسبب في الأزمة.
وتواصل الاحتقان في الشارع التونسي نتيجة الأزمة، فنظّم «الاتحاد التونسي للشغل» بوسط تونس في السادس من فبراير وتزامنا مع إحياء ذكرى اغتيال الناشط التونسي شكري بلعيد، أكبر مظاهرة بالبلاد منذ سنوات، وذلك في تحد للطوق الذي فرضته الشرطة، والتي أغلقت الشوارع في منطقة واسعة من العاصمة. وجاءت المظاهرة للتنديد بالسياسة الأمنية القمعية والاعتداء على الحريات في مواجهة تحركات المحتجين في الأسابيع الأخيرة.
أمّا ليبيا فقد افتتحت الشهر باجتماع فرقائها في جنيف السويسرية؛ من أجل اختيار رئيس وزراء جديد وأعضاء مجلس رئاسي تؤول إليه عملية الانتقال الديمقراطي في ليبيا، إلى حين تنظيم الانتخابات، وبعد خمس أيام من المشاورات أُعلن عن نتائج الاجتماع؛ وذلك بعد التوافق على حكومة مؤقتة يقودها عبد الحميد الدبيبة فيما أوكلت مهام رئاسة المجلس الرئاسي لمحمد المنفي. كذلك شهد الشهر إحياء الليبيين للذكرى السنوية العاشرة لانطلاق الثورة التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي عبر تنظيم عروض موسيقية وعسكرية وإطلاق ألعاب نارية.
أمّا موريتانيا فقد استضافت بطولة كبرى لأول مرة في تاريخها، وهي كأس أمم أفريقيا للشباب تحت 20 سنة لكرة القدم التي نظمتها نواكشوط في الفترة ما بين 14 فبراير و6 مارس وعرفت تتويج المنتخب الغاني باللقب.
مارس 2021: يعيد الأمل لليبيين وبداية توترات سياسية أخرى
شهد شهر مارس عدة أحداث مفصلية بالدول المغاربية؛ فقد واصلت المغرب إجراءاتها للحد من انتشار جائحة كورونا خلاله وذلك بإعلان تعليق الرحلات الجوية من وإلى الجزائر ومصر في الخامس من الشهر، وقبل نهاية الشهر أضافت الحكومة المغربية كلًا من فرنسا وإسبانيا لقائمة الرحلات المعلقة.
على الصعيد السياسي افتتحت المملكة المغربية شهر مارس بإعلان وزارة الخارجية المغربية في الفاتح من مارس؛ عن تعليق كل اتصال أو تعاون مع السفارة الألمانية في الرباط ومع كل المؤسسات الألمانية التابعة لها وذلك بسبب سوء التفاهم العميق مع ألمانيا في قضايا أساسية تهم المملكة حسب ما أورده بيان وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي المغربية.
وفي 23 مارس قرر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بالرباط إطلاق سراح المؤرخ والناشط الحقوقي المغربي المعطي منجب، الملاحق في قضية «غسل أموال» وذلك بعد إضرابه عن الطعام لأزيد من 19 يومًا.
كذلك شهد الشهر فصلًا جديدًا في التوتر بين الجزائر والمغرب؛ وذلك بإعلان السلطات الجزائرية عن مهلة للفلاحين المغاربة الذين يستغلون أراضي جزائرية في منطقة «الفكيك الحدودية» إلى 18 مارس من أجل إخلائها والعودة إلى الأراضي المغربية قبل أن تشرع السلطات في اعتقالهم بعد المهلة.
بالنسبة للجزائر وعلى صعيد العلاقات الجزائرية الفرنسية؛ شهد شهر مارس إعلان السلطات الفرنسية عن رفع السرية عن الأرشيف الخاص بذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر؛ جاء ذلك في بيان للرئاسة الفرنسية، أعلنت فيه رفع السرية عن وثائق مشمولة بسرية الدفاع الوطني، ابتداء من الأربعاء 10 مارس 2021، كما أقرّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 5 مارس، بأن المحامي والزعيم الوطني الجزائري، علي بومنجل «قد تعرض للتعذيب والقتل» على أيدي الجيش الفرنسي إبان الاستعمار، متراجعًا بذلك عن رواية باريس القديمة بأنه انتحر.
وفي نهاية الشهر وقّعت الحكومة الجزائرية على مذكرة تفاهم مع نظيرتها الصينية من أجل استغلال أكبر منجم للحديد في البلاد، ويتعلق الأمر بمنجم الحديد بغار جبيلات (ولاية تندوف)، في أقصى جنوب غرب البلاد. الذي يتوقّع أن ينتج 12 مليون طن سنويًا من الحديد.
وتواصلت خلال شهر مارس الاحتجاجات والمظاهرات اليومية في تونس المنددة بالوضع السياسي الناجم عن الصراع الثلاثي بين الحكومة والبرلمان والرئاسة؛ في وقت شدّد فيه رئيس الحكومة التونسي هشام المشيشي أن استقالته غير مطروحة.
وصول أولى رحلات الخطوط الأفريقية إلى مطار مصراتة قادمة من بنغازي
على الساحة الليبية شهد شهر مارس عدة أحداث مثيرة؛ كان أبرزها استئناف الرحلات الجوية بين بنغازي ومصراتة في التاسع من مارس من خلال هبوط طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الأفريقية في مطار بنغازي قادمة من مصراتة، وذلك بعد توقف استمر سبع سنوات، لتأتي هذه الرحلة في إطار تجسيد اتفاق بين حكومة الوفاق الوطني وحكومة الجنرال المنشق خليفة حفتر في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2020 برعاية أممية، إذ نص الاتفاق على استئناف الرحلات الجوية الداخلية.
فيما نالت حكومة الدبيبة ثقة البرلمان لقيادة المرحلة الانتقالية بإجماع النواب الحاضرين في العاشر من مارس ودعا مجلس الأمن إلى «انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة دون مزيد من التأخير»، وفي أواخر الشهر قامت فرنسا بإعادة فتح سفارتها بطرابلس بعد إغلاقها عام 2014 لدواع أمنية.
وأقال الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني في التاسع من مارس الوزير الأمين العام للحكومة جا مختار ملل من منصبه، إثر ورود اسمه في قضايا فساد؛ كذلك شهد شهر مارس أيضًا استئناف العلاقات الدبلوماسية بين موريتانيا وقطر بعد أربع سنوات من قطعها.
أبريل 2021: الجزائر ترفض زيارة رئيس الوزراء الفرنسي والمغرب يصعّد ضد اسبانيا
عرف شهر أبريل (نيسان) أزمة سياسية بين المغرب وإسبانيا، وذلك غداة سماح مدريد للرئيس الصحراوي وزعيم جبهة «البوليساريو» إبراهيم غالي بالعلاج من فيروس كورونا في أحد مستشفياتها بـ«هوية مزيفة» حسب السلطات المغربية وذلك في 21 أبريل؛ فقامت الرباط باستدعاء السفير الإسباني لديها، ريكاردو دييز رودريغيز، وإبلاغه «استياء الرباط من موقف إسبانيا الذي وصف بأنه غير عادل». وفي تطورات جائحة كورونا بالمغرب؛ شهد شهر أبريل تسجيل قرابة نصف المليون إصابة بفيروس كورونا في المغرب.
وفي الجزائر سحب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مشروع قانون متعلق بتجريد مرتكبي أفعال تمس بأمن الدولة والوحدة الوطنية من الجنسية الجزائرية. وحمل الشهر نفسه مزيدًا من التوتر بين الجزائر وفرنسا، وذلك بعد إعلان فرنسا في التاسع من أبريل 2021 عن تأجيل زيارة رئيس حكومتها جان كاستاكس إلى الجزائر لأسباب صحية، في حين قالت مصادر دبلوماسية إن السبب الحقيقي هو رفض الجزائر تقليص حجم الوفد الفرنسي.
وفي 19 أبريل اتهم عبد المجيد شيخي مستشار الرئيس الجزائري فرنسا بنشر الأمية في الجزائر مع استعمارها عام 1830، بعد أن كانت نسبتها لا تتجاوز 20% في العهد العثماني وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أكد في بداية شهر أبريل «عدم التنازل في الدفاع عن ملف الذاكرة الوطنية».
وعرف شهر أبريل تزايدًا في الزيارات الرسمية بين الجزائر وموريتانيا؛ فزار وزير الداخلية الجزائري كمال بلجود، نواكشوط في الفاتح من أبريل، كما زار وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد الجزائر في الخامس من الشهر نفسه.
وشهد شهر أبريل تفاقمًا في الأزمة الوبائية بتونس؛ خصوصًا بعد تفاقم أزمة نقص الأوكسجين بالمستشفيات؛ الأمر الذي دفع الحكومة التونسية إلى إجراء تدابير استعجالية من أجل الحد من تفشي الجائحة، وذلك عبر الإعلان عن إغلاق المدارس حتى 30 أبريل ومنع استخدام السيارات بعد السابعة مساء.
وفي ليبيا وافق مجلس الأمن الأممي في 16 أبريل 2021 على التشكيلة المكلفة بمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار على مستوى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل).
مايو 2021: أزمة المهاجرين وتصنيف «الماك» و«رشاد» منظمتين إرهابيتين!
أخذت الأزمة بين المغرب وإسبانيا منحًا آخر مع شهر مايو (آيار) 2021؛ وذلك من خلال أزمة المهاجرين المتدفقين إلى الجانب الإسباني عبر المغرب، وتبادل البلدان استدعاء سفرائهم، وذلك في أعقاب وصول آلاف المهاجرين إلى جيب سبتة المحتل من قبل إسبانيا، سباحةً من المغرب، وأعلنت الحكومة المغربية في مطلع مايو عزمها إعادة فرض رسوم جمركية على واردات القمح الطري والقاسي من أجل ضبط أسعارها في السوق.
في الجزائر؛ وقبل شهر من موعد تشريعيات يونيو (حزيران) أعربت مفوضية حقوق الإنسان عن قلق متزايد بشأن الوضع في الجزائر حيث «لم تزل حقوق حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي والمشاركة في الشؤون العامة تتعرض للهجوم» وذلك حسب بيانها الصادر في 11 من مايو. فيما أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن تصنيف كل من حركتي «رشاد» و«الماك» منظمتين إرهابيتين وذلك بعد اجتماع للمجلس الأعلى للأمن عقد في 18 مايو 2021.
الجزائر تصنف حركتي «الماك» و»رشاد» على قائمة «المنظمات الإرهابية»
وأصدر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أيضًا مطلع الشهر نفسه تعليمات رئاسية للحكومة ومسؤولي المؤسسات الاقتصادية بخصوص تعاقد مؤسسات عمومية وخاصة مع كيانات أجنبية معادية.
أما تونس فقد شهدت في شهر مايو إغلاقًا شاملًا لمدة أسبوع في الفترة بين 9 مايو و16 مايو، لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد. فيما نشر موقع «ميدل إيست آي» البريطاني في 25 مايو؛ وثيقة وصفت بأنها «سرية للغاية» قال إنها مسربة من مكتب مديرة الديوان الرئاسي التونسي نادية عكاشة – يعود تاريخها إلى 13 مايو 2021 – تتحدث عن تدبير خطة لـ«دكتاتورية دستورية» في تونس.
وشهد شهر مايو زيارة كلٍ من راشد الغنوشي وهشام المشيشي إلى الدوحة، بهدف «تعزيز التعاون بين البلدين، وزيادة الدعم الاقتصادي والصحّي».
أما ليبيا فلم تشهد خلال شهر مايو أحداثًا بارزة باستثناء تأكيد المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش في 21 مايو، أن وقف إطلاق النار لم يزل صامدًا لكن وجود المرتزقة يمثل تهديدًا كبيرًا.
وشهد مايو إجراء الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني تعديلًا وزاريًا، على حكومة رئيس الوزراء المهندس محمد ولد بلال؛ وطال أكثر من نصفها دون أن يشمل وزارات سيادية.
يونيو 2021: انتخابات الجزائر وجولة هنية لدول مغاربية
في شهر يونيو بدأ المغرب في رفع قيوده المفروضة للحد من انتشار فيروس كورونا؛ وذلك بإعلانه استئناف الرحلات الجوية ابتداء من يوم الثلاثاء 15 يونيو؛ فيما شهد الشهر تنفيذ مناورات «الأسد الأفريقي» المشتركة بين القوات المسلحة الملكية و«أفريكوم»، والتي انطلقت في الفترة ما بين الثامن يونيو وحتى 18 منه، كذلك شهد الشهر زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، المغرب، بدعوة من حزب العدالة والتنمية.
وفي الجزائر حمل شهر يونيو إجراء أوّل انتخابات برلمانية بعد الحراك الشعبي، وهي الانتخابات التي أجريت في 12 يونيو، وشهدت فوزًا للحزب الحاكم والمستقلين؛ بينما شهد الشهر إعادة فتح الجزائر منافذها الجوية والبرية.
وفي تونس التقى الرئيس التونسي، قيس سعيد، ورئيس البرلمان، راشد الغنوشي، بعد أشهر طويلة من الخلاف على أثر أزمة التعديل الوزاري، كما شهد مطلع الشهر زيارة رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس تونس؛ في أول زيارة دبلوماسية له منذ تعيينه. وعلى صعيد الأزمة الصحية عاشت تونس شهرًا صعبًا نتيجة تفشي فيروس كورونا ومتحوراته؛ الأمر الذي فرض إعلان بعض الإجراءات التدبيرية مثل إعلان إغلاق كامل لمدة أسبوع في أربع ولايات لاحتواء تفشي وباء كورونا في 21 يونيو، ثم قرار فتح الحدود في 27 يونيو.
Embed from Getty Images
انطلاق مؤتمر «برلين 2» حول ليبيا بمشاركة 15 دولة وأربع منظمات
في ليبيا عُقِد خلال شهر يونيو «مؤتمر برلين الثاني» ؛ وجاء في توصياته دعوة مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة إلى الاتفاق على المناصب السيادية وعقد انتخابات «حرة ونزيهة» في وقتها المُحدد في 24 ديسمبر 2021، والتي «ستسمح للشعب الليبي بانتخاب حكومة موحدة تمثلهم».
وكان أبرز حدث في شهر يونيو بموريتانيا هو زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية لنواكشوط، في أول زيارة لمسؤول فلسطيني بهذا الحجم منذ وصول الرئيس محمد ولد الغزواني للحكم قبل حوالي عامين.
يوليو 2021: «انقلاب دستوري» في تونس وظهور أوّل لسيف الإسلام في ليبيا
في هذا الشهر بدأت الأزمة بين المغرب والجزائر في التصاعد؛ وذلك بعد بدعوة ممثل المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة خلال اجتماع دول عدم الانحياز يومي 13 و14 يوليو (تموز)، إلى «استقلال شعب القبائل» بالجزائر وتوزيع مذكرة رسمية في هذا الإطار؛ وهي الخطوة التي أغضبت الجزائر، وطالبت توضيحًا من الرباط.
كذلك شهد الشهر أيضًا سحب الجزائر اعتماد قناة «العربية» واعتماد مراسلي «قناة فرانس 24» الفرنسية على خلفية تغطيتها للأوضاع الداخلية الجزائرية واتهمامهما بالتضليل.
كان شهر يوليو ساخنًا بأحداثه المثيرة في تونس؛ بإعلان الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو عن «إجراءات استثنائية» بحلّ الحكومة وتجميد البرلمان، وهي الإجراءات التي رفضتها حركة النهضة ووصفتها بالانقلاب.
في ليبيا، كان ظهور سيف الإسلام القذافي في آخر الشهر لأوّل مرة بعد اختفاء دام 10 سنوات الحدث الأبرز؛ ففي مقابلة له مع صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية لمّح نجل القذافي إلى إمكانية ترشّحه للانتخابات الرئاسية المقبلة. وعرف الشهر إجراء مباحثات جنيف للتمهيد للانتخابات؛ وبعد يومين من المشاورات أعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا فشل المحادثات التي ترعاها في جنيف بهدف التمهيد لإجراء انتخابات بالبلاد أواخر العام الجاري.
أغسطس 2021: قطيعة تامة بين الجزائر والمغرب
كان شهر أغسطس (آب) من بين أصعب الشهور التي مرّت على الدول المغاربية، فقد أخذت الأزمة بين الجزائر والمغرب في شهر أغسطس منحى التصعيد بإعلان الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، وذلك بعد أشهر من التوتر، كان آخر فصوله في الشهر ذاته، حين صرّح وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، خلال زيارة رسمية أجراها للدار البيضاء في المغرب في 12 أغسطس حول «قلق بلاده من التقارب بين إيران والجزائر، ورفضها قبول إسرائيل في الاتحاد الأفريقي بصفة مراقب» وهي التصريحات التي أغضبت الجزائر كثيرًا.
كما شهد الشهر بالجزائر جريمة بشعة ذهب ضحيتها الشاب جمال بن سماعين؛ الذي أحرق حيًّا في 11 أغسطس بعد اتهامه زورًا بافتعال الحرائق التي نشبت في منطقة القبائل الجزائرية في ذلك الشهر.
أما في تونس فقد تواصل الاحتقان السياسي بالبلاد، ورافقته مظاهرات رافضة لإجراءات قيس سعيد؛ فيما أعلن الاتحاد التونسي للشغل – أكبر منظمة عمالية في البلاد – ثقته في قرارات قيس سعيد، ودعا إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة، كما شهد الشهر تعديل وقت الحجر الصحي.
وفي ليبيا واصلت بعثة تقصي الحقائق مهمة التحقيق في الانتهاكات المرتكبة منذ عام 2016، كما احتضنت العاصمة الجزائرية «مؤتمر دول جوار ليبيا» شارك فيه المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيش، وشدّد المؤتمر في بيان ختامه على تشديد تأمين الحدود.
سبتمبر 2021: انتخابات في المغرب وسعيّد يصرّ على خطته في تونس
في الثامن من سبتمبر (أيلول) شهد المغرب، ثالث عملية انتخابية تعرفها البلاد منذ «حراك 20 فبراير»، وهي الانتخابات التي شهدت سقوطًا مدويًا لحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي حلّ في ذيل الترتيب بـ13 مقعدًا فقط؛ وتصدر حزب التجمع المصنف بالليبرالي برئاسة رجل الأعمال عزيز أخنوش النتائج بحصوله على 102 مقعدًا من أصل 395.
وشهد الجزائر خلال شهر سبتمبر عدة أحداث مفصلية في المسار الذي ستخوضه العلاقات الجزائرية الفرنسية فيما بعد، وذلك بعد استدعاء الخارجية الجزائرية في 29 سبتمبر سفير فرنسا فرانسوا غويات بعد قرار باريس تقليص عدد التأشيرات الممنوحة لرعايا جزائريين إلى النصف دون التشاور أولًا مع السلطات الجزائرية، أعقبه بيومٍ واحدٍ أي في 30 سبتمبر تصريحات غير مسبوقة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استهدف فيها الأمة الجزائرية بالتشكيك. كما شهد الشهر توترًا آخر مع المغرب بإعلان الجزائر إغلاق المجال الجوي للبلاد أمام الطيران المدني والعسكري المغربي، وذلك بعد شهر من قطع العلاقات بين البلدين.
في تونس واصل قيس سعيد المضي قدمًا في خطته، وذلك بإصداره مجددًا قرارات استثنائية تسمح له بالاضطلاع بالسلطات التشريعية والتنفيذية، ومواصلة تعليق البرلمان، بهدف ترجيح كفة النظام الرئاسي على البرلماني، كما أعلن عن تكليف نجلاء بودن رمضان برئاسة الحكومة التونسية.
وفي ليبيا دعا اجتماع وزاري انعقد على هامش الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة، مجلس الأمن إلى اعتماد قرار لتمديد تفويض البعثة الأممية في ليبيا على وجه السرعة، كما أعلنت السلطات الليبية الإفراج عن الساعدي القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ومغادرته إلى إسطنبول التركية في إطار مساعيها للمصالحة الوطنية.
فيما شهدت موريتانيا خلال شهر سبتمبر فيضانات مدمرة جرفت المنازل وعزلت عدة مناطق بالبلاد.
أكتوبر 2021: أزمة بين الجزائر وفرنسا ومظاهرات في المغرب ضد التلقيح
عادت الأزمة الصحية لتضرب بظلالها على يوميات المغرب خلال شهر أكتوبر، وذلك من خلال فرض الحكومة المغربية ابتداء من الخميس 21 أكتوبر «جواز التلقيح» للتنقل والدخول إلى المرافق العامة وهو الإجراء الذي شهد رفضًا شعبيًا واسعًا عبرت عنه المظاهرات اليومية ضد جواز التلقيح بالمغرب.
وبالجزائر كان للأزمة مع فرنسا الحيّز الأكبر من الأحداث خلال شهر أكتوبر؛ وذلك بعد نشر صحيفة لوموند الفرنسية تصريحات ماكرون المعادية للجزائر؛ فردّت الجزائر فورًا باستدعاء سفيرها في باريس للتشاور احتجاجًا على تصريحات ماكرون، التي وصفتها بـ«المسيئة»؛ وبعد اجتماع المجلس الأعلى للأمن برئاسة تبون، أعلنت الجزائر عن منع الطائرات العسكرية الفرنسية من عبور الأجواء الجزائرية باتجاه دول الساحل الأفريقي.

الجزائر تستدعي سفيرها لدى باريس للتشاور
في تونس أفضت إجراءات قيس سعيد الجديدة إلى إحتقان في الشارع التونسي عبرت عنه المظاهرات التي خرجت للتنديد بإجراءات الرئيس التونسي والمطالبة للرجوع إلى وضع ما قبل 25 يوليو.
وفي ليبيا احتضنت العاصمة طرابلس في 21 أكتوبر «مؤتمر استقرار ليبيا» الذي شدّد على أهمية اتخاذ التدابير اللازمة لبناء الثقة، وخلق بيئة مناسبة من أجل إجراء انتخابات نزيهة وشفافة، كما شدد على احترام السلطات الليبية بالتزاماتها وتعهداتها الدولية واحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان.
نوفمبر 2021: تصعيد جديد بين الجزائر والمغرب واستقالة مفاجئة للمبعوث الأممي إلى ليبيا
بدأ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) بتصعيد خطير بين الجزائر والمغرب؛ وذلك في أعقاب مقتل ثلاثة جزائريين في قصف جوي في الطريق الرابط بين الجزائر وموريتانيا عبر الصحراء، وتوعدت الجزائر بأن «اغتيالهم لن يمضي دون عقاب».
كما شهد الشهر زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي يومي 24 و25 نوفمبر إلى المملكة المغربية، وهي الزيارة الأولى من نوعها، وقّع خلالها على اتفاق للتعاون الأمني والعسكري بين البلدين، وتتيح للمغرب اقتناء معدات إسرائيلية عالية التكنولوجيا بسهولة.
فيما شهدت الجزائر تنظيم انتخابات محلية في 27 نوفمبر كرّست فوز الحزب الحاكم والمستقلين.
وعلى الساحة التونسية واصل التونسيون تظاهرهم رفضًا لإجراءات الرئيس التونسي قيس سعيد، وشهد يوم 14 نوفمبر أبرز الفعاليات المنددة بقرارات سعيد.
في ليبيا قدّم المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش استقالته من منصبه؛ كما لوّح مؤتمر باريس الدولي حول ليبيا رسالة قوية إلى من يخططون لعرقلة الانتخابات بأنهم سيواجهون عقوبات أممية. وفي منتصف الشهر أعلن سيف الإسلام القذافي ترشحه رسميًا للانتخابات الرئاسية، وبعد يومين من ذلك أعلن الجنرال خليفة حفتر ترشحه هو الآخر للانتخابات.
ديسمبر 2021: الجزائر تفوز بالتاج العربي وتأجيل الانتخابات الرئاسية اللليبية
واصل المغرب إجراءات الغلق الاحترازي؛ وذلك بتمديد العمل بقرار تعليق رحلات الركاب الجوية والبحرية من وإلى المملكة حتى 31 ديسمبر لكبح الموجة الجديدة من فيروس كورونا.
وتوّج المنتخب الجزائري لكرة القدم بكأس العرب فيفا 2021 التي احتضنتها قطر في الفترة ما بين 30 نوفمبر و18 ديسمبر، وذلك بعد فوزه في المباراة الختامية على منتخب تونس بهدفين دون مقابل.
منتخب الجزائر يتوّج بلقب كأس العرب
وحمل شهر ديسمبر لتونس عدة إجراءات جديدة لقيس سعيد، وذلك بإعلانه عن سبعة قرارات جديدة أبرزها استمرار تجميد البرلمان حتى تنظيم انتخابات جديدة واستشارة الشعب عبر منصات إلكترونية بداية من أول يناير 2022 حتى يوم 20 من مارس 2022، وأعلن سعيد عن تنظيم انتخابات تشريعية يوم 17 ديسمبر 2022 وفق قانون انتخابي جديد.
أما في ليبيا فقد أعادت الأحكام القضائية كلًا من سيف الإسلام القذافي وعبد الحميد الدبيبة إلى سباق الانتخابات بعد إقصائهم سابقًا، فيما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن تعيين الأمريكية ستيفاني وليامز مستشارة خاصة له معنية بالشأن الليبي. وقبل نهاية الشهر أعلنت مفوضية الانتخابات في ليبيا تأجيل الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية مقترحةً تنظيمها في 24 يناير 2022.
علامات
2021, التطبيع المغربي الإسرائيلي, الجزائر, الدول المغاربية, المغرب, تبون, تونس, حركة الماك, حركة رشاد, فرنسا, لقاح كورونا, ليبيا, موريتانيا