كان يُعتقد بأنّه مع مرور الزمن، يُصبح العالم أكثر تحضرًا، وبالتالي بُعدًا عن الحروب الكبيرة، والغزو، وعمليات القتل الجماعي، والمجازر، التي امتلأ بها التاريخ البشرية.

لكن على ما يبدو، فإن تلك الفرضية العرفية ليست صحيحة تمامًا، وربما تحضر الإنسان يُساوي موضوعيًّا مزيدًا من الحروب والمجازر الدموية، فخلال 16 عامًا فقط مرت على القرن الجديد، شهد الكوكب عددًا لا بأس به من الأحداث الدموية.

أحداث 11 سبتمبر (أيلول)

في يوم 11 سبتمبر (أيلول) 2001، شهدت الولايات المتحدة الأمريكية أسوأ حادثة قتل في تاريخها الحديث، حين اصطدمت طائرتا ركاب ببرجي التجارة العالميين التوأمين في مدينة نيويورك، وتسببتا في انهيار البرجين، بالإضافة إلى تحطم طائرة أخرى في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، ومحاولة لمهاجمة البيت الأبيض لم تنجح.

تسببت هذه الهجمات في مقتل 2819 شخصًا، حتى أنّ 20% من الأمريكيين، يعرفون شخصًا مصابًا أو مقتولًا في هذه الهجمات، التي توجهت أصابع الاتهام فيها إلى تنظيم القاعدة، بزعامة أسامة بن لادن آنذاك.

وبلغ مدى التأثير لهذه الهجمات في العالم أجمع، أن بعض المراقبين والمحللين ذكروا أنه كما أن هناك تأريخًا لما قبل الميلاد، وآخر لما بعده، فبالإمكان الآن أن نتحدث عن شكل العالم قبل 11 سبتمبر (أيلول)، وبعد 11 سبتمبر (أيلول).

حصار مسرح دوبروفكا

تمثلت أزمة رهائن مسرح موسكو (المعروفة أيضًا باسم حصار نورد أوست 2002) في الاستيلاء على مسرح دوبروفكا المزدحم من قبل 40 إلى 50 شخصًا من الشيشانيين المسلحين، في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2002، والذين تمكنوا من احتجاز 850 رهينة.

انتهت الأزمة بوفاة 170 شخصًا على الأقل. وادعى المهاجمون، الذين قادهم موفسار باراييف، الولاء للحركة الانفصالية الإسلامية المتشددة في الشيشان، وطالبوا بانسحاب القوات الروسية من الشيشان، ووضع حد لحرب الشيشان الثانية.

غزو أفغانستان

كان الغزو الأمريكي لأفغانستان هو أول رد فعل مباشر للولايات المتحدة على هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، فبعد أن حملت الولايات المتحدة مسؤولية الهجمات إلى تنظيم القاعدة، وفي أعقاب رفض حركة طالبان، التي كانت تحكم أفغانستان آنذاك، تسليم أسامة بن لادن لها، تجهزت الولايات المتحدة مع قوات من حلف شمال الأطلسي لمهاجمة أفغانستان.

وغزت الولايات المتحدة، وحلف شمال الأطلسي أفغانستان، في السابع أكتوبر (تشرين الأول) 2001، وأطاحت حكومة طالبان الداعمة للقاعدة. ثم بدأت القوات الأمريكية في إنشاء نظام حاكم جديد، ومحاربة بقية عناصر الحركة في المناطق الحدودية والبعيدة، والبحث عن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

ورغم أن عملية الغزو تمت بنجاح، إلا أن القوات الأمريكية والقوات الحليفة لها ما تزال تواجه الكثير من الهجمات من عناصر حركة طالبان الذين لم يجرِ القضاء عليهم بالكامل. وحتى الآن فقد بلغ إجمالي قتلى هذه الحرب من مقاتلي طالبان والقاعدة حوالي 25 ألف قتيل على أقل التقديرات، مقابل 27 ألف قتيل في صفوف القوات الأجنبية، والقوات الحكومية المدعومة منها، وشركات الأمن المستخدمة هناك. أضف إلى هذا مقتل حوالي 26 ألف مدني.

غزو العراق

استمرت عملية غزو العراق، من 20 مارس (آذار) حتى الأوّل من مايو (أيار) 2003، ومثلت هذه العملية إشارة البدء لحرب مستمرة في العراق لم تنقطع حتى يومنا هذا، سواء حرب ضد القوات الأجنبية، أو حرب أهلية.

عملية غزو الولايات المتحدة، وبريطانيا، وحلفائهما للعراق كان يطلق عليها اسم عملية حرية العراق من قبل الولايات المتحدة. استمرت عملية الغزو لمدة 21 يومًا من العمليات القتالية الرئيسية، والتي شاركت فيها قوة مشتركة من قوات من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وأستراليا، وبولندا، والتي تمكنت من غزو العراق، وأطاحت حكومة البعث بزعامة صدام حسين.

وتشير التقديرات إلى سقوط حوالي 30 ألف قتيل في القوات الحكومية الداعمة لصدام حسين، في مقابل سقوط حوالي 200 قتيل من القوات المهاجمة، بالإضافة إلى سبعة آلاف قتيل من المدنيين.

لكن المشكلة الحقيقية للعراق لم تكن خلال هذه الـ21 يومًا، بل ما بعدها. فقد استمرت الاضطرابات في العراق، وبدأت حروب فرعية أشبه بحروب العصابات بين المقاومة العراقية، والقوات الأجنبية، والتي أطلق عليها اسم حرب العراق. هذه الحرب استمرت حتى نهاية الوجود الأمريكي، وانسحاب آخر القوات المقاتلة الأمريكية يوم 18 ديسمبر (كانون الأول) 2011، من العراق.

هذه الحرب تسببت في سقوط 34 ألف قتيل من قوات صدام حسين، في مقابل 25 ألف قتيل من القوات الحكومية المدعومة من الولايات المتحدة، ومن القوات الأجنبية الغازية، بالإضافة إلى سقوط أكثر من 600 ألف قتيل من المدنيين العراقيين، لتصبح حرب العراق هي الأكثر فجاعة، وسقوطًا للقتلى في القرن الحادي والعشرين.

دارفور

واحدة من عمليات القتل الجماعي البارزة التي وقعت في بداية القرن الـ21، كانت تلك التي شهدها إقليم دارفور غرب السودان، الذي يعيش فيه حوالي ستة ملايين شخص، ينتمون إلى 100 قبيلة مختلفة.

وكان سبب عمليات القتل والإبادة الجماعية، الصراع العرقي بين المزارعين الأفارقة، والجنجويد (ميليشيا تنتمي إلى القبائل العربية البدوية التي تدعمها الحكومة السودانية). وتسببت هذه الأحداث التي بدأت في عام 2003 في مقتل حوالي 400 ألف شخص، ونزوح حوالي مليونين ونصف آخرين.

رهائن بيسلان

بدأت حادثة حصار مدرسة بيسلان (والتي يشار إليها أيضًا بأزمة رهائن مدرسة بيسلان، أو مذبحة بيسلان) في الأوّل من سبتمبر (أيلول) 2004، واستمرت لثلاثة أيام، وجرى خلالها احتجاز أكثر من 1100 شخص كرهائن، بما في ذلك 777 طفلًا، وانتهت بوفاة 385 شخصًا على الأقل.

بدأت الأزمة عندما قامت مجموعة من الجماعات الإسلامية المسلحة، معظمهم من منطقتي أنغوشيا والشيشان، بالسيطرة على إحدى المدارس في بلدة بيسلان في أوسيتيا الشمالية (وهي جمهورية ذات حكم ذاتي في منطقة شمال القوقاز، وخاضعة للنفوذ الروسي). وكان الخاطفون ينتمون إلى كتيبة تسمى رياض الصالحين، التي بعث بها الزعيم الشيشاني شامل باساييف، والذين طالبوا بالاعتراف باستقلال الشيشان، وانسحاب الروس منها.

في اليوم الثالث من المواجهة، اقتحمت قوات الأمن الروسية المبنى مع استخدام الدبابات، والصواريخ الحارقة، والأسلحة الثقيلة الأخرى. وتسبب الاقتحام في مقتل ما لا يقل عن 330 من الرهائن، بينهم 186 طفلًا، مع عدد كبير من الأشخاص الذين أصيبوا بجروح، والبعض ما يزال في عداد المفقودين.

تفجيرات قطارات مدريد

تشير حادثة تفجيرات قطارات مدريد عام 2004 (والمعروفة أيضًا في إسبانيا باسم «11-M») إلى تفجيرات منسقة في وقت واحد تقريبًا ضد نظام قطارات «Cercanías» في العاصمة الإسبانية، مدريد، بإسبانيا.

وقعت التفجيرات صباح يوم 11 مارس (آذار) 2004، قبل ثلاثة أيام من الانتخابات العامة في إسبانيا. وتسببت في مقتل 191 شخصًا، وجرح حوالي 2000 آخرين.

ووجد تحقيق رسمي من قبل القضاء الإسباني أن الهجمات كانت موجهة من خلية إرهابية منتمية لتنظيم القاعدة، على الرغم من عدم ثبوت وجود المشاركة المباشرة لتنظيم القاعدة.

تفجيرات قطار مومباي

في 11 يوليو (تموز) 2006، ضربت سلسلة من سبعة تفجيرات، والتي وقعت على مدى 11 دقيقة، منطقة قطارات مومباي، عاصمة ولاية ماهاراشترا الهندية، والعاصمة المالية للبلاد.

وضعت هذه القنابل في طناجر الضغط على القطارات التي تسير على الخط الغربي لشبكة سكة الحديد، وتسبب التفجيرات في مقتل 209 أشخاص، بالإضافة إلى أكثر من 700 جريح، في واحدة من أسوأ الحوادث التي شهدتها الهند منذ سنوات عديدة.

https://www.youtube.com/watch?v=eBKTekkYy-E

الثورة التونسية

أولى ثورات الربيع العربي، التي انطلقت يوم 18 ديسمبر (كانون الأول) 2011، وبدأت بمظاهرات واسعة تضامنًا مع الشاب محمد البوعزيزي الذي أضرم النار في نفسه؛ تعبيرًا عن غضبه من ممارسات إحدى الشرطيات. خرج آلاف التونسيين منادين بسقوط نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.

تسبب قمع الشرطة العنيف للاحتجاجات في مقتل 338 شخصًا، لكن المتظاهرين استطاعوا إسقاط نظام بن علي بعدما هرب الأخير يوم 14 يناير (كانون الثاني) 2011.

أحداث الثورة المصرية

بدأت الثورة المصرية في 25 يناير (كانون الثاني) 2011، بخروج ملايين المتظاهرين من مختلف الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية والأيديولوجية، مطالبين بإطاحة الرئيس المصري آنذاك، محمد حسني مبارك، بعد حكم دام حوالي 30 عامًا.

وأدى التعامل العنيف من قبل الشرطة المصرية، مدعومة ما بين الحين والآخر بمجموعات مدنية مُسلحة (بلطجية)، إلى مقتل حوالي ألف شخص، وجرح أكثر من ستة آلاف، خلال 18 يومًا فقط، سقط أغلبهم خلال يوم 28 يناير (كانون الثاني)، أو ما عُرف بجمعة الغضب.

وعقب خلع مُبارك، استمرت التظاهرات ضد المجلس العسكري الحاكم للفترة الانتقالية، ونشبت على إثر ذلك عدة اشتباكات بين المتظاهرين والقوات الأمنية، ما تسبب في سقوط 438 قتيلًا حتى 30 يونيو (حزيران) 2012، موعد أوّل انتخابات ديمقراطية في تاريخ مصر الحديث، والتي أسفرت عن فوز محمد مرسي.

الثورة الليبية

اندلعت في 17 فبراير (شباط) 2011، والتي بدأت سلمية قبل أن يتحول قطاع كبير من المنتفضين إلى حمل السلاح، في مواجهة القمع الشديد من قبل النظام الليبي، بزعامة معمر القذافي. وتسببت أحداث الثورة في سقوط أكثر من 25 ألف قتيل من المسلحين والمدنيين، بالإضافة إلى 50 ألف مصاب.

الحرب السورية

انبثقت الحرب السورية من خروج تظاهرات في 2011، تصاعدت إلى صراع مسلح بعدما قامت حكومة الرئيس السوري بشار الأسد بقمع احتجاجات معارضيه الداعين إلى رحيله عن السلطة، بعنف.

ويرفض النظام السوري برئاسة بشار الأسد، منذ ذلك الحين، جهود التفاوض مع ما يصفه بالجماعات الإرهابية المسلحة. ويخوض هذه الحرب العديد من الفصائل في مقدمتهم النظام السوري، ومؤيدوه المختلفون، في مقابل تحالف فضفاض من الجماعات المتمردة السنية (بما في ذلك الجيش السوري الحر)، بالإضافة لقوى الديمقراطية السورية ذات الأغلبية الكردية، والجماعات السلفية الجهادية (بما في ذلك جبهة النصرة) الذين غالبًا ما يتعاونون مع المتمردين السنة، ثم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).

وتتلقى الفصائل دعمًا كبيرًا من الجهات الأجنبية؛ مما دفع كثيرين إلى وصف الصراع بأنه حرب بالوكالة تشنها القوى الإقليمية والعالمية على حد سواء.

الحرب التي ما تزال جارية حتى الآن، شهدت سقوط أكثر من 470 ألف قتيل طبقًا لتقديرات نقلتها وسائل إعلام غربية، هذا بالإضافة إلى نزوح 7.6 مليون شخص داخليًّا، ووجود أكثر من 4.8 مليون لاجئ في دول أخرى.

مجزرتا رابعة والنهضة

هي عملية عسكرية جرت يوم 14 أغسطس (آب) 2013، عندما تحركت قوات الجيش والشرطة لفض اعتصامات المعارضين للانقلاب العسكري الذي قاده وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي يوم 3 يوليو (تموز) 2013.

تمركزت اعتصامات المعارضين في ميداني رابعة العدوية والنهضة، واختلفت التقديرات حول إجمالي عدد القتلى، فذكرت وزارة الصحة المصرية أنهم 670 قتيلًا، بينما وثق المعارضون سقوط حوالي 817 قتيلًا. ووصفت منظمة هيومان رايتس ووتش هذه الأحداث بأنها أخطر حوادث القتل الجماعي غير المشروع في التاريخ المصري الحديث.

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد