التعليم الطبي هو العمود الفقري للمنظومة الصحية، وهو نقطة البداية في طريق تحسين جودة الخدمة الصحية، وعلى الرغم من وجود العديد من الأصوات المنادية بضرورة التغيير الجذري لنظام التعليم الطبي المصري منذ عقود، إلا أنه لم يُلتَفَت إليه بشكل جدي، لكن صدور قرار الاتحاد العالمي للتعليم الطبي بعدم الاعتراف بكليات الطب التي لم تحصل على شهادة اعتماده حتى عام 2023؛ مما يعني أن خريجيها لن يحق لهم العمل بصفتهم أطباء في أي مكان بالعالم، أو حتى أن يتقدموا لاختبارات الزمالة، بمثابة الإنذار الأخير للقائمين على التعليم الطبي في مصر، وهو ما دفعهم للتحرك و دراسة الأمر لإنقاذ شهادة الطب المصرية.
توجد في مصر 24 كلية للطب البشري، ما بين حكومي وخاص، تخرج سنويًا 10 آلاف طالب في المتوسط. يدرس ما لا يزيد عن 8% منهم بالنظام التكاملي، المعتمد عالميًا منذ عام 1984، في ثلاث كليات وخمسة برامج موازية. في حين لا يزال 92% تقريبًا يدرسون بالنظام التقليدي الذي يرجع إلى عام 1911، والذي يعاني من جوانب قصور متعددة.
النظام التقليدي لدراسة الطب في مصر
يعتمد هذا النظام طريقة «subject based» أي دراسة كل علم بشكل مستقل، حيث يتناول علم التشريح كامل الجسد البشري، ثم يتناول علم وظائف الأعضاء «physiology» فسيولوجيًا الجسد كاملًا، ونفس الأمر مع علم الأنسجة «Histology»، والأورام «Pathology»، وباقي العلوم الطبية الأساسية. تبلغ مدة دراسة بكالوريوس الطب والجراحة ست سنوات دراسة، وسنة تدريب تعرف بسنة «الامتياز».
في أول ثلاث سنوات في مرحلة البكالوريوس، يدرس الطالب العلوم الأكاديمية/الأساسية التي تخدم المعرفة العملية المستهدفة، وبداية من السنة الرابعة تبدأ دراسة المواد «الإكلينيكية» بين قاعات الدرس والمستشفيات الجامعية للتدريب العملي على المهارات اللازمة للممارسة الطبية في التخصصات المختلفة، وتستهدف هذه المرحلة في الأساس – إلى جانب المعرفة الأساسية – تنمية القدرة على التشخيص الصحيح للمرض، وتأتي بعد ذلك سنة التدريب (الامتياز).
«أسطورة العدد الكبير للطلبة».. 8 أزمات للتعليم الطبي التقليدي في مصر
تعاني العملية التعليمية بكليات الطب من نفس العيوب التي تعاني منها باقي كليات التعليم العالي المصرية، بالإضافة إلى بعض المشاكل الخاصة بها، ويمكن حصر أهم مشاكل التعليم الطبي في مصر في النقاط التالية:
1- على الرغم من كون الطب علمًا تطبيقيًا بفي الأساس، إلا أن أول ثلاث سنوات من الدراسة تزدحم بمعرفة نظرية ضخمة للغاية، وغالبيتها بعيدة تمامًا عن التطبيق والواقع العملي، ولن ينتفع بها الطالب في حياته العملية بعد التخرج، في حين يتم إهمال الكثير من المعلومات ذات البعد التطبيقي، ويعتبر المثال الأبرز على ذلك: مادة التشريح؛ حيث يتجاوز عادة مجموع صفحات هذه المادة الألف صفحة، وربما الألفين.
وعند مقارنة أحد كتب أقسام التشريح في الجامعات المصرية بكتاب «USMLE» الخاص بالمعادلة الأمريكية (نظام البورد الأمريكي)؛ نجد أن الفرق بين الحجم مهول، ربما يصل لخمسة أضعاف، في حين يحتوي كتاب USMLE – على صغر حجمه – على المعلومات الأهم، ذات البعد التطبيقي، أو ما يعرف بالـ«Applied Anatomy».
وفي الوقت الذي تغيب فيه معظم هذه المعلومات عن كتاب التشريح التابع للجامعة المصرية، نجده – أي كتاب التشريح المصري – يعج بمعلومات لا فائدة منها، إلا لمن ينوي التخصص الأكاديمي في علم التشريح، أما باقي الطلبة، فلا فائدة حقيقية يرجونها منها، خصوصًا في عصر يمكنك الحصول فيه على أية معلومة بضغطة زر.
2- سوء طريقة العرض والشرح تتسبب في نشوء ظاهرة الدروس الخاصة؛ مما أنشأ ظواهر عرَضيّة أبعدت العملية التعليمية عن الهدف منها، مثل: تعمّد بعض الأساتذة أثناء وضع الامتحانات تعجيز الطلبة؛ كنوع من العقاب على عدم الانضمام لمجموعات الدروس الخاصة؛ مما ينعكس على طريقة مذاكرة الطلبة بالسلب، بحسب العديد من الشهادات التي قابلناها.
3- أسلوب التقييم يحدد كيفية الدراسة والمذاكرة، ولا زالت اختبارات التقييم الشفوية والتحريرية في التعليم الطبي، تعتمد على الأسئلة الإنشائية قليلة العدد، المعتمدة على الحفظ الكمي للمعلومات واستدعائها كما هي في الغالب بدون توظيف. بالطبع نحن هنا لا نتحدث بتعميم كامل، وإنما عن النسبة الغالبة من الشهادات.
4- يتضح غياب الرؤية عند بعض الأساتذة في أسئلة الامتحانات، فعلى الرغم من أنه ينبغي على الامتحانات أن تختبر إلمام الطالب بالمسائل والحالات التي يُتَوقّع أن يقابلها خلال حياته العملية، وخصوصًا في بدايتها، إلا أن العديد من الأسئلة تكون بعيدة عن الواقع، ومن الأمثلة على ذلك: تكرر سؤال عن مرض الكبد الكحولي «Alcoholic Liver» في الامتحانات؛ فعلى الرغم من شيوع هذا المرض في الدول التي ينتشر فيها تعاطي الكحوليات، إلا أنه – بطبيعة الحال – غير منتشر بمصر، بل يعتبر مرضًا نادرًا لغاية، فلماذا يُعطى هذا المرض أولوية على غيره من الأمراض التي تعاني منها شرائح كبيرة في المجتمع؟ ويكون السؤال الذي يطرحه المراقبون هنا: لابد من إلمام الطالب بهذا المرض، لكن إذا كان لن يقابل هذا المرض في حياته العملية، فلمَ تتحدد إجازته في المادة من عدمها بناء على معرفته به؟
ومن الأمثلة القريبة على ذلك، ما حدث في امتحان مادة الجراحة للفرقة السادسة بطب المنصورة، يوم 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017؛ إذ فوجىء الطلاب بأن مستوى الامتحان كان تعجيزيًا، وأوضحوا في بيان لهم أن نسبة 40% من الامتحان من خارج الكتاب، ولا تتوافق مع معايير الجودة والاعتماد، وأن نسبة أخرى تمثل معلومات نادرة، وليست تطبيقية، أي أنها غير مفيدة في تقييم طبيب يفترض أن يكون مؤهلًا لممارسة الطب خلال عدة شهور؛ مما دفع جميع الطلاب (1200 طالب) للاحتجاج ومغادرة الامتحان جماعيًا دون إكماله؛ وأُلغي، وشكلت لجنة للتحقيق في الواقعة، وقد انتهت إلى معاقبة الطلبة وإعطائهم جميعًا الدرجة «صفر»؛ مما يعني أن جميع الطلبة يجب أن يجتازوا الامتحان ثانيةً، ولن يستطيع أي منهم الحصول على أكثر من «مقبول»، مهما كان مستوى أدائه عاليًا في الامتحان.

مصدر الصورة: جريدة الأهرام المصرية
5- نقص التدريب العملي خلال مرحلة البكالوريوس؛ إذ يفترض – كما سبق الذكر – تدريب الطالب على كيفية التشخيص، وأخذ التاريخ المرضي، إلا أن سنوات الممارسة العملية «الكلينيكال» الثلاث يمر عليها الطالب في أغلب الجامعات بدون أن يتمكن من هذه المهارات بالشكل المناسب.
6- هناك ظاهرة مهمة، على ما تمثله من مفارقة وطرافة بالنسبة للبعض، إلا أنها كاشفة لمدى تدهور العملية التعليمية الطبية في مصر، ومؤشر قوي على حتمية البدء في إحداث تغييرات جذرية، وهي ظاهرة «المرضى المحترفين»، والمقصود بهم مرضى بأمراض مزمنة، وظيفتهم حضور الامتحانات ليُختَبَر عليهم الطلبة، وهي «وظيفة» بالفعل؛ إذ يرفض المريض أن يجيب عن أسئلة الطالب عند أخذه التاريخ المرضي منه، إلا بعد أن يدفع له الطالب مبلغًا من المال يحدده المريض في الغالب، وبعد ذلك لا يوجد تاريخ مرضي في أغلب الأحيان؛ إذ يكون المريض مشخصًا بالفعل منذ فترة من الزمن، فيخبر الطالب مباشرًة بالمرض الذي يعاني منه، بدلًا عن أن يصف له الأعراض، ويصبح دور الطالب محاولة تشخيص المرض.
المفارقة في الأمر أن بعض هؤلاء المرضى يرفض العلاج؛ حتى لا يُحرَم من هذا الربح الذي يأتي له في موسم امتحانات البكالوريوس والماجستير والدكتوراة، والبعض الآخر يحمل لقب «متعهد المرضى»؛ إذ يحمل وسائل الاتصال مع باقي المرضى، ويتحمل مسؤولية التواصل معهم، وإحضارهم في موسم الامتحانات، وجدير بالذكر أن هذه الظاهرة قديمة، تعود لعشرات السنين؛ مما يعني أنه جرى التطبيع معها من قبل الأساتذة قبل الطلاب، فقد تم تمثيلها في بعض الأفلام السينمائية المصرية في عقد الثمانينات من القرن الماضي، مثل فيلم «على باب الوزير»، من بطولة عادل إمام ويسرا.
عند التأمل في هذه الظاهرة يتضح لنا مدى الإجرائية التي طغت على العملية التعليمية، ومدى حيادها عن أهدافها الأساسية.
7- سنة الامتياز، التي يفترض أنها سنة التدريب العملي، والتأهيل للحياة العملية للطالب كممارس عام، تضيع على الطلبة في مهام وظيفية داخل المستشفيات الجامعية، مثل: نقل المرضى وإحضار التحاليل وأكياس الدم، وتكثر الشهادات حول تقصير النائب في القيام بدوره في نقل خبراته إلى طلبة الامتياز، ولذلك يتهرب العديد من طلبة الامتياز من الحضور، خصوصًا وأنه لا توجد وسيلة لتقييم مدى الاستفادة أو الالتزام خلال سنة الامتياز.
اقرأ أيضًا: أطباء أم «شماشرجية».. ماذا تعرف عن «ديرتي» أطباء الامتياز في مصر؟
8- ضخامة الأعداد تتسبب في ضعف التعليم، وخاصة الجانب الإكلينيكي؛ مما يضعف فرصة كل طالب في الحصول على نصيبه المفترض من المعرفة الأساسية؛ ويترتب على ذلك ضعف مستوى التحصيل العلمي، وانخفاض مستوى المهارة العملية للخريجين بطبيعة الحال، لكن هل الأعداد ضخمة حقًا؟
إن الضخامة هنا نسبية، بمعنى أن العدد الفعلي للخريجين أقل من الاحتياجات الفعلية اللازمة للوصول بالخدمة للمستوى المطلوب (المتوسط العالمي)؛ فمصر تعاني من فقر شديد في عدد الأطباء؛ إذ يبلغ معدل الأطباء 0.814 طبيبًا لكل ألف مواطن، أي طبيب لكل 1234 مواطنًا تقريبًا، في حين يبلغ المعدل في كوبا على سبيل المثال 7.52 طبيب لكل ألف مواطن، وتعتبر هي الأولى عالميًا، ومن ثم فإن هناك حاجة شديدة للمزيد من الأطباء، ولكن المقصود هنا هو ضخامة العدد مقارنة بالمرافق المتاحة بالكليات الجامعية وبمستشفياتها.
دروس من التعليم الطبي في كوبا.. كيف نجحت الدولة الفقيرة أن تصبح الأفضل؟
توجد في كوبا 21 مدرسة للتعليم الطبي، تخرج سنويًا – بدءًا من عام 2012 – 11 ألف طالب (عدد كليات أقل من مصر، وعدد خريجين أكبر، وبمستوى تعليمي ومهاري أعلى كثيرًا). كيف نجحت كوبا في الوصول بمستوى خريجي كليات الطب بها إلى أن تصبح رقم واحد على مستوى العالم؟
نبذة بسيطة عن التعليم الطبي في كوبا كفيلة بإلقاء إضاءات على الإجابة. التعليم الطبي في كوبا ست سنوات: سنة إعداد لإكساب الطالب أساسيات الرعاية الصحية الأولية، واللغة الإسبانية للطلبة الدوليين غير الناطقين بها، ثم سنتان يدرس فيهما الطالب المعرفة النظرية الأساسية، ولكن ليست كعلوم منفصلة كما تُدَرّس في معظم كليات الطب المصرية، وإنما من المنظور التكاملي، حيث يطلق عليه المنهج «المورفوفسيولوجي» Morphophysiology، حيث يشمل منهجًا متكاملًا من علوم التشريح، والفسيولوجي (علم وظائف الأعضاء)، والهستولوجي (علم الأنسجة)، والباثولوجي (علم الأورام)، والإمبريولوجي (علم الأجنّة)؛ مما يزود الطالب بنظرة كلية عميقة، والقدرة على الربط بين المستويات الوظيفية المختلفة للجسد البشري، ويسهل عليه الاستدعاء الموظّف للمعلومات.
أما الثلاث سنوات الأخيرة، فتكون كاملة للتدريب الإكلينيكي، ولكن بتطبيق ما يطلق عليه نظام «Social Accountability» أو «المسؤولية الاجتماعية»، ويعني الربط بين الدراسة وبين المشاكل التي سيواجهها الطالب عند عودته لبيئته بعد التخرج، فيجري تخصيص برامج للطلبة تتوافق مع احتياجات مناطق سكنهم التي سيتم تكليفهم فيها، والجدير بالذكر أن السنة الرابعة يمكن للطلبة الدوليين أن يقضوها في كوبا، أو يعودوا لقضائها في أوطانهم بإشراف أساتذة كوبيين؛ لجعلهم أكثر ألفة بالمشاكل الطبية التي تنتظرهم فور تخرجهم؛ مما ينتج خريجًا أكثر فعالية في وقت قصير، فلن يكون بحاجة لكثير من الوقت الإضافي بعد التخرج لاكتساب خبرات خاصة بالأمراض والحالات المنتشرة في بيئته ويقابلها لأول مرة، وبالتالي يجري توفير الكثير من الوقت والمجهود، وتجنب النسبة المرتفعة من الأخطاء الطبية التي يرتكبها الخريجون الجدد في بدايات حياتهم العملية.
4 نماذج في مصر طبقت التعليم التكاملي.. لكن لـ8% فقط من طلبة الطب في مصر
توجد بمصر عدة نماذج طبقت برنامج التعليم التكاملي المعتمد عالميًا من الاتحاد العالمي للتعليم الطبي، والذي يمتاز بالفاعلية العالية، وزيادة قدرة الطالب على الاستدعاء الموظف للمعلومات، وإكسابه مزيدًا من الخبرة والمهارات الإكلينيكية نتيجة مباشرته للدراسة الإكلينيكية منذ اليوم الأول في الدراسة وإلى أن يتخرج، وهو البرنامج الذي وصفناه بالأعلى عند الحديث عن التعليم الطبي الكوبيّ.
يعتمد هذا البرنامج نظام «system based»، حيث يدرس الطالب جهازًا معينًا من جميع جوانبه؛ فيتعرف أولًا على صفة الجهاز التشريحية (التشريح)، ثم شكله تحت الميكروسكوب (الهستولوجي)، ثم خصائصه الوظيفية (الفسيولوجي)، وما يكمل المعلومة من الكيمياء الحيوية.
ويزور الطلبة في هذا النظام العيادات المتخصصة بالأجزاء محل الدراسة؛ للتمكن من توظيف المعلومات فورًا، وكذلك يتعرف الطالب على النظام الطبي القائم في المجتمع المحيط عن طريق زيارات للوحدات الصحية في المحافظة، وتعتمد طريقة التعليم على الطالب بشكل أساسي (التعليم الذاتي) وأسلوب حل المشكلات.
وفي السطور القادمة نستعرض بعض النماذج التي طبقت هذا النظام في مصر.
1 – كلية الطب بجامعة قناة السويس
أنشأت كلية الطب بجامعة قناة السويس عام 1978، وبدأت الدراسة الفعلية بها عام 1981، وهي أول كلية طب تعتمد نظام التعليم التكاملي بمصر والشرق الأوسط، وأول كلية متوجهة لخدمة المجتمع، وضمن أول 10 كليات للطب الموجهة لخدمة المجتمع على مستوى العالم، وتشرف الكلية على ما يقارب 10 وحدات صحية. وهي أول مؤسسة تعليمية تحصل على شهادة الجودة والاعتماد عام 2010، ونجحت في تجديدها عام 2015. وجدير بالذكر أنها الكلية الوحيدة التي تضم قسمًا لـ«التعليم الطبي» بالاشتراك مع جامعة «ماستراخت» الهولندية.
2 – برنامج المنصورة- مانشستر
تأسس برنامج «المنصورة – مانشستر» عام 2006 بالتعاون بين جامعتي المنصورة ومانشستر، حيث تشارك جامعة مانشستر في الإشراف على البرنامج من خلال متابعة العملية التعليمية واختبارات التقويم وتدريب أساتذتها لأساتذة جامعة المنصورة المشاركين بالبرنامج على التدريس بنظام التعليم التكاملي بمناهج جامعة مانشستر، وتكون شهادة خريج البرنامج معتمدة من جامعتي المنصورة ومانشستر. يشارك الطلبة أيضًا في البحث العلمي، ويساهمون بأبحاثهم في مؤتمرات دولية، وقد حصل عدد من الطلبة بالبرنامج على جوائز بهذه المؤتمرات. يمتاز خريج البرنامج عن خريج البرنامج التقليدي بمهارات التشخيص، والفرص المتاحة أمامه أثناء الدراسة وبعدها لاستكمال الدراسة في جامعة مانشستر وغيرها من الجامعات البريطانية. وتعتبر النسبة الغالبة بين طلبة البرنامج من الطلبة الوافدين، وتحديدا الماليزيين؛ إذ التحق بالبرنامج منذ بدايته 2495 طالب، منهم 1672 من الوافدين، و823 طالبًا مصريًا.
3 – الإسكندرية
بدأت كلية الطب بجامعة الإسكندرية تدريس البرنامج التكاملي بدءًا من العام الدراسي 2009، كأول كلية تتبنى هذا النظام – بعد قناة السويس – وحصلت على شهادة الاعتماد من «الهيئة القومية للجودة والاعتماد» عام 2011، إلا أن هناك مشكلة أساسية لا تزال تقف حائلًا أمام تحقيق أعلى فعالية ممكنة للنظام الجديد، وهي العدد الضخم للطلاب؛ إذ تستقبل الكلية في المتوسط 1200 طالب سنويًا.
4 – برامج التعليم التكاملي (عين شمس+ القاهرة+ المنوفية)
كذلك بدأت عدة جامعات مصرية في تطبيق برامج التعليم التكاملي. بدأت جامعة عين شمس عام 2014. وبدأ كل من القاهرة والمنوفية عام 2015. وهذه البرامج الموازية تمتاز بصغر عدد الطلاب الملتحقين بها؛ مما يعني فعالية وجودة أعلى، ولكنها مخصصة للقادرين فقط؛ إذ ترتفع تكلفة الدراسة بهذه البرامج. في القاهرة تبلغ 60 ألف سنويًا، وفي عين شمس 1325 جنيه للساعة المعتمدة، أي ما يقارب 48 ألف جنيه للسنة الأولى، وفي المنوفية 25 ألف.
وعلى الرغم من فعالية هذه البرامج الملحوظة مقارنة بالنظام التقليدي، إلا أنها لا زالت محدودة الأثر؛ إذ يدرس بها فقط 8% من طلبة الطب بمصر – كما سبق ذكره – و لذلك قررت وزارة التعليم العالي تعميم هذا النظام في جميع كليات الطب الحكومية والخاصة.
النظام الجديد لدراسة الطب
شكل القطاع الطبي بالمجلس الأعلى للجامعات عام 2015 لجنة فرعية تحت إشراف د. نادية بدراوي، أخصائية طب الأطفال المصرية، قامت بزيارة جميع كليات الطب بالجمهورية، والاجتماع بعدد كبير من الأساتذة، وبعض الطلاب؛ للاستماع للشكاوي والاقتراحات وطرح النظام الجديد عليهم، وقد انتهت اللجنة إلى اقتراح بتطبيق برنامج التعليم التكاملي بجميع كليات الطب بالجمهورية بدءًا من العام القادم، وقد وافق مجلس الوزراء على مشروع قرار بتعديل نص المادة 154 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، والخاصة بمدة دراسة بكالوريوس الطب والجراحة لتكون خمس سنوات دراسية بنظام الساعات أو النقاط المعتمدة، ويعقبها تدريب عملي لمدة سنتين بالمستشفيات الجامعية (أي مد سنة الامتياز إلى سنتين)، ويليهما امتحان عام كشرط لمزاولة المهنة على الأراضي المصرية، من خلال هيئة التدريب الإلزامي التي صدر بها قرار مجلس الوزراء رقم 210 لسنة 2016، ومن ثم يخضع الطبيب لامتحان مشابه كل خمس سنوات. وبحلول عام 2020 يكون هذا النظام قد طُبّقّ في كافة كليات الطب المصرية. ويعتبر هذا القرار خطوة كبيرة على طريق النهوض بالتعليم الطبي والوصول به للمستوى المعتمد عالميًا.
التعليم الطبي المستمر.. الطب يتغير كل 10 سنوات!
تتغير تقنيات العلاج كل 10 سنوات تقريبًا بشكل جذري، ولذلك لا يتوقف التعليم الطبي على الدراسة في مرحلة البكالوريوس والدراسات العليا، وإنما يعتبر التعليم الطبي المستمر أحد أهم العوامل الفعالة في تحسين جودة الخدمة الصحية، والمقصود به إلزام العاملين بالمجال الطبي على متابعة كل جديد في تخصصاتهم بمختلف الوسائل، من النشر العلمي، وحضور الدورات والمؤتمرات وورش العمل وغيرها، والربط الإلزامي لتجديد رخصة مزاولة المهنة بالالتزام ببرنامج التعليم الطبي المستمر.
وقد أدركت بعض الدول العربية أهمية هذا العامل في تحقيق التنمية المستدامة؛ مما جعل وزارة الصحة بهذه البلدان تسن القوانين واللوائح لهذا النوع من التعليم في شكل الساعات المعتمدة المطلوبة لتجديد رخصة مزاولة المهنة للأطباء والكوادر الطبية الأخرى، ومن أمثلة هذه البلدان: قطر والسعودية والإمارات.