تحت اسم «مناورات حماة الصداقة 2016»، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، عن برنامج تدريبي مشترك مع القوات المصرية، خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، يشهد أول إنزال جوي روسي في مصر وإفريقيا عمومًا.
وتثير تلك المناورات تساؤلات حول طبيعتها، وماهيتها، ودلالتها، وخلفية التعاون العسكري بين البلدين، والتي تشمل إبرام صفقات عسكرية بلغت قيمتها 9.5 مليار دولار.
طبيعة مناورات «حماة الصداقة 2016»
في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، أعلنت وزارة الدفاع الروسية نيتها لنقل طائرتها، قوات إنزال جوي بعتادها وسلاحها وأفرادها إلى مصر ، في إطار ما قالت إنّه «أول إنزال تنفذه القوات الجوية الفضائية الروسية في إفريقيا»، في مناورات «واسعة النطاق» .
ومن المقرر أن تجري المناورات خلال الشهر الجاري، بين مظليي البلدين، الذين سيتدربون على «مكافحة الجماعات المسلحة في ظروف الصحراء»، وفقًا لبيان وزارة الدفاع الروسية، الذي أشار إلى أن ممثلين عن 30 دولة في العالم، سيراقبون المناورات.
وفي السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وتزامنًا مع الذكرى السنوية رقم 43 للانتصار المصري العربي على إسرائيل، في حرب أكتوبر 1973، كشفت وزارة الدفاع الروسية عن ماهية المناورات والقوى المشاركة فيها.
وقالت الوزارة في بيان لها، إن ممثلي قوات المظلات الروسية والمصرية، اتفقا على تنفيذ المشروع التدريبي المشترك، الذي يُعرف باسم «مناورات حُماة الصداقة 2016» في الأراضي المصرية أواسط الشهر الجاري.
وتتضمن المناورات، بحسب وزارة الدفاع الروسية، مشاركة أكثر من 15 طائرة مختلفة الأنواع، ستُقلع من ست مطارات مصرية أو أكثر، إضافة إلى إنزال 10 آليات عسكرية بواسطة «الباراشوت».
كما أفادت الوزارة بمشاركة أكثر من 500 عسكري من البلدين في المناورات، وستنقل طائرات من سلاح الجو الروسية من طراز «إيل-76»، المظلين الروس وسلاحهم وعتادهم إلى مصر.
وستدار المناورات من مركز قيادة مشترك يقع، في قاعدة «الهمام» العسكرية. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أول أمس الجمعة، عن اتفاق مصري روسي لاستخدام «نظام الاتصالات الموحدة خلال فترة المناورات المشتركة».
وبحسب وزارة الدفاع الروسية، فإن اتصالات ذلك النظام «منظمة على أساس يمكن من ارتدائها وحملها، بالإضافة إلى تبادل الاتصالات المتنقلة وعبر الأقمار الصناعية بين القوات، وفي الأماكن المفتوحة والمغلقة، ومن المخطط أن نقلًا للمعلومات موثوقا وخال من المشاكل عبر نظام الاتصالات الموحدة، سيوفر التحكم بالوحدات لمسافة تصل إلى أكثر من 500 كم من مركز القيادة».
دلالات المناورات وأسبابها
لتغطية ذلك الجانب، والوقوف على دلالات تلك المناورات المصرية الروسية وأسبابها، تواصل «ساسة بوست» مع الباحث المصري عصام بعد الشافي،أستاذ العلاقات الدولية في جامعة صقاريا التركية،والذي قال إن تلك المناورات «تأتي انعكاسًا لتطور العلاقات المصرية الروسية بشكل كبير على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية»، عقب الثالث من يوليو (تموز) 2013.
وأضاف عبد الشافي «فمع تعدد الزيارات الرسمية، على أعلى المستويات بين الجانبين، وعشرات الصفقات من الأسلحة النوعية، والاتصالات العسكرية المباشرة، والإعلان عن مشاركة روسيا في تنمية محور السويس، ومشروع الضبعة وغيرها من مشروعات كبرى؛ تشهد فيه هذه العلاقات بين الحين والآخر، أزمات ومساومات وعمليات ابتزاز متبادل».
وبحسب عبد الشافي، فإن ما سمّاه بـ«النظام العسكري» في مصر، يرى في تلك المناورات «فرصة للحصول على بعض المكاسب العسكرية كالتدريب والدعم بالأسلحة، والاقتصادية كجذب الاستثمارات وشراء القمح من الجانب الروسي، وورقة مهمة للابتزاز والمناورة مع أمريكا والسعودية داعميه الرئيسين».
وأوضح «الولايات المتحدة تترقب تنامي مثل هذه العلاقات، والسعودية لا ترغب في مزيد من تطورها؛ لأن هذا التطور على حساب علاقاتها مع إيران ودورها في سوريا بل وفي اليمن».
وأشار عبد الشاقي إلى أن النظام المصري،يستخدم الورقة الروسية، لـ«ابتزاز» الجانب التركي، عن طريق «دعم بشار الأسد في سوريا الذي تحاربه تركيا، ودعم قبرص واليونان في البحر المتوسط، ودخول روسيا على خط هذه العلاقات بإعلانها عن إنشاء قاعدة عسكرية في قبرص، وكذلك توثيق علاقاتها مع صربيا حليف روسيا الاستراتيجي»
ونفى «عبد الشافي» ارتباط وقت الإعلان عن المناورات بذكرى حرب أكتوبر، رابطًا إياها «برؤية أوسع، وترتيبات أكبر للمنطقة والإقليم، من شأنها أن تزيد من تبعية مصر واستخدامها كأداة في إدارة الصراعات الإقليمية والدولية».
التعاون العسكري المصري الروسي تدفئه مليارات الدولارات
تأتي هذه المناورات العسكرية المصرية الروسية، في سياق من التعاون العسكري بين البلدين،والذي ازدهر بشدة عقب تولي الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» حكم مصر في يونيو (حزيران) 2014، وأنعشته عدة صفقات عسكرية، والتي أبرمتها مصر مع روسيا، وبلغت قيمتها الإجمالية حوالي 9.5 مليار دولار، وفيما يبدو فإن المناورات الأخيرة كانت إحدى ثمارها.
وكان الرئيس المصري، قد أبرم مع روسيا، في 12 أغسطس (آب) 2014، اتفاقية عسكرية بلغت قيمتها 3.5 مليار دولار، تتضمن شراء منظومة صواريخ من طراز «إس 300 »، وشراء 12 مقاتلة من الجيل الرابع من المقاتلة الجوية «سو 30 كا».
وفي الخامس من مارس (آذار) الماضي، أفاد موقع «روسيا اليوم» بدء تسلم مصر من روسيا، معدات منظومة «أنتاي-2500» الروسية المضادة للصواريخ الباليستية، وستتسلم مصر منصات إطلاق تلك الصواريخ خلال العام الجاري في صفقة عسكرية بلغت قيمتها مليار دولار.
وفي النصف الأول من أبريل (نيسان) الماضي، أفاد موقع «ديفينس ويب» المتخصص في الأخبار العسكرية، بشراء مصر 50 طائرة من طراز «ميج 29»من روسيا، على أن تصل الدفعة الأولى منها إلى مصر هذا العام.
ووصف «أليكسي بيسكيبالوف»، نائب مدير شركة «ميج » الصفقة، بأنها «أكبر عقد فيتاريخ التعاون العسكري التقني بعد انهيار الاتحاد السوفيتي».
ويأتي هذا العقد في إطار صفقة أسلحة،شملت شراء منظومة دفاع جوي من الطراز «SA-23»و«SA-17»، بالإضافة إلى شراء 46 طائرة من طراز «ka-52» لحاملة الطائرات الميسترال، في صفقة بلغت في مجملها حوالي خمسة مليارات دولار.