في مقال له في مجلة فورين بوليسي، يقارن الرئيس المالديفي محمد نشيد بين الأوضاع في بلاده خلال الثلاثين عامًا الماضية بالحالة المصرية عن نفس تلك الفترة.
يعتقد الرئيس المالديفي أن مصر عادت إلى نقطة الصفر في أعقاب حلف الرئيس الجديد عبدالفتاح السيسي اليمين كرئيس جديد لمصر في يونيو الماضي. فبعد الآمال العريضة والتفاؤل وحالة التباهي التي أعقبت ثورة يناير التي أطاحت بحكم حسني مبارك الدموي الذي جثم على أنفاس المصريين لمدة 30 عامًا، يعود المصريون إلى المربع الأول بانتخابهم رجلًا عسكريًا، بينما انتهى الحال بمعارضيه إما مسجونين أو مختبئين أو مغدورين.
يعتقد محمد نشيد أن الأحداث في مصر والمالديف متشابهة، فقد عانى المالديفيون أيضا من حكم ديكتاتور استمر 30 عامًا، كما أن المالديفيين أشعلوا ثورة سلمية أطاحت بذلك النظام الديكتاتوري ودشنت عهدًا ديمقراطيًا جديدًا. وفي عام 2012، وقع انقلاب عسكري قوض الحريات والعملية الانتخابية منذ آنذاك.
يشير نشيد إلى أن التجربتين تسلّطان الضوء على صعوبة تبني النهج الديمقراطي في الدول الإسلامية التي خضعت لعقود طويلة من الحكم السلطوي. فالإطاحة بالديكتاتور – من وجهة نظره – أمر صعب، لكن تأمين المكاسب السياسية للثورة على المدى الطويل أثبت أنه أكثر صعوبة.
يقول نشيد إنه بناءً على خبرته، يتعين على المتمسكين بالديمقراطية بناء حزب سياسي حول هدف موحد للشعب، وهو أمر يعتقد نشيد أن النخبة الليبرالية المصرية مقصرة فيه.
يستعرض نشيد ما حدث في المالديف بالقول إنه وعدد من النشطاء السياسيين قرروا تدشين الحزب المالديفي الديمقراطي خارج البلاد، حيث كان تشكيل الأحزاب محظورًا حينها. حيث كانوا يعتقدون أن تنظيم مظاهرات لإسقاط الحكم لن يكون ذا مغزى دون وجود بديل جاهز. وعندما قرر مأمون عبد القيوم الديكتاتور المالديفي إقامة انتخابات تنافسية في 2008، فاز بها حزب نشيد بنسبة 54% من الأصوات.
على النقيض من ذلك – يقول نشيد – ركز الليبراليون المصريون جهودهم على إزاحة مبارك. ولكن ما إن نجحوا في ذلك، اكتشفوا أنه ليس لديهم حزب سياسي قوي يوحدهم يمكنه المنافسة في الانتخابات. بينما نجحت جماعة الإخوان المسلمين – التي مارست السياسة في الخفاء لعقود – في الظفر بالانتخابات. لذا فإن أهم درس للديمقراطيين هو أن عليهم بناء حزب سياسي قبل أي شيء آخر.
إلا أن بناء الأحزاب من وجهة نظره لا يحقق الديمقراطية. وهو ما ينقلنا إلى الدرس الثاني: توجسوا من القضاة. في مصر – كما هو الحال في المالديف – قام الديكتاتور بتعيين كل القضاة. وقد سعى أولئك القضاة إلى الحفاظ على سلطاتهم وعارضوا أي نهج ديمقراطي وعملوا على حماية رموز النظام السابق.
ينتقل نشيد إلى الحديث عن الدرس الثالث: لا تستسلم أبدا. على الحركات الديمقراطية التحلي بالصبر والتفاؤل والتصميم.
يقول نشيد إن ذلك ينطبق على الجميع، بدءًا من الليبراليين المصريين ونشطاء حقوق الإنسان المالديفيين وصولا إلى المناصرين للديمقراطية في بورما وليبيا. لا تستسلم أبدا ولا تفترض أن غرضك قد فقد. يقول نشيد أنه في أعقاب فوز حزبه في الجولة الأولى من الانتخابات في 2013، ألغت المحكمة العليا المالديفية التصويت وأمرت لجنة الانتخابات بإعادة التصويت بما يضمن خسارة حزبه. يقول إن بعض المالديفيين عبروا له عن يأسهم من مستقبل بلادهم، فرد قائلا “لا تظنوا أنها خاتمة الكتاب، لا زلنا في منتصف القصة، فلا تتسرعوا بالتنبؤ بنهايتها”.
يختتم نشيد مقاله بالقول بأن الانتقال السلمي والشرعي للسلطة هي الميزة المحددة للديمقراطية النشطة، فهي تحدد الكيفية التي ينمو بها المجتمع ويتطور وهي الهدف الأسمى لنشطاء الديمقراطية.