في وقت تعرف فيه السينما المغربية فقرًا شديدًا في إنتاجاتها كمّا ونوعًا، تشهد صناعة السينما والترفيه في الجارة الإسبانية خلال السنوات الأخيرة ثورة إبداعية، وصل تأثيرها إقليميًا وعالميًا.

ولتاريخ البلدين وحاضرهما المليء بالشد والجذب، أنتجت مسلسلات وأفلام إسبانية تتناول جارتها المملكة في حبكتها، وتظهر نظرتها الثقافية إلى البلد، التي لا تخلو من بعض التحيز أحيانًا.

1. «Morocco: Love in Times of War».. مآسي حرب الريف من جانب إسباني

عرض هذه المسلسل الإسباني على منصة «نتفليكس» في 2018، بعد أن لاقت نجاحًا على التلفزيوني الإسباني. تدور أحداثها في مدينة مليلية المحتلة بالمغرب، خلال حرب الريف في عشرينات القرن الماضي، حيث يتم إرسال ممرضات إلى هناك لرعاية الجنود الإسبان المصابين من المعارك، وتتطور الأحداث لتروي قصصًا من الحب والحرب في المغرب المجهول.

تبدأ حلقات السلسلة بجوليا باليستر، تجسد دورها الممثلة آمايا سالامانكا، والتي تطوعت للخدمة كممرضة والذهاب إلى الجانب الآخر بالمغرب، على أمل العثور على شقيقها وخطيبها اللذين اعتُقلا كأسرى حرب، إلا أنها سرعان ما تجد نفسها غارقة مع طاقمها في مداواة الجرحى المصابين في المعارك بين المقاومة الريفية والجيش الإسباني.

وكانت حرب الريف بين القوة الاستعمارية الإسبانية والقبائل الريفية في شمال المغرب، واستمرت من عام 1921 إلى عام 1926، في البداية صدّت المقاومة الاحتلال الإسباني بشراسة، لكن الإسبان طلبوا المساعدة من القوات الفرنسية، التي كانت تحتل حينها بقية المغرب، وأطلقوا معًا هجومًا بربريًا بالأسلحة المحرمة على المنطقة بسكانها المدنيين؛ مما دفع زعيم الحرب محمد بن عبد الكريم الخطابي في الأخير إلى الاستسلام للقوات الفرنسية والإسبانية في مايو (أيار) 1926.

ومع أن الحرب كانت استعمارية، إلى أن الدراما تصور الحرب من وجهة نظر واحدة، وهي النظرة الإسبانية، ولا تتطرق إلى المآسي التي خلفتها الحرب على المدنيين البسطاء في شمال المملكة.

2. «The Time in Between».. الإسبانية التي هربت من الحرب للشمال المغربي

بني هذا المسلسل على رواية للكاتبة الإسبانية ماريا دوينياس، وهي في جزء منها مبنية على قصص والدتها عندما كانت تعيش في تطوان إبان فترة الاستيطان الاستعماري، وقد لاقت الرواية نجاحًا باهرًا في إسبانيا وأمريكا اللاتينية؛ مما ألهم صناع السينما بتحويلها إلى مسلسل تلفزيوني سنة 2013، ببطولة الممثلة أدريانا أوغارتي.

تدور أحداث المسلسل في طنجة وتطوان في ثلاثينات القرن الماضي، حيث قرّرت الشابة الإسبانية، سيرا كوريجا، الانتقال إلى المغرب، بعد اندلاع الحرب الأهلية في الوطن الإسباني عام 1936، لتترك صديقها ووالدتها وتستقر في شمال المغرب، هناك ستعمل سيرا على تأسيس ورشة خياطة، وتبدأ رحلة من الغموض.

في عالم مليء بالسحر والغرابة، تعيش سيرا أحداثًا متنوعة تختلط بالرومانسية والجاسوسية والعلاقات الغريبة، ويجري كل ذلك في المنطقة بين طنجة وتطوان التي كانت حينئذ محمية استعمارية إسبانية، في أماكن مثيرة مثل فندق كونتيننتال في طنجة، ذي التصميم الداخلي المهيب والمزين بالذوق العربي والإسباني، وحي الملاح اليهودي، والقصبة، والكنيسة الكاثوليكية، وساحة مولاي مهدي التي كانت تسمى في يومها «دي بريمو دي ريفيرا». تغوص الشابة الإسبانية في الحياة المغربية كما كانت حينئذ بمنطقة الشمال، وتعيد إحياء الأماكن التي زارتها من منظورها الشخصي.

ولا يزال المسلسل يثير إعجاب بعض السياح الذين يأتون إلى شمال المغرب لتحويل ما قرأوه في الرواية أو ما شاهدوه في المسلسل إلى نزهة ممتعة، ويزورون نفس الأماكن التي انتقلت فيها بطلة الرواية سيرا كيروجا.

3. «El Príncipe».. الحياة المعقدة في سبتة المحتلة

مسلسل تلفزيوني إسباني آخر، ينتمي لنوع الدراما والتشويق، من تأليف سيزار بينيتيز وايطور غابليندو، عرض لأول مرة في 2014 على قنوات إسبانية متعددة، ونال مشاهدات عالية.

تتمحور قصته حول الوضع المضطرب في منطقة سبتة المحتلة، حيث يختلط التطرف الجهادي مع المخدرات، وفي خضم كل ذلك يحاول الشرطي المحقق موري اختراق هذه الشبكات المهددة للأمن، وفي نفس الوقت إنقاذ علاقته الغرامية مع المعلمة المغربية المسلمة فاطمة، التي ينخرط أخوها في تجارة المخدرات.

يحاول المسلسل تسليط الضوء على بعض القضايا الشائكة في سبتة، مثل التطرف والمخدرات والاختلاف الثقافي، و من خلال هذه الموضوعات يبرز تعقيد الوضع في هذه المدينة، وأن الأمر أكبر من مجرد تنميط أناس معينين تبعًا لعقيدتهم الدينية أو انتمائهم الجغرافي الأصلي، وكيف أن الهشاشة في الأحياء الفقيرة والمقصية تشكل أرضًا خصبة للجريمة بمختلف أنواعها.

وتتواجد مدينة سبتة بأقصى شمال المغرب، لكنها تتمتع بالحكم الذاتي تحت حكم الإدارة الإسبانية منذ 1995، وينتمي جل سكانها إلى المسلمين المغاربة والمسيحيين، وتشهد نشاطًا تجاريًا منتعشًا مع المدن الشمالية في المغرب.

4. «Adú».. قصة كاميروني توضح مأساة المهاجرين

في محاولة يائسة للوصول إلى أوروبا، يحاول الطفل آدو القادم من الكاميرون مع شقيقته الكبرى، والتي توفيت أثناء الرحلة، عبور الحدود بين المغرب وإسبانيا، لكن مصاعب الطريق تجعله عالقًا في الشمال المغربي ليعيش في سلسلة من الحوادث البائسة مع حرس الحدود.

يستكشف الفيلم المعروض على «نتفليكس»، خلال مدة ساعتين، مسائل الهجرة وسياسية الحدود التي تطبع الحدود المغربية الإسبانية، وهو مستوحى من قصص حقيقية لمهاجرين، ويلقي نظرة كاشفة على الوجه الإنساني لأزمة الهجرة غير النظامية في هذا السياق المعولم.

كما يسلط الفيلم الضوء على الظلم المنتشر على نطاق واسع في الفناء الإفريقي بشماله وجنوبه، لدرجة يغامر آلاف اليائسين عبور الحدود إلى الضفة الأخرى عبر مدينة مليلية الحدودية، سعيًا للنجاة من الجحيم وراءهم.

بالنسبة لسلطات الإسبانية فإن السياج والشرطة هو حل مشكلة الهجرة غير النظامية، بينما ترفض مدريد ومعها أوروبا تحمل مسؤوليتها التاريخية والإنسانية، وتتفرج على مناخ من الفوضى والفقر والاستبداد في القارة بأكملها، بدون فعل شيء.

5. «La Línea: Shadow of Narco».. وثائقي عن تهريب الحشيش لإسبانيا

تتطرق هذه السلسلة الوثائقية إلى مشكلة ساخنة تتعلق بتهريب الحشيش من المغرب إلى إسبانيا، وكيف تحاول سلطات مدينة لينيا القريبة من الشمال المغربي معالجة الوضع المضطرب في المدينة، قبل أن يخرج الأمر برمته عن السيطرة.

يعرض البرنامج مقابلات مع ضباط إنفاذ القانون وأيضًا أفراد يعملون لدى كارتيلات المخدرات، كما يُقحم المشاهد ليعيش غارات حقيقية للشرطة على أفراد عصابات مخدرات، وبالمثل تَظهر عمليات تهريب للمخدرات عبر الزوارق السريعة من شمال المغرب إلى لينيا الإسبانية، يمكنك أن ترى إحباط الضباط الذين يحاولون القبض على هؤلاء المهربين بموارد قليلة، كما يمكنك أن ترى قصص العاملين في المخدرات، المغاربة منهم والإسبان، وكيف يدفعهم الفقر والإقصاء إلى هذه الحرفة المحفوفة بالمخاطر.

فنون

منذ 4 سنوات
بعيدًا عن السينما الأمريكية.. 15 فيلمًا أجنبيًا تستحق المشاهدة

فيما يحاول رئيس البلدية خوان فرانكو جاهدا محاربة هذه المشكلة ويبدأ في إجراء تغييرات، لاستعادة مدينة لينيا من تجار المخدرات، لكنه يقر بأنه طالما المغرب قريب من المدينة، فإن المخدرات ستستمر بالقدوم إلى المدينة الإسبانية، ويتمنى أن يحدث زلزال يوسع الفجوة بين البلدين بمقدار 800 كلمتر !

تحاول السلسلة الساخنة سبر الصراعات الاجتماعية والسياسية في المنطقة المتوسطية، التي تمثل ساحة لعمل تجار المخدرات من كلا البلدين: المغرب وإسبانيا.

المصادر

تحميل المزيد