آخر تحديث لهذا التقرير بتاريخ 2017/10/13.
أفادت زوجة المخرج السوري محمد بايزيد بأنه تعرّض لمحاولة اغتيال تبدو «مُريبة» في تركيا، مساء الثلاثاء الماضي، بعد أسبوع من الإعلان عن كواليس فيلمه السينمائي «النفق» الذي يتحدث فيه عن «وحشية نظام الأسد»، ويستعد لطرحه في السينما الأمريكية والعالمية، بعد عدد من أعماله التي هدفت لتصحيح صورة «الإسلام» في الغرب، وناهضت «الإسلاموفوبيا»، ووجدت طريقها إلى أمريكا والعالم.
هل تعرض بايزيد لمحاولة اغتيال حقًا؟
حاول «ساسة بوست» التواصل مع المخرج السوري بايزيد للتعرف أكثر على تفاصيل قصته التي أثارت الجدل طوال الساعات الماضية، لكننا لم نتمكن من تلقي أي ردود منه.
في مساء يوم الثلاثاء، أفاد صديق بايزيد، سلامة عبده، المشارك في فيلم «النفق»، بتعرضهما لمحاولة اغتيال في إسطنبول، أصيب على إثرها بايزيد «بطعنة في منطقة الصدر اخترقت جسمه، وخرجت من الطرف الآخر» على حد تعبير عبده في المنشور الذي كتبه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، مُضيفًا أنه قدم له الإسعافات الأولية، قبل أن يدخل بايزيد إلى غرفة الطوارئ، ولفت أيضًا إلى حضور الشرطة التركية، وتزويده لها بتفاصيل الحادثة، قبل أن يكتب في منشور آخر أنه يريد التبرع بالدم من فصيلة – O.
https://www.facebook.com/Muhammad.Bayazid/posts/1649847841700139
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=10210260922864824&id=1393174550
وما هي إلا دقائق قليلة حتى أكدت زوجة بايزيد، سماح، محاولة اغتيال زوجها، وأضافت: «الوضع الصحي غير واضح بعد، لكن أملنا في الله كبير»، ودعت متابعيها بأن يدعو لزوجها بالصبر والشفاء، ولم تتهم سماح في منشورها على فيسبوك أية جهة بمحاولة الاغتيال تلك، وفي نهار اليوم التالي أفادت سماح بـ«استقرار وضعه الصحي»، مُعتبرة أن نجاة زوجها «معجزة من الله».
https://www.facebook.com/samah.safi1/posts/1674621369225974
ولكن في المقابل، أفادت صحيفة يني شفق التركية فجر اليوم الخميس بأن مديرية أمن إسطنبول لم تتخذ أي إجراء حول حادثة بايزيد؛ لأنها لم تتلقَ أية شكاوي من الأساس بالهجوم، على عكس ما أفاد سلامة، فيما أفاد عمر إبايس بأنه حاول التبرع بالدم لبايزيد، ولكن بعد دقيقتين من التواصل مع سلامة للتبرع، أفاد سلامة بأنهم حصلوا على ما يكفي من أكياس الدم.
اللافت أيضًا أنه في اليوم التالي للإعلان محاولة الاغتيال، أفاد نهاد عوض صديق بايزيد، بأنهما قد وصلا بالفعل من تركيا إلى واشنطن، آخذًا صورة سيلفي تجمعهما، وهو أمر استغربه عمر على شخص مصاب «بطعنة في منطقة الصدر اخترقت جسمه، وخرجت من الطرف الآخر» كما أفاد سلامة سلفًا.
الحمد لله #محمد_بايزيد وصل معنا بالسلامة لواشنطن بعد محاولة اغتيال آثمة ضد حياته في اسطنبول.
الطعنة التي لا تقلق تجعلك اقوى.#فيلم_النفق pic.twitter.com/zaAeAbC2MU— Nihad Awad نهاد عوض (@NihadAwad) October 11, 2017
كما لفت مشككون في محاولة اغتيال بايزيد، إلى الحملة التي أطلقها Pious Projects of America للتبرع لفيلمه «النفق» في نفس يوم الإعلان عن محاولة اغتياله العاشر من أكتوبر (تشرين الأول)، وبحسب وجهة نظر المشككين فيها فقد اصطنع تلك المحاولة لكسب التعاطف وجمع التبرعات.
https://www.facebook.com/PiousProjects/videos/1455081984568525/
فيما أفاد المصور الصحافي إبراهيم المصري، بأنه وجه بعض التساؤلات للشكوك التي أثيرت حول محاولة اغتيال بايزيد، ولفت بأنه تعرّف على تفاصيل أمنية ومخابراتية، قد حالت بشكل ما عن الإفصاح عنها للرأي العام، مؤكدًا أمانته نافيًا «نصبه أو كذبه» خلال تعامله معه خلال ست سنوات مضت.
https://www.facebook.com/elmasry.ibrahim/posts/10210183216648900
ولكن وبعد طول انتظار كتب بايزيد نفسه، اليوم الخميس، منشورًا مطولًا حكى فيه تفاصيل ما حدث، وقال إنه تعرّض لطعن من شخص استدرجه على أنه سيتبرع لفيلمه النفق.
وأشار إلى أن رحلته إلى أمريكا مجدولة منذ أسابيع، كما لفت إلى أن الحملة التي انطلقت للتبرع لفيلمه، انطلقت «دون تنسيق منه» وشكر مطلقي الحملة وكل من ساهم أو تبرع للفيلم «معتذرًا عن قبول أموال هذه التبرعات» مُضيفًا «سأتواصل مع منظمي الحملات لإعادة الأموال لأصحابها»، وأرفق صورة لجرحه في التعليقات، وقال «لا أحب مشاركة هذه الصور على الإطلاق، لكن أعتقد أن هناك ضرورة لهذا الأمر».
https://www.facebook.com/Muhammad.Bayazid/posts/1651522424866014
لكن وبعد وقت قصير من منشور بايزيد، كتب الصحافي خير الدين الجابري، أن بايزيد قام بحذف تعليقاته على المنشور التي سأل فيها عن بعض الأسئلة حول روايته عن الحادثة، الأمر الذي أعقبته مكالمة هاتفية بين الطرفين بحسب الصحافي المقيم بتركيا.
قبل قليل كنت على اتصال هاتفي نحو 10 دقائق مع الأستاذ محمد بايزيد، وهو بصحة جيدة وعافية، وذلك بعد أن قمت بالتعليق على…
Geplaatst door خير الدين الجابري op Donderdag 12 oktober 2017
وبايزيد هو مخرج سينمائي سوري مكتوب عنه في موقع IMBD، أنه نشأ وتعلّم بين الشرق والغرب، ودرس صناعة الأفلام والإخراج السينمائي في هوليوود وفي مدرسة لوس أنجلوس للسينما، ومدرسة لندن للسينما، كما درس كتابة السيناريو في مؤسسة الإذاعة البريطانية بي بي سي، وأكاديمية نيويورك للسينما، وأهم ما يميز بايزيد بحسب هذا التعريف أنه يُخرج أفلامه بنكهة دولية وعالمية موجهة للعالم ككل، وليس العرب أو المسلمين فقط.
«النفق» يحكي «وحشية حكم الأسد»
«التاريخ يكتبه صُناع الأفلام» يردد بايزيد هذه العبارة مرارًا وتكرارًا ليؤكد إيمانه الراسخ بها، وهو إيمان حفّزه لعمل سينمائي يروي ويوثق التاريخ الذي تعيشه اليوم الثورة السورية للتأكيد أن «الثورة السورية لم تكن وليدة اللحظة، بل هي نتيجة لتراكمات من إجرام الأسد (أبًا وابنًا)، تتضمن مجزرة سجن تدمر في 1980 ومجزرة حماة في 1982، ومنظومة كاملة كانت تهدف إلى تعذيب السوريين وتملّكهم وكأنه (دواب) في مزرعة الأسد»، بحسبه.
يقول بايزيد إنه من هنا جاءت فكرة فيلم «النفق» (The Tunnel)، تلك الفكرة التي كانت تراوده عام 2011، أثناء جلوسه بمنزله بالعاصمة السورية دمشق، بعد انطلاق الثورة السورية التي اعتبرها «نقطة فاصلة في حياته» قد دفعت السوريين، بحسبه، لأن يعلو صوتهم، وأن يطالبوا علنًا بالحرية بعد الشعور بالقهر والظلم.
وتدور فكرة الفيلم بشكل رئيس عن سجن «تدمر» السياسي، ومعتقل مكث 20 عامًا في السجن ظلمًا، وتعرض لوسائل مختلفة للتعذيب، واستندت أحداث الفيلم لقصص واقعية، معتبرًا سجن تدمر واحدًا من أكثر السجون «رعبًا» في العالم، قُتل فيه آلاف السوريين خلال الثلاثين عامًا الماضية، بحسب يايزيد، الذي رأى في «تدمر» سوريا بين أربعة جدران، وبدأ بالفعل في مقابلة «خريجي تدمر» من سجناء سياسيين «أغلبهم ليس لهم علاقة بالسياسة».
في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، تحول بايزيد من ناقل لفنون التعذيب إلى شاهد عيان لها، وضحية لبعضها، بحسبه، في سجن تدمر عندما اعتقل ممن وصفهم بـ«الشبيحة» وشاهد «النفق» بعينه، ويحكي عما يقول إنه تعرّض له خلال 24 ساعة من التعذيب المتواصل: «التحقيق عبارة عن تعذيب متواصل، يتضمن تجريدًا للثياب و(بعض) الجلد، كابلات كهربائية تلسع الجسد وتسلخ الظهر وتظل علاماته لأسابيع أو أشهر، يستخدمون صاعق الكهرباء لدرجة أن يشتم الشخص رائحة جلده المحترق».
https://www.youtube.com/watch?v=TsiAtXGGgLw
وبعد خروجه من المعتقل، خرج من سوريا وسافر لأمريكا وتركيا، واستمر في العمل على مشروع الفيلم مع زوجته وتطويره خلال ست سنوات مضت، آملًا أن يتذكر العالم فيلمه بعد مرور عقود عليه، و«يتعرّف على الجرائم المروّعة بالصوت والصورة في فيلم روائي مدته ساعتين» ليكون «النفق» كما يقول، هو «التاريخ البصري المكتوب لتلك الحقبة الدموية» وهو ما قصده بعبارة أن «التاريخ يكتبه صناع الأفلام» في منشور كتبه عبر صفحته على فيسبوك في الثاني من أكتوبر (تشرين الثاني) 2017، أعقبه بنحو أسبوع تعرضه لمحاولة اغتيال.
«مدفأة» يُعرفك بالشقيق الأكبر لعمران دقنيش
جلس في سيارة الإسعاف صامتًا مصدومًا لا يبكي ولا يصرخ، وجسمه مُغطى بالغبار، والدماء غطت نصف وجه وتناثرت بعض آثارها على جسده وملابسه التي زينتها شخصيات كرتونية، وضع يده بعفوية ليمسح الغبار من على وجه، ليكتشف أنه ينزف دمًا مسحه في الكرسي، وظل يتابع حركة المُسعفين في ذهول.
هكذا صورت عدسات مركز حلب الإعلامي الطفل السوري عمران دقنيش ذا الست سنوات، بعدما نجا من تحت الأنقاض، عقب قصف للطائرات الحربية السورية والروسية، يعود لأغسطس (آب) 2016، على حي القاطرجي، الذي كانت تسيطر عليه المعارضة السورية بمدينة حلب، في صورة «صدمت العالم» على حد وصف الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، التي لفتت إلى أن فيديو عمران كان الأكثر انتشارًا في وسائل الإعلام الغربية.
غزت صورة عمران الصحف العالمية، ولكن شقيقه الأكبر (10 أعوام) أصيب جراء القصف ومات متأثرًا بإصابته، وهو ما لم يلقّ انتشارًا مثل صورة أخيه، ليخرج بايزيد مع زوجته سماح فيلمًا روائيًا قصيرًا يحمل اسم «مدفأة» (Fireplace) يحكي فيه قصة حياة ومقتل الشقيق الأكبر لعمران، وقد وجد الفيلم صداه لينال جائزة عالمية كأفضل فيلم روائي لمهرجان «Deep cut film festival» في كندا لعام 2017، وفقًا لما أفادت به صحيفة عنب بلدي السورية.

صورة من فيلم «مدفأة» الذي أخرجه بايزيد وزوجته (المصدر:imdb)
اقرأ أيضًا: بعد صورة الطفل السوري: صور لضحايا الكوارث والحروب هزت ضمير العالم
«أورشينا» و«هاجر» عن الهجرة واللاجئين
وفي العام السابق لفيلم المدفأة أخرج بايزيد وزوجته سماح فيلمًا روائيًا قصيرًا يحمل اسم «أورشينا» (أي أرض السلام باللغة السريانية)، ويحكي أيضًا عن معاناة السوريين، هذه المرة من زاوية الهجرة واللجوء، ويحكي الفيلم عن رجل عجوز فقد ابنته أثناء هجرتهم إلى أوروبا على قارب مطاطي، وحولت هذه الحادثة حياته إلى الأبد، ويظل يتذكر ابنته الصغيرة في أي مكان يذهب له، أثناء محاولته لصناعة السلام مع نفسه.

صورة من صفحة فيلم أورشينا تظهر حصوله على جائزة «Award of Excellence» في مهرجان «IndieFEST» كاليفورنيا – الولايات المتحدة عن فئة الأفلام القصيرة لعام 2016
وقد حصل الفيلم أيضًا، على جائزة التميز جائزة «Award of Excellence» في مهرجان «IndieFEST» كاليفورنيا – الولايات المتحدة عن فئة الأفلام القصيرة، وكان من اللافت أيضًا أن الفيلم شارك فيه متدربون في ورشة نظمها بايزيد في إسطنبول عن صناعة الأفلام القصيرة.
وشارك بايزيد وزوجته في ندوة في جامعة هارفارد للحديث عن الأزمة السورية من خلال فيلميهما «أورشينا» و«مدفأة»، وخلال عرض جامعة هارفارد للندوة أكدت حصول الفيلمين على جوائز، عندما عنونت الأزمة السورية في فيلم: اثنان من الأفلام الروائية القصيرة الحائزة على جوائز، في إطار الحديث عن فيلمي «أورشينا» و«مدفأة».
وحول الهجرة أيضًا أخرج بايزيد فيلمًا آخر يحمل اسم «هاجر» يعود لعام 2015، ويربط فيه بين الوضع الذي دفع بعض السوريين للهجرة، ووضع هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وأن الوضعين متشابهان كما يحكي بايزيد، بالبحث عن ظروف حياة أفضل، وحرية للكلمة وأمان العيش، وكانت بطلة الفيلم سيرين حمشو، وتعدى عدد مشاهدات الفيلم على قناتها على اليوتيوب أكثر من 430 ألف مشاهدة.
«الإلهام» عن سيرة الرسول.. و«إسلاموفوبين» لعلاج الإسلاموفوبيا
ويبدو أن لبايزيد اهتمامات دينية ملحوظة مكّنته من إنتاج مسلسل أمريكي قصير يحمل اسم الإلهام (Inspiration)، ويحكي سيرة الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – ولكن من منظور مختلف؛ يحكي كيف لشخص يعيش في تلك الحياة المعاصرة بمشاكلها ومتغيراتها، ويجد من سيرة الرسول محمد «الإلهام» والحلول لمشاكله في بيته وعمله ومختلف مناحي حياته.
وقد وصلت تلك السلسلة إلى العالمية بترجمتها إلى 18 لغة، وحصولها على جائزة أفضل عمل إبداعي لعام 2016 من ICDA، تعدّت مشاهداتها على الإنترنت والتلفزيون 50 مليون مشاهدة، وفقًا لما يقوله بايزيد، وقد أدى نجاح السلسلة بحسبه إلى إنتاج موسم ثان منها، وظهر فيها المسلمون بشكل جيد، وليسوا «إرهابيين» أو منفرين كما يظهرون في الصورة النمطية.
ومن بين المشاهدين للسلسلة، كانت ساني، تلك الفتاة الأمريكية من ولاية متشيجان، التي قالت إنها دخلت إلى الإسلام بعد مشاهدة خمس حلقات من المسلسل، بحسبها في مقطع مصور لها، خلال رحلتها في التعرف أكثر عن الإسلام، وتقول ساني إنها نطقت بالشهادتين بعد مشاهدتها للحلقة الخامسة، وتحكي: «كان هذا أفضل قرار اتخذته في حياتي (…) وقد زال تمامًا الظلمة والفراغ اللذان كانا في قلبي، بعد اعتناقي الإسلام، أستطيع القول إني لم أكن يومًا ما أكثر اطمئنانًا وسعادة وثقة في نفسي.. الحمد لله؛ لذلك أشكركم على المسلسل وأتمنى أن تصنعوا المزيد منه».
كما أخرج بايزيد إعلانًا ساخرًا حقق، بحسب بايزيد، عشرات ملايين المشاهدات، ووصل إلى أكبر المحطات التلفزيونية الأمريكية مثل: إيه بي سي، وسي إن إن، ونشرت أيضًا مواقع عالمية عن الأمر، من ضمنها: هافنغتون بوست الأمريكية، وصحيفة الإنبندنت البريطانية، وإن بي سي الأمريكية، وموقع الهند اليوم الهندي، والإعلان هو لعلكة تحمل اسم «إسلاموفوبين» و(هو اسم مشابه لأسماء الأدوية) لعلاج الإسلاموفوبيا، ومن لديهم كراهية شديدة للإسلام، ومن يأخذه يهدأ ويطيب، ويبتعد عن العنصرية والتمييز تجاه تعامله مع المسلمين، بحسب حبكة الإعلان.