اعتادت أعيننا على رؤية الطبيعة بألوانها الغناء المنتشرة في كل ما يحيط بنا من أشجار وبحار وحيوانات، ولو حدث أي اختلال في هذه الألوان، نشعر بالغرابة ونتساءل عن الأسباب. فربما تكون قد رأيت صورًا لبعض الحيوانات التي تبدو وكأنها بدلت جلودها وفراءها لتكتسب لونًا جديدًا، أو لتفقد لونها تمامًا لتصبح ناصعة البياض، وقد تكون تساءلت عن السبب، لذا جمعنا في هذا التقرير بالصور، بعض الطفرات اللونية في عالم الحيوان، موضحين السبب العلمي وراءها.
1- اللون الأبيض.. 3 طفرات مختلفة تتسبب في كل هذا «البياض»
يعزي الكثيرون اللون الأبيض للحيوانات إلى حالة المهق، ولكنها ليست الحالة الوحيدة؛ إذ تكتسب الحيوانات اللون الأبيض عبر ثلاث طرق، إما المهق «Albinism»، أو اللوسية «Leucism»، أو الإيزابلينية «Isabelline».
الحيوانات المهقاء
يؤدي المهق إلى ظهور الفرو والجلد والريش باللون الأبيض، ولأن المهق صفة متنحية في الثدييات، فإنه يحدث فقط عندما ينقل الوالدان الطفرة الجينية إلى نسلهما، فتتداخل مع إنتاج صبغ الميلانين الذي يحدد لون الجلد والفراء.
الحيوانات المصابة بالمهق شاحبة بشكل غير عادي، ويمكن تفريقها بسهولة عن النوعين الآخرين عبر الاستدلال بلون العيون، فغالبًا ما تكون عيون الحيوان المصاب بالمهق حمراء اللون بسبب الأوعية الدموية الموجودة في شبكية العين، والتي تظهر من خلالها، حيث لا توجد صبغة كافية لتغطيتها.

حيوان كنغر مصاب بالمهق
لا تستطيع الحيوانات المصابة بالمهق البقاء على قيد الحياة لفترات طويلة، فغالبًا ما يعانون من ضعف البصر، ما يؤثر في إمكانية البحث عن طعام والهروب من الخطر، فتصبح هدفًا أسهل أمام الحيوانات المفترسة.
يمكن أيضًا أن تكون الحيوانات غير الثديية مهقاء، ولكن نظرًا إلى إمكانية إنتاج أصباغ أخرى بالإضافة إلى الميلانين، فقد لا تظهر بيضاء بالكامل. ومن أشهر الحيوانات المهقاء التي عُثر عليها؛ كانت السلحفاة ألبي، وبعض حيوانات الكنغر.
الحيوانات اللوسية
الحالة الثانية التي تصيب الحيوانات باللون الأبيض تسمى اللوسية، وهي أكثر شيوعًا في الطيور، وهي صفة وراثية متنحية أيضًا، وتظهر الحيوانات المصابة بها بمستويات متفاوتة من اللون الأبيض، فإما يكون على هيئة بقع، وإما يكون نصفها أبيض والباقي بلونها الطبيعي.
في بعض الأحيان قد تظهر الحيوانات اللوسية وكأنها بيضاء بشكل كامل، ولكن حتمًا ستجد بعض الأجزاء دون تغير. فمعظم الحيوانات اللوسية ما تزال لديها القدرة على إنتاج بعض الأصباغ، فعند مشاهدتها ستلاحظ أن عيونها ليست حمراء؛ أي إنها محتفظة ببعض اللون في عيونها، وكذلك أنوفها.

طاووس لدية طفرة لوسية
فرصة الحيوانات اللوسية للبقاء أفضل بعض الشيء من الحيوانات المهقاء، لكن حياتها ما تزال في خطر؛ لأنها ليست مموهة بشكل جيد. كما أن الطيور المصابة باللوسية يكون ريشها ضعيفًا، فيصبح أكثر عرضة للتآكل، وقد يكون هذا سببًا في إعاقة الطائر عن الطيران في بعض الحالات.
الزرافة أومو التي عُثر عليها في تنزانيا، تعد أشهر الحيوانات المصابة بحالة اللوسية، كذلك حالة طائر من فصيلة الرفرافيات في حديقة الملكة إليزابيث الوطنية في أوغندا.
الحيوانات الإيزابلينية
الحيوانات المصابة بهذه الطفرة تكون لديها القدرة على إنتاج الأصباغ، ولكن طفرتها الجينية تعمل على ترشيح اللون من بعض الأجزاء مثل الريش أو الجلد. فالطفرة الجينية الخاصة بحالة الإيزابلينية تخفف من الصبغة في لون ريش الطيور أو جلد الحيوانات، مما يجعل لون الريش أو الجلد أصفر مائلًا إلى الرمادي أو البني الباهت.

بطريق مصاب بالإيزابلينية – مصدر الصورة
تبدو هذه الطفرة واضحة في عدد ملحوظ من طيور البطريق من فصيلة جنتو في جميع أنحاء القارة القطبية الجنوبية أنتاركتيكا، وقد شوهد على حافة إحدى جزر شيتلاند الجنوبية في رحلة ناشيونال جيوجرافيك إلى القارة القطبية الجنوبية.
2- اللون الأسود.. فرط صبغ الميلانين هو السبب!
عندما لا تنتج الخلايا الصباغية الميلانين تحدث حالة المهق، بينما في حالة حدوث فرط في إنتاج صبغ الميلانين، يصبح الحيوان أسود اللون، فيما يسمى بالميلانية، وهي حالة أكثر ندرة من المهق.
تساعد الميلانية الحيوانات في التكيف مع البيئة إذ تجعلهم مموهين بشكل يكفل لهم الحماية من الحيوانات المفترسة، كما أنها تكون ميزة أيضًا عندما تصيب الحيوانات المفترسة فتجعلهم قادرين على التسلل والاصطياد دون أن تراهم الفرائس.

نمر لديه فرط التصبغ
وهناك عدد من الأمثلة لحيوانات أصيبت بالميلانية مثل الدجاج الأسود، ويتميز بأن كل شيء فيه أسود اللون من الريش والمنقار إلى اللحم والأعضاء، هناك أيضًا نمر أسود، وحمار وحشي، وذئب أسود.
3- حيوانات حمراء وصفراء وزرقاء!
من الشذوذات الأخرى في التلوين في الحيوانات والطيور حالة إيريثيزم (Erythrism) وهي شذوذ صبغي يتميز بزيادة في الصبغة الحمراء أو البرتقالية؛ مما يجعل الكائن أحمر اللون، وقد تصيب هذه الحالة الحشرات أيضًا.

جراد مصاب بحالة إيريثيزم
أما حالة زانثيزم «Xanthism» فهي عبارة عن وفرة مفرطة من الصبغة الصفراء، وتسبب تحول لون الكائن إلى الأصفر.

برمائيات زرقاء وصفراء
أما حالة أكاسانتيسم «Axanthism» فتتميز بعدم وجود صبغة صفراء، مما يجعل لبعض المخلوقات لونًا أزرق، وقد شوهدت حوالي 20 حالة في البرمائيات.