العمل في المناوبات الليلية، قد يتسبب في وفاتك، هذه هي النتيجة المفزعة التي توصلت إليها أحدث الدراسات العلمية. الدراسة تقول بوضوح، إن العمل في النوبات الليلية لفترات طويلة، من الممكن أن يقتلك في نهاية المطاف!
الليل يقتل النساء
يبدو أننا سنكون على موعد مع مطالبات نسائية بالتوقف عن العمل في المناوبات الليلية، ويبدو أن الرجال فقط هم من سيتحملون أمر العمل ليلًا. فقد قام باحثون أمريكيون بالبحث في السجلات الطبية، لحوالي 189 ألف سيدة على مدى 24 عامًا ماضية، ليلاحظوا وجود ارتباط كبير بين أنماط تدوير المناوبات، التي تسمح للناس بالعمل بين المناوبات الليلية والصباحية، وبين الإصابة بأمراض القلب التاجية. واقترح الباحثون ضرورة القيام بالمزيد من الدراسات لتوضيح ما إذا نظام المناوبات هذا يمكن أن يتغير، أو يتم تعديله للحد من مثل هذه المخاطر.
وكان علماء قد أعلنوا سابقًا عن التأثيرات الصحية السلبية للعمل في المناوبات الليلية. لكن ما يميز هذه الدراسة كان العدد الهائل من السجلات التي تتبعها الباحثون، وهي الأكبر من نوعها بهذا الشأن، مما جعل الدراسة أكثر جدية، ونتائجها أكثر قربًا للحقيقة.
وقال سيلين فيتر، المؤلف الرئيسي لهذه الورقة البحثية، التي نشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، إن هناك عددًا من عوامل الخطورة المعروفة لأمراض القلب التاجية. من بين هذه العوامل التدخين، وسوء التغذية، وقلة النشاط البدني، وارتفاع وزن الجسم مقارنةً بالطول (ارتفاع مؤشر كتلة الجسم). وذكر فيتر أن هذه العوامل حاسمة عند التفكير في كيفية منع أمراض الشرايين التاجية والوقاية منها، لكن حتى بعد السيطرة على هذه العوامل «نحن ما نزال نرى زيادة الخطر المرتبط بالإصابة بأمراض الشرايين التاجية نتيجة نظام العمل والمناوبات الليلية»، على حد تعبيره.

العمل الليلي يهدد صحة النساء
ثلاث مناوبات أو أكثر
ووجد الباحثون أن أولئك الذين عملوا لثلاث مناوبات ليلية أو أكثر، في الشهر الواحد لمدة 10 سنوات، زادت عندهم فرصة الإصابة بأمراض الشرايين التاجية بنسبة 15 إلى 18% مقارنةً بأولئك الذين لم يكن لديهم نظام تغيير المناوبات في محل عملهم. هذا التأثر أو عامل الخطورة الجديد وصفه العلماء بأنه عامل «متواضع أو بسيط». وذكر الباحثون أيضًا أن نتائجهم هذه التي توصلوا إليها تنطبق فقط على النساء، لأن نظام تبديل المناوبات الليلية قد يكون له تأثير مختلف في الرجال.
فيتر، وهو عالم الأوبئة في جامعة بريجهام ومستشفى النساء في بوسطن، ذكر أنه من المهم ملاحظة أن عامل الخطورة هذا قابل للتعديل، وأن مجرد تغيير نظام وجداول المناوبات الليلية، قد يساعد على الوقاية من أمراض الشرايين التاجية.
الباحثون ذكروا أن النتائج التي توصلوا إليها تتماشى مع نتائج سابقة لدراسات أخرى، لكن من الممكن أن اختلاف مواعيد بداية ونهاية هذه المناوبات الليلية من مكان لآخر يعني وجودة أخطار مختلفة طبقًا لنوع الجدول. نتائج هذه الدراسة بالتالي تحتاج إلى بحث جديد في المستقبل لمواصلة استكشاف العلاقة بين جداول نوبات العمل والخصائص الفردية والصحة القلبية، في محاولة للتقليل من خطر الإصابة بأمراض الشرايين التاجية.
الممرضات
واستخدم الباحثون معلومات وبيانات من دراسة الصحة للممرضات الأمريكيات، والتي تظهر فيها كل الأشياء عن صحة الممرضات من النوبات القلبية، وحتى آلام الذبحة الصدرية في الصدر الناجمة عن أمراض الشرايين التاجية التي وقعت لهؤلاء الممرضات، وحتى شهادات وفاة الممرضات التي ذكر فيها أن سبب الوفاة هو أمراض الشرايين التاجية.
وخلال فترة الأربعة وعشرين عامًا من الدراسة، ظهر وجود 10 آلاف امرأة أصيبت بأمراض الشرايين التاجية بالفعل. وقد أشير إلى أن تغيير نوبات العمل يمكن أن يعطل الساعة البيولوجية في الجسم، والتي تعمل على مدار دورات محددة كل منها 24 ساعة. وأشار الباحثون إلى أن اختلال الساعة البيولوجية التي تحدد الإيقاع الطبيعي لجسم الإنسان، وتضبط ساعات الليل والنهار، وما يترتب عليها من مواعيد دورات النشاط السلوكي، ومواعيد تناول الطعام، من الممكن أن تكون آلية رئيسية وراء الإصابة بالأمراض المزمنة، بما فيها أمراض الشرايين التاجية.

الممرضات أكثر عرضة لمخاطر العمل الليلي
أمراض مختلفة
في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، هناك 8.6 مليون شخص يؤدون وظائفهم بنظام الورديات، سواء كانوا في منابوة مسائية دائمًا، أو يتم تدوير المناوبات على مدار الأسبوع. بالنسبة للبعض من هؤلاء فإن هذا الأمر يمثل طقسًا لعبورهم نحو حياتهم المهنية، وبالنسبة لآخرين فهي الوسيلة المتاحة لتوفير احتياجاتهم المالية. لكن الدراسات تؤكد أن هذه العادة يمكن أن تسبب مخاطر صحية عديدة، ليس فقط أمراض الشرايين التاجية القاتلة.
عدة دراسات أخرى قدمت أدلة قوية على أن نظام الورديات أو المناوبات يرتبط بعدد من الظروف الصحية الخطيرة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والسمنة. وتقول فرانك شير، عالمة الأعصاب في كلية الطب بجامعة هارفارد وبريغهام، إن هذه الاختلافات لم يمكن أن نعزوها إلى نظام الحياة المتبع، أو طبيعة الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
اختلاف المناوبات له علاقة أيضًا ببعض مشاكل المعدة والقرح والاكتئاب، وزيادة احتمالية التعرض لحوادث أو إصابات. ويشير العلماء إلى أن المناوبة المسائية تؤثر في الناس عمومًا بإحدى طريقتين: الأولى تتعلق بتغيير أسلوب الحياة نتيجة تغير مواعيد النوم والاستيقاظ. فالعمل في مناوبات ليلية يسبب العديد من المشاكل، مثل اضطرابات وفقدان النوم. أيضًا قد يشعر هؤلاء بالعزلة بسبب مواعيد عملهم التي جعلتهم لا يتواصلون مع أصدقائهم وأقربائهم. هذه النوبات يمكن أن تتسبب أيضًا في ممارسة الرياضة بصعوبة، وتجعلك أكثر عرضة لتناول الوجبات السريعة غير الصحية.
الطريقة الثانية تتعلق بتغيرات بيولوجية وفسيولوجية في جسم الإنسان، وتحديدًا فيما يتعلق باختلاف الساعة البيولوجية للجسم عن ساعات النوم التي يطبقها الإنسان في الواقع. هذا الأمر يؤدي إلى حدوث شذوذ في الساعة البيولوجية التي تؤثر بالتالي في جميع وظائف جسم الإنسان، لأنها المتحكم الأساسي في مواعيد هذه الوظائف، والتي تشمل: القلب والجهاز الدوري وعمليات التمثيل الغذائي والهضم والجهاز المناعي والتوازن الهرموني.
بالنسبة للمشاكل الصحية على المدى القصير التي يمكن أن يصاب بها الإنسان فهي واضحة، ويمكن أن يصاب بها أي شخص مثل الذين يسافرون لمناطق بفوارق زمنية كبيرة. وتشمل هذه المشاكل أعراض الجهاز الهضمي، مثل اضطراب المعدة والغثيان والإسهال والإمساك وقرحة المعدة. أضف إلى هذا اضطرابات النوم وقلة الإنتاجية والشعور العام بالإعياء.
بينما فيما يتعلق بالمشاكل الصحية على المدى البعيد، فأجمعت عدة أبحاث على أنها تتعلق بشكل أساسي بمشاكل القلب والشرايين التاجية. إحدى الدراسات أشارت إلى أن المناوبات الليلية تزيد من إمكانية الإصابة بأمراض القلب بنسبة 40%. وأشارت الدراسة أيضًا إلى زيادة الخطورة، كلما زادت فترة العمل في هذه المناوبات. دراسة أخرى أشارت إلى زيادة احتمالية الإصابة بالسكتة الدماغية عند العاملين في المناوبات الليلية بنسبة 5% لكل خمس سنوات من العمل الليلي. لكن هذه المخاطر لا تظهر بشكل عام إلا بعد العمل في المناوبات الليلية لمدة 15 عامًا كبداية.
وأشار أيضًا عدد من الدراسات إلى أن المناوبات الليلية هي أحد عوامل الخطورة تجاه الإصابة بمرض السكري، وأظهرت دراسة يابانية أن العمال الذين يعملون في مناوبات تمتد إلى 16 ساعةً تزداد احتمالية إصابتهم بالسكري بنسبة 50%. كما أشارت دراسة أخرى عام 2007 إلى أن نسبة هرمون السيروتونين في هؤلاء الذين يعملون ليلًا أقل من الذين يعملون بالنهار، وهذا الهرمون مسؤول عن المزاج الجيد بشكل أساسي.
علامات
editorial, أبحاث, أمراض, أمراض القلب, أمريكا, التمريض, العمل, القلب, المرأة, المرأة العاملة, الممرضات, المناوبات الليلة, النساء, تمريض, دراسات, صحة, صحة المرأة, صحة النساء, طب, عمل المرأة, مرأة