«أسبوع نوبل لن يكون كما هو عادةً بسبب الوباء الحالي، هذا عام خاص جدًّا، يحتاج فيه الجميع لتقديم تضحيات والتكيف مع الظروف الجديدة». لارس هايكنستين، مدير مؤسسة نوبل
يعلم غالبيتنا قصة العالم السويدي الشهير، ألفريد نوبل، الذي أوصى بأن تستخدم ثروته في منح جوائز للإنجازات المتميزة التي تخدم البشرية. مُنحت الجائزة للمرة الأولى عام 1901، ومنذ سبعينيات القرن الماضي، أصبحت هناك جوائز لكل فئة، تمنحها الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، التي كان نوبل عضوًا بها.
في العادة، يجري إعلان الفائزين في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، ثم يقام حفل توزيع الجوائز والمأدبة في 10 ديسمبر (كانون الأول) الموافق لذكرى وفاة نوبل. ولكن نظرًا إلى القيود التي فرضتها جائحة كورونا في الآونة الأخيرة، فقد أعلن معهد نوبل احتمالية إلغاء حفل تسليم الجوائز التقليدي في ستوكهولم للمرة الأولى منذ عام 1956.
وبدلًا من ذلك، سيقام احتفال متلفز في غياب الفائزين، الذين سيحصلون على جوائزهم المكونة من ميدالية، وشهادة، وجائزة نقدية تبلغ 1.1 مليون دولار في بلدانهم بدلًا من السفر إلى السويد. فما الذي نعرفه عن الذين حصلوا على الجائزة هذا العام؟
1. نوبل 2020 في الطب تذهب إلى مكتشفي الفيروس الكبدي الغامض!
«اكتشافاتهم أنقذت حياة ملايين البشر، وأتاحت الفرصة للقضاء التام على هذا الفيروس حاليًا»
ذهبت نوبل 2020 في الطب إلى ثلاثة علماء، هم: البريطاني مايكل هوتون، والأمريكيين هارفي ألتر، وتشارلز رايس. وذلك لجهودهم في اكتشاف فيروس التهاب الكبد الوبائي «سي»، فما قصة هذا الاكتشاف؟
في ستينيات القرن الماضي، كان هناك قلق كبير من إصابة الأشخاص، الذين يُنقل إليهم دم من المتبرعين، بالتهاب الكبد المزمن. وكان السبب في ذلك غامضًا. وبحلول منتصف الستينيات، جرى اكتشاف فيروسات التهاب الكبد «أي وبي (A & Hepatitis B)».
وفي أثناء دراسته لمرضى نقل الدم في المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة عام 1972، وجد هارفي ألتر أن التهابًا غامضًا يحدث في الكبد إثر عمليات نقل الدم، ولكن المتسبب به ليست فيروسات التهاب الكبد من النوعين «أي وبي»؛ ما يعني وجود عدوى أخرى مجهولة السبب. وعُرفت تلك العدوى الغامضة حينها باسم التهاب الكبد «اللا أي واللا بي (non-A & non-B)»، واستمرت البحوث قدمًا لمعرفة المزيد حول هذا المرض.
كان المرضى ما يزالون يمرضون بعد تلقي الدم المتبرع به، وقالت لجنة جائزة نوبل إن نقل الدم في ذلك الوقت كان مثل لعبة الموت المعروفة بـ«الروليت الروسي». وفي عام 1989، تمكن البروفيسور مايكل هوتون من اكتشاف التسلسل الجيني للفيروس، وتبين أنه نوع من الفيروسات المصفرة، وأطلق عليه اسم التهاب الكبد «سي».
أما البروفيسور تشارلز رايس، فقد وضع اللمسات الأخيرة في عام 1997، بعدما حقن فيروس التهاب الكبد الوبائي «سي» في كبد قرد الشمبانزي؛ وأظهر ذلك أنه قد يؤدي إلى إصابته بمرض التهاب الكبد. وأوضح أن نقل الدم من أشخاص مصابين إلى قرود الشمبانزي؛ أدى إلى إصابة القرود بالمرض. وقال باتريك إرنفورس، رئيس اللجنة التي اختارت الفائزين، إن رايس «قدم الدليل الأخير على أن فيروس التهاب الكبد «سي» قادر على التسبب منفردًا بالمرض».
وأضافت اللجنة أن «اكتشاف فيروس التهاب الكبد الوبائي «سي» ألقى الضوء على سبب باقي حالات التهاب الكبد المزمن، وجعل من الممكن إجراء فحوص دم، وتطوير أدوية جديدة أنقذت حياة الملايين». وتعد هذه أول جائزة نوبل للطب مرتبطة مباشرة بنوع من الفيروسات منذ عام 2008، فيما مُنحت جائزة نوبل للطب سنة 1976، تقديرًا لبحوث مرتبطة بالتهاب الكبد من النوع «بي».
2. نوبل 2020 في الفيزياء تسبر أغوار الثقب الأسود!
«سعيدة بكوني الرابعة.. وأتمنى أن أستطيع إلهام الشابات للانخراط في هذا المجال». أندريا جيز
من جديد، حضرت الفيزياء الفلكية بقوة في موسم جوائز نوبل 2020، بعد أن اقتنصت الجائزة العام الماضي أيضًا. وذهبت الجائزة العلمية المرموقة هذا العام لثلاثة علماء هم: البريطاني روجر بنروز، الذي حصل على نصف الجائزة؛ لاكتشافه أن تكوين الثقب الأسود هو تنبؤ قوي للنظرية النسبية العامة، إلى جانب العالم الألماني رينهارد جينتزل الذي تشارك النصف الآخر مع الأمريكية أندريا جيز؛ وذلك لاكتشافهما جرمًا ضخمًا شديد الكثافة في مركز مجرتنا.
تُعد الثقوب السوداء إحدى أكثر الظواهر غرابة في الكون، ولطالما أثارت خيال علماء الرياضيات وفضولهم لفترة طويلة. وقد اقترح الفلكي ورجل الدين الإنجليزي، جون ميشيل، للمرة الأولى في التاريخ تصوره لوجود جسم ضخم جدًّا لدرجة لا تسمح للضوء بأن يفلت منه، في بحث نشر في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1784. وافترضت حساباته أن مثل هذا الجسم قد يملك كثافة الشمس نفسها، وأنه يمكن اكتشافه من خلال آثاره الجاذبية في الأجسام المرئية القريبة.
وظل هذا المفهوم سائدًا إلى أن تنبأت النظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين، أنه يمكن لكتلة مضغوطة بقدر معين أن تشوه الزمكان لتشكيل الثقب الأسود. وفي عام 1965، بعد 10 سنوات من وفاة أينشتاين، أثبت روجر بنروز أن الثقوب السوداء يمكن تكوينها ووصفها بالتفصيل، وأنها تخفي في قلبها حالة متفردة تتوقف فيها كل قوانين الطبيعة المعروفة.
وقالت لجنة الجائزة في بيانها: «كشف بنروز عن أن نظرية النسبية العامة تقود بتوقعاتها إلى تكوين الثقب الأسود؛ إذ استخدم وسائل رياضية مبتكرة لإثبات أن الثقوب السوداء نتيجة مباشر لنظرية أينشتاين، والذي لم يكن يؤمن بوجودها». وأضافت اللجنة أن إسهامات بنروز في هذا المجال تعد أهم الإسهامات فيما يتعلق بالنسبية العامة بعد أينشتاين.
وفي السياق ذاته، اكتشف راينهارد جينزل وأندريا جيز أن جسمًا ثقيلًا شديد الكثافة وغير مرئي، يتحكم في مدارات النجوم في مركز مجرتنا. وتمكنا من تطوير طرق للرؤية عبر السحب الضخمة للغبار بين النجوم، والغبار في مركز مجرة درب التبانة. واستطاعا تنقيح تقنيات جديدة للتعويض عن التشوهات التي يسببها الغلاف الجوي للأرض، وأعطانا عملهم الرائد الدليل الأكثر إقناعًا حتى الآن على وجود ثقب أسود هائل في مركز مجرة درب التبانة.
وقال رئيس لجنة نوبل للفيزياء ديفيد هافيلاند: «فتحت اكتشافات الفائزين هذا العام آفاقًا جديدة في دراسة الأجسام المدمجة وفائقة الكتلة. لكن هذه الأشياء الغريبة ما تزال تطرح العديد من الأسئلة التي تتطلب إجابات وتحفز البحث في المستقبل». وبفوزها هذا العام، أصبحت العالمة الأمريكية أندريا جيز رابع سيدة تحصل على جائزة نوبل في الفيزياء، التي على مدى تاريخها الطويل لم يحصل عليها سوى أربع عالمات، آخرهن أندريا.
وقد حصلت أندريا على عديد من الجوائز والأوسمة، من ضمنها جائزة كرافورد في علم الفلك من الأكاديمية السويدية الملكية العلوم؛ لتصبح أول امرأة تحصل على تلك الجائزة في أي مجال. وانتُخبت أيضًا عضوة في الأكاديمية الوطنية للعلوم.
وفي اتصال هاتفي أجرته معها اللجنة عقب فوزها بنوبل 2020، قالت أندريا: «يُشعرني كَوني رابع امرأة تفوز بجائزة نوبل في الفيزياء بالبهجة والسعادة الشديدة، ويُشعرني أيضًا بالمسؤولية الكبيرة المتعلقة بذلك. وأتمنى أن أستطيع إلهام الشابات للانخراط في هذا المجال؛ فهو مليء بالمتعة ولو كانت النساء شغوفات بالعلم، فهناك الكثير الذي يمكن تحقيقه فيه».
وأضافت: «رسالتي الحالية في هذه الأوقات المضطربة أن العلم ما زال مهمًّا، وأن السعي لكشف حقيقة عالمنا الفيزيائي ضروري لنا كبشر. أعتقد أنني أشعر اليوم بشغف أكبر من ذي قبل تجاه جانب التدريس، لأنه من المهم للغاية إقناع الأجيال الشابة بأن قدرتهم على التشكيك والتفكير أمر محوري لمستقبل العالم».
3. نوبل 2020 في الكيمياء تذهب إلى أداة أعادت صياغة «شفرة الحياة»
في السنوات الأخيرة، تصدرت ثورة تحرير الجينات عناوين الأخبار العلمية في مختلف أنحاء العالم، وسيطرت النتائج البحثية لتقنيات التحرير الجيني على أحدث التطورات العلمية. وأصبحت الأداة الثورية التي تدعى «كريسبر-كاس9» أداة أساسية، يستخدمها علماء الأحياء في تغيير الحمض النووي لأي كائن حي، بما في ذلك الإنسان، بطريقة أيسر وأسرع مما سبق.
وجاءت جائزة نوبل 2020 في الكيمياء لهذا العام لتُسدِل الستار على سنواتٍ من الحدس والتخمين، بشأن العلماء الذين سوف يقع عليهم الاختيار؛ لمكافأتهم على إسهاماتهم في تطوير أدوات التحرير الجيني، القائمة على تقنية «كريسبر-كاس9». وبالفعل، مُنحت الجائزة لعالمتين من رواد هذه التقنية، وهما: الفرنسية إيمانويل شاربنتييه، والأمريكية جينيفر دودنا، لتتقاسما الجائزة بالتساوي لهذا العام.
بدأ الأمر في عام 2011، عندما تعاونت إيمانويل مع جينيفر ونجحتا معًا في إعادة إنشاء المقص الجيني للبكتيريا في أنبوب الاختبار، وتبسيط المكونات الجزيئية للمقص الجيني حتى يسهل استخدامها. بعد ذلك، أعادتا برمجة المقص الجيني، كي يتعرف إلى الحمض النووي للفيروسات، وأثبتتا أنه يمكن التحكم فيه لقطع أي جزيء من الحمض النووي في موقع محدد مسبقًا، وبهذا تمكنتا من إعادة كتابة رموز الحياة.
وقد ساهم اكتشافهما هذا في عديد من الاكتشافات المهمة في البحث العلمي، ومكَّن باحثي النبات من تطوير محاصيل تتحمل العفن، والآفات، والجفاف. وتعد هذه التقنية أكثر دقة بكثير من التقنيات السابقة للهندسة الوراثية؛ إذ كانت عملية تعديل الجينات في الخلايا سابقًا تستهلك وقتًا طويلًا، ومعقدة بل مستحيلة في بعض الأحيان. لكن باستخدام هذه التقنية أمكن للباحثين تغيير الحمض النووي للكائنات الحية، الذي هو بمثابة شفرة الحياة، في غضون بضعة أسابيع بدقة عالية جدًّا.
كذلك، يمكن للباحثين باستخدام هذه التقنية تعطيل بعض الجينات وتصحيح الطفرات الضارة، وتغيير نشاط جينات محددة في النباتات والحيوانات، والبشر. وتستهدف علاج عديد من الأمراض كالإيدز، والتهاب الكبد الفيروسي، والسرطان، وغيرها من الأمراض المستعصية.
وأوضحت لجنة التحكيم أن الجائزة أعطيت لهما «لنجاحهما في تطوير وسيلة لتعديل الجينات بواسطة أداة لإعادة صوغ شفرة الحياة». وقالت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم في بيان منح الجائزة: «اكتشفت إيمانويل شاربنتييه وجنيفر داودنا واحدة من أكثر أدوات تكنولوجيا الجينات دقة: المقص الجيني كريسبر». وأضاف البيان: «كان لهذه التكنولوجيا تأثير ثوري في علوم الحياة، وتساهم في علاجات جديدة للسرطان، وقد تحقق حلم علاج الأمراض الوراثية».
ويقول كلاس غوستافسون، رئيس لجنة نوبل للكيمياء: «توجد قوة هائلة في هذه الأداة الجينية، والتي تؤثر فينا جميعًا. فهي لم تُحدث ثورة في العلوم الأساسية فحسب، بل أدت أيضًا إلى محاصيل مبتكرة، وستؤدي إلى علاجات طبية جديدة رائدة».
4. نوبل 2020 في الأدب تثير الجدل من جديد
في ظل الاتهامات التي تُوجَّه للأكاديمية فيما يخص تحيزها الذكوري، ذهبت جائزة نوبل 2020 في الآداب هذا العام إلى الشاعرة الأمريكية، لويز جلوك، لتصبح أول امرأة أمريكية تفوز بالجائزة العالمية منذ أكثر من ربع قرن، والمرأة رقم 16 التي تفوز بجائزة نوبل للآداب منذ بدء توزيعها.
وقالت الأكاديمية إن لويز تميزت «بصوتها الشاعري المميز الذي يضفي بجماله المجرد طابعًا عالميًّا على الوجود الفردي». وأضافت في بيان لها: «في قصائدها، تستمع النفس لما تبقى من أحلامها وأوهامها، ولا يمكن أن يكون هناك من هو أشد منها في مواجهة أوهام الذات».
كذلك، أبرزت الأكاديمية دورها في موضوعات الطفولة والحياة الأسرية، والعلاقة الوثيقة مع الوالدين والأشقاء، التي تركز عليها في أعمالها. وأشارت الأكاديمية إلى سعي لويز نحو الوضوح والعالمية، واستيحاء الأساطير الكلاسيكية، التي تسود في معظم أعمالها. وقد أشاد أندرس أولسون، رئيس لجنة جائزة نوبل للآداب، بصوت لويز الشعري الذي وصفه بالصريح والمتصلب، والمليء بالفكاهة والذكاء اللاذع.
وعلى مدار مسيرتها المهنية، التي امتدت ستة عقود، كتبت لويز 12 مجموعة شعرية، وكتابين من المقالات، تعرضت فيها لموضوعات الصدمة، والموت، والشفاء، في قصائد جادل بعض النقاد بأنها طائفية، في حين نفى آخرون ذلك مثلما قال أولسون في وقت سابق: «لا ينبغي اعتبارها شاعرة طائفية. إنها تسعى إلى العالمية».
وعلى صعيدٍ آخر، يرى بعض النقاد أن أشعارها تتبنى وجهات نظر متناقضة، تعكس علاقتها المتناقضة مع السلطة، والأخلاق، واللغة. ويقول الناقد الأدبي دانيال موريس: «غالبًا ما تتهرب كتابات لويز من تحديد الهوية العرقية، أو التصنيف الديني، أو الانتماء الجنسي. في الواقع، غالبًا ما ينفي شعرها التقييمات النقدية، التي تؤكد سياسات الهوية بوصفها معايير للتقييم الأدبي، فلا يمكن وصفها فقط بأنها شاعرة يهودية أمريكية، أو نسوية، أو شاعرة طبيعة».
ولا يعد هذا التكريم الأول للشاعرة الأمريكية، بل سبق أن فازت في عام 1993 بجائزة «بوليتزر» عن مجموعتها الشعرية «ذا وايلد أيريس»، و«جائزة ناشونال بوك أوارد» في عام 2014 عن آخر أعمالها الشعرية «فيثفول أند فيرتووس نايت».
5. نوبل 2020 في السلام تذهب لمحاربة الجوع العالمي
«حتى يوم حصولنا على لقاح طبي، فإن الغذاء هو أفضل لقاح ضد الفوضى» *منظمة برنامج الغذاء العالمي
عادةً ما تُمنح جائزة نوبل في السلام لعدد من الأفراد معًا أو لمنظمة ما، وقد بلغ عدد المرشحين هذه السنة 318، من بينهم 211 شخصية و107 منظمات. وافترض البعض احتمالات منها أن تكون جريتا ثانبيرج الناشطة البيئية السويدية، من ضمن المرشحين الأفراد، ومنظمات «مراسلون بلا حدود» و«لجنة حماية الصحافيين» بين الفائزين المحتملين.
ولكن نوبل 2020 ذهبت هذا العام لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، وذلك «بفضل جهوده لمحاربة الجوع ومساهمته في تحسين الظروف؛ لإحلال السلام في المناطق التي تشهد نزاعات؛ ولكونه محركًا للجهود المبذولة لمنع استخدام الجوع سلاحًا الحرب» كما جاء في بيان اللجنة.
وأضافت اللجنة أنه في السنوات الأخيرة، اتخذ الوضع منعطفًا سلبيًّا تسبب في معاناة 135 مليون شخص من الجوع الحاد في العام الماضي، وهو أعلى رقم منذ سنوات عديدة. وجاءت معظم هذه الزيادة؛ بسبب الحروب والنزاعات المسلحة. ويعد برنامج الغذاء العالمي أكبر منظمة إنسانية في العالم، تعالج الجوع وتعزز الأمن الغذائي. وقد قدَّم المساعدة لما يقرب من 100 مليون شخص في 88 دولة من ضحايا انعدام الأمن الغذائي الحاد والجوع في العام الماضي.
كذلك، ساهمت جائحة كوفيد-19 في ارتفاع كبير في عدد ضحايا الجوع في العالم. وقد أدى مزيج الصراع العنيف والوباء إلى ارتفاع كبير في عدد الأشخاص الذين يعيشون على شفا المجاعة في بلدان مثل اليمن، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ونيجيريا، وجنوب السودان، وبوركينا فاسو. وأشادت اللجنة بأداء برنامج الأغذية العالمي في مواجهة جائحة الفيروس التاجي، وقدرته الرائعة على تكثيف جهوده.
وقالت اللجنة أيضًا إنها ترغب من خلال منحها جائزة هذا العام «توجيه أنظار العالم نحو ملايين الأشخاص، الذين يعانون أو يواجهون خطر الجوع»، وأن «عمل برنامج الأغذية العالمي لصالح البشرية مسعى ينبغي لجميع دول العالم أن تؤيده وتدعمه».
ويلعب برنامج الأغذية العالمي دورًا رئيسيًّا في التعاون متعدد الأطراف، بشأن جعل الأمن الغذائي أداة للسلام. وبصفته أكبر وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، فإنه يعد نسخة حديثة من مؤتمرات السلام، التي تهدف جائزة نوبل للسلام إلى الترويج لها.
ومن المنظمات الأخرى التي حازت جائزة نوبل للسلام: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي حازت الجائزة ثلاث مرات في أعوام 1917، و1944، و1963، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي حازتها مرتين في عام 1954 و1981. هذا إلى جانب 25 منظمة فردية حصلت على الجائزة.
6. نوبل 2020 في الاقتصاد تُضارب في المزادات
تأتي جائزة نوبل 2020 في العلوم الاقتصادية؛ لتسدل الستار على موسم الجوائز العلمية الأكثر شهرة. وقد أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم اليوم منذ قليل، فوز عالمي الاقتصاد الأمريكيين: بول ميلجروم، وروبرت ويلسون؛ لمساهماتهم في وضع نظرية المزاد.
وقالت اللجنة المانحة في بيانها إن الفائزين درسا كيفية عمل المزادات، وساهما في تصميم أشكال مزادات جديدة للسلع والخدمات التي يصعب بيعها بالطريقة التقليدية، مثل الترددات اللاسلكية. واستفاد من اكتشافاتهم البائعون، والمشترون، ودافعو الضرائب في جميع أنحاء العالم.
وقد طور ويلسون نظرية مزادات الأشياء ذات القيمة المشتركة، وهي قيمة غير مؤكدة مسبقًا، ولكنها في النهاية هي نفسها للجميع. وأوضح أيضًا سبب ميل مقدمي العطاءات العقلانيين إلى وضع العطاءات أقل من أفضل تقدير خاص بهم للقيمة المشتركة؛ وذلك بسبب أنهم قلقون من لعنة الفوز، أي دفع الكثير والخسارة.
في حين صاغ ميلجروم نظرية أكثر عمومية للمزادات، لا تسمح فقط بالقيم المشتركة، ولكن أيضًا بالقيم الخاصة التي تختلف من عارض إلى آخر. كذلك، حلَّل استراتيجيات عروض الأسعار في عدد من تنسيقات المزادات المعروفة، موضحًا أن الشكل سيمنح البائع أرباحًا متوقعة أعلى، عندما يتعلم مقدمو العروض المزيد عن القيم المقدرة بعضهم لبعض خلال تقديم عروض الأسعار.
وفي عام 1994، استخدمت السلطات الأمريكية أحد تنسيقات المزادات للمرة الأولى؛ لبيع الترددات اللاسلكية لمشغلي الاتصالات. ومنذ ذلك الحين، حذت عديد من الدول الأخرى حذوها. وقال بيتر فريدريكسون، رئيس لجنة الجائزة: «بدأ الفائزون هذا العام في العلوم الاقتصادية بالنظرية الأساسية، واستخدموا نتائجهم لاحقًا في التطبيقات العملية التي انتشرت على مستوى العالم. إن اكتشافاتهم تعود بفائدة كبيرة على المجتمع».
وتعرف هذه الجائزة رسميًّا باسم «جائزة بنك السويد في العلوم الاقتصادية في ذكرى ألفريد نوبل»، وقد أُنشئت عام 1968 للاحتفال بذكرى مرور 300 عام على تأسيس بنك السويد. وتعتمد الجائزة على تبرع تلقته مؤسسة نوبل في عام 1968 من البنك المركزي السويدي بمناسبة الذكرى 300 لتأسيسه، لتصبح إضافةً إلى جوائز نوبل الأخرى.