سعي أمريكي مستمر لاحتكار صناعة الأسلحة النووية في العالم، لكن أسرار تلك الصناعة سرعان ما انتشرت, فبعد أربع سنوات من إسقاط الولايات المتحدة الأمريكية قنبلتين ذريتين على اليابان في أغسطس 1945 تبعها الاتحاد السوفيتي آنذاك بأول قنبلة له، ثم بريطانيا في 1952، وفرنسا 1960، والصين 1964, لتسعى أمريكا بعد ذلك لتقويض هذا الانتشار.
وقد أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية معاهدة مع العديد من الدول ذات التوجهات المماثلة لها لحظر الانتشار النووي (NPT) عام 1968، حتى تمر الثلاثة عقود الماضية وقد تخلت دول عن برامجها النووية، لتضرب دول أخرى بالمعاهدة عرض الحائط، ومنها الهند وباكستان وإسرائيل، وتمتلك كل منها ترسانة نووية، وتعلن كوريا الشمالية بعد ذلك انسحابها من المعاهدة في 2011، وقد بدأت في تنشيط اختباراتها. وانتهكت إيران وليبيا المعاهدة وواصلتا أنشطتهما النووية السرية؛ ليصبح العالم موطنًا لعشرات الدول المسلحة نوويًّا، ودون ذلك هو أمل لن يتحقق.
دول تتصدر صناعة السلاح النووي في العالم
وحسب تقرير أعده اتحاد العلماء الأمريكيين في أبريل 2014 عن مخزون الأسلحة النووية في العالم بلغ إجمالي المخزون النووي الأمريكي 7,506 رأس نووية، منها 2150 رأسًا جاهزًا للعمل، و2,500 رأس احتياطي، و3000 رأس لا تعمل، وكانت اتجاهات نمو إنتاجها في انخفاض العام الماضي، في الوقت الذي ارتفع مخزون روسيا إلى 8,484 رأس نووية، ليبدأ إنتاجها هي الأخرى في التراجع، ومعهما بريطانيا التي عزمت على خفض مخزونها من الأسلحة النووية إلى أقل من 180 رأس في غضون 15 عامًا، ومعها فرنسا والصين مع استمرار تصدرهما القائمة بنحو 300 رأس نووية، وتأتي الهند في المركز السادس بمخزون 90 رأسًا نووية جاهزة للعمل، مع زيادة في الإنتاج شاركتها فيه باكستان بمخزون 90 رأسًا، ثم إسرائيل بإجمالي 80 -200 رأس نووية لا تعمل، وتنتهي القائمة بكوريا الشمالية بازدياد مستمر في إنتاجها بلغ 10 رؤوس نووية، ليصبح عدد الرؤوس النووية في العالم 17,105، وهي الأعداد المعلن عنها، ويفترض أن تكون أقل من ذلك.
معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية
أمريكا روسيا وبريطانيا وفرنسا والصين هي تلك الدول التي حازت أسلحة نووية من قبل المعاهد،ة على الرغم من أن المعاهدة قد أضفت شرعية على الترسانات النووية التي امتلكتها تلك الدول مع شرط ألا تمتلكها للأبد، وهو ما لم يحدث بعد. وحسب المادة السادسة في المعاهدة يجب أن يكون الاستمرار في البناء والإصلاح يحمل نية حسنة، على أن يقف سباق التسلح النووي ويتم نزعه في وقت مبكر, وعلى هذا الأساس تعهدت الدول الخمسة المتصدرة القائمة بإزالة ترسانتها النووية، لكن في الوقت الراهن لم يتحقق شيء، حيث أبقت عليها مع التكتم على أسرارها.
لم تبد الهند وباكستان رغبة في الانضمام لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية مدعيتين أن الغرض من برنامجهما سلمي, حتى أول اختبار لجهاز نووي أجرته الهند عام 1974؛ مما حفز باكستان لتكثيف العمل على برنامج سري للأسلحة النووية، لتعلن الهند وباكستان بعد ذلك عن قدرتهما النووية وتعاونهما عام 1998, على عكس إسرائيل التي لم تعلن قط عن أية تجربة نووية، وهي التي لم تعترف أو تنفي امتلاكها أسلحة نووية، ووعدت بأنها لن تكون أول من يدخل السلاح النووي لمنطقة الشرق الأوسط, ومع ذلك فإنه مثبت عالميًّا امتلاك إسرائيل لأسلحة نووية، وامتلاكها يورنيوم على درجة عالية من التخصيب، وهو ما تمتلكه باكستان أيضًا في الوقت الذي تستخدم باقي الدول البلوتينيوم في أسلحتها كالهند.
نوعية الأسلحة وأساليب التخزين
بعض الدول بما فيها الولايات المتحدة تسعى للحفاظ على الرؤوس النووية غير المنتشرة لديها كاحتياطي ووسيلة ضد التغيرات غير المتوقعة على الصعيد الأمني, وتنقسم الأسلحة النووية التي تسيطر عليها أمريكا وروسيا ما بين صواريخ عابرة للقارات وغواصات ومفجرات طويلة المدى، وهو ما يسمى بالأسلحة النووية الاستراتيجية. أما الأسلحة الأخرى قصيرة المدى ومحددة التوزيع فهي لا تخضع لإحصاء محدد, وتبقى الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا العديد من أسلحتها في حالة تأهب وجاهزة لإطلاقها خلال دقائق فور اتخاذ القرار، في حين تفصل الصين وباكستان محركات الرؤوس النووية الحربية عنها في المخازن.
دول تسعى.. وتحدي دولي لنشاطها النووي
وتستمر إيران في برنامجها لتخصيب اليورانيوم وغيره من المشاريع التي تضعها على أعتاب منتجي المواد الانشطارية لصنع القنابل وتطوير أسلحتها النووية في غضون سنوات قليلة, ولم يصرح بما تملكه إيران من مخزون للمواد الانشطارية، ومع ذلك فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية – هي المؤسسة المكلفة بالتحقُق من امتلاك غير مشروع للأسلحة النووية- أكدت قيام إيران بأنشطة نووية سرية لإنتاج المواد الانشطارية محليًّا، لتواصل الوكالة تحقيقاتها ورصدها لبرنامج طهران النووي منذ عام 2003.
وقد ورثت كازاخستان وأوكرانيا الأسلحة النووية عن الاتحاد السوفيتي بعد تفككه، والتي صدرتها بعد ذلك لروسيا لتنضما لمعاهدة حظر الانتشار النووي كدول غير حائزة للأسلحة النووية, وتبدأ جنوب أفريقيا نشاطات نووية سرية عام 1991 رغم انضمامها للمعاهدة, وكان للعراق برنامج نووي نشط قبل حرب الخليج عام 1991 وحتى التحقق منه من بعثة الأمم المتحدة، وهو ما قاد أمريكا لحرب العراق وإعدام صدام حسين لينتهي سعيها نهائيًا، ثم تخلت ليبيا طواعية عن برنامجها السري في ديسمبر 2003، لتظل الأرجنتين والبرازيل وكوريا الجنوبية وتايوان على جانب من الدول الساعية لحوزة أسلحة نووية.