هالني أن أقرأ لشَخص يَدين بالإسلام مُقارنة بَين مُسلِم وكافِر، ثُم تَرجيحه للكافِر بأنَّه الأحق لدُخول الجَنَّة! وذَكَّرني كَلامه بآخر مُلحِد قد أورد شُبهة مُماثلة، فوَجدت ضَرورة التَّعقيب على هذا الجَهل المُركَّب في مَقال، ولم أجد عُنوانًا مُناسبًا له غير تَرديد كَلام صاحِب الشُّبهة «المُسلِم» في صُورة اِسْتِنكاريَّة، فجَعلت العُنوان على هذا النَّحو «آنجلينا في الجَنَّة وحَسَّان في النَّار!».

ثُم نُشِر المَقال، فوَجدت هُجومًا مِن أغلب الَّذين عَلَّقوا عليه، وكانت تَعليقاتهم تَكشف حَقيقة أنَّهم لم يَقرأوا المَقال واكْتَفوا بالعُنوان، بل كان مِن تَناقُضهم أن أحدهم وَصَفني بأنَّني مِن شُيوخ أمن الدَّوْلَة باعْتبار دِفاعي عن الشَّيخ مُحمَّد حَسَّان، وآخر وَصَفني بالكَذب والاِفْتِراء على الشَّيخ!

قُلت لَعل المُشكلة في «العُنوان» المُساء فَهمه، غير أن بَعض التَّعليقات المَوجودة على صَفحة المَقال في المَوقع لم تَقل غَرابة، مع أن أصحابها قد قَرأوا المَقال!

ولم يَكن في مُستطاعي التَّعقيب على كُلِّ تَعليقٍ، خاصَّة وأن بَعض أصحابِها قد اِسْتَبدلوا السَّب والقَذف بالحُجَّة والمَنطق، لذا فقد جَمَعت كُلَّ أو مُعظم ما قيل وأعقبته بالرَّد والبَيان.

وقد حَصَرت ذَلِك في سَبع نِقاط: العُنوان الَّذي أساء الكَثير فَهمه، ثُم قَول البَعض بأنَّني أدخلت فُلانًا الجَنَّة وفُلانة النَّار، ثُم بَيَّنت العَلاقة بين الدِّين والإنسانيَّة، وأن مَقصدي لم يَكن الدِّفاع عن الشَّيخ مُحمَّد حَسَّان أو الهُجوم عليه، وعَقَّبت على نُقطتي «الأمثلة المَذكورة للعُلماء المُسلِمين» و«اِسْتِخدام المُصطلحات الأجنبيَّة».

  1. العُنوان

لا شَك أن العُنوان له طابع «الإثارة الصَّحفيَّة»، ولم يَكن هذا مَقصودًا بالأساس، فليس مِن عادتي ذَلِك، ويَستطيع أحدكم أن يَتَّطلع على عَناوين المَقالات المَنشورة لي ليتأكَّد مِن صِدق دَعْواي، فجَميعها صَريحة المَعنى والمَضمون وتَخلو مِن تلك «الإثارة».

أمَّا اِخْتياري لهذا العُنوان «المُثير» فيَرجع إلى ثَلاثة أُمور: الأوَّل: أن المَقال كان مُوجَّهًا في الأساس إلى صاحِب الشُّبهة فأحببت أن ألفت اِنْتِباه بما قاله هو، والثَّاني: أنَّني ما وَجدت عُنوانًا مُناسِبًا للمَقال غيره، والثَّالِث: أن جَعل العُنوان على نَحو «حَسَّان في الجَنَّة وآنجلينا في النَّار» يَعني الحُكم على شَخص مُعيَّن بدُخول الجَنَّة وآخر بدُخول النَّار، وهذا ما لا يَحق لي أو لغَيري أن يَقول به.

كَما أن الأسماء المَذكورة لم أقصُد بها أصحابها الحَقيقيين، بل قَصدت دَلالة الأسماء، فآنجلينا تُشير إلى امرأة لا تَدين بالإسلام وحَسَّان اسم لرَجُل مُسلِم، وقد أنهيت العُنوان بعَلامة تَعجُّب ليَفهم قارئه أن العُنوان للاِسْتِنكار وليس الإقرار، وهو ما يَتبيَّن لمَن قرأ المَقال.

  1. إدخال النَّاس الجَنَّة أو النَّار

لا أعرف كَيف تَم تأويل كَلامي على هذا النَّحو، فأنا لم أذكُر غير ثَلاثة أُمور، تَخلو جَميعها مِن إنزال حُكم على شَخص بعَينه: الأمر الأوَّل: أن الإيمان الَّذي هو تَصديق بالقَلب ونُطق باللِّسان وعَمَل بالجَوارح شَرط أساسي لدُخول الجَنَّة، والثَّاني: أن فِعل الخَير مِن مُنطلق الإنسانيَّة وليس الدِّين لا يَجعل صاحِبه مُستحقًا بالضَّرورة لدُخول الجَنَّة (سأُبيِّن ذَلِك في النُّقطة التَّالية)، والأمر الثَّالِث: أن الغِنى في الإسلام لَيس حَرامًا حَتَّى نُشكك في إيمان شَخص مُسلِم لأنَّه يَمتلك ثَروة أو يَعيش في سِعَة.

  1. الدِّين والإنسانيَّة

يُقصَد بالإنسانيَّة هُنا حُب الخَير، وهو أمر يَشترك فيه المُسلِم وغير المُسلِم، لأن كِليهما يَتصرَّف بمُنطلق فِطرته السَّليمة أو ما تَبقَّى مِنها، ويَجد في المُقابل لَذَّة وسَعادة وطُمأنينة في فِعل الخَير، فالحَق إذًا أن الجَزاء قد اِستوفى لهما، غير أن المُسلِم لا يَفعل الخَير مِن باب «إنسانيَّته» فَقَط بل يَفعله كذَلِك تَديُّنًا، فهو يَبتغي رِضا الله ودُخول جَنَّته والنَّجاة مِن عَذابه، فيَكون لكُل واحِد مِنهما ما طَلَب.

  1. الدِّفاع عن الشَّيخ مُحمَّد حَسَّان وتَجاهُل المآخذ عليه

لم يَكن المَقال بهَدَف الدِّفاع عن الشَّيخ مُحمَّد حَسَّان بل رَدًَّا لشُبهة، ولم أذكُر شَيئًا مِن المآخذ الَّتي قد تُأخذ عليه -رَغم اِخْتِلافي مَعه بسَبَب مَواقفه السِّياسيَّة- لأن مَقصدي هو بَيان عَدَم تَحريم الغِنى في الإسلام، وليس الدِّفاع عن شَخص أو الهُجوم عليه.

  1. الهُجوم على الشَّيخ مُحمَّد حَسَّان

في الوَقت الَّذي اعْتَبَر فيه البَعض أنَّني أُدافع عن الشَّيخ، عَدَّني البَعض الآخر أُهاجمه!

كيف أُهاجمه وقد أبطلت الشُّبهة الَّتي أُثيرت بشأنه رَغم اِخْتِلافي مَعه كما ذَكرت؟!

  1. الأمثلة المَذكورة للعُلماء المُسلِمين

كُنت قد ذَكرت في أثناء «تَعقيبي على المُلحِد» أسماء بَعض العُلماء المُسلِمين الَّذين كان لهم إسهامات عِلميَّة، وهُم: ابن سينا وابن النَّفيس والخَوارِزمي وجابِر بن حيَّان. فوَجدت تَعليقين؛ أحدهما يَقول إنَّني لم آت بمِثال مِن الحاضِر، والآخر تَحدَّث عن فَساد عَقيدة مَن اخترتهم.

أمَّا قَول الأوَّل فمَردود؛ فالمُلحِد قد ذَكَر أن «أهل الجَنَّة (يَقصد المُسلِمين) قَتَلوا العالَم وأهل النَّار (يَقصد غير المُسلِمين) غَيَّروا العالَم»، فبَيَّنت له أن مِن المُسلِمين مَن نَفع البَشَريَّة وأضاف لها، فلا يَهم إذا كان ذَلِك في الحاضِر أو الماضي، وإن كان في الحاضِر أمثلة كَثيرة رَغم حالة الضَّعف الَّتي نَمُر بها. أمَّا فَساد عَقيدة بَعض الأسماء المَذكورة، فقد يَكون ذَلِك صَحيحًا، لَكِن ذِكري لهم جاء على سَبيل اِنْتِسابهم للإسلام، بصَرف النَّظر عن مَدى فَساد عَقيدتهم، وعلى كُل حال توجد أسماء أُخرى كَثيرة لعُلماء صَحَّت عَقيدتهم.

  1. اِسْتِخدام المُصطلحات الأجنبيَّة

عابني البَعض لاِسْتِخدامي مُصطلحات أجنبيَّة، ظَنًَّا بأن غَرَضي هو الزَّهو والاِسْتِعراض، غير أن اِسْتِخدامي لها جاء لسَبَبين: الأوَّل: أن الخِطاب مُوجَّه أصلًا لمُلحِد مَفتون بالحَضارة الغَربيَّة، فأحببت أن أُدعِّم حُجَّتي باللُّغة الَّتي يَفهمها والقَوم الَّذين يَثق فيهم، والسَّبب الثَّاني: رَغبتي في أن تَكون المَعلومة مُستوفاه للقارئ.

 

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد