تعد رواية 1984 للكاتب البريطاني جورج أورويل انعكاسًا للواقع العراقي الحالي، حيث إن أحداث الرواية تدور في عالم مضطرب لا تهدأ حروبه بالإضافة إلى الرقابة الحكومية على الأفراد والتلاعب بهم، وتكون مقاطعة إيرستريت تحت سلطة نظام سياسي يسمي نفسه بالاشتراكية، وهذا النظام يدار من قبل نخبه من أعضاء الحزب الداخلي الذين يحاربون الفكر الحر ويصفونه بالجريمة، وتكون سلطة الحزب لمصالِحهم لا لمصالح الآخرين.

عندما نلاحظ الواقع العراقي السياسي نجد أن الرواية تنطبق تمامًا على ما نعيشه، فالحكومة تدار من قبل أشخاص يعملون لأجل مصلحة أحزابهم وأسيادهم، هنالك زعيم مثل الشخص الأكبر يملي عليهم، حيث عملت الحكومات المتعاقبة في الفترة الماضية وما قبلها على محاربة الأفكار الحرة والقمع وآخرها كان ضحية الصوت الحر الدكتور هشام الهاشمي، إضافه إلى قمع الأصوات الحرة في ثورة 25 أكتوبر وغير ذلك من الصراعات السياسية التي أدت إلى الاقتتال الداخلي والتصفية … وإلخ.

عندما نعود إلى الجانب الآخر من الرواية يعد وينيستون سميث العضو في الحزب الخارجي وموظف في وزارة الحقيقة البطل الرئيسي في الرواية، أما وزارة الحقيقة فهي مسؤولة عن الدعاية ومراجعة التاريخ.

كانت وظيفة وينيستون عبارة عن إعادة صياغه المقالات القديمة وتغيير أحداث الحقائق التاريخية بحيث تتواقف مع إعلانات الحزب، يتلقى الموظفون تعليمات بشأن ما يجب عليهم تصحيحه.

وبعد التعديلات يقوم أعضاء من الوزارة بإتلاف المستندات الأصلية، والتي لا تحتوي على التعديلات وبالتالي ضياع أي دليل على كذب الحكومة.

عندها نرى كيف لعب الإعلام والمنابر والأحزاب والتوجيهات الدينية ومواقع التواصل الاجتماعي دورًا أساسيًّا بعد عام 2003 على تجميل الصورة وتغيير العديد من الأحداث من أجل هيمنة الأحزاب السياسية الحاكمة وبما في ذلك توزيع المناصب المهمة على شخصيات من داخل الأحزاب كما في الرواية.

وتعمل هذا الشخصيات بولائها الكامل للحزب الحاكم، وبمعنى آخر كان استغلال الدين، وهو الجهة المسيطرة على المجتمع العراقي سيطرة تامة في إصدار التعليمات التي أدت إلى قبولهم وهيمنتهم، إضافة إلى صناعة رموز لا يمكن للفرد العراقي أن يتكلم أو يناقش في فضلهم على العراق، تسقيط الجهات وتغيير الأزمنة والأحداث وفقًا لمقتضياتِ كسب جهة أو فئة من الناس على حساب أخرى، أدى إلى صراع نعيشه خلال هذهِ الفترة.

كل هذا تطرق إليه الكاتب جورج أورويل في الرواية، لا يختلف الأخ الأكبر والأخ الأصغر عن قادة العملية السياسية في العراق، فالاثنان متشابهان في ما يقومان به من تغيير الأحداث ومحاربة الفكر وقمع من يقف ضد أفكارهم وسياستهم.

يقول عالم الاجتماع الدكتور علي شريعتي

«بغياب العقل والفكر يصبح الإنسان وسيلة»

المجتمع العراقي يحتاج إلى وعي وفكر كامل، لأن من يحكم ما هم إلا مجموعة من السراق والمرتزقة باسم الدين أو أي اسم ثان لكي يشكلوا خطوطًا حمراء لا يمكن المساس بيها وهذا بدوره كفيل بمعاناة الشعب العراقي المستمرة والجميع يعرف إن السلطة الدينية لها نفوذ والهيمنة كبيرة في المجتمعات كما ذكرت أن الدين يتدخل في جميع جوانب الحياة بينما في أوروبا وبعد الثورات المتعاقبة، أصبح الدين جانبًا من جوانب الحياة بمعزل عن حياة الفرد.

«الدين للفرد والوطن للجميع»

كإفراد من حق الشخص أن يمارس طقوسه الدينية التي لا تؤثر على الآخرين وهذا ما أوصانا به ديننا الإسلامي.

في الفترة الاخيرة كان لثورة 25 أكتوبر 2019 دور واضح وكبير حيث حطمت كل الحواجز ووضعت ولو خطوة أولى لجيلِ واعِ لديه شعوربالانتماء تجاه الوطن فوق كل المسميات.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد