في ذكرى انتخاب جمال عبد الناصر تلك الأيام ، كأول رئيس للجمهورية منتخب بانتخابات شعبية، قد تقف خجلاً أمام الصورة المنتشرة له، كرمز للفشل، زعمًا بأنه كان رئيس جمهورية فاشل، على الرغم من أن تلك الصورة المتداولة، كنت في مشهد مهيب لخروج الجماهير غفيرة ، تحية وإجلالًا لرئيسها المحبوب، الذي أخرج الاحتلال الإنجليزي من مصر، وجعلها جمهورية مصر العربية الحرة المستقلة.
تلك الجماهير التي كادت تخرج القطار عن قطبيه من شدة التدافع ليتقربوا من رئيسهم، هذا الرئيس الذي حولته بعض القوي السياسية على منصات التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة لرمز للفشل، هؤلاء لم يعرفوا جمال عبد الناصر حق المعرفة، فهو قبل كل شيء كان رئيسًا عظيمًا يعمل لصالح مصر، لا يختلف اثنان على وطنية عبد الناصر، تتفق أو تختلف معه في نتائج بعض القرارت السياسية لكن في النهاية، لا يزال جمال عبد الناصر واحدًا من أعظم الرؤساء الذين حكموا مصر.
وإن كان التوجه العام الآن التقليل من شأن مصر لإضعاف قوتها سواء بالسخرية من اسمها وجعله بحرف السين كدليل على السخرية، أو السخرية من رؤسائها السابقين ذوي الخليفة الوطنية المعروفة، لجعل كل ما قام به هذا المناضل في مهب الرياح، ولكن أن كنت منسق خلف تلك السخرية من رئيس سابق، وتتداول الصورة المعروفة على سبيل الضحك. يجب أن تعرف إن تعليمك المجاني في مصر حدث لأن عبد الناصر حكم مصر وجعل التعليم مجانيًا. تأميم قناة السويس لتعمل بشكل كامل بأفراد مصريين، دون الاستعانة بغيرهم وتكون تحت تصرف مصر.
منظومة التأمين الصحي التي استفاد منها كل فرد مصري وأسرة يومًا ما، سواء بمجانية العلاج أو رمزيته أو غرف العمليات المفتوحة ليل نهار دون مقابل. عصر التلفزيون والاذاعة قد بدأ في عهد ناصر، وكان دخول التليفزيون أي بيت مصري يعتبر بمثابة حدث جليل. الإصلاح السياسي في حق المرأة للتصويت لأول مرة في مصر انشأه ناصر وجعلها لأول مرة في تاريخ مصر وزيرة. وبأن جدك الاكبر امتلك اول قطعة أرض يوما ما لأن عبد الناصر فعل قانون الاستصلاح الزراعي ووزع الأرض على فلاحين مصر بصكوك ملكية مثبتة.
أصبحت تملك كهرباء ومياها، لأن عبد الناصر وقف في وجه الجميع وبني السد العالي، وما زالت تستطع أن تكون في أمان من فيضان النيل بسبب هذا السد. محاولة بعض القوي السياسية النيل منه الآن، هي محاولة فاشلة لأنهم لم يستطعوا النيل منه حيًا، الآن يغردون من كل مكان بأنه فشل في الحروب، ربما لم تمر عليهم حرب اليمن أو العدوان الثلاثي أو حرب الاستنزاف وغيره وغيره الكثير، يكفيه جلاء الاحتلال الإنجليزي من مصر. ولكن أن تتفق مع رئيس جمهورية في كل شيء، هو درب من الأحلام، أن كنت تسألني هل أنا من محبي عبد الناصر، سأرد بكل ببساطة لا، ولكن الاستهزاء منه ليس موقفًا سياسيًا يحسب لك، ولا الاستهزاء بوطنك، إن السخرية ليست شجاعة، أن الشجاعة الحقيقة هي قوة التغيير التي تستطع أن تحدثها في المجتمع، هو مدى الاحترام والتقدير الذي تناوله من مواقفك السياسة وليست السخرية من أحد ولا وطن، كي يرتفع شأن آخر.
إن حرب الإرهاب التي تخوضها مصر الآن، ليست حربًا بالجنود ولكن حرب على صفحات التواصل الاجتماعي، حرب معنوية على هوية الدولة، جمهورية مصر العربية التي ما واقف أمامها يومًا أحد أو دولة إلا وخسر، قصرت أو طالت المدة. أن رئيس الجمهورية يتعامل معاملة الشخص العادي، يخطئ ويصيب ولكن الفشل لم يكن يوما من نصيب ناصر، فإن الشخص الذي خسر حربا يومًا ما خرج يقدم استقالته ليكسب كرامته، لكن الجماهير أبت أن يرحل محبوب العرب، إن إذاعة صوت العرب عندما أذاعت الخطاب، خرجت الجماهير تطالب ببقائه ولم يكن هؤلاء من بني جلدته أو حاشيته أو المستفيدين منه فقط كما يحدث مع باقي الرؤساء في العالم.
بل كل فئات الشعب بمختلف أنواعها، خرجت من دافع نفسي أن عبد الناصر واحد من أبناء الشعب خرج من الشعب ليحكم لصالح الشعب يكفيه فخرًا إنه حين توفي تبرأ الشعراء في رثائه ويمكن أصدق ما قيل كان للشاعر العامي أحمد فؤاد نجم:
فلاح من جنسنا…… مالوش مرة عابت
فلاح قليل الحيا…… إذا الكلاب سابت
ولا يطاطيش للعدا….. مهما السهام صابت
عمل حاجات معجزات…وحاجات كتير خابت
عاش ومات وسطنا….. على طبعنا ثابت
رحمة الله على عبد الناصر، وجعل ما فعله لمصر من إنجازات محفوظ في تاريخ تلك الأمة، وكل ما أخطأ فيه تجربة للمعرفة والتعلم، وصنع وطن أفضل لنا جميعًا.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست