الآن وبعد انتهاء عام 2018، وقد مضى على انقلاب 3 يوليو (تموز) حوالي خمس سنوات ونصف، وما تزال الأزمة قائمة وتتفاقم، وغير واضح وجود تصور محدد وفعال للتعاطي الإيجابي مع الأزمة يؤدي إلى الخروج منها، مما يجعلنا الآن أمام خيار يفرض نفسه، وهو وقفة مهمة لنحدد اين كنا وأين نحن وإلى أين نحن ذاهبون، لا بد رغم ما مضى من سلبيات أو إيجابيات أن نفكر بطريقة إيجابية للمستقبل، ومن هذا المنطلق أتقدم بهذا المقترح للدراسة والتقييم وللخروج برؤية تفيدنا في المستقبل:
أولًا: دراسة وتقييم حصاد ما مضى
لا بد من تشكيل لجنة لعمل دراسة واقعية عن حصاد السنوات الماضية، ماذا كانت خطتنا، وماذا أنجزنا منها، ما إيجابيات ما مضى، وما السلبيات، ما المقترحات بعد تقييم ما مضى، على أن يكون هذا التقييم موضوعيًّا وشفافًّا ويتمتع بالمصداقية، فغني عن البيان أنه لا يمكن حسن إدارة المستقبل إلا بالنظر والتقييم لما قدمناه في الماضي.
ثانيًا: رفع واقع حال
ويشمل رفع الواقع الحالي حالة الأداء الجماهيري، واحتمالات وإمكانية تحريك الجماهير مستقبلًا، ومدى استجابة وتفاعل الجماهير مستقبلًا، وهل تحرك الجماهير القادم إذا حدث سيكون من خلال ثورة ذات مشروع وأهداف محددة؟ أم ستكون فوضى كرد فعل على الغلاء ومشاكل المعيشة؟ أم سيكون القمع من السلطة عائقًا أمام حركة الجماهير؟ كما يشمل رفع الواقع النظر إلى الواقع الإقليمي والدولي، وأثره على أي مشروع للتغيير في المشهد المصري، كما يشمل رفع الواقع تحديد عوامل التأثير الداخلي في الواقع المصري من مؤسسات، وقوى سياسية، أو مهنية، أو مجتمعية، وتحديد توجهاتها الحالية والمستقبلية.
ثالثًا: استطلاع الآراء
لا بد من استطلاع رأي من يشاركنا توجهاتنا في المشهد المصري، لا بد من معرفة رأيهم فيما مضى، ورؤيتهم فيما هو قادم، كما يجب أيضًا الاستماع لأصحاب التجارب السابقة من الإسلاميين العاملين في المجال السياسي، وأصحاب الخبرات في ذلك، من تونس، والجزائر، والمغرب، وتركيا، والسودان، والأردن، وغيرها إن وجدت، ولا بد من معرفة تقييمهم لما مضى، وبماذا ينصحون مستقبلًا.
رابعًا: تحديد السيناريوهات القادمة
بعد إجراء الخطوات السابقة يصبح لدينا كم من المعلومات يجعلنا قادرين على عمل تقرير مجمع نستطيع من خلاله رسم السيناريوهات القادمة المتوقعة، كما أننا ومن خلال المتخصصين نستطيع ترجيح السيناريو الأكثر قبولًا لمعطيات الدراسة التي جرت، ثم يلي ذلك عمل ندوة مجمعة من المختصين في العمل السياسي والمجتمعي والإعلامي والقانوني والإداري لتحديد توصيات محددة تصلح أن تكون نواة لرؤية مستقبلية عملية وواقعية وقابلة للتنفيذ.
خامسًا: صياغة الرؤية
تشكل بعد كل ما سبق لجنة مختصة لصياغة الرؤية، على أن تشمل آلية تحويل هذه الرؤية إلى خطة عمل واقعية وقابلة للتحقيق على أرض الواقع، مع وضع الضمانات اللازمة لنجاح التطبيق.
سادسًا: آلية التنفيذ وتوزيع المهام
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن توزيع المهام يجب أن يشمل كل من يشاركنا رؤيتنا، وكلما وسعنا دائرة المشاركة اقتربنا أكثر من النجاح المأمول، كما أننا يجب أن نحدد دورًا واضحًا للإعلام الذي سيتبنى هذه الرؤية ويعمل على تسويقها ومتابعة إنجازاتها، ولا بد من غلق أي باب يؤدي إلى الخلاف أو التنازع، فضلًا عن إنهاء أي شقاق أو خلاف سابق؛ فتوحيد الصف مهم في هذه الانطلاقة الجديدة؛ لكي نستجلب التوفيق من الله، ونغلق أي باب قد يجرنا إلى الفشل، وصدق الله العظيم «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم».
وفى النهاية تبقى كلمة مهمة، هذه محاولة لطرح مقترحات تأخذنا إلى رؤية واضحة ومحددة، وهي محاولة للتعاطي الإيجابي من أجل مستقبل أفضل، لن نيأس من تكرار النصح وتقديم المقترحات لثقتنا في الله أن يومًا ما سيأتي فرج ونصر من الله، وكل ما نرجوه من الله أن نكون ممن ساهم وعمل من أجل ذلك؛ لننال به عفوًا ورضًا من الله، وكفى بذلك نعمة.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست