ما هي الدسليكسيا؟ تعود كلمة «ديسلكسيا» إلى اليونانية وتعني «الصعوبة في الكلمات في اللغة». وربما كان أسهل تعريف حديث للديسلكسيا هو صعوبة تعلم القراءة والكتابة وخاصة تعلم التهجئة الصحيحة والتعبير عن الأفكار كتابة. وهذا يؤثر بصورة خاصة على أولئك الذين يتلقون تعليمًا مدرسيًا عاديًا ولا يظهر لديهم أي تأخر وتراجع في الموضوعات الدراسية الأخرى.
يساعد هذا التعريف في وصف الحالات التي تنطبق على كل من يعاني من حالة الديسلكسيا. ولكن هذا ليس كل شيء. فبالرغم من أن الديسلكسيا ما يزال ينظر إليها على نطاق واسع بأنها «عمى الكلمة» إلا إن هناك مشكلات أخرى عديدة ترتبط بهذه الحالة ولكنها أقل معرفة عند الناس. فمثلا قد يجد الطفل الذي يعاني من الديسلكسيا صعوبة في التمييز بين اليمين واليسار، وتعلم الوقت أو ربط شريط حذائه أو اتباع تعليمات، أو الالتباس بين أصوات بعض الأحرف المتشابهة مثل / v /th و/f/ في الكلمات الآتية live و lithe و life، وهناك احتمال صعوبات أخرى كثيرة ستبحث بدقة في الفصل الثالث.
هناك عدة مظاهر للديسلكسيا كما أن أسبابها كثيرة، الأمر الذي ولد اختلافات في الرأي بين بعض الأطباء وأخصائيي علم النفس والمدرسين والمؤسسات التربوية. بالإضافة إلى ذلك، هناك المشككون الذين ينفون وجود حالة الديسلكسيا لشدة تباين الأعراض ولعدم وجودها دائمًا مع بعضها لدى الشخص، مما يدل على عدم وجود حالة واحدة للديسلكسيا. ويحدث هذا الالتباس لأن كلمة «ديسلكسيا» هي فعلاً عبارة عن مظلة لعدة أعراض متصلة بعضها ببعض. فليس هناك جدل مثلا بتسمية الورد وردًا مع أن هناك أنواعًا كثيرة من الورود مختلفة بلونها وشكلها وعطرها. وهكذا بالنسبة إلى الديسلكسيا: فلكل طفل يعاني من هذه الحالة خصائص ديسلكسيا قد تختلف عما يميز طفلا آخر يعاني من الديسلكسيا ولكنه يشترك مع كل الأطفال الذين يواجهون هذا الوضع بالصعوبة المحددة بتعلم القراءة والكتابة و التهجئة.
من المحتمل أن الكثيرين ممن ينفون وجود الديسلكسيا ليسوا على علاقة وثيقة بطفل يعاني منها. وأنا واثقة بأن كثيرين من الآباء والأمهات والمدرسين يتفقون معي بأنه لا يمكن نسيان طفل الديسلكسا بعد مشاهدته، وبالرغم من المشككين، هناك اتفاق عام بين التربويين والأطباء بوجود هذه الحالة. وللتأكيد على هذا الموضوع اتخذت بعض الدول الغربية بما فيها بريطانيا والولايات المتحدة إجراءات قانونية لمنح الرعاية الملائمة لمن يتم تشخيصهم بأنهم يعانون من الديسلكسيا. الديسليكسيا لا تعتبر مرضًا ممكن أن يصيب الإنسان وبالتالي فهي حالة غير مرضية خاضعة لقوانين العلاج والوقاية والمضاعفات كأي مرض عضوي أو نفسي إنما الديسليكسيا هي خلل في طريقة التفكير والتعلم. فهذه الحالة كما يسميها علماء النفس أو بالأحرى علماء الاجتماع والتربية هي حالة صعوبة في تلقي العلم وتحصيل المعلومات.
ولعل من يعاني هذه الحالة قد يصاب هو أو أهله بحالة من الاكتئاب عندما يعلم بالحقيقة المرة وبصعوبة قدرته على التعلم، ولكننا نطمئن كل من يعاني تلك الحالة اطمئنوا فمشاهير الأذكياء في العالم كانوا يعانون هذه الحالة فانظر ماذا أصبحوا بعد ذلك. والآن تعالوا معنا نجوب رحلة حول العالم لنتعرف على مشاهير «الديسليكسيا».
قد تتعجب لو علمت أن أحد مشاهير صعوبة التعلم هو العالم النابغة والمخترع الفذ «توماس أديسون» والذي دوخ معلميه بالمدرسة واتهموه بالغباء فأخرجته أمه من المدرسة مضطرة لصعوبة تعلمه واضطرت لتعليمه بالبيت نظرًا لعدم قبوله في أي مدرسة. تعلم أديسون وكبر فأصبح مخترعًا عظيمًا توصل إلى اختراعات وشهرة لم يتوصل إليها أوائل المدارس ونوابغ العلم، وهذه حقيقة لا يمكن أن نغفلها.
المثال الثاني لحالة صعوبة التعلم هو شخصية شهيرة أبدعت في مجالها ولا يمكن التخيل أنه فد عانى من صعوبة التعلم في صغره، ألا وهو «والت ديزني» صاحب الإبداعات في مجال الرسوم المتحركة على مستوى العالم كله والذي ذاع صيته لعشرات السنين وغطى إنتاجه كل بقعة من بقاع الأرض.
أما ونستون تشرشل هذا السياسي الفذ فقد فشل في اجتياز الصف الثامن بالمدرسة وكان فاشلا في الرياضيات وكانت علاماته في هذه المادة دائما «صفر» وعموما فقد كان يكره تشرشل المدرسة جدًا.
أما العبقري الفذ «ألبرت أينشتاين» الذي وُصف بالذكاء الخارق، صاحب نظرية النسبية فلم يكن يستطيع الكلام في سن الرابعة كما أنه لم يتعلم القراءة حتى سن التاسعة واعتبره مدرسوه بطيء التعلم ومنطويًا على نفسه كما أنه رسب في امتحان التأهيل لدخول الجامعة ثم تجاوزه بعد ذلك وكانت بداية حياته العملية فاشلة فقد كان موظفًا عاديا في إحدى المصالح الحكومية.
كثيرون من المشاهير أيضًا كانوا يعانون من حالة الديسليكيا أمثال الممثل المعروف توم كروز والذي بالرغم من أنه نبغ في مجاله إلا أنه كان يتعلم فقط عن طريق شرائط الكاسيت. أما الكاتبة المعروفة «أجاثا كريستي» والتي اشتهرت بتأليف قصص الرعب البوليسية فقد كانت لا تستطيع الكتابة بيدها وهذه الحالة تسمى «تعسر الكتابة» أو «الديسجرافيا» حيث كانت تُملي مؤلفاتها لكاتب يقوم هو بكتابتها بيده أو على الآلة الكاتبة.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست