في بداية المقال أحب أن أوجه الشكر إلى الطبيب الإيطالي سانتوريو مخترع جهاز الثيرموميتر «Thermometer»، الذي أفادنا في الطب، والذي لولاه ما كنت لأكتبَ هذا المقال، ولولاه أيضًا ما كان الناس ليكيلوا بمكياله على وزن ذكاؤوميتر، فبالمثل، الطبقوميتر هو مقياس الطبقية عند الإنسان.
فمن هو الشخص الطبقي؟
لنكتشف ذلك سويًا من خلال إجراء اختبار كشف الطبقيين، فأرجو من سيادتكم أيها القراء الإجابة على الأسئلة التالية بكل صراحة وصدق، بنعم أو بلا وتسجيل عدد المرات التي أجبت بها بالإجابتين، وستكتشف بنفسك هل أنت طبقي أم لا.
– هل لديك مشكلة مع حارس عقاركم في أن تلقي السلام عليه؟
– هل تعامل أولاد حارس عقاركم كما تعامل أصدقاءك؟
– هل لديك مشكلة في أن تصلي بجوار عامل النظافة؟
– هل دائمًا ما تنظر إلى ملابس أصدقائك لتجدها تحمل ماركة مشهورة أو اسمًا تجاريًا تعرفه؟
– هل تنظر إلى هواتف أصدقائك لتبني عليها أشقي أم سعيد؟ أغني أم فقير؟
– هل تقبل بأن يعمل ابن حارس عقار في وزارة العدل أو الداخلية؟
– هل تعامل من يحمل مؤهلاً دراسيًا أقل منك مثلما تعامل أصدقاءك؟
إذا كانت جميع إجاباتك بـ«لا» فأنت ولله الحمد طبقوميترك، أي مقياس الطبقية لديك هو «صفر» فليس لديك شبهة طبقية، أو حتى تحمل جيناتها من والديك، أما إذا كان بعضها بـ«نعم»، فطبقوميترك بحاجة إلى ضبط وإعداد، أي بالأحرى أنت بحاجة لمراجعة نفسك، والنظر مرة أخرى في تفكيرك، أما و- العياذ بالله – إذا كانت إجاباتك جميعها بـ«نعم» فغالبًا، سيكون طبقوميترك قد «فرتك الترنك» من الأساس.
باختصارٍ شديد، الشخص الطبقي، هو الشخص الذي لا يريد من يقبع في مستوى أقل منه، أن يصعد أو يخرج لطبقته، ولا يريده حتى أن يعتلي مكانةً في مجاله.
فلدينا أبو الطبقيين، وزير العدل- آه والله العدل- عندما سأله المذيع على الهواء عن إمكانية أن يعمل ابن عامل النظافة في وزارة العدل؛ فرد الوزير محفوظ صابر معلنًا عن نواياه السيئة قائلاً: «مش أوي كده، القاضي لابد أن يكون من وسط مناسب» ثم أنهى تصريحه بتصريح أعظم وأدهى قائلاً: «وكتًر خير عامل النظافة اللي ربى ابنه!»
صراحةً، أحيي معالي الوزير على صدقه، فتلك هي حقيقة مجتمعنا التي نخجل من أن نعلنها ونضع رؤوسنا في التراب منها؛ فنحن نعلم أن مهنة القاضي لا تستلزم الكفاءة ولا الجودة، ولكن مفتاح قبولك في هذه المهنة هو مستواك الاجتماعي «لاحظ معي ها هو الطبقوميتر يصدر صوتًا غريبًا من أنفه!»
من أمثلة من عانى من الطبقية، الأستاذ عبد الحميد شتا، للأسف لن نتمكن من سؤاله لأنه في قاع النيل الآن، انتحر بعدما رُفض للعمل في السلك الدبلوماسي ومن أصل أربعين شخصًا، قٌبل تسعة وثلاثون غيره «نعم بالفعل، هوالوحيد الذي لم يٌقبل لأن والده «فلاح» بسيط».
«لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر»، «يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى»
هذه أحاديث دائمًا ما نسمعها في الخطب، أو نكتبها ونحن طلاب في امتحانات التعبير، وهناك استشهادات أخرى من القرآن والأحاديث يستخدمها مدعو المثالية من العامة ومن المسؤولين والمثقفين من فاض الطبقوميتر منهم، ولكن، هل يومًا فكروا بمعناها؟ وهل آمنوا بها بعد ذلك؟
الحل الوحيد، هو أن ننظر إلى الناس كونها عقولاً تمشي على الأرض، فلا تحقرنَ أحدًا، ولا تغرنَك المظاهر، وتذكر دائمًا أن قيام الساعة موعدنا، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست
علامات
الطبقوميتر