ظهر مؤخرًا لفظ «dead line» أو الموعد النهاية في حياتنا بصورة كبيرة في المدارس والكليات والمشاريع والأعمال المختلفة، كلما سمعت تلك الكلمة تبادر إلى ذهني كلمة المراقب في الامتحان «باقي من الزمن 10 دقائق»، يا الله 10 دقائق فقط وينتهي الامتحان وأسلم الورقة ويضيع مستقبلي، 10 دقائق وينتهي الأمر، 10 دقائق على كل حال وأستريح من كل هذا العناء، تضيع دقيقتان منها في محاولة أخذ قرار الإكمال للنهاية أو الاستسلام، عادةً ما يكون قرار الإكمال للنهاية أمرًا محتمًا من مبدأ «أنا عملت اللي عليا»، في الدقائق الأخيرة المتبقية تتملكني قوة خارقة لا أعرف من أين تأتي فسمعي يكون أقوى وأدق، المسائل التي اجتازتها وأنا لا أعرف الحلول يتبادر حلها الآن في عقلي، ذهني صار أصفى، الحلول تتبادر إلى عقلي في لحظات، يدي تعمل في شيء وعقلي مستمر في آخر، محاولات مستميتة لوضع اللمسات الأخيرة، ينتهي الوقت، على تسليم الورق، ما أنجزته في الدقائق السابقة أهم وأكثر مما أنجزته في الساعات الماضية، أهدأ، أتنفس للحظات وكأني لم أتنفس من قبل، انتهى الأمر، أليس كذلك، أحمد الله وأستودعه النتيجة، لا يتكرر الأمر في الامتحانات فقط بل في كل شيء متعلق بوقت نهائي، فدائمًا مستعجل ودائمًا مش فاضي ودائمًا في مليون شيء عليّ إنجازه، أدمنت الإنجاز في اللحظات الأخيرة، تسارع الأدرينالين في عقلي يصيبني بنشوة لا يمكن تحقيقها بالمخدرات، يعقبه شعور بالسعادة عند إقرار النتيجة بالنجاح، بعد تلك اللحظات أيقنت بمقولة إن ما تسعى إليه يسعى إليك، وأنك إذا ما صدقت العزم وجدت السبيل، وأنه في اللحظات الأخيرة يتطاوع الكون كله لك ولما تريد، فنسبية أينشتاين تعمل على تباطؤ الزمن لصالحك، مقولة أنك تستعمل 10% من عقلك تكاد تصبح أسطورة وحقيقة في ذات الوقت، في الرياضيات لا يمكن إثبات أنه لا قيمة لأي شيء حتى الصفر ذاته، فلولا الصفر ما كانت للأرقام قيمة، ولولا اللحظات الأخيرة ما كان للإنجاز قيمة.

الوقت أبدي وسرمدي ولا ينتهي إلا إذا شاء الله، كل ما نفعله، أننا نضع له مواعيد وأذكار لنستطيع أن نحيا فيه وبداخله، فكما لكل وقت أذان، فلكل مشروع نهاية ولكل منهج امتحان.
اللحظات الأخيرة تتطلب ما يعرف بـ«فن إدارة اللحظات الأخيرة»، باقي عدة أيام وأنت لم تستعد للاختبار بعد، الوقت المتبقي لا يكفي للدراسة والمراجعة، الوضع غير تقليدي فالأمر يتطلب حلول غير تقليدية كذلك، إذن عليك تطبيق ما يعرف بالنظام الصارم، حياتك في تلك الأيام عليها أن تتحول إلى معسكر مغلق، الامتحان الآن تحول إلى معركة حياة أو موت، علينا أن نوقف نزيف الدرجات البشع، أنت الآن في غرفة عمليات أو في معركة والوضع حرج عليك أن تنقذ المريض وإلا سيفتك بك أهله، والمريض في تلك الحالة أنت والطبيب أنت، وأهله ضميرك، أهلك أو وقتك الذي ما يلبث أن ينتهي في الدنيا.

ما سيتم ذكره يطبق في الحالات القصوى وشديدة الخطورة، وخصوصًا الأيام الأخيرة قبل الامتحان أو الشهور النهائية للثانوية العامة.

كيف تنقذ المريض؟

– ادرك حجم الكارثة.
– وفر الأدوات اللازمة فقط، اللازم فقط اللازم فقط، احصر الأدوات، مذاكرة واحدة كافية لإنجاح الأمر، الوقت غير كافٍ للمقارنة والتفضيل بين المصادر المختلفة.

– لا يوجد ما يسمى بالعالم الافتراضي، أنت الآن في أرض الواقع، لا تتعلق بالأوهام، البشر كلهم بخير، أنت وحدك في ذلك المأزق ولا يوجد عون لك غير الله ونفسك، فاعتمد عليهما.

– الإنترنت اختراع فاشل واستخدامه في ذلك الوقت يعرضك للمساءلة القانونية، وفي بعض الأحيان يصيبك بأمراض لا علاج منها.

– إنك ميت وإنهم ميتون..end of the text >>>>be or not to be
في تلك الأيام الأخيرة الضغط العصبي يكون في أوج قوته، في تلك اللحظات يتم اختبار كل قدرات البشر، كلنا مررنا بتلك الظروف في شتى النواحي، ذلك هو الطريق المقدس للبشرية، والذي اختبره من قبلنا الأنبياء، تلك اللحظات الأخيرة هي اللحظات التي بعدها تصفو جزوتنا وأرواحنا ولا نعود كما كنا، في النهاية، الوقت لا ينتهي إلا إذا قررت أنت ذلك، لا يخسر الجندي المعركة إلا إذا تنازل عن سلاحه، لا تتنازل، واستمتع باللحظات الأخيرة، فالمجد للحظات الأخيرة.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد