طرحت بعض الأسئلة نفسها على الساحة السياسية بقوة، قبل إعدام «عادل حبارة» وبعده، وفيما يلي أهم علامات الاستفهام وأجوبتها.

رؤية وتحليل ما سيسفر عنه المشهد العام الأيام القادمة بعد إعدام حبارة؟

بعد إعدام «عادل حبارة» 15 ديسمبر 2016 شنقـًا، بعد قضائه 4 سنوات بالسجن مترددًا على المحاكم، وبعد 4 أحكام بالإعدام، وبعد اتهامه في أكثر من 15 قضية إرهابية، وأهمها اغتيال 25 مجندًا في سيناء.

نتمنى من الله زوال غمة الإرهاب، ونتمنى لمصرنا الأمن والأمان، فإعدام حبارة بمثابة بداية انتصارات لمصر على الإرهاب، وإن شاء الله يكون رادعًا لمن تسول له نفسه المساس بمصرنا، هذا ما نتمناه جميعًا.

ولكن الواقع شيء آخر، فكلنا يعلم أن الإرهاب في مصر بدأ بسقوط الرئيس المعزول «مرسي»2013 ، وكلنا سمعنا تهديدات عضو جماعة الإخوان البارز «محمد البلتاجي» بأن كل التفجيرات الإرهابية في سيناء ستتوقف عند عودة مرسي لسدة الحكم.

فذلك التهديد البسيط هو حل اللغز، فجل الجماعات المتطرفة بسيناء كانت وما زالت على رباط قوي بجماعة الإخوان الإرهابية، حتى »داعش»، التي لم نعاديها من قبل كدولة، هي التي أقحمت نفسها بالصراع مجاملة للإخوان وتنفيذًا لمخططات التقسيم لبلادنا العربية، «حسب ما نقرأه كل فترة من تسريبات الساسة الأمريكان كهيلاري كلينتون وترامب وغيرهم».

الإرهابيون لا يهابون الموت، ما داموا دائمًا يجدون السذج المعاتيه الذين يفجرون أنفسهم من أجل سراب ويموتون كافرين، ولقد شرعوا بالفترة الأخيرة كتفجيرات الكاتدرائية بالعباسية، على استخدام ورقتهم الأخيرة «الفتنة الطائفية» بين قضبي الشعب المصري، ولكن هيهات لأحلامهم، فلن يزداد المصريون إلا تماسكـًا وترابطـًا.

ففي الواقع لن يعود مرسي للحكم، إذن هم لن يتوقفوا، إلا إذا تكبدوا خسائر فادحة.

والموت لقادتهم أو لهم لن يثنيهم عن نشاطهم، فمعلوم أنهم يريدون تدمير جيشنا انتقامًا لفشل مشاريعهم  في تقسيم مصر، وتنفيذًا لأوامر أسيادهم بالغرب كما أشرت سابقـًا.

‏هل يتوقع زيادة العمليات الإرهابية الانتقامية، أم سيقضى على الإرهاب؟

هناك تحليلات كثيرة على الساحة تفيد بأن الإرهاب سينتهي بمجرد توقف مصادر تمويله، وهذا ما لاح بالأفق مع تبدل قيادة الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن كانت داعمة للإخوان وداعش، باتت ضد الإخوان وداعش، ومرجح أنها ستساهم في استصدار إعلان من مجلس الأمن يعد الإخوان إرهابًا دوليًا، وعندها سيضيق الخناق على الجماعات الإرهابية، وتتجمد مصادر التمويل، وهذا كله ظاهريًا والله أعلم بنواياهم، ولكن ليس لنا إلا الظاهر.

وإن دلت كل هذه المظاهر على شيء فإنها تدل على قرب دحض الإرهاب من مصرنا إن شاء الله.

كانت هناك مطالب بإعدام حبارة في ميدان عام، لماذا لم يتم إعدامه في ميدان عام؟.

أعتقد أن الإعدام في ميدان عام فيها حماسة وطنية غير قانونية، فقانون الإجراءات الجنائية المصري 150 لسنة 1950 ينظم إجراءات المحاكمة الجنائية، ومنها طرق تنفيذ عقوبة الإعدام، وفي نص المادة 13 من قانون العقوبات «كل محكوم عليه بالإعدام يشنق»

ويتم تنفيذ عقوبة الإعدام وفقـًا لما نصت عليه المادة 473 من قانون الإجراءات الجنائية «داخل السجن أو في مكان آخر مستور»

وإن نفذ في ميدان عام فسينتقص من ثقل مصر أمام العالم، فالحكومة ليست حكومة ثورية تحكم بمقتضى حماسة الجموع، إنما هي حكومة تحكم وفقـًا للدستور والقانون.

لماذا يدافع عن حبارة بعد موته؟

مما لا يدع مجالاً للشك إن كان القضاء قد قال كلمته، فلا يحق لأحد الاعتراض.

فهو لم يحكم عليه بين عشية أو ضحاها لنقل إنه ظلم، ولم يحاكم عسكريًا لنقل إنه لم يأخذ حقوقه المدنية، وقيل إنه اعترف بجريمته، فبعد كل هذا من ذا الذي يغضب على موته ويدافع عنه إلا إذا كان شخصًا متبنيًا نفس أفكاره المتطرفة وعقده النفسية ..

إن تجنيد الخلايا الإرهابية يعتمد بالأساس على تخير أشخاص مرضى نفسيين، وذوي عقد، ومن يجدون صعوبة في التكيف مع الحياة، وضعاف النفوس، والبلهاء، والجهلاء، وأعتقد أن مثل هؤلاء لا يستحقون الشفقة.

هل طال أمد محاكمة عادل حبارة؟

الحقيقة لا نستطيع الجزم بالقول إن المحاكمة طال أمدها أو قصرت، فهذا كله شأن القضاء، ولا يسعنا التدخل في تفاصيله وأحكامه وحيثياته، فإن قلنا طال أمدها فنحن نهين القضاء ونتهمه بالتخاذل، ولكننا نسعى في تأسيس دولة تحترم القانون والمؤسسات، لذا لا بد أن نترك العدل يأخذ مجراه، ولنكن موقنين أن لكل ظالم نهاية مهما طال الأمد.

هل كان من الأولى محاكمته عسكريًا؟ ولماذا لم يحاكم عسكريًّا؟

إنه بالمادة 204 من دستور 2014لا يجوز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تمثل  اعتداء مباشرًا على المنشآت العسكرية، أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدود المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها، أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أموالها العامة، أو المصانع الحربية أو الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرًا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم.»

هذا هو نص المادة الدستورية لمن إذا وقعت ضدهم جرائم يستحق مرتكبها محاكمة عسكرية.

من هذا المنطلق الكثير من أهل الشهداء، ومن أهل مصر، وكنا نتمنى جميعًا محاكمة «عادل حبارة» عسكريًا، ولكن للأسف قضية قتل الـ25 مجندًا التابعين للأمن المركزي، التابع بدوره لجهاز الشرطة، وهيئة الشرطة طبقـًا للدستور هيئة مدنية، فلا يجوز محاكمته عسكريًا، وإن حدث فستصبح باطلة، ويضيع حق الشهداء هباء طبقـًا للمادة 206 التي تنص بأن «الشرطة هيئة مدنية نظامية في خدمة الشعب… إلخ.«

لذلك قانونيًّا ودستوريًّا وجبت محاكمته مدنيًّا.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

تحميل المزيد