بعد أن أعلن رئيس الجمهورية التونسية دخول البلاد في حالة الحجر الصحي التام بكامل التراب الجمهورية، وما له من تأثيرات نفسية ومادية في التونسيين، انتشر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي صباح يوم الثلاثاء 24 مارس (آذار) 2020 فيديو حول اعتداء خطير من أحد عناصر الشرطة التونسية على مواطنين تحولوا لقضاء شؤونهم الخاصة، كالتزود بالمواد الأساسية على غرار المواد الغدائية،  والقيام بعمليات مالية لدى البنوك أو لدى البريد، أو للمداواة بالمستشفيات، أو شراء الدواء من الصيدليات.. إلخ ما يستحقه المواطنون في مثل هذه الفترة من العزل الصحي الإجباري، هذا ما يقتضيه الظرف الاستثنائي.

ولكن صدم التونسيين فيديو وثقته إحدى شاهدات العيان بمنطقة باردو، وتحديدًا بنهج الاستقلال، حيث يظهر في الفيديو عدد مهم من المواطنين، كانوا تحت المراقبة الأمنية من مراقبة للهوياتهم وسؤالهم عن سبب خروجهم من الحجر الصحي الإجبارية كما تمت عمليات إيقاف، كما من الملاحظ أن المواطنين لم يبد منهم أي تمرد أو تسيب، بل كانوا ممتثلين للدوريات الأمنية، ولكن ما أثار الدهشة تعمد أحد أعوان  البوليس الذي حسب العديد من الملاحظين لم يبد في حالة عادية، إذ ظهر في حالة هستيرية، فكان يجري وراء مواطن واعتدى عليه بالعنف، وأسقطه أرضًا متلفظًا بوابل من شتم الأم، والقدح في الشرف، وألفاظ يندى لها الجبين أن تصدر من عون دولة مكلف بفرض القانون واحترام كرامة الإنسان، والغريب في الأمر لم يقم أحد من رؤسائه بإيقافه عن أفعاله المشينة.

ويبدو أن التصعيد من قوات البوليس على خلفية استنتاجهم الخاطئ وتفسيرهم الظلامي لبيان وزارة الداخلية الصادر يوم 23 من مارس 2020، المليء بالوعيد والويل والثبور في حق مخترقي الحجر الصحي، والذي بدا غامضًا في كيفية إثبات المواطنين لدوريات الأمن بأنهم تحولوا لقضاء شؤونهم الخاصة، وكما شأننا دائمًا، فالوزارة تدرك جيدًا أن أعوانها لا يفرقون بين تطبيق القانون العام، وبين قوانينهم المتمثلة في الاعتداءالمادي واللفظي  على التونسيين.

وفي هذا الظرف الاستثنائي الذي يستوجب الوحدة الشاملة بين أجهزة الدولة، وبين أبناء الشعب لتجاوز محنة الفيروس، تواصل قوات البوليس للأسف انتهاكها لكرامة التونسيات والتونسيين وإشكالية العقيدة البوليسية في تونس، لم تراوح مكانها، فهي لا تميز بين تطبيق القانون وبين القمع، رغم مرور 10 سنوات من الثورة ورغم أقاويل وزارة الداخلية حول الإصلاح لأجهزتها الأمنية وتصحيح علاقتها مع المواطن الذي ما زال ينظر إليها بعين الريبة والشك وعدم الاطمئنان إليها في الكثير من الأحيان؛ بسبب ممارستهم المتكررة وعقلية الإفلات من العقاب.

وفي تجاوب سريع مع الحادثة الأليمة التي أدانتها العديد من الشخصيات الحزبية، وفعاليات المجتمع المدني، خاصة الرابطة التونسية لحقوق الإنسان التي أصدرت بيانًا في الغرض بعنوان «لا لاستغلال الحظر والحجر للاعتداء على المواطنين»، رأت فيه أن مثل هذه الإجراءات عليها ألا تمنح فرصة لما قد يأتيه البعض من أفراد البوليس من  عنف مادي ولفظي، و تهديد وترهيب يمس كرامة المواطن، ويتخطى الضوابط التي حددها القانون المنصوص عليه في الفصل 49 من الدستور، كما أدانت بشدة استغلال الإجراءات الاستثنائية لترهيب المواطنين والاعتداء على كرامتهم، كما دعت وزارة الداخلية إلى إلزام منظوريها لتأمين الحظر بالنأي بأنفسهم عن السلوكات المرفوضة، والتي تمس كرامة المواطن.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

علامات

حجر صحي, كورونا

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد