للطالب الجزائري نضالات كبرى، كبر الثورة الجزائرية على المستدمر الفرنسي؛ فبعد أن أثبتت العديد من الأبحاث الأكاديمية لمستشرقين، أوريبيين وجزائريين على أن جل الجزائريين تقريبًا كانوا يحسنون القراءة والكتابة ويحفظون القرآن الكريم والمتون عن ظهر قلب ويتقن بعضهم حتى اللغات أجنبية، يتبادر إلى الذهن تساؤل؛ ما هي حصيلة الاستدمار الفرنسي في الجزائر بعد 132 سنة؟ لنجدها خرابًا لا يعد ولا تحصى.

انتشرت الأمية والجهل وذاع الخوف والفزع وساد الفقر والجوع وذلك كله من سياسة فرنسا الاستدمارية تجاه هذا الشعب الأبي الذي أبى إلا أن يبقى صامدًا شامخًا ضد كل ظلم وعداء.

رافقت الحركة الطلابية الجزائرية الحركة الوطنية وسارت على نفس خطاها وذلك بداية من 1919م حتى عام 1945 الذي يعتبر تاريخ جد مهم للحركة الطلابية لتحول نظرتها ونضالها السياسي تحويلًا مباشرًا وتلتحق بالثورة التحريرية أي بجيش التحرير الوطني وشقه السياسي جبهة التحرير الوطني، فأسس الطلبة ما يجمعهم وينضوهم تحت لواء واحد بعد المرور على عدة محطات نضالية، الاتحاد الوطني للطلبة المسلمين الجزائريين الذي تعدت أفكاره النضالية الاستقلال عن فرنسا كما نادى بعد ذلك، بل قال كلمته واسترجع البعد الوطني والإسلامي الذي يجمع هذه الأمة؛ ليناضل بكل الوسائل التي أتاحت له ويتحمل مسؤوليته تجاه هذا الوطن فعمل على الدبلوماسية الموازية وعرف للعالم بالقضية الجزائرية، وذلك من خلال الطلبة المتمدرسين في كل الدول العربية والأعجمية، من أبرزها تونس، مصر، فرنسا. ونضالها بالقلم من خلال كل الوسائل الإعلامية المحلية والدولية باختلافها واختلاف خطوطها الإفتتاحية؛ ولكي نقول كذلك فإن نضالات الطلبة لم تقتصر على هذا بل توجهوا بقوة واندفاع إلى النضال بالسلاح بعد أن تركوا مقاعد الدراسة وتوجهوا إلى الجبال ليقولوا كلمتهم الشهيرة «الشهادات لن تصنع منا أحسن الجثث» .

أحست فرنسا بقوة تأثير الطلبة الجزائريين على الرأي الدولي والمحلي فتم قمعهم مباشرة بحرمهم من المنح الدراسة وفصلهم من مقاعدهم بل تصفيتهم جسديًا؛ ليتحدوا أكثر، وتشكل لجنة لجمع التبرعات والمساندات للطلبة الجزائريين من داخل وخارج الجزائر بالأخص الطلبة العرب والمسلمين آنذاك.

وها نحن اليوم في الجزائر المستقلة كاملة السيادة، ذات المبادئ التي جاءت في بيان الفاتح من نوفمبر (تشرين الثاني) 1954 كدعوة إلى الحرب، رسالة للسلام قراءة في البيان، لبناء الدولة الجزائرية كدولة ديمقراطية إجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية، ومرورنا بالعديد من المحطات النضالية لنصل إلى هنا ونقف لننظر أين نحن من هذا العالم، بعد أن تطورت الحروب من حروب بالسلاح إلى حروب ذكية فكرية وإلكترونية، سيبرانية وفيروسية؛ حروب المعلومة واستهداف العقول.

لنجد أن الجزائر تقدمت خطوات كبيرة جدًا عسكريًا وتطورت بعض الشيء سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وعلميًا، فلا تخلو الآن ولاية من هذا الوطن من الجامعات ودور الثقافة والمدارس القرآنية والمعاهد المهنية والتكوينية، لتتطور الهجمات عليها من الأعداء وتستهدف بكل الوسائل الحديثة، كنشر الأخبار الكاذبة والاختراقات السيبيرانية، بل التأثير على عقول وقلوب الشباب لتتنصل من مبادئها وتسلك طريق المسخ والفساد.

لكن من هذا المنبر وفي ذكرى عيد الطالب الجزائري، أقول إنه لا بد أن يتحمل الطالب اليوم كل المسؤولية تجاه الوطن، وأن يتجند لمحاربة كل محاولات الأعداء لاختراقه من الداخل والخارج، وخاصة في هذه الفترة، فالجزائر التي استهدفت عبر كل الأزمنة الغابرة لخيراتها ومبادئها لن تُترك اليوم بسهولة.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد