مع مقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة والأقباط المصريين في ليبيا على يد تنظيم الدولة الإسلامية، فقد انتهي الحلف الصهيوصليبي من تدشين الحرب العالمية الثالثة، الحرب الضروس على الإسلام والمسلمين في بلاد العروبة والإسلام والسطو على ثرواتهم وخيراتهم.

حرب يبدأ تدشينها بالاقتتال الداخلي بين العرب والمسلمين بعضهم البعض دون أن يصل الصراع إلى نتيجة محسومة مبكرًا، بل يمتد الصراع لأطول فترة ممكنة، تؤدي إلى إنهاك قوى العرب والمسلمين واستنزاف مقدراتهم، بإمداد كلا الطرفين بالسلاح والعتاد لاستمرار أعمال القتل والتدمير والإبادة، في توزيع أدوار معهود من قبل القوي الصهيوصليبية كما هو الحال في سوريا والعراق.

الأمر الذي ينتهي بتقسيم المنطقة العربية إلى شراذم ودويلات يسهل معها السيطرة على المنطقة، ثم السعي للقضاء المبرم على كل ما هو إسلامي كما حدث سابقًا في بلاد الأندلس.

إن كثيرًا من التقارير تنبئ أن تنظيم الدولة الإسلامية صنيعة صهيوأمريكية، قد تم إعدادها لتصبح مصيدة لكثير من الشباب المسلم المتعطش إلى الجهاد، تحت وطأة الظلم البين الذي يتعرض له المسلمون داخل أوطانهم أو في بقاع الأرض من حكام مستبدين يستبيحون دماءهم وأعراضهم، سواء كانت أوطانهم تعلن الإسلام أو لا تعلنه، ومن ثم ليس هناك بأس من استدراج هؤلاء الشباب إلى معارك جانبية يتم من خلالها الإساءة إلى الإسلام، وذلك بتصوير مشاهد الحرق والذبح لمن يقع في أيديهم من الأسرى.

وقد يسترعي نظر المتابع أن تشكيل هذا التنظيم نشأ وتكون في بلدان بعينها تحت دعوى دفع الظلم والفساد والقتل الذي استشرى في مثل هذه البلدان – هكذا هي دعوى الإنشاء والتكوين– وهو أمر يبدو منطقيًّا للفئات المتضررة من الحكم الاستبدادي المجرم الغاشم كما هو الحال في سوريا والعراق أو في بلاد تعاني من مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي كما هو الحال في مصر وليبيا واليمن.

إلا أن هذا التشكيل قد يكون مخابراتيًّا بنسبة كبيرة يحوي عناصر أجنبية عالية الحرفية سواء في القتال، أو أعمال الإخراج السينمائي أمثال البلاك ووتر وغيره، أو يكون مختلطًا مع بعض الشباب المتحمس الذين تم استدراجهم للتغطية والتعمية على الأعمال الاحترافية التي يقومون بها.

وسواء كانت أعمال القتل التي يقوم بها تنظيم الدولة مبررة أو غير مبررة فإنها تستخدم لتشويه الإسلام بصورة كبيرة، كما تعطي مسوغًا للتدخل العسكري من قبل البلدان التي تدعي محاربة الارهاب، سواء تلك التي يترأسها حكام عرب يدينون بالولاء للحلف الصهيوصليبي لتنفيذ أجندته في المنطقة مقابل الإبقاء على حياتهم أو الحفاظ على كرسي السلطة وتحقيق بعض المصالح الشخصية ولو على حساب شعوبهم، أو من تلك البلاد التي تغض الطرف عند مقتل المسلمين في شتى أرجاء المعمورة، وتملأ الدنيا صراخًا وعويلًا إذا قتل أحدهم، أو أحد أتباعهم، ثم يكيلون التهم للمسلمين دون التثبت والتأكد كما حدث في شارل إيبدو.

ومن ثم فإنه على الرغم من مشاركة معاذ الكساسبة في قذف أماكن تواجد الدولة الإسلامية، وقتله كثير من الناس هناك إلا أن حرقه تم استغلاله إعلاميًّا بشكل يفوق الخيال، استجاش معه عاطفة المجتمع الدولي، الأمر الذي أعطى الأردن إشارة البدء للقيام بالحشد لحرب برية يدعمها كثير من الدول ضد تنظيم الدولة، من أجل القضاء على كل مظاهر الثورة الإسلامية في سوريا والعراق.

وكذا الحال فإن مقتل الأقباط في ليبيا، الذين لا يعرف السبب الحقيقي وراء قتلهم، يعتبر مسوغًا لإعلان النظام العسكري في مصر الحرب على ليبيا، ومن ثم القضاء المسلح على ثورة الربيع العربي في ليبيا المرتدية للزي الإسلامي هناك.

وقد يعتقد البعض أن الأمر قد ينتهي عند هذا الحد، إلا أن الحبل سيكون على الجرار، وسينتشر الصراع في أرجاء المنطقة العربية والإسلامية وسيسهل على الكيان الصهيوني التمدد في المنطقة رغبة ورهبة من حكام هذه البلاد بعد أن يتم تقسيمها إلى دويلات صغيرة، يسهل مضغها وبلعها وهضمها، فهل القدر يحقق الحلم الصهيوصليبي في المنطقة أم أنه ستكون له كلمة أخرى؟

وهل سينتظر العرب والمسلمون نتائج ما يحاك لهم أم ستكون لهم كلمة أخرى؟

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد