“إن لبدنك عليك حقـًا”

كلمات كثيرًا ما تقال لك إذا أهملت في صحتك بعض الشيء أو حملت جسدك كثيرًا من الجهد دون راحة؛ وربما نصحك أحدهم أن تطمئن علي نفسك بالفحص الطبي. وهذا أمرٌ مهم يجب ألا نتغافل عنه، ولكن هناك أمرًا أهم،  كثير منا لا يعيه رغم أنه في أغلب الأحيان هو العنصر الأساسي لسلامتك الجسدية  ألا وهو صحتك النفسية!

 

الجسد هو الوعاء الحاوي للنفس ؛ والنفس هي الدوافع والأفكار والمشاعر، وكلاهما -الجسد والنفس- يتأثر بالآخر ويؤثر فيه، إذا شعرت بالهبوط أو الدوار ستسرع لإجراء الفحوصات لتتعرف على المشكلة وسببها وكيفية علاجها، أما إذا شعرت بالحزن والضيق ماذا ستفعل؟! في الأغلب لن تلقي للأمر بالاً!

 

ربما تعرف ما السبب لكن لا تسعي للعلاج! لأنك لا تري للأمر خطورة كما هو الحال في الألم الجسدي، رغم أن كلاهما يتأثر بالآخر، لذا يجب عليك كما تقي نفسك من الألم العضوي بالعلاج والبعد عن مسببات المرض يجب أن تحصن نفسك من الألم النفسي ودواعيه.

 

لكل منا حدود نفسية تختلف من شخص لآخر أنت من تضعها وتحدد لمن تفتحها وعلى من تغلقها  حسب مكانة الشخص وأهميته بالنسبة لك، وهو أمر ليس بالهين، فنحن بشر ولسنا قوالب نسير طبقـًا لكتالوج، لذا فيجب عليك أن تفهم نفسك جيدًا حتى لا تحملها فوق ما تطيق من حزن أو ضيق، فمن الطبيعي جدًا أن تفرض عليك الظروف أشخاصًا مختلفين عنك، الجيد منهم والسيئ، لكن إذا كان وجودهم فرضًا بحكم الظروف فتأثرك بهم بأمرك أنت، فلا تدع أحدًا يقتحم حدودك إلا بأمر منك؛ استمع للنصيحة واصغِ للنقد وانصت لتجارب الآخرين، لكن أنت وحدك القادر على أن تحدد ما يرضيك ويناسبك.

 

هناك أشخاص تجيد استهلاك المشاعر، إذا وجد فرصة لاقتحامك استغلها وبدأ ببث مشاعره السلبية وتجاربه الفاشلة حتى يستهلكك تمامًا وربما تصاب بالكآبة والإحباط.

 

وهناك من يُحب التملك والاستحواذ، لا يسمح لك أن تسير خارج إطاره وإذا فعلت انقلب عليك كالمربي الذي يرى أن حُسن تربيته هي قدرته في السيطرة على ابنه.

 

وهناك المبتزون، ووظيفتهم الأخذ فقط، كل ما يربطهم بك مقدار عطائك، هم جوعى لا يكتفون أبدًا ولا يشكرون، التعامل مع هؤلاء سواء أكان نوعًا واحدًا منهم أو جميعهم مع الوقت يُفقدك نفسك، وربما تحولت بالوقت لشخص يُشبهم، لذلك عليك أن تحدد موقفك منهم ولا تسمح لنفسك أن تتأثر بهم وتتوه في مساوئهم.

 

فالتعامل مع هؤلاء يُشبه ارتكاب الذنوب، مع كل موقف ينقر في صفحة نفسك نقرة سوداء، إلى أن تُفقد طبيعتك السوية، ومن ثمّ تُجبر على التعامل معهم بطباع هي أبعد ما تكون عن شخصيتك الأصيلة ؛ وكما أن شرط التوبة الأول البعد عن الذنب، فالشرط الأول  لكَسب  نفسك أن تتفادى كل شخص يجعلك تخسرها.

 

ولا تنس أن هناك آخرين على النقيض تمامًا من هؤلاء، كلما اقتربت منهم سَميت نفسك واطمأنت، هؤلاء ألزمهم ولا تبتعد عنهم.

وفي الختام تذكر أن لنفسك حقـًا أيضًا.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد