بعد إلغاء مصر “اتفاق الرورو” مع تركيا وإضرارها بما يقرب من 500 مليون دولار، فهل من بديل لدى الأتراك.
بالرغم من أن صادرات تركيا للخليج عبر مصر – خلال الاتفاقية – تمثل فقط 2% فقط من حجم الصادرات التركية للخليج، إلا أن الاتفاقية كانت تحقق مميزات ايجابية للجانب التركي من حيث خلق مزايا تنافسية للبضائع والمنتجات التركية مثل انخفاض السعر نتيجة انخفاض تكلفة الشحن التي كانت تحصل في قناة السويس قبل الاتفاقية، ولكن ما البديل الذي يسعى إليه الأتراك حاليًا لإنعاش سوقهم بدول الخليج العربي الذي يبلغ أكثر من 50 مليار دولار سنويًّا.
ومن المتوقع أن يتم دخول اتفاقية التجارة الحرة FTA بين تركيا والخليج حيز التنفيذ في العام الحالي، وتسعى تركيا وحليفتها قطر وأخيرًا السعودية إلى الدفع بتفعيل الاتفاقية، حيث تغطي الاتفاقية جوانب ومجالات واسعة، بما في ذلك التجارة في السلع الخدمات، والمشتريات الحكومية، وحقوق الملكية الفكرية، وتفتح التجارة الحرة بين الطرفين على نطاق واسع بما يعزز الجانب التركي ويقويه، حيث تطمح تركيا إلى زيادة حجم التجارة بين الجانبين إلى 70 مليار دولار خلال الربع الأول من 2017.
ليس فقط غزو المنتجات التركية لدول الخليج هو الشاهد الوحيد على قوة تركيا للاستفادة من السوق الخليجي، إلا أن أعداد السياح الخليجيين إلى تركيا سجّلت أرقامًا قياسية وصلت إلى 39 مليون سائح خلال العام الماضي فقط، كما تمّ تسجيل تصاعد ملاحَظ في أعداد الأتراك القادمين إلى دول الخليج، لافتـًا إلى أن السوق التركية تتميز بانفتاحٍ كبير وتركيزٍ على قطاع الصناعة والموارد البشرية.
وتسعى تركيا لتشجيع كل قطاعاتها الاقتصادية بما فيها القطاع العقاري عن طريق فتح باب الملكية وبيع الأراضي للمستثمرين الخليجيين، وعلى الجانب الآخر تحاول تركيا المشاركة في المشروعات الضخمة في البنية التحتية بدول الخليج، وزيادة حجم الصادرات، وتحقيق امتيازات في واردات الطاقة من غاز وبترول. وتقوم تركيا أيضًا بدعم أنشطة القطاع الخاص بفتح المجالات أمام رجال الأعمال الأتراك وتشجيعهم، وتقوم بإبرام الاتفاقيات اللازمة لتعظيم مكاسبهم مثل الإعفاء الضريبي والجمركي.
تتميز تركيا بإيمانها بثقافة التعاون الاقتصادي وإقامة المشروعات المشتركة؛ مما يجذب دول الخليج للإسراع بتنفيذ الاتفاقية، فترحب تركيا بأهمية تبادل الخبرات والآراء، وتحاول إغراء دول الخليج بالأعداد والتدريب في كل المجالات، كالطب والعلوم والتكنولوجيا وإدارة الأعمال. ومن أمثلة ذلك إنشاء مؤسسة تعليمية لرواد الأعمال للاستفادة من التجربة التركية في مجال تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
بالطبع هذا الاتفاق بين تركيا ودول الخليج ليس ردة فعل تجاه إلغاء مصر “اتفاقية الرورو”، ولكن هي خطة سارية لاختراق السوق الخليجي المميز ولجذب الاستثمارات الخليجية في تركيا، وهذا دليل على توافر الرؤية والاستراتيجية، والعمل على تحقيق الأهداف الاقتصادية واستغلال المواقف السياسية.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست