بداية القول, بسم الله……….. “اللي ميرضيش ربنا إحنا معاه و نأيده و ندعمه”, “الله بعث رسولين. السيسي ومحمد ابراهيم مثلما بعث موسى وهارون لحماية الدين”, “احكم فأنت الواحد القهار”, “اللي عايز يقلد النبي يروح جبلاية القرود” , “على الرجل الاتصال بزوجته قبل الرجوع إلى المنزل لعل معها رجل فيعطيه فرصة للانصراف”, “محتاجين ثورة على النصوص المقدسة”, “للأسف فيه ناس فاهمين إن الجنس قبل الزواج حرام”, “سنقصي تماماً على جملة هل صليت على النبي اليوم؟”, “الحجاب ليس من الإسلام”.

 

هذا جزء بسيط من دين العسكر, بحثت كثيراً في الأديان, لكي أعرف من أين أتى الإنقلاب بهذا الدين الجديد, فهذه النصوص و الآراء ليست موجودة في الإسلام ولا المسيحية ولا اليهودية ولا حتى البوذية, هناك من يدعي أن تلك أراء نابعة من أشخاص لا يمثلون الدولة, و نحن نعيش عصر حرية و من حق أي شخص أن يتحدث بما يحلو له, هنا يجب أن نوضع أمرين, ما هو الفرق بين الرأي الرسمي و الرأي المطلوب, و بين حرية الرأي و ما يحدث في مصر.

 

الرأي الرسمي للدولة يمثله قائد الإنقلاب الذي قال أنه المسئول عن الدين في مصر, و بذلك جعل من نفسه سلطة دينية بجانب السلطة التشريعية و التنفيذية و المهلبية و الملوخية, كما شدد على وجوب القيام بثورة على النصوص المقدسة, ولا أعلم نصوص مقدسة في الإسلام سوى القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة, هناك ايضاً لغز لا أفهمه لماذا دائماً يظهر قائد الإنقلاب في المناسبات الإسلامية غاضباً يهدد و يتوعد و يتحدث في أمور دينية لا يعرفها ولا يفهمها, ما الهدف وراء ذلك؟

 

“الشعب المصري متدين بطبعه” تلك الجملة نسمعها دائماً في القنوات الفضائية, سواء في برامج التوك شو, أو من الفنانين أو المسئولين, لكن إذا أخذت نزهة في شوارع مصر ستجد سب الدين, مشاجرات, تحرش جنسي, تحرس لفظي, بزاءة, فجور, مخدرات بأنواعها, تدخين بأنواعه, دعارة, شذوذ جنسي, شذوذ أخلاقي, شذوذ فكري, ظلم, قهر, ذل, تسول …. و القائمة تطول, حقيقةً لا أعتقد أن هذا تدين, لا أخلع الإسلام عمن يفعل تلك الأفعال بعضها أو كلها, و لكن بالتأكيد لا يمكن أن أصفه بالمتدين. إذن لماذا دائماً نسمع تلك الجملة؟ السبب ببساطة هو تثبيت تلك المقولة في عقول المصريين حتى تصبح تلك الأفعال طبيعية, يصبح العري و الفجور طبيعي, و التدين الحقيقي تشدد, يصبح الدين في القلب و في المسجد فقط.

 

العسكر رسموا ثلاثة خطط متوازية لمحاربة الإسلام, الطريق الأول السيطرة على الجهة الإسلامية القوية في الدولة و جعلها تابع لهم و هذا قام به ناصر مع الأزهر, الطريق الثاني شيطنة الإسلام و كل ما هو متدين و ذلك بنشر الظلم و الإعتقال و التعذيب فتنتشر فكرة الإنتقام وسط هؤلاء المظلومين و عندها تنتشر العمليات الإنتقامية ضد الدولة فيتم تصوير أن الإرهاب مرتبط باللحية, الطريق الثالث هو نشر الفجور و كافة أشكال المعاصي و تصويرها أنها أشياء عادية و عابرة و لا تمثل أي مشكلة أو حتى لا تعتبر تقصيراً, فيجوز للأنثى أن ترقص في الشوارع و يعتبر هذا مثال للإسلام الوسطي الجميل, ولا أعلم هل المقصود بالوسطي عدم التشدد في الدين أم هز الوسط؟, كل هذا في ظل غياب تام للدين في المدارس و المساجد, فالدولة لا تهتم مطلقاً بالدين, الدليل على ذلك عندما حدثت عملية تفجير مديرية أمن الدقهلية, الحق الدمار بالمديرية و المسرح القومي المهجور و مسجد الملك الصالح أيوب أقدم مسجد في مدينة المنصورة, الدولة عملت على ترميم مديرية الأمن و المسرح المهجور-لأنه تراث ثقافي- و لم تحرك ساكناً تجاة المسجد المتضرر من التفجير و ظل إمام المسجد يتسول من الناس كي يرمم المسجد.

 

الجديد هو ظهور منحنى خطير في تلك الخطة و هو إهانة الإسلام في القنوات, تحوير النصوص, الإفتاء بأمور تهز و تهدم العقيدة, إهانة رموز الإسلام, و تأليه صريح لقائد الإنقلاب, لن أخوض كثيراً في ما تم تداوله في الإعلام المصري في هذا الصدد, فبعدما كان التطاول في الأفلام و الإعلام على الرجل المتدين الملتزم أصبح التطاول على الإسلام نفسه و على نصوصه و على الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم.

 

السؤال الذي يطرح نفسه الآن. لماذا كل هذا؟ لماذا الحرب على الإسلام؟ الا يكفيهم السياسة و الدولة بخيراتها, الا يكفيهم إفساد كل أشكال الحياة في البلاد؟. الجواب ببساطة, أي دولة تحتاج شعب كي تستمر أما الشعب فيحتاج دافع للعمل و إنتماء, الإنتماء هو ما يبلور الهوية, كلما قوي الإنتماء نضجت الهوية, الإنتماء للوطن أنواع, هناك إنتماء إقتصادي, فتعيش من أجل مستوى إقتصادي معين توفره لك دولتك و هذا موجود في دول كثيرة في المنطقة, هناك إنتماء قومي, و العديد من أشكال الإنتماء, لكن أهم أشكال الإنتماء هو الإنتماء الديني أو بصيغة أخرى الإنتماء العقائدي, فالشخص المنتمي عقائدياً و الذي يعمل أو يحارب بعقيدة من الصعب جداً أن يُهزم, و يكون إنتاجه أضعاف إنتاج الشخص الذي يعمل نفس العمل بلا إنتماء عقائدي.

 

الهدف الحقيقي للعسكر من محاربة الإسلام, هو الخوف من التدين, فإذا تدين المسلمون في مصر سيعلموا أن محاربة الظلم فرض, النمو و رفع إسم الدولة عاليا فرض, الإهتمام بالعلم فرض, كل هذا إن حدث معناه نهاية الدولة العسكرية, بالتأكيد هناك تعليمات من جهات أجنبية بذلك, و الحرب في ذروتها الآن لأن المقاومة في ذروتها أيضاً و هم يريدون بناء جيل جديد بدين جديد, دين العسكر, المسئول عنه هو قائد الإنقلاب, يريدون من المصريين اتباع الدين الجديد, هذا الدين الجديد لا يهتم بالصلاة و الصوم و التعفف, لا يمنع الفجور و الزنا و الشذوذ  و سب الإسلام, لكن يمنع الدعوة للتدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, الدعوة للتعفف, الدعوة للحجات و حتى الدعوة للصلاة على النبي, هذا هو دين العسكر الذي يروج له الأعلام و الفنانين و الدولة, هذا هو دين العسكر الذي يمنع شيخ من العمل الدعوي لأنه دعى على الظالمين, هذا هو دين العسكر الذي يجبر الأئمة على إلقاء خطبة موحدة للجمعة كتبها عسكري. هذا هو دين العسكر.

 

لا مكان لمقولة “نحن في عصر الحرية و لا يمكن أن تطلب من الرئيس أن يعاقب من يقول رأيه”, من يقول هذا العبث يجب أن يعلم أن العسكر قتل أكثر من سبعة ألاف شخص بتهمة التعبير عن الرأي منذ 25 يناير 2011, كما يوجد أكثر من أربعين ألف معتقل في سجون الإنقلاب بتهمة الرأي من بينهم أكثر من الفين طفل, العسكر لا يقبل الرأي الذي يعاديه, حتى من اصدقائه فباسم يوسف مُنع من تقديم البرامج, عمرو حمزاوي مُنع من السفر حتى البرادعي بين ليلة و ضحاها تحول من بطل قومي في القنوات المصرية إلى خائن و عميل لمجرد تقديم استقالته و خروجه من مركب العسكر, أرجوك لا تحدثني عن حرية التعبير, فحرية التعبير في مصر هي “سِب الدين و لا تسب العسكر”.

 

كلمة أخيرة, للثوار, لن أقول لكم سوى أنتم أمل هذا البلد, أنتم من سينقذ هذا البلد, أنتم من ستجعلون لتلك البلد هوية حقيقية, فالهوية الإسلامية الحقيقية وليست المشوهة هي التي ستعلوا بتلك البلد, فإذا طبق الإسلام بشكل صحيح في مصر ستصبح مصر من الدول العظمي, و لهذا هناك من يحاول أن يقضي على الدين في قلوب المصريين قبل أن يقضي عليه رسمياً, أنتم من سينقذ مصر من تلك الآزمة.

 

كلمة أخيرة, لثوار الأزهر, لن أثني على دوركم و على ما تقدموه من تضحيات, و لن استفيض في أهمية الإسلام و العقيدة في نفوس المصريين, فأنتم أهل العلم و الدين, أنتم أعلم مني بأمور الدين و لكن أذكركم بدوركم الهام, لا تغفلوا و لو ثانية حتى تسقطوا الانقلاب و تعودوا بالدين إلى نفوس المصريين وليس في البرلمان و القوانين و الدستور. الأهم أن يعود الدين في نفوس المصريين.

 

كلمة أخيرة, لمن لا يزال نائماً, متى ستصحوا؟, متى ستستشعر الخطر؟, متى ستعرف أن حياتك كلها أصبحت مهددة؟, أبنائك, عملك, أموالك, بيتك, حريتك, حتى دينك, متى ستثور؟, هل كرهك للإخوان جعل منك شيطان؟, هل كرهك للإخوان جعلك أعمى وأصم؟, إذا كنت لا تريد أن تتحرك و لا ترى الحقيقة بسبب كرهك للإخوان, فللأسف الشديد كرهك للإخوان جعل منك صنم.

 

كلمة أخيرة للعسكر, يسقط يسقط دين العسكر.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد