لماذا؟ ومن المستفيد؟ ولماذا لا ننصفهم؟

الإنصاف هو منهج الحق أينما كان، ومن لا يجد في قلبه متسعًا للإنصاف والعدل وألا يحمله شنآنه على قوم أو جماعة على ذكر فضائلهم فقد خالف القرآن صراحةً، ومن هنا أنطلق للحديث عن واحد من أهم الفصائل السورية الثائرة وقد توجهت له أصابع تهم، منها الكيدي، ومنها الكاذب، ومنها المبالغ فيه، ونالت منه شائعات كثيرة، حتى أعيا النافي نفيها وأغلق المشيع أذنه عن سماع من نفى، ولو كان يحمل من الحق ما يحمله.

«جيش الإسلام».. المطعون في الصدر والظهر

لا ينهض «جيش الإسلام» من معركة في وجه النظام الأسدي أو جماعات الغلو والتطرف مواجهًا إياهم بصدره وجهًا لوجه، حتى تنهال عليه سهام الحاقدين في ظهره وتكمل مهمة الأعداء لإسقاطه وهزيمته.

ما الذي في جيش الإسلام يغيظ الحاقدين؟

بل قل: ما الذي فيه لا يغيضهم فهو الفصيل السلفي الدمشقي الوسطي، الذي نال احترام أوساط إسلامية وعربية ودولية في بداية نشأته، ورسم الصورة التي كان يخشى الأسد أن تُرسم في معارضيه، فكان لفترة طويلة اليد الطولى في كبرى المشاريع المعارضة، من مشروع أمة إلى ميثاق المقاومة السورية وميثاق شرف، وغيرها من الصور التي وحدت الخطاب السوري المعارض وكونت نواةً لدولة العدل والقانون المنشودة في سورية.

عدو روسيا الأول.. لمَ نتهمه بالخيانة؟

الجيش الذي تدخلت روسيا فعليًا وبكل ما تملك من قوة جوية وعسكرية لإيقاف معركته على تخوم دمشق المعروفة باسم «الله غالب» والتي قال عنها لافروف وزير خارجية الروس:

لولا تدخلنا في دمشق كان النظام سيسقط خلال أسبوع واحد

وكانت أولى عملياتهم الإجرامية اغتيال قائد ومؤسس الجيش الشيخ محمد زهران علوش أبي عبد الله، بقصف جوي مركّز، وبعملية استخباراتية لا تزال تتفاخر بها روسيا وتسجلها ضمن انتصاراتها على الشعب السوري.

قاهر «الدواعش» والسيف الوالج في صدورهم

جيش الإسلام أول من اكتشف خطر «تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)» ومنعها من التغلغل في غوطة دمشق، وأول من حاربها عقائديًا وعسكريًا، ويعرف المتطرفون «الدواعش» خطر جيش الإسلام عليهم، ومن يرى حجم الضرر الذي خلفته داعش في الجزيرة السورية، في التركيبتين الإيديولوجية والديموغرافية، يدرك الرحمة التي أرادها الله لغوطة دمشق في فترة تواجد جيش الإسلام فيها وصده لمحاولات وصول (داعش) إليها.

الإشاعات جعلت الحصار حصارين

حصار لست سنوات في الغوطة الشرقية وتضييق وقصف وتدمير، في كفة، والكفة الأخرى فيها الشائعات التي تطال جيش الإسلام، لتصوره كقوة احتلال جاثمة على صدور أهل الغوطة، وتتهمه بتهم لا أصل لها ولا دليل عليها، وما من هدف لها إلا زيادة الغل في القلوب، وزيادة التشويه والتشكيك في مسيرة ومنهج الجماعة.

اتهامات طالت جيش الإسلام

يُشاع حول الجيش تهم باطلة وكلام محاك في غرف المخابرات الدولية والعالمية، منها ما يخص سلاحه، وكلنا يعلم حجم الخداع العسكري المباح شرعًا ومصلحةً الذي يستخدمه الجيش أثناء عروضه، ولا يعني ذلك امتلاكه لترسانة ضخمة.

يذكرون أنّ جيش الإسلام يمتلك ترسانة عسكرية هائلة وينسون أنه خاض معارك كبرى ولا يكلّف أحد نفسه جهد البحث عنها على اليوتيوب على أقل تقدير.

وللأمانة فإنّ الفترة التي قام بها الجيش بعرضه الشهير بحضور الشهيد زهران علوش كانت أضيق الفترات عليهم، وكانوا يعانون من شحّ في السلاح والذخائر، حتى بعض الدبابات لم يكن فيها إلا طلقة أو طلقتين فحسب، ولكن بلغهم أنّ الأسد يحشد لاقتحام الغوطة فكان الحلّ بالتظاهر بالقوة لصدهم، وقد حصل لهم ذلك وتراجع الأسد آنذاك عن الاقتحام، بل وبقي يحسب للجيش حسابًا حتى آخر لحظة.

يتهمونه بتسليم الغوطة مع أنه آخر من خرج منها، بل من خرج قبله من جوبر وحرستا جعل الجيش أمام جبهات جديدة وحصار خانق

يتذكرون كلمة حماسية لأحد قادة جيش الإسلام وهو يقول:

وين رايحين؟ ويحض أخوته على الثبات، فيما عُرف ببيعة الموت، ويغفلون عن مناشدة قادة الجيش مرارًا للمقاتلين في جبهات درعا وغيرها ليفتحوا النار على الأسد ولا يتركوا الغوطة بمفردها ولم يسمعه أحد.

وهل كان المطلوب من الجيش أن يفنى وتفنى عائلاتهم وأطفالهم وأهالي الغوطة في بيعة الموت تحت الكيماوي والقصف لكي يرضى عنهم منتقدون من خلف البحار ويبعدون أميالًا عن الخطر؟

يتناسون أنّ مدينة دوما ذات الـتسعة كيلو مترًا مربعًا فقط، كانت تحيط بها جيوش روسيا وإيران وميليشيات الأسد، ويتناوب الطيران والمدافع على قصفها، واستنشق أهلها الكيماوي أكثر من مرة فقط في آخر معركة، ناهيك عما سبقها.

ثم يلومونه لماذا استسلمت؟

وهل ينبغي أن يفنى الجيش والناس تتفرج حتى نروي نشوة النصر في نفوس المنتقدين؟

ثم تعالوا لنفنّد بعض الشائعات التي أطلقت وثبت كذبها:

كقولهم إنّ جيش الإسلام اتفق مع الروس أن يبقى في دوما كشرطة عسكرية، هل حصل ذلك؟

وقولهم: إنّ الجيش سينضم للفيلق الخامس الذي شكلته روسيا؟ هل انضم؟

بل لو قارنا بين المصالحات في درعا والرستن والكثير من المناطق الأخرى، وكيف عادت فصائل كانت محسوبة على الثورة إلى حضن الأسد وهي اليوم تقاتل معه الثوار في ريف حماة، وبين جيش الإسلام الذي أبى أن يقف مكتوف اليدين ينظر، ودخل سرًا وتحت أسماء غير اسمه في ريف حماة تلافيًا للمضايقات من جهات معينة، لأدركنا تمامًا أنّ الفرق واسع بين الجيش والمصالحات، وأنهما خطان لا يلتقيان.

ها هو جيش الإسلام اليوم يعيد ترتيب صفوفه في شمال سوريا، وينظم نفسه استعدادًا لعمليات ومعارك كبرى ستكشف لكل من ظلم الجيش سابقًا أنّ شمس الثوار لا يغطيها غربال الشائعات.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد