في الواقع، يهتم الكثير من الناس بآراء الآخرين بهم وبإرضاء الغير، الشيء الذي قد يكون خطرًا على حياتهم؛ لأن الاهتمام الزائد بنظرة الآخرين لك هو عدم ثقة وضياع لقدراتك الثمينة.
فعندها، تبدأ الشعور بثقل في أيامك، وتريد أن تفعل كل شيء مهما كلف الأمر وعلى حساب راحتك، فقط لتعطي صورة عن نفسك بأنك الأفضل، لن تنجح بل ستهدم تطورك وستضع قدراتك في صندوق ضيق لن تراه إلا في أحلامك. الحقيقة هي أن أحلامك ستصبح بالنسبة لك سرابًا ستلاحقه دون جدوى.
المغزى من مقالتي هذه أن أوصلك لغايتك الحقيقية، وأن تجد قدراتك وهدفك بوضوح، لأن وجود أناس حولك تحاول إرضاءهم هو تشويش للطريق نحو هدفك الثمين، فما هي أفضل طريق لتبديل نظرتك عن آراء الناس؟ وتحويل غايتك إلى سعي لنفسك وتطويرها؟
الخطوات الناجحة تحتاج صدقًا مع نفسك قبل كل شيء، وأن يكون هدفك مرتبط بغاية نبيلة، بعيدة عن تحقيق الإعجاب للغير، فأنت اليوم لا تريد أن تستمع لآراء وأصوات الغير، تريد أن تستمع لنفسك بإنصات وهدوء لتجد وجهتك التي تستحقها، وعندما تجدها ستجد الإبداع يتسرب بيسر وسهولة عبر أفكارك وأسلوبك وسلوكياتك الخاصة، ستتفاجأ بارتقائك الإيجابي، ونمط يومك، وتبديل نظرياتك واعتقاداتك، وهذا ما أسميه «مفتاح النجاح».
عندما تبدأ بتحويل الأفكار الضعيفة إلى نقاط قوة وغايات نبيلة، ستتنفس قدراتك الصعداء، وستبدأ بتطوير وتمكين نفسك من الإنجاز، ستضع نفسك بالمكان الصحيح للانطلاق بكل حرية وراحة.
وأفضل أن أقول بأن الحرية تبدأ بأجنحة قوية تبحث بها بكل شغفك، هذا ما يجعلك تبحث عن نفسك واستكشافها لتجعلها أكثر قيمة وقدرة على اختراق المستحيل، وليس هذا فقط، ستكتشف السعادة النابعة من قلبك، التي لن تعتمد بها على الغير أو الممتلكات؛ لأن قدراتك وتهذبيك لنفسك هي السعادة الحقيقية، ولن تحتاج تشجيع الغير، إذ ستعتمد على شغفك لهدفك وقيمك التي تنبت من بذرة الحب والفكر النقي. فمن برأيك يحتاج الغاية الثمينة؟ إرضاء الناس أم رضاك لنفسك؟
حين ترضي نفسك ستقبلها بكل ما فيها، وعندما تحب نفسك وتتقبلها ستجد إرضاء الناس غاية تدرك؛ لأن الآخرين يحبون الذين يحبون أنفسهم، إنه إنجاز مزدوج، أن ترضي نفسك والآخرين، أليس كذلك؟
ولكن بحثك عن طرق ضائعة تشتت بها أفكارك وتلوث بها أهدافك عبر الاهتمام والاكتراث لآراء الآخرين هي مضيعة للوقت وغاية رخيصة لن توصلك إلى محطات الحصول على غايتك الحقيقية النبيلة.
أن تتخطى كلام الآخرين عنك وآراء الآخرين عبر إبداعك، هي خطوات سامية سيتعلم منها الآخرون ومنهم «المتنمرون» الذين أصبحت مشكلتهم هي إبداء الآراء السلبية، فلا مشكلة إذا تخطت خطواتكم هذا الفئة من الآراء لإعطاء صورة عن الإنسانية القيِّمة؛ التي تعطي للمجتمع ما هو قيِّم ومُجدٍ وبناء.
سأعتبر هذا درسًا للمتنمرين الذين شوهت آراؤهم صورة الإنسانية، ولكن الإنسانية لا تسمح بتخريب صورة الإنسان إذا كان ذا قيمة، يبني نفسه، ويرفع مجتمعه، ويضع السلام، ويزرع الحب والإيجابية، بل يعطي آراء بناءة.
تحويل حياتك إلى خير وعطاء هو أفضل بكثير من الغاية التي تريد منك أسوأ صورة سلبية عن نفسك لتثبت للغير بأنك العكس، وهذه طاقة وجهد قد يكلفك الكثير من الحياة الفارغة، المليئة بالـ«لا شيء».
بينما يجب أن تعطي طاقتك ووقتك هذه في الجهد الرابح والاستثمار الناجح لنفسك، والغاية التي ترضي مجتمعك وحياتك ومستقبلك، وعليك الانتباه لما أنت فيه اليوم، فهو مهم جدًّا، وحالتك اليوم هي أفكارك الماضية.
عليك البدء في التغيير من نوعية أو جودة أفكارك ومعتقداتك، وتحويلها يحتاج إلى أفكار جديدة. لن تقبع في سجن التشبث بأفكارك إذا طورتها، وهذا يعتمد على نفسك وكم تريد أن تكون إنسانًا قيمًا.
الجزء الأهم هو الاهتمام بصورتك الشخصية قبل اهتمامك بصورة الناس فيك، هذا ما تحتاج أن تفهمه. وفي الواقع، لا أعلم ما أفضل طريقة لتحصل على صورة جيدة عن نفسك، ولكن في المرحلة الجديدة، لا تقبل بتحجيم قدراتك، ولا تقبل أن تتكون أراؤك عن نفسك من خلال آراء الآخرين.
لن تحصل على أدواتك الخاصة إذ لم تعثر عليها، ولن تبدع بالمكان الذي أنت فيه إذا لم تلتق بذاتك الحقيقية، ولن تلتقي بذاتك الحقيقية إذا كانت غايتك هي فقط الامتلاك وإرضاء الغير، لأنك لم تستمع لقدراتك.
في النهاية، إن العالم هو ماذا تعتقد أنت ببساطة، فكر به بشكل مختلف وستتغير حياتك.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست