نستكمل فى هذا المقال الحديث عن المشكلات التى تواجه القراء الذين يتحسسون طريقهم فى عالم القراءة ، إحدى المشكلات الرئيسة والتى قد تقف عائقا هو كيفية اختيار الكتاب الصحيح. كيف اعرف أن هذا الكتاب هو ما أريده حقا ؟
أصبح هناك العديد من الموقع المتخصصة التى تعرض ملخص عن الكاتب والكتاب بالإضافة لآراء القراء ربما يكون من أشهرها فى الوطن العربى موقع good reads ، توجد أيضا صفحات لدور النشر المختلفة للأخبار عن أصدارتها وتقديم عرض سريع لها ،أو مواقع البيع مثل Amazon وأخيرا يوجد العديد من الصفحات على مواقع التواصل الأجتماعى التى يعنى المنتسبين إليها بتبادل خبراتهم فى الكتب والقراءة .
قد تساعدك هذه المواقع كثيرا ولكنك قد تشعر أحيانا إنها تضعك فى حيرة أكبر ، لكن يظل وجودك فى مجتمع قارئ يتبادل الخبرات والآراء أمرا ممتعا وبه قدر من الفائدة .
ما الذى ينبغي أن أعرفه عن الكتاب الذى أختاره ؟
يمكن أن نضع فى اعتبارنا أثناء اختيار الكتاب أن الكتاب هو: موضوع ،وكاتب ،وناشر
1- الموضوع :
لديك فرصة للتعرف عليه من الملخص المتوفر على ظهر اغلب الكتب ، أو المتاح على صفحة الكتاب فى الموقع الذى تطالعه ، كخطوة تاليه يمكنك النظر بالفهرس حيث يعطى صورة أعمق لما يغطيه الكتاب من موضوعات ثم قم باختيار موضوع معين يثير اهتمامك من الفهرس وافتحه لترى هل الأسلوب والتغطية مناسبان لك أم لا فأحيانا يعطى عنوان الكتاب صورة غير حقيقية عن المحتوى، أو قد تجده سطحيا جدا ، أو أكاديميا ، قد تكون اللغة صعبة ، أو ركيكة وهكذا .
2– الكاتب :
لن تجد أبدا أجماعا على كاتب بعينه، دائما سيكون هناك مؤيد ومعارض لفكره أو لأسلوبه ، أيضا علينا أن نتذكر أن هناك متحدثين مملين وكتاباتهم رائعة والعكس صحيح فليس كل من يجيد الكتابة يجيد الحديث ولا كل من يجيد الحديث يحسن الكتابة.
لكن مما لاشك فيه أن موضوع الكتاب قد يجعلنا نرجح بين كاتب وآخر فمثلا إن كنت تسعى لكتاب يتحدث عن حقبة تاريخية معينة فمن المهم أن نوضح أن الوثيقة هى الحقيقة الوحيدة المؤكدة للتاريخ أما الكتب فهى مؤلفات تحمل آراء ووجهات نظر كتابها ومؤلفيها ولا يمكن أن تكون محايدة لذلك فاختيار هذه النوعية من الكتب هو الأصعب وربما تحتاج لأكثر من قراءة فى الموضوع حتى تصل لرأى، يفترض أن الأكاديميين والباحثين هم الأقرب للحياد خاصة إذا كانوا يعتمدون على منهج البحث علمى ويعززون آراءهم بالوثائق، وبالزيارات الميدانية .
بٌعد الكاتب عن الزمن الذى يكتب عنه ليس عيبا كما يظن البعض، بل أحيانا ما يكون سبب لروية أوضح بعد أطلعه على عدد كبير من الكتابات والآراء وكذلك على وثائق ربما لم يكن متاح الاطلاع عليها من قبل .
كذلك أغلب المراسلين الصحفيين ، وأصحاب المهمات الإنسانية ( مؤسسات الإغاثة وما شبه ) تكون كتابتهم جيدة فى التاريخ أو فى الأحداث الجارية خاصة إذا ما كانت فى مناطق حروب أو كوارث لأنهم أحيانا يصلون إلى أماكن وأشخاص لا يصل إليهم غيرهم كما أن أسلوبها غالبا سهل ومشوق وبعيد عن التكلف.
أما إذا كنت تسعى لكتاب فى أحد أفرع المعرفة فربما يكون من المفيد أن تعرف أن أغلب المعارف وضع لها كتاب تحت عنوان (مقدمة فى علم كذا ) او ما شابه ذلك فلتجده وتبدأ طريقك معه .
إذا كان الموضوع علمى كاختراع أو نظرية علمية معينة من الأفضل الوصول لما كتبه صاحب النظرية أو الاختراع أو ما كتبه من عمل معه او تتلمذ عليه، وإذ كان الكتاب مترجما فأنت هنا تبحث عن المترجم، وأفضل الكتب العلمية المترجمة هى التى يقوم بترجمتها متخصصون فى نفس العلم أعجبهم الكتاب وأرادوا أن يثروا المكتبة العربية به، يمكنك دوما أن تطلع على سيرة المترجم ، ومقدمته التى كتبها فى أول الكتاب لتكون عونا لك فى تقييم الأمر .
فى الأعمال الأدبية والشعر لا توجد قاعدة عامة لا يمكن أن نقول إن هذا الكاتب أفضل من ذاك أو لأنه قد نال جوائز على أحد أعماله فعلينا جميعا أن نعجب به ونقرأ جميع أعماله؛ فالكاتب الواحد قد يكتب رواية رائعة ، وأخرى دون المستوى، ولذلك أنت حر فى الاختيار وغير مضطر للخضوع لأية معايير اترك لنفسك العنان لتحب كتابات من تشاء، لأن الأمر هنا نسبى لا يختلف فقط من شخص لآخر، بل نفس الشخص قد تتغير مشاعره وأفكاره تجاه الأعمال مع تغير تجاربه فى الحياة أو تبعا لحالة نفسية معينة يمر بها الأمر فى النهاية متروك تماما لك .
3-دار النشر :
هناك دور نشر ذات طابع علمى ، أو دينى ، أو أكاديمى – أغلب ما تنشره أبحاث ودراسات أكاديمية – وهناك دور نشر تعنى بنشر فكر أو توجهات معينة … إلخ ، هذه الأمور لا ينبغي أن تنشغل بها ستتكون لديك خبرة كافية بعد فتره دون أن تشعر.
الأمر سهل وهين وممتع ما عليك الآن سوى أن تأخذ نفس عميق، اختر الموضوع، انتق كتابك ، ثم ابدا رحلتك معه، وبعد عدة رحلات لا تنس أن تأخذ بيد من يتحسسون طريقهم .
دمتم قراء .
من أفكار القراء :
* المراجع التى يذكرها الكاتب فى نهاية الكتاب والتى استعان بها فى الكتابة تكون مفيدة جدا إذا أردت الاستمرار فى هذا الموضوع أو توسيع قراءاتك حوله .
* أعتبر نفسى محظوظة إذا ما حضرت ندوة ساعتين ولم أستفد منها شئ سوى عنوان لكتاب أو أكثر أشار إليها المتحدث فى حديثه.
.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست