تبدأ القصة بإعلان الشاب “فيت جيدليكا”، عن تنصيب نفسه حاكمًا لمقاطعة غير معلومة الملكية بين دولتي صربيا وكرواتيا، وبناء عليه قرر مجموعة من إخوان “مصر ” تأسيس مكتب إداري تابع للجماعة الأم في القاهرة.

لم يكن الأمر سهلاً على الإطلاق، فإنشاء جماعة لها امتداد فكري وجغرافي سيدفع بالتأكيد الرئيس “فيت جيدليكا” إلى مواجهة هذا التمدد الأيديولوجي “الإخواني”، كما أن الإخوان أنفسهم كانت لديهم أزمة في تشكيلة ذلك المكتب الإداري الجديد لهم في “الدولة الناشئة”، ومن له حق التصويت في اختيار “المرشد للإخوان الليبرلانديين”؟ وهل سيطبق نظام “العامل والمنتظم والمنتسب والمؤيد والمحب والدعوة الفردية” أم أن مستجدات الدعوة في “ليبرلاند” ستدفع بتغيير ما في هذا النظام؟

تبعية المكتب الإداري لإخوان “ليبرلاند” كانت محل خلاف بين إخوان الجماعة الأم في “مصر ” وبين مكاتب الجماعة في “قطر والسودان وبريطانيا وتركيا وماليزيا”، وبمراجعة أسباب كل طرف من الأطراف المتنازعين نجد أن الأسباب مقنعة جدًا.

الإخوان في الجماعة الأم بمصر، يرون أنهم الأحق بقيادة “إخوان ليبرلاند” باعتبار أن القاهرة مهد الدعوة وأن مرشد مصر هو مرشد لإخوان العالم جميعًا، ويرى مكتب إخوان مصر بقطر أنهم الأحق فهم أول كيان تأسس لدعم الجماعة الأم “عقب الانقلاب العسكري في 2013″، أما مكتب لندن فيرى أن الدولة الوليدة “أوروبية” ومن ثم فهي تقع في نطاق مسؤوليتهم، ولكن مكتب “تركيا” يرى أنهم هم الأقرب “جغرافيًا” للدولة الجديدة ومن ثم يُمكنهم ذلك من إدارة “ليبرلاند” بشكل جيد، ومكتب “السودان “فأعلن “تكاسله” عن التصويت، أما مكتب ماليزيا “فأعلن امتناعه عن الدخول في هذا التشابك”.

مصلح من داخل الجماعة حاول التوفيق بين المختلفين فاقترح أن يكون العمل داخل الدولة “الليبرلاندية” بالتوافق لا “التغالب” وعليه يتم تقسيم “ليبرلاند” إلى قطاعات إدارية “ليبرلاند شمال ويقودها إخوان مصر – ليبرلاند جنوب ويقودها إخوان مكتب قطر – ليبرلاند شرق ويقودها إخوان مكتب لندن – ليبرلاند وسط ويقودها إخوان مكتب إسطنبول” على أن يكون مسؤول كل قطاع عضوًا في مكتب “إرشاد ليبرلاند” ويختارون من بينهم مرشدًا لإخوان “ليبرلاند”. ومن ثم أعلن المتحدث باسم الجماعة عن التشكيل الجديد.

لم تكن هذه هي الأزمة الأخيرة التي وقعت بين أعضاء الجماعة بخصوص “ليبرلاند”، فقد تكررت الأزمة مع تشكيل اللجان النوعية، وتبعيتها ومن يقودها، معظم الخلافات تركزت حول لجنتي “الإعلام” و “السياسية”، فكل مكتب من مكاتب إخوان مصر بالخارج “عدا السودان وماليزيا” يرى أنه الأجدر على إدارة هذين الملفين، وأن لديهم خبرة عالية في هذا الشأن.

إخوان مصر “الجماعة الأم” يرون أن لديهم عددًا كبيرًا من “صفحات الفيسبوك والمواقع الإلكترونية كنافذة مصر وإخوان ويب وبوابة الحرية والعدالة” فضلاً عن مجموعة كبيرة من قيادات إعلامية “نافذة” وهو الأمر الذي يمكنهم من إدارة إعلام “ليبرلاند” بنجاح، بينما قال إعلاميو إخوان مصر “بقطر” أنهم الأجدر، فهم من حافظوا على الحراك الرافض للانقلاب على شاشات “الجزيرة إخبارية – مباشر مصر – مباشر”، فضلاً عن علاقاتهم النافذة بقيادات دول الخليج، أما إخوان مكتب “تركيا” فيرون أنهم مصدر الدعم الإعلامي للجماعة فقنوات الإخوان الفضائية تبث من على أرض “إسطنبول”، وأنه لديهم المجلس الثوري والبرلمان الموازي، أما إخوان مكتب “لندن” فيرون أنهم الأفضل فهم الأجدر على إدارة الملفات السياسية والإعلامية ويكفي نجاحهم في إيقاف تقرير الحكومة البريطانية حول “نشاط الجماعة”.

وسط هذا الخلاف قرر مكتب إخوان “ليبرلاند” تشكيل اللجان النوعية بنفس الطريقة التي شكلوا بها مكتب إرشادهم “ممثل لكل مكتب في كل لجنة نوعية”.

في ظل هذه الخلافات أعلن المتحدث باسم وزارة خارجية سلطة الانقلاب العسكري في مصر أنه لا وجود لدولة “ليبرلاند” من الأساس، وفي الوقت نفسه قال موقع “مدسوس” إن “ليبرلاند” لن تقبل طلبات تجنس “العرب والصينيين والروس” بجنسيتها، وفي زحمة هذه الأخبار، طلب مكتب إرشاد إخوان “ليبرلاند” تقريرًا وافيًا من لجنتي “السياسة والإعلام” عن التهديدات التي تواجه الدولة الناشئة “ليبرلاند الحبيبة”، كما طلب المكتب ذاته من “قسم التربية” رفع تقرير عن حالة “الصف الإخواني الليبرلاندي” فكانت المفاجأة “نأسف لا يوجد أفراد في دولتنا الحبيبة”، فأصدر “مكتب إرشاد ليبرلاند” قرارًا باستمرار عمله وعمل اللجان النوعية “والتشديد على استمرارية انعقادها بانتظام”. عاشت ليبرلاند حرة مستقلة.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد