لا تصالح
إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة
النجوم. لميقاتها
الطيور. لأصواتها
الرمال. لذراتها
والقتيل لطفلته الناظرة [1]
دفق من الرفض المارق للعظيم أمل دنقل يُردد صداه الدامي على طول تموجات Cap Poukhadour المكبل مانفيستوا رافض قفز على حاجز 29 يومًا بعد المئة، متجاوزًا أنين «مذبحة سريبرينيتسا» وآهات «حصار المهد»، ودموع «عدوان أم دريكة»، ليجلس بنفسه جنب الكبار، والكبير هو أنثروبولوجيا المواقف المُجسدة.
الساعات، اللحظات، المواقف، تعاقب الأحداث، أزيز الفعل.. كل شيء هنا يعتصر وجعاً، وكأن الخريف الجاف حلَّ مبكِّرًا. ثواني النهار تسير ببطء وعقارب الدهر تتخفى وراء غيوم تتلفع بدثار من الأسرار الملفوفة بجو فحمي أديم، ذا أفق تتشابه ألوانه في جميع الجهات كأن مطر إراقة الدماء على وشك الانهيار والتشظي. فمنذ بداية كرونولوجية الحصار ودوي صرخات «اليمامة» الصامتة تصد كل دعوات (السلام الممسوخ):
لا أطلب المستحيل، ولكنه العدل..
أقول لكم؛ لا نهاية للدم.. [2]
نعم، وبكل نبرات التحدي القائم؛ لا نهاية للدم.فهذا الأخير هو الذي يسطر المسافة بيننا وبينكم؛ وما بيننا وبينكم ليس وليد اللحظة أو- بعمر الحصار – بل حفيفًا تاريخيًّا تتقافز دروسه في الهواء الساخن لتتناغم سيكوبوتية حصاركم (128 يومًا) مع تسابق البيانات العسكرية خلف جدار الفصل العنصري (134 بيانًا).هذا التناغم الذي شكل نوتة موسيقية تعالت على سوناتا العبقري بيتهوفن «ضوء القمر»، لتطلق العنان لألحان المقاومة الصحراوية المستمرة استمرار بطش التوسع على هذا الإقليم المُكهرب.
اليأس يا سيد الموقف، أعصف ودمر..
أقبل حزن يديك
اتقد.. طهر الشعب من لعنة الجبر
شمر.. وذوَّب مقاديرنا الشاحمة
تمرد.. تمرد
فهذي الشراذم ملعونة الأبوين
على عهرها شدت الأحزمة [3]
وكأن (مظفر النواب) استيقظ، بصرخاته التي تفرز الزبد الأرجواني على وجه الرداءة والبذاءة الشاملة التي تُراقص واقعنا المكفهر، استيقظ ليعيد تصوير واقع مفاكهة الكلام وقرع الشفتين بسيل المزايدات الثرثارة، والاختباء بزوايا اللاموقف التي هي زاوية «جبن مُهيكل» وتخبط وتناغم العشوائيات.
كل هذا وأكثر مُجلبب تحت كذا عباءات تنبعث منها رائحة الشيطان؛ الانتماءات، الإطارات، البابوية، الولاءات، صكوك الغفران، بنية المفاضلة.. أبهذا «المستنقع الاستوائي» سنواجه عواء عبيد الفرنكوفونية Farncophoni؟!
من قطاع التويزكي الوركزيز إلى شارع الحرية بمدشر بوجدور، لغة واحدة تتعالى ذبذباتها لتسمو نحو شعاع الفعل المركز. لغة «جورج أورويل» في زخرفته الشهيرة 1984، حيث الأخطبوط السياسي للأخ الكبير في هستيريا من أمره، بل هذيان ميتاثيزفوبي يعبر عن سكرات الختام. فذاك الأستاذ- المتعاقد – الذي ضاق ذرعًا من عصا المخزن الغليظة تتناغم حشرجته مع رفرفة العلم الوطني الخفاق ببوجدور المحتل، وفراغ أمعاء المعتقل السياسي الصحراوي «محمد لمين هدي» هي استمرار عضوي لوَقْع الحصار الفاشستي. وتلك الصرخة المُتقاطرة من أمام معتقلات العدم للمؤرخ والأكاديمي المغربي «منجب المعطي» بأن حان الوقت للبوليس السياسي أن ينتهي (…) تمتزج هي الأخرى مع صرخات 4 أشهر ونيف من الحصار غير القانوني والذي ترفضه المعطيات الإنسانية قبل كل شيء. فـ«هيومن رايتس واتش» Human Rights Watch [4] نددت، ومنظمة العدالة البريطانية [5] شجبت، والخارجية البريطانية عبر لسان «جيمس كليفرلي»[6] تُتابع، والعفو الدولية Amnesty International أقامت الدنيا ولم تقعدها بحملة دولية عاجلة من أجل فك هذا الحصار غير الإنساني [7] الذي تفرضه القوى العلنية والسرية التابعة لجهاز البوليس المغربي.
طبعًا لن تعرفوا كيف يبنى حجر من أرضنا سقف السماء [8] نُعلنها كتراتيل غبش الفجر ونكرر إعلانها لأنكم لن تعرفوا مصدر إرادتنا المتجذرة المواكبة رغم سيل الانكسارات والتعثرات التي تفاجئنا في كل محطة لنزيح رفرفة البياض الإستسلامي ونعلن السواد وحزمة الوعيد الموعود في أفق عملية الاستئصال القيصرية لكم ولكل مخططاتكم. فعندما يتعلق الأمر بالتمرد، فنحن لا نحتاج إلى أسلاف. بهذه العبارة لـ«برايتون أندريه» نختم، وللقصة بقية.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست