مُنذ فجر التاريخ الإنساني، اهتم الناسُ بالمعرفة العلمية لِمَا لاحظوا من أهميتها في تحسين حياتهم اليومية. حيث استعملوا وَعْيَهُمْ وذكاءَهم الفِطْري من أجل ذلك الغرض، فكانت ملاحظاتهم وتأملاتهم أولى خطوات الإنسان لإدراك ما يدور حوله وفهمه. تطور العلم وتغير عبر العصور، لكن الشاهد هو مرافقة عموم الناس لذلك، بل إن التاريخ يَحْفَلُ باكتشافات وإنجازات علمية لم تكن لِتَتَأتَّى لولا مساهمة المواطنين فيها، بما أصبح يعرف مؤخرًا بعلم المواطن. فإذا كنت تملك الفضول العلمي ولديك الرغبة والشغف للمشاركة في الجهود العلمية فأنت مشروع عالم مواطن، ومساهمتك في أي حقل علمي ستدفع نحو حل مشكل علمي أو على الأقل تحسين فهمه.
ما هو علم المواطن وما فائدته؟
علم المواطن أو علم الجميع هو مشاركة عموم الناس تطوعًا في اكتشاف المعرفة العلمية الجديدة، بالمساهمة في عملية جمع البيانات العلمية، أو تقييمها، أو حوسبتها، وهذا بالتعاون مع علماء متخصصين. يمكن أن يشارك في مشروع علم المواطن شخص واحد أو ملايين الأشخاص الموزعين على نطاقات جغرافية شاسعة، والذين يتعاونون لتحقيق هدف مشترك. توجد مجالات لا حصر لها لمشروعات علم المواطن والتي تمتد من تغير المناخ إلى مرض الزهايمر، والأنواع المهددة بالانقراض، إلى استكشاف الفضاء، إذ تعود الكلمة لك لاختيار ما تريد المساهمة فيه، طبقًا لميولك، هواياتك وفضولك، للانطلاق في إحداث تغيير حقيقي وتقديم الإضافة لهذا العالم [1][2].
فضلًا عن هدفه الرئيسي الذي يَظلُّ مساعدة العلماء في البحث العلمي، فلعلم المواطن العديد من الفوائد الأخرى [3]. إذ يعد وسيلة ناجعة للتعلم وصنع المعرفة في الوقت نفسه، وقد سمح بتبني المواطنين للقضايا العلمية وتحسين فهمهم لشتى المشاكل العلمية؛ ما أدى إلى قطع أشواط في عملية «دَمَقْرَطَة» العلوم.
كما فتح آفاقًا حتى في المجالات التي بدا أنه تم استكشاف جميع حدود البحث فيها. ففي سنة 2012، تم تكليف طلاب في جامعة كولومبيا بمهمة مراقبة النمل والتعرف إليه في مانهاتن، فوجدوا أكثر من اثْنَيْ عشر نوعًا في برودواي (Broadway) وحدها. حتى إنهم اكتشفوا نوعًا من النمل لم يعرف العلماء أنه يعيش في مدينة نيويورك. علاوة على ذلك، تبين أن هذه الأنواع هي الأكثر شيوعًا في المدينة، وسبب عدم ملاحظة ذلك هو أنه لم يخطر ببال أحد أن يقوم بالمراقبة [2].
وقد يقودنا ما سبق للتساؤل عن كيف يمكن للعلماء الوثوق بمساهمات علمية لمواطنين. والحقيقة أنه لا خوف من ذلك الجانب، حيث هناك العديد من الطرق المعتمدة للوثوق في بيانات العلماء المواطنين ومساهماتهم، منها الاعتماد على الخبراء، استعمال الصور، تطابق ملاحظات المشاركين، وتكرار طلب البيانات. كما يوجد من المشروعات ما يتطلب الخضوع لبرامج تدريبية لضمان الجودة، أو تشترط بعض المهارات للتمكن من تقديم مساهمات ذات مغزى [2].
كيف أكون عالمًا مواطنًا؟
لتكون عالمًا مواطنًا لن تحتاج كحد أدنى إلا لرغبتك وفضولك العلمي لإيجاد مشاريع تشارك فيها. ومع تطور التكنولوجيا فإن اتصالًا بسيطًا بالإنترنت سيمكنك من تقديم مساهماتك من منزلك لمشاريع بعضها قد يكون في جزء آخر من الكرة الأرضية. لكن بالمقابل، قد تصادفك مشاريع تشترط خضوعك لتكوين معين أو امتلاكك لأجهزة محددة، لتتمكن من تقديم إضافات نوعية. بالنهاية مهما كان بروفايلك فستجد ما يناسبك.
تاريخ حافل ومساهمات قيمة
تاريخ علم المواطن ليس وليد اليوم، في الحقيقة قبل تشكل العلم والعلماء بالمفهوم المتعارف عليه اليوم، كان العلماء عبارة عن مواطنين ذوي سعة في العيش، قاموا بالاشتغال بالعلم تطوعًا وفضولًا، وذلك لم يكن متاحًا للآخرين بسبب شقائهم. ولم يُصْقَل المفهوم بمصطلحه الحالي إلَّا في سبعينيات القرن الماضي على يد الفيزيائيين جويل بريماك (Joël Primack) وفرانك فون هيبل (Frank von Hippel) في الولايات المتحدة الأمريكية. ففي القرن السابع عشر تعلم تاجر القماش أنتوني فان ليوينهوك (Antonie van Leeuwenhoek) صناعة العدسات المتقنة لتقييم نسج الأقمشة، طورها تدريجيًّا حتى جعلها أقوى من المجاهر في ذلك الوقت، مما سمح له بفحص مياه البرك القذرة ولويحات الأسنان مكتشفًا الكائنات الحية الدقيقة، ما أكسبه لقب أب علم الأحياء الدقيقة. كما عمل الراهب غريغور مندل (Gregor Mendel) على تربية تجريبية لنباتات البازلاء لفهم وراثية السمات، فاكتسب لقب أب علم الوراثة.
لكن وجب علينا الإشارة لخصوصية في الحضارة الإسلامية، حيث وعلى النقيض مما كان سائدًا، لطالما كان الاشتغال بالعلم مهنة هُيئ للعلماء فيها أرزاقًا يتقاضونها من أوقاف ثابتة وبُنَى تحتية، فَقُدِّمَ العلماء وبُجلُوا منذ الرعيل الأول للمسلمين، فكان بيت الحكمة في العهد العباسي مزار العلماء كالخوارزمي وكذلك دار العلم إِبَّانَ الحكم الفاطمي لابن سينا، وانتقل ذلك إلى الأندلس فاشتغل العلماء كابن الهيثم بالمكتبة الأموية في قرطبة، والتي انبثقت منها أول جامعة عرفها العالم. وكانت مساهمة العوام أمرًا مألوفًا في التاريخ الإسلامي بسبب انتشار المناظرات الشعبية والمجالس العلمية، حيث يمكن الجزم أن تشكل التقاليد العلمية كان مبكرًا في هذه الحضارة لولا أفُولِها للأسف.
في القرن التاسع عشر المزامن للعصر الفيكتوري أصبح يُنْظَرُ في الغرب ولأول مرة إلى العلم على أنه مهنة بِحَدِّ ذاتها، مصطلح «عالم» كان اختراعًا فيكتوريًّا، اقترحه ويليام ويويل (William Whewell) في عام 1840م. فكانت فترة زاهية مَيَّزَهَا تقدم علمي سريع واكتشافات ضخمة في مختلف العلوم. وقد بدأ حينها علم المواطن يَأْخُذُ الطابعَ الرَّسمِي بانتشار حمى مشاركة الناس خاصة في علوم الطبيعة بجمع النباتات والحشرات وغيرها. في ذلك الوقت كذلك قام تشارلز داروين (Charles Darwin) الذي زار العالم في رحلة البيجل الشهيرة، بحشد، بعد عودته، المصادر المختلفة للبيانات من خلال رسائل يُشَارِكُ فيها الناسُ ملاحظاتِهِمْ من مختلف أنحاء العالم، ما شكل آنذاك تحولًا منهجيًّا في العلم.
وفي التاريخ الحديث، استمر العلماء المواطنون في تحقيق الإنجازات. فساهم علم المواطن بشكل كبير في علم الحشرات حيث ظلت هجرة فراشة الملك سرًّا مستعصيًا على العلماء في أمريكا الشمالية، حتى بدأ فريد أوركوهارت (Fred Urquhart) ونورا باترسون (Norah Patterson) عام 1952 مشروعًا يعتمد على المواطنين المتطوعين لتتبع الفراشات بوضع علامات على أجنحتها. وفي منتصف السبعينيات، شُوهِدَتْ أول فراشة ملك مُعَلَّمَة في المكسيك، ما أدى إلى اكتشاف هجرة فراشات الملك لمسافات طويلة من أمريكا الشمالية إلى المكسيك في الخريف والعودة في الربيع. كان هذا الإنجاز مُمْكِنًا لأن الآلاف من المتطوعين كانوا يلتقطون أجنحة الفراشات ويضعون عليها علامات لعقود. المشروع أصبح حاليًا يسمى مونارك ووتش (Monarch Watch) وحتى يومنا هذا، يستمر الناس في وضع علامات على فراشات الملك وتحقيق المزيد من الاكتشافات، مثل جعلنا ندرك انخفاض تعدادها الحالي.

فريد أوركوهارت وهو يمسك للتو بفراشة ملك لها علامة على جناحها [8]
في منتصف التسعينيات، كان علم المواطن مؤثرًا في مفاوضات تغير المناخ. وجد علماء بريطانيون أن الطيور كانت تضع بيضها في وقت مبكر من العام بسبب تغير المناخ. كانت مجموعة البيانات بأكملها، مع مئات الآلاف من سجلات التعشيش، مُحَصِّلَةَ عقود من الملاحظات من قبل مراقبي الطيور المنتشرين عبر أنحاء إنجلترا. اعتمدت الحكومة البريطانية على هذا البحث للمرافعة آنذاك لصالح بروتوكول كيوتو (المعاهدة الدولية بشأن تغير المناخ)، لكي تؤكد أن تغير المناخ ليس مشكلة مستقبلية بل مشكلة آنية مُلِحَّة، لأنه كان يؤثر بالفعل في الحياة على كوكب الأرض.
اليوم، مع انتشار الإنترنت والهواتف الذكية، تغير العلم مرة أخرى، حيث يشارك ملايين الأشخاص عبر العالم ملاحظاتهم ويساعدون في معالجة البيانات.
يعمل المتطوعون عبر الإنترنت على نسخ آلاف الرسائل القديمة، بعضها يعود لزمن داروين وشكسبير، والبعض الآخر من يوميات الحرب العالمية. فيقوم الأشخاص بتحويل الكتابة اليدوية إلى نص رقمي لأن استخدام برامج التعرف الضوئي لا تُجَارِي العين البشرية.
كما تتقدم مجالات مثل الكيمياء الحيوية لأن الناس يستخدمون أوقات فراغهم للعب ألعاب علمية خاصة على الإنترنت. في لعبة Eterna، يقوم اللاعبون بتصميم الحمض النووي الريبي RNA، تمهيدًا لصناعة البروتينات. في Foldit، وهي لعبة لِطَيْ البروتينات، اكْتَشَفَ بعض اللاعِبِين الشكل المَطْوِي لبروتين معين متعلق بالإيدز في القرود.
كذلك ساهم انخفاض تكلفة أجهزة الاستشعار البيئية والصحية في قيام المواطنين بتقييم جودة بيئتهم، موفرين فحصًا آنيًّا وميدانيًّا للدوائر الصناعية للتأكد من اتباعهم لِلوَائِحْ.
وفي مختلف أنحاء العالم، اكتشفت أعين العلماء المواطنين في لبنان أن فقمة الراهب المهددة بالانقراض كانت تحاول إعادة الانتشار في البحر الأبيض المتوسط، وأن الدعسوقيات الهجومية في إنجلترا كانت تجتاح وتوسع نطاقها بسرعة، بينما جرى اكتشاف سبعة أنواع جديدة من عناكب الطاووس الراقصة في أستراليا.
لِمَ بَرَزَ للواجهة بتوهج مؤخرًا وماذا عن المستقبل؟
لقد تزايدت شعبية علم المواطن في الآونة الأخيرة؛ وذلك راجع لأسباب عديدة أهمها التطور التكنولوجي ووسائل الاتصالات التي جعلت العالم قرية صغيرة، والانفجار الضخم للبيانات واستحالة معالجتها من طرف العلماء ومؤسساتهم، فبات الاستنجاد بالمواطنين المتطوعين عبر العالم السبيل الوحيد لتحقيق تقدم في العلم [1].
كما أن الجانب غير الرسمي للمواطن العَالِم والذي يشتغل في أَرْيَحِية لأنه هو من تطوع وهو من يعمل على إشباع شغفه ساهم بالإيجاب في هذه الجهود فكما قال آلبرت إينشتاين «العلم شيء رائع إذا لم يكن على المرء أن يكسب لقمة العيش فيه».
وفي الحقيقة إلى وقت ليس ببعيد، لم تكن تَلْقَ فكرة مشاركة الناس العاديين في الجهود العلمية رواجًا بين النخب العلمية؛ إذ كانت الجماهير بحاجة إلى الإقناع بأن لديها شيئًا ذَا قيمة يخدم العلم. لكن علم المواطن اليوم مجال متين ومعترف به ومحترم.
ففي أوائل عام 2017، تم تمرير قانون التعهيد الجماعي وعلوم المواطن بوصفه جزءًا من قانون الابتكار والتنافسية الأمريكي بهدف «تشجيع وزيادة استخدام وسائل التعهيد الجماعي وعلوم المواطنين من طرف وكالات العلوم الفيدرالية». وفي عام 2018م، نشرت الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم المرموقة تقريرًا بعنوان «تصميم علوم المواطن لدعم تعلم العلوم». كما أصبح يتم إدراج نتائج علوم المواطنين بانتظام في المجلات العلمية المُحَكَّمَة حيث أصبحت تُلَاقِي قبولًا [2].
كما تشهد أوروبا نُمُوًّا غير مسبوق في علم المواطن. وتتمثل إحدى طرق فهم صورته الحالية عبر العالم في مراقبة نمو عدد المشاريع، ومقدار الأموال الموجهة لدعم المشاريع والبحوث ذات الصلة، وظهور شبكات الدعم المؤسساتي التي يمكن أن تساعد المجال على التوسع والتطور. مبادرة الأفق 2020 للاتحاد الأوروبي (The European Union’s Horizon 2020) مسؤولة إلى حد كبير عن النمو في الاتحاد الأوروبي بسبب تمويلها الضخم. على سبيل المثال، تمول المبادرة برنامج (DITOS (Doing It Together Science الذي يضم مئات الفعاليات العلمية للمواطنين والمشاريع المُضمَنَة في المعارض الفنية والجامعات ومتاحف العلوم وغيرها [2] .
بالإضافة إلى ذلك تتكاثر الجمعيات والمنظمات التي تعْنَى بهذا النشاط يوميًّا كالفطِريات ما يُنْبِئُ بثورة في هذا المجال. واليوم أصبحنا نتحدث عن علم المواطن أُونلاين أو علم المواطن السيبراني [Citizen cyberscience [9][1، والذي يرتكز أساسًا على المساهمة من بيتك. تشير كل هذه التطورات وغيرها إلى حدوث تحول جذري في الأفق، وبات من الواضح تعاظم شأن علم المواطن يومًا بعد يوم.
حسنا أريد المشاركة، من أين أبدأ؟
يوجد عدد لا حصر له من مشاريع علم المواطن، وبإطلالة خفيفة على الإنترنت، سيجد المرء الآلاف من المشاريع في شَتى المجالات. زونيفرس (Zooniverse) هو أشهر تجمع للعديد من مشاريع علم المواطن والذي يُحْصِي لحد الآن أكثر من مليوني عالم مواطن مسجل في منصته وأكثر من 500 مليون تصنيف حتى الآن. زونيفرس يسمح بالمشاركة في البحث بجميع أنواعه، من تصنيف المجرات، إلى عد البطاريق، إلى نسخ المخطوطات. ومن المؤكد أنه مهما كان اهتمامك، فستجد هناك مشروعًا يناسبك.

موقع زونيفرس
فإذا كنت من هواة علوم الفضاء، فمشروع علم المواطن جالاكسي زو (Galaxy zoo) سوف يُلَائِمُك. حيث باتت أجهزة جمع المعلومات كالتيليسكوبات تُنْتِجُ بيانات ضخمة يستحيل معالجتها من طرف مجموعة باحثين وأجهزتهم داخل مخبر. وأصبح يتطلب ذلك تعاونًا عالميًّا من قِبَل المواطنين. انطلق جالاكسي زو في 2007م بوصفه مشروع تصنيف للمجرات، بعد أن فكر كريس لينتوت (Chris Lintott ) وفريق بحثه من جامعة أكسفورد في طلب المساعدة من المتطوعين عبر العالم لغربلة الصور القادمة من الفضاء. وقد نجحت الفكرة؛ إذ لم تتوقف على المساعدة في تصنيف واكتشاف مجرات، بل تعدتها لرصد وتسمية أشياء فلكية أخرى. في الحقيقة، كان نجاح هذا المشروع هو نقطة انطلاق زونيفارس. جالاكسي زو يعرض عليك صور أقمار صناعية لمجرات وأنت تحدد شكلها الهندسي، ولأنه توجد من 100 إلى 200 مليار مجرة في الكون فهناك عمل ضخم وجب تقاسمه.

تصنيف مجرة في جالاكسي زو
أَما إِنْ كانت ميولك لعلوم الطبيعة، فيمكنك المساعدة في مشروع علم المواطن بنجوين ووتش (Pinguins watch) لمراقبة طيور البطريق. العرض أَتَى من عالم معروف من جامعة أكسفورد يسمى توم هارت (Tom Hart) وهو على رأس المشروع منذ سنوات، لطلب المساعدة من المواطنين لعد طيور البطريق، باستخدام كاميرات مثبتة في الأنتركتيكا، بالإضافة لاستعمالهم صور الأقمار الاصطناعية لتحديد آثار فضلات الطيور لمعرفة مكان وجود مستعمراتها للتمكُّن من متابعتها. تساعد إحصائيات العلماء المواطنين على فهم التغيرات التي تطرأ على عدد البطاريق والتقلبات في معدلات بقائهم وتوقيت التكاثر. بإمكانك تخيل ذلك العمل الضخم، ولهذا السبب دعا هارت المواطنين للمساعدة، حيث يوفر موقعه لعبة تتمثل في عرض صور لمجموعات بطاريق يحسب المواطن العالم عددها. يعد هذا العمل جد مهم للعلوم؛ إذ سيجري ضم المعلومات التي أنتجها العلماء المواطنون لقاعدة بيانات جامعة أكسفورد من أجل معرفة أفضل لهذا الحيوان المهدد بالانقراض بسبب الاحتباس الحراري.

عد البطاريق وتصنيفهم في بنجوين ووتش
أَما إِنْ كنت تحب الفنون فيمكنك المساعدة في مشروع مخطوطات جنيزة القاهرة (Scribes of the Cairo Geniza) من جامعة بنسلفانيا، وهو عبارة عن كنز تاريخي ضخم من الوثائق القديمة المكتشفة و المخبأة لقرون في «الجنيزة» بمدينة القاهرة القديمة ويُحْصِى أكثر من 350 ألف مَخْطُوط متنوع. يقوم العالم المواطن بتصنيف هذه المخطوطات المكتوبة بالعبرية والعربية وتدوينها، وهذا ما سيوفر مادة تاريخية ظلت حبيسة أَقْبِيَة لقرون مما سيسمح بإعادة كتابة تاريخ الشرق الأوسط في العصور الوسطى.

تصنيف المخطوطات المصرية القديمة وتدوينها في جنيزة القاهرة
إِن كُل ما جرى استعراضه آنِفًا من أمثلة مشاريع يُعَدُّ غيضًا من فيض، فالإنترنت يحفل بآلاف المشاريع المتنوعة، لمن يستهويه مد يد العون العلمي، حيث بات مؤكدًا أَن السبيل الوحيد لمواصلة التقدم إلى الأمام في العديد من مجالات الدراسة يتلخص في تعاون العلماء، ليس فقط مع بعضهم بعضًا، بل أيضًا مع الجميع. وكل قارئ مهتم مَدْعو لزيارة موقع SciStarter الذي يعد بوابة يلتقي فيها العلماء والعلماء المواطنون لبعث مشاريع علمية والعمل على إنجاحها. كما تعْنَى جمعيات عالمية لعلم المواطن بدفع هذا النشاط بطرق متعددة، وتضع قوائم محدثة لمختلف المشاريع على مواقعها، كجمعية علم المواطن الأمريكية، جمعية علم المواطن الأوروبية، وجمعية علم المواطن الأسترالية. ولسان حال كل الجهات الفاعلة في هذا الموضوع «العلوم محتاجة لكم أيهَا المواطنون، قَدِّمُوا مساعداتكم من فضلكم، شاركوا وأَحْدِثُوا الفرق على هذا الكوكب».
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست