أن تتصرف كقائدٍ لحياتكَ أمرٌ يتطلب شجاعةً كبيرةً وفهمًا عميقًا و إدراكٍ واسع، الجبناءُ وحدهم من يستطيعون تجنبَ خطرَ التحديات ولكن على أيةِ حال هم أصلًا ميتون. المرء الحي هو المستعدٌ دوما لخوضِ غمارِ الحياةِ بشجاعة، ويعاملُ كل أزمه قادمه لحياته كفرصة، يستطيع أن يحوله لنجاحٍ باهرٍ، فقط عندما يتعامل مع التحديات والمرض كصديق ومعلم لا كعدو.
لقد امتلأ الإنسانُ في عصرنا الحالي بالضجيج والنفاياتِ المعلوماتيةِ التي بالأغلب تَتكدس بالسلبية وتهدر الكثير من الطاقةِ الفعالة والتوظيف الطبيعي لألية عمل العقل البشري. وهذا لا يُمكنه من أن يكونَ في سلامٍ داخلي وسعيد، إن الكلمات التي تنطلقُ منا هي من أخطرِ الأشياءِ التي يقومُ بها الإنسان، خصوصًا ذلك الكلام الذي يحمل الأحكامِ المسبقةِ والتفكيرِ السلبي عن الحياة وعن الآخرين، وهذا الأمر غير مختصرٍ فقط على الكلماتِ، بل على طريقة تفكيرنا تجاه أنفسنا والحياة.
وللأسف يتحرك العقل البشري في ظل عصر التقدم والتكنولوجيا بشكلٍ سريعٍ وغيرِ واعٍ، خصوصًا مع إحكام قبضة الأنا وانتشارِ ثقافةِ السيطرةِ على الآخرين والذي يفقد الإنسان الكثير من طاقات الإبداعِ والإلهامِ والاتصال. وهل يمكن للإنسانِ أن يتجاوزَ هذه المناوراتِ والحروبِ التي بداخل عقله؟ الجواب هو نعم يمكن وليس من الصعب التخلص من كل هذا، إن كل ما نحتاجه هو لحظةِ وعي.
إن البشرية اليوم تختبر أقوى وأشد المشاعر علي كافة المستويات، كل شيء بات يخرج من العمق إلى السطح، ولكن عليك أن تعي أنك تعيش هذه الحياةَ التي بداخلكَ ولا يتعلق الأمر بنوعية المرض أو مكان وجوده، وإنما بردةِ فعلكَ اتجاه ما يحدث في العالم، وهذا ما يميزك كونك قائدٍ يعملُ بكلِ طاقتهِ وإمكاناته، وبينَ كونكَ ضحيةٍ للتحدياتِ وظروف المحيطةِ بكَ والأمراض، هذه هي طبيعية الحياة التي هي في تغيرٍ دائمٍ وتوسع، ستجدها دومًا تحُثكَ على التطور.
سَتقولُ لي كيفَ لا نشعر بالاستياءِ والأحداث البيئة التي تقعُ باستمرار؟
إن الشعورَ بالاستياءِ بحدِ ذاتهِ وحدوثِ الأمورِ السلبيةِ، هذا تحدٍ لتحسينِ نوعيةِ حياتكَ، حتى التجاربِ السلبيةِ هي بالعمقِ رسائلَ خفيةِ وإنذاراتِ لتصحيح مساركَ وللتحركِ إلى ما هو إيجابي، بمعنى إذا وجدتَ الضيق، هذه رسالة لكي ترتاح وتعود لتصالحك مع الذات السلبية كلَ هذه إشاراتٍ تدلنا على أننا ابتعدنا عن ذواتنا، هذه رسالة كورونا.
إن مفهوم إدارة الحياة يتطلب منا الوعي الكامل بالذات والوعي بالآخر، وبذلِ جهدٍ لاختيارِ الحياة التي نريدها بالحبِ والكرامةِ والحريةِ والعدلِ والسلامِ والصدقِ والأمانةِ والوفاءِ والإخلاصِ والتعاطفِ والتعاونِ والتكاتفِ وفعلَ الخيرِ والأداءِ المتميزِ والمتفوق لتحقيقِ نتائجٍ عظيمةٍ، تحققُ لنا ولغيرنا الخيرَ والفائدةِ والسعادةِ والرضا. حقًا إنها إدارةُ الحياةِ وهي إدارةٌ للطاقةِ بنوعيةٍ إيجابيةٍ وكميةٍ من الطاقةِ العاليةِ، وأنت مسؤولٌ لكي تختارَ نوعيةِ طاقتكَ وكميتها، فماذا أنت فاعلٌ؟ وعندما نُقابلُ تحدٍ معينٍ فإما أن تتعلمَ منهُ درسًا أو تصبح ضحيتهِ.
وتذكر أن كلً شيءٍ يحصل هو بمثابةِ درسٍ لك. فالتحدياتِ دومًا تزيدنا تطورًا إن تعلمنا منها الدروس المستفيدةِ، فالكونُ يستجيبُ لكَ على قدرِ إيمانكَ.
يبقى السؤال المهم هل تؤمنونَ بأنكم على توافقٍ مع رغباتكم في الحياة؟
أغلب البشر يعتقدونَ أنهم يعرفون ما يردونَ حقًا ويستمرون، بالتفكيرِ بالأشياءِ التي لم تَتَحقق لهم بعد، ولكن علينا أن نكون مدركين أنه إذا ما كنتم تفكرونَ بالأشياءِ التي تريدونها وأنها ما زالت مفقودة في تجربتكم ولازلتم وتعيشونَ غيابها، وكنتم تشعرون بشعور سلبي ومن ثم تصاب بخيبة أمل لكونكم لا تمتلكونها بعد، هذا المؤشر يدل على أن طاقاتكم وشعوركم يذهب لمكان آخر عكس المكان الذين تودون الوصول إليه، لا يمكننا أن نرغب بشيءٍ ونفكر بعكسه، لأنه ببساطةٍ ما تفكر به سيتحولُ لمعتقد. والمعتقد هي الفكرة التي استمريت أنت بالتفكير بها، فلماذا لا نفكر بما نريده حقًا وبكلِ صدقٍ وبوضوح.
في البدايةِ عيشنا للحياةِ يبدأُ بتكوينِ نمطٍ من التفكيرِ البعض، منها ما قد يتم تعليمكَ إياهُ من قبل الأخرين والبعض الآخر قد ينشأ لديك بسبب شيء أنت لاحظته موجودًا، ثم تحدثتَ عنه واستمررت بتذكرهِ بتعمدٍ، ثم جذبتهُ لحياتك.
عليك أن تَعلم أن الحياةَ مثيرةٌ للاهتمامِ وفي الحياةِ تستطيعُ التحدثَ عن أي شيءٍ لمدةٍ حتى يبدأ بالظهورِ بكثرةٍ في تجاربك، وهذا ما قد يجعلكَ تنظرُ لبعضِ الأشياءِ في حياتكَ كحقيقةٍ مفروغٍ منها.
يجب علينا أن نتأملَ ونتعلمَ من تحدياتنا لكي لا نكررها مجددًا في تجاربِ حياتنا، لا يمكن لتحدي الكورونا أن يختفي ما دمتَ تتحدثُ عن نفسِ القصةِ، تحدث عن القصةِ التي تريدها عبر كلماتك وملاحظتك وتوقعاتك عندها فقط تستجيب الحياة لهذا الشكل من التفكير المتعمد والإيجابي، وبالتالي ستحصلُ على ما تريد، وليس عما تلاحظُ أيضًا.
اخلق عالمك الجديد.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست