على أثر جائحة (كوفيد-19) وأجيالها المتعاقبة، توقفت الحركة في جميع مجالات الحياة، وخاصة التعليم الذي أثبت فشله قبل الجائحة في ظل الانقسام الأسود الفلسطيني، وزاد فشله بامتياز بغزة عندما اتجهت جميع المؤسسات التربوية للتعليم الإلكتروني، لكن هذه العملية لا تواجهها العراقيل فقط، بل كشفت عن عيوب الأنظمة التعليمية التي لم تنجح قبل جائحة (كوفيد-19) القائمة على الدراسة الوجاهية داخل فصول المؤسسة التربوية.

فقد أثرت الجائحة في تعطيل التعليم بجميع محافظات فلسطين بصورة عامة، والمحافظات الجنوبية بصورة خاصة، حيث لا يتفاعل عدد كبير من الطلاب مع التعلم الإلكتروني، ويرجع السبب الرئيس إلى انقطاع الكهرباء، وعدم اقتناء الإنترنت وأجهزة خاصة بالتعليم الإلكتروني.

يعد التعليم القطاع الأكثر تأثرًا بهذه الجائحة، بسبب غياب الطلاب المستمر نتيجة إغلاق المؤسسات، وهذا الأمر شكل منحى سلبيًّا على مستقبل التعليم، من خلال التحول السريع للتعليم الإلكتروني، وهذا التحول المفاجئ جعل من هو مرتبط بالعملية التعليمية غير قادر على التعامل مع هذا التعليم.

فمن العجب أن القائمين على التعليم بغزة نادوا بمصطلح «المؤسسات التعليمية بيئة آمنة» وكان هذا سببًا في تفشي وانتشار الفيروس، مما أدى إلى زيادة في أعداد الإصابات، وعلى الرغم من أنهم كما يدعون أنهم يمتلكون تقنيات تكنولوجية، وثورة معلومات، وطاقمًا تربويًّا من مديرين ومشرفين تربويين يستخدمون هذه النظم الإلكترونية لكن ما هو على أرض الواقع غير ذلك، وقلة من يعرف استخدام وتدريب كوادر مؤهلة مع هذه التقنيات الحديثة، ورغم ذلك يطلب من المعلم القيام بمهامه التدريسية سواء كان وجاهيًّا أم إلكترونيًّا.

ومن أجل تفادي فشل المنظومة التربوية تصدر بين الفينة والأخرى بعض الكتابات التوضيحية وكأن التعليم أصبح مجرد بريد إلكتروني أو موقعًا من مواقع التواصل الاجتماعي.

من أبرز التحديات التي تعوق التعليم الإلكتروني بغزة:

انقطاع التيار الكهربائي بصورة مستمرة نتيجة الحصار، وافتقار المؤسسات التربوية إلى بنية تحتية تكنولوجية، وضعف الإشراف التربوي وتأهيله في الميدان التكنولوجي فهو مجرد ملقن للتعليمات الصادرة له للمعلم، وعليه أن يكتب ما يملى عليه بأن التعليم الإلكتروني ناجح وهو يدرك عكس ذلك، والعبء المحمل على كاهل الكادر التدريسي تعليميًّا وإداريًّا جعله غير مؤهل بأن يكون أستاذًا تقنيًّا متفاعلًا في هذا النظام الإلكتروني المتطور، وعدم اهتمام الطالب بالتعليم الإلكتروني لعدم كفاءته، حيث تفاوتت درجة التفاعل من طالب لآخر، والضغط النفسي الملقى على أولياء الأمور، من خلال قيام ولي الأمر بمهام الطالب في حل الواجبات والتعيينات والامتحانات والأنشطة لأبنائهم لتخفيف الضغوط عنهم من مشكلة التعليم الإلكتروني، حيث تختلف قدرات أولياء الأمور في مساعدة أبنائهم، ليس فقط بسبب ضعفهم في التكنولوجيا، وإنما بسبب الإمكانيات المحدودة في المنهاج الدراسي المعقد الذي لا يتوافق مع التعليم الإلكتروني، مما أدى إلى ضعف الطالب، وهذا الأمر زاد من عدم قناعتهم بالتعليم الإلكتروني.

فإن التربية والتعليم قد سجلت فشلًا بامتياز في تجربة التعليم الإلكتروني سواء من:

عدم الجهوزية وقلة الاهتمام بمشاريع الحاسوب في المؤسسات التربوية.

الفجوة الرقمية ما بين المشرف والمعلم والطالب وولي الأمر.

من المسؤول عن تدمير وضياع المنظومة التربوية بغزة؟ هل يكون:

1. مفهوم البيئة الآمنة؟

2. أم ضعف التأهيل التكنولوجي؟

3. أم المنهاج التربوي المتغير باستمرار؟

4. أم الانقسام الأسود الفلسطيني وأزماته الذي دمر الحياة بمختلف قطاعاتها وخاصة التعليم في قطاع غزة؟

فالمؤسسة التربوية أمام اختبار واختيار، إما أن تعود للتعليم الوجاهي، وإما أن توفر كادرًا تعليميًّا إلكترونيًّا مع توفير أجهزة حاسوبية لجميع فئات طلاب وطالبات المجتمع وكهرباء مستدامة، وإلا سيفتح الباب لتفشي ظاهرة الأمية كما تفشى فيروس(كوفيد-19)، بعد أن أصبح الشعب الفلسطيني مصنفًا من الدول المتقدمة تعليميًّا.

لذلك يجب على التربية والتعليم قبل أن توزع الشهادات على الطلاب في نهاية العام أن تكتب الشهادة باسم ولي الأمر وليس باسم الطالب مع تقديم شهادة شكر وتقدير لمساهمة وتفاعل أولياء الأمور مع التعليم الإلكتروني، وشهادة وفاة أخرى للأجيال القادمة تربويًّا وتعليميًّا في نهاية العام الدراسي، فعلى أصحاب القرار الفلسطيني إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الفيروس التعليمي داخل المنظومة التربوية بغزة.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد