لماذا نلتزم بالحظر؟
هل من أجل أنفسنا؟ من أجل رسالتنا و غايتنا في الوجود؟
هل من أجل عوائلنا؟ من أجل أبيك، أمك، زوجتك، إخوانك، أحبابك؟
هل من أجل أحلامنا وطموحاتنا؟ من أجل الدراسة، الزواج، ارتقاء في وظيفة أو عمل؟
هل من أجل مجتمعنا وبلدنا؟ من أجل إصلاحه وإعماره وتكاتفنا؟
مع تفاقم جائحة كورونا وانتشارها بشكل سريع بين دول العالم، كان لا بد من الحفاظ على الصحة العامة للمجتمع، واتخاذ الإجراءات الوقائية لإضعاف هذا الانتشار أو إيقافه، ففرضت السلطات حظر للتجوال بشكل كلي أو جزئي، مع بقاء الناس في منازلهم ومنعهم ومركباتهم من التنقل من مكان إلى آخر، ومنع التجمعات، وتعطيل الدراسة في المدارس والجامعات، وإغلاق الأماكن العامة، والمقاهي، والمتنزهات، والمساجد، والكنائس، ومنع الرحلات الجوية، وغيرها من الفعاليات، إلا أن كثيرين لم يلتزموا بهذا الحظر، ولم يخضع لتنفيذه كثيرون.
وقد يعود الأمر إلى الأسباب الآتية:-
1 .الجهل بفيروس كورونا وخطورته وتأثيره في أنفسهم وفيمن حولهم.
2. غياب الرادع القانوني والأمني لمعاقبة المخالفين، وتهاون السلطات في اتخاذ الإجراءات الصارمة، وتقديم المحسوبية، فمن أمن العقوبة أساء الأدب.
3.القصور الكبير في فهم الدين، والإشارة إلى أن المرض عقوبة من الله تعالى للفاسدين، واستخدام بعض المصطلحات بشكل خاطئ (الله الحافظ، قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا…).
4. غياب الهدف من دوره الأساسي في الحياة، ولا وجود لشيء يفعله (معلومة أو مهارة يكتسبها أو عمل ينجزه) عدا الأكل والشرب والنوم.
5. فقدان منظومة القيم والمبادئ التي يرتكز عليها المجتمع، واتباع الهوى والمصلحة الذاتية، والاهتمام بتلبية حاجاته الخاصة، بغض النظر عن مضرتها لغيره.
6. الخوف من المستقبل المجهول، وضياع الأمل بتوفير العيش الرغيد للمواطن؛ نتيجة للفساد المتراكم في البلدان العربية وتمني الخلاص بالموت.
7 .عدم التعود على البقاء في المنزل طويلًا و تكرار المشهد اليومي من الصباح إلى الليل الذي يصاحبه (ملل، مشكلات، عراك..) .
8. الإيمان بنظرية المؤامرة، وأن من حاك المؤامرة هو السبب في انتشار الفيروس، وهو نفسه لديه العلاج، وأن المرض قد أخذ حيزًا إعلاميًّا فقط.
9. البحث عن مصدر رزق وتوفير لقمة العيش؛ لضعف الإمكانيات والقدرات وسوء الحالة المعيشية للكثير من الناس الذين يكتسبون رزقهم بشكل يومي.
10. ضعف الإجراءات التي اتخذتها الجهات المختصة في توفير معلومات دقيقة تشير إلى وقت انتهاء الحظر، وتبين وقت انتهاء المرض أو السيطرة عليه، وعدد حالات الإصابات الصحيحة، والمتوقع أنها أكثر مما يعلن بكثير، لشح الإمكانيات الصحية.
كل ذلك قد يدفع الشخص إلى عدم فهم ذاته وكيانه، والعيش بمشاعر التوتر والملل، والاكتئاب، والضيق والحسرة، وقلة الصبر، بالإضافة إلى سيطرة العديد من الأفكار المتناقضة عليه، والخلل في اتخاذ قراراته، وضعف تواصله مع الآخرين، ودخوله في دوامة الخلاص أو البقاء.
قد يتطلب ذلك فعلًا، رؤية حقيقية للبلدان (أين هي الآن؟ وماذا تريد أن تكون عليه في المستقبل؟)، من خلال دراسات دقيقة وواقعية من مراكز متخصصة استراتيجية تعالج بناء الإنسان والأرض، وتحقق المصلحة العليا للفرد والمجتمع.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست