يختلف مفهوم ما يسمي (الخيانة الزوجية) باختلاف الزوايا التي ينظر بها إلى هذا التعبير أو هذا المعني، وتختلف الثقافات والمجتمعات في تصنيف وتكييف معنى خيانة الزوج لزوجته أو حتى العكس.
السؤال.. عزيزي الرجل هل حقًا تخون زوجتك؟!
هل أنت في علاقة مع امرأة أخرى؟!
هل هي علاقة جادة أم عابرة؟!
هل مشاعرك حقيقية وليست مزيفة؟!
هل دينك وعقيدتك وأخلاقك وإحترامك لذاتك يسمحان بذلك؟!
دعنا نتناقش حول هذا الأمر..
بالنسبة لنا نحن كمسلمين، فإن العقيدة الإسلامية السمحة الفضفاضة قد حققت فسحة ليس لها مثيل من المرونة في العلاقات الإنسانية بين الرجل والمرأة لم تأت بها شريعة سماوية أو ملة من الممل الأخرى الموجودة على ظهر هذا الكوكب، وقامت بتأطير الأمر وتحديده من أجل تحقيق مفهوم السعادة الزوجية وتحقيق الراحة لجميع البشر، فجعلت التعلق والدخول في علاقة أخرى بين الرجل والمرأة مباحة ومندوبة طالما كانت في إطار الشرعية والوضوح ونبل المقصد وجاءت الآية الكريمة التي تقول (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ).
لاحظ دقة اللفظ القرآني (ما طاب) أي ما راق وما انشرحت له نفسك وما رضيت، فيمكنك إشباع هذه الغريزة والحصول علي أجر من مالك الكون إذا جعلتها في سبيل الله بنيتك الصادقة لتكثير سواد المسلمين، ونشر دعوة التوحيد، ومساعدة البشر وتلبية حاجاتهم ونشر الخير بين ربوع الأرض.
عزيزي الرجل دعني أقول لك بكل ثقة في هذا العصر الذي انتشرت فيه الشهوات وأدوات اللهو والفساد والعبث والمجون، لا بد من أخذ الحيطة والحذر من الوقوع في المخالفات الشرعية والمحرمات.
وأنت ميزان نفسك، ولديك ترمومتر بيولوجي داخل قلبك فلا يكون أمر تعلقك بغير زوجتك مثار حيرة وشك بداخل نفسك وضميرك.
لا بد أن تعلم أن طبيعة الرجل وتكوينه وفطرته تميل إلى تعدد النساء في حياته، ويجب أن يتنقل بينهن كما النحل بين الزهور.
ولقد قيدت الشريعة السمحة أمر الارتباط حتى أربع نساء، حتى لا يكون الأمر فوضويًا أو عبثيًا، وهذا في وجهة نظري كرجل ممتاز وعدل ما بعده عدل ونحمد الله سبحانه وتعالى بأن ميز المسلمين بهذه الخصيصة.
فيمكنك أن تتعلق وتحب ولكن بشرط أن يكون هناك زواج ونية صادقة، وليس عبثًا ولهوًا كما يحدث في أوروبا وأمريكا اللتين نفد رصيدهما الأخلاقي، فثاروا مثل الدواب يتهارجون فيها تهارج الحمر.
أما على الجانب الآخر، فإن الخيانة الحقيقية بمعناها العام أن يتعلق الرجل بامرأة أخرى إلى جانب زوجته ثم يقع معها في الفحشاء، ولن تكون الخيانة ساعتها لزوجته التي على ذمته، ولكنه سوف يخون نفسه لأنه سيتخفى في الظلام كما الذئاب لنيل أغراض دنيئة من فريسته فيسقط في نظر ذاته وبهذا يكون قد ظلمها ثم بعد هذا يخون الإنسانة الأخرى التي يعاشرها، لأنه قد أفسد عليها دينها وشرفها وعفتها، بل إنه يفسد عليها حياءها وبذلك يكون قد جرأها على القبيح من الفعل، ويجعلها تبدأ طريق الرذيلة.
عزيزي الرجل لا يوجد ما يسمى خيانة زوجية إلا في حق امرأة متزوجة أحبت رجلاً آخر بخلاف زوجها، طالما أنه لم يقصر في واجباته الزوجية بشكل عام، ولو أنها أحبت رجلاً آخر لأن زوجها لا يعطيها حقوقها أو يظلمها، فيجب أن تنتهي تلك العلاقة حتى لا يعد ذلك خيانة لعرضها أمام الله وتبدأ علاقة جديدة مع من تحب إذا أرادت.
الخيانة الزوجية مفهوم غريب علينا نحن المسلمين، لأن كل القنوات الشرعية متاحة أمام الرجل والأصل في الإسلام تعدد الزوجات، والاكتفاء بواحدة هذه شريعة اليهود والنصارى الذين حرموا ما حلل الله وشددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم وصاروا كالأنعام، لا تعرف من ولد من، ومن عاشر من، وقد تناولت في مقال سابق عدد أولاد الزنا ومجهولي النسب في الولايات المتحدة وأوروبا بسبب عدم وجود التعدد، بل دعني أقول لك الأكثر من ذلك، فإن نصارى مصر وخاصة من طائفة الأرثوذوكس أكثر الفئات مظلوميةً على وجه الكوكب في هذا الأمر، حيث إنهم يجبرون على الزواج بواحدة فقط والطلاق محرم ولا تعترف به الكنيسة ولا تعطي وثيقة طلاق، إلا في حالات استثنائية تدخل فيها الرشوة والمحسوبية والمكانة الاجتماعية للأسف، ويجبر الرجل أن يعاشر امرأة قد ملأ الكره قلبه تجاهها أو العكس من أجل إنفاذ أوامر الكنيسة، وقد يضطره الأمر للخروج من هذا المأزق إلى الهرب أو تغير طائفته أو حتى دينه بالكلية ليهرب من جحيم امرأة.
لذلك أخيرًا فإن الإسلام الذي أحاط بكل شيء في كل شيء، ومن تلك الأشياء العلاقات الزوجية لم يترك شاردة ولا واردة إلا وذكرها، وما البدع التي انتشرت في عالمنا اليوم من الاكتفاء بزوجة واحدة وعدم التعدد إلا وسائل بثها أعداء الإسلام للحد من نسل المسلمين وانتشارهم في ربوع الأرض، لأن دعوة الإسلام التي يحملونها في صدروهم تجابه وتحارب الجاهلية الحديثة التي يعيشها الخلق اليوم.
وأنا أتذكر ذلك اليوم الذي سمعت فيه العلامة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله وأتأمل تلك القصة التي حكاها، فقال وقفت عشيقة الرئيس الفرنسي ميتران وابنته غير الشرعية في جنازته وهما يودعانه إلى جانب زوجته المعروفة في أوساط المجتمع، وهما يقفان وليس لهما صفة شرعية، فهل لو أنه مسلم وأتيح له أن يكون له زوجتان فكانت هذه الوقفة وقفة عزة وشموخ بدلاً من هذا الموقف المذري فأي خزيٍ وأي عار أكثر من هذا.
عزيزي الرجل تعلق وحب الثانية كما أحببت الأولى، وشارك الثالثة أفراحك وأتراحك، واجعل الرابعة مسك الختام ومجد المولى سبحانه وتعالى وسبح بحمده، لإنه هو الذي شرع الشرع وصل على الحبيب المصطفى محمد صل الله عليه وسلم الذي روى عنه أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) رواه الإمام البخاري في صحيحه.
عزيزي الرجل حب من تحب لكن بشرط أن تتزوج من تحب، وتزود فإن خير الزاد التقوى واعلم أن الخيانة فقط عندما تسقط في الحرام، فقبل أن تخون نفسك فإنك قد خنت الله ورسوله صل الله عليه وسلم، أما غير ذلك فلا.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست