تابعت الإصدار المرئي المعنون بـ(إعداد الأباة لدحر الطغاة) الذي نشر أول أمس 31 مارس (آذار) 2016 من قبل مجموعة تابعة لتنظيم «ولاية سيناء»؛ تضمن الإصدار صورًا لتدريبات عسكرية شملت مهارات استخدام السلاح، ومهارات الاغتيال السريع، وحرب المدن كاجتياز الطرق واقتحام المباني.
المفاجأة الأهم التي تضمنها الشريط هي عرض مشاهد حصرية للهجوم الذي استهدف «كمين الصفا» جنوب العريش في التاسع عشر من مارس (آذار) الماضي، وتم فيه «قتل جميع أفراد الكمين واغتنام أسلحتهم، وعودة المسلحين إلى قواعدهم بسلام» كما جاء في الشريط المصور.
هناك تسع ملاحظات أسجلها تعقيبًا على هذا الفيديو:
أولًا: معسكر تدريب المسلحين الذي ظهر في الفيديو – يطلق عليه في سيناء «جاعة» – يتضح أنه يستخدم من قبل التنظيم منذ فترة طويلة جدًا، وظهر ذلك من خلال تماسك الأرض بسبب الحركة فوقها واختفاء الأعشاب البرية بعكس المنطقة المحيطة بالمعسكر (صباح الخير يا مخابرات يا عسكرية يا عظيمة).
ثانيًا: بإمكان أي خبير من أهل سيناء أو دارس فلورا أو جغرافيا نبات Phytogeography أن يحدد بشكل تقريبي موقع المعسكر الذي ظهر في الفيديو، وذلك من خلال التنوع الحيوي للنباتات البرية وطبوغرافية المكان الذي ظهر في الفيديو.
ثالثًا: توقيت تدريب هذه الدفعة من المسلحين كان في الفترة ما بين شهر نوفمبر إلى شهر يناير؛ يتضح ذلك من مستوى نمو بعض الأعشاب الموسمية التي ظهرت في الفيديو.
رابعًا: أغلب العناصر المسلحة التي شاركت في التدريب خلال الفيديو ليسوا من أبناء القبائل البدوية في شمال شرق سيناء وبعضهم ليسوا من سيناء أصلًا؛ يمكن ملاحظة صوت مصور عملية الصفا في الدقيقة «15:52» أو أصوات المدربين أثناء التدريب؛ كما يظهر ذلك واضحًا في البنية الجسمية القوية للمدربين التي تشبه بنية أجسام العسكريين في قوات النخبة.
خامسًا: الفيديو أشار إلى أن مجموعة المتدربين هم من نفذوا عمليتي ميدان العتلاوي وكمين الصفا داخل مدينة العريش؛ وهذا يعني أن المجموعة خضعت لمدة تدريب قليلة جدًا وفق ملاحظتنا رقم (3)؛ ومع الفارق في الخبرات والتدريب استطاعت أن تقتل 26 عنصرًا من الشرطة (حسب الرواية الرسمية)؛ وهذا مؤشر واضح جدًّا على مستوى تدريب أفراد الجيش والشرطة الذين يتم الزج بهم في سيناء ليواجهوا المجهول.
سادسًا: يتضح من طبيعة التدريبات التي ظهرت في الفيديو أن عمل هذه المجموعة سيكون في العريش فقط؛ لذلك كانت تدريباتهم مركزة على تكتيكات حرب المدن، لذلك من المتوقع والبديهي أن تكرر هذه المجموعة عملياتها وقد تنجح مرات أخرى إذا تكرر مواجهتها بنفس الفكر الأمني الفاشل الذي لا يضر سوى بالمدنيين.
سابعًا: هناك أمر لم يلفت انتباه الكثيرين، وهو أن بيان التنظيم (مرفق صورة) الذي صدر عقب أحداث كمين الصفا ذكر أن سيارة مفخخة اقتحمت الكمين قبل دخول العناصر المسلحة التي كان يقودها انتحاري اسمه «أبو القعقاع المصري»، وهذا عكس ما ظهر في الفيديو؛ هذا يدل على تخبط كبير ويؤكد أن هناك ملاحظة سبق أن أشرت لها أن هناك فجوة ما بين التنظيم على الأرض وبين مركز إصدار البيانات، وهي ليست المرة الأولى التي يحدث بها ذلك.
ثامنًا: تعمد الفيديو عدم الإجابة على سؤال ظل عالقًا بعد عملية الصفا؛ حيث أعلنت وزارة الداخلية عن اختفاء ضابط وجندي من قوة الكمين؛ ليظل مصيرهم مجهولًا حتى إشعار آخر.
تاسعًا: جاء الفيديو مصحوبًا بكلمتين إحداهما لأبي محمد العدناني المتحدث باسم تنظيم الدولة، والأخرى لأبي بكر البغدادي خليفة التنظيم؛ جاءت الكلمات في سياق الحملة الدعائية للتنظيم؛ حيث ركزت على رفع الروح المعنوية لمؤيدي التنظيم والتأكيد على بقائه وتمدده.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست