يعرف الاكتئاب على انه «اعتلال عقلي يعاني فيه الشخص من الحزن والمشاعر السلبية لفترات طويلة، وفقدان الحماس وعدم الاكتراث. وتصادفه مشاعر الحزن والتشاؤم والذنب وضيق في الصدر مع انعدام وجود هدف للحياة، مما يجعل الفرد يفتقد الواقع والهدف في الحياة. وهو أيضًا أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا ويصنف ضمن الاضطرابات النفسية التي تتسم بخلل في المزاج. أهم ما يميز الاكتئاب هو الانخفاض التدريجي -أو الحاد والمتسارع أحيانًا- في المزاج والنفور من الأنشطة. يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على أفكار الشخص، وسلوكه، ومشاعره، ونظرته إلى العالم والرفاهية المادية، وقد لا تكون الكآبة بالضرورة اضطرابًا نفسيًا، بل رد فعل طبيعي لأحداث حياتية محددة، كأن تكون عرضًا من أعراض بعض الحالات الطبية، أو أحد الآثار الجانبية لبعض العلاجات الطبية. والكآبة أيضًا سمة أساسية مرتبطة بمتلازمات نفسية مثل الاكتئاب السريري».
وعلى الرغم من انتشاره واعتباره مرض العصر إلا أنه ظل محاطًا بالكثير من الجهل والظنون البعيدة عن منحى العلم والطب، فقد يعاني منه الكثير لكن دون شكوى خوفًا من أن تتحول أيادي النجدة إلى مجاديف لاطمة مغرقة أو أصابع اتهام بأن المريض بعيد عن الدين أو إنسان سيء.
لذا يجب التنويه أن للاكتئاب أنواع فمنه النفسي والعضوي فقد تكون المسببات من البيئة المحيطة والأحداث ال سيئةأو قد يكون نتيجة العديد من الأمراض المعدية والمشاكل الفسيولوجية، وقد يكون حالة عرضية مثل اكتئاب ما بعد الولادة، لذا تتعدد طرق العلاج فقد يعطى المريض العقارات والأدوية لتخفف من حالته بحيث تعمل على زيادة نسبة الهرمونات مثل هرمون الأندورفين.
ما أود التركيز عليه في هذا المقال هو أن الاكتئاب له أهله من الأطباء ولا علاقة بين قلة الدين والمرض النفسي، فالمرض لا يعرف دينًا أو هوية، قد يصاب به المؤمن والكافر. وأنوه حرفيًا بأن لا علاقة بينهما من حيث «الإصابة» أي المسبب.
لكن هل يخفف الدين من الأعراض؟ وهل يساعد في الشفاء؟
بالإضافة إلى أن الاكتئاب مراحل، فقد يفيد الكلام والروحانيات في المراحل الأولى والبسيطة لكن هناك مرحلة يصل بها المريض إلا الانعدامية الشديدة التي تقوده إلى الانتحار وهنا لن تفيد إلا العلاجات الطبية والصعقات الكهرباية.
فالاكتئاب يصيب البوذي والمسلم والأوروبي والعربي، ويشفى منه الملحد واللاديني والمؤمن، وقد ينتحر بسببه السني أو الشيعي لذلك يجب أن يعامل على أنه مرض قائم وعلاجه يكون على أيدي الأطباء.
ربما يقول أحدهم أن هناك أيات في الكتب السماوية تشير إلى أن من ابتعد عن الدين سيلاقي الحياة السيئة، نقول نعم، لكن كما أسلفنا سابقًا يرجع إلى مدى قناعة الإنسان ومعتقادته ويرجع أيضًا إلى أي مرحلة وصل المريض، لأن سنن الله تبقى ثابتة في والمجتمعات، فمن زرع حصد، ومن طلب العلم وجد، ومن سعى للدواء شفي وكما يقول الدكتور مصطفى محمود : «إذا نزل مؤمن وكافر إلى البحر فلا ينجو إلا من تعلم السباحة، فالله لا يحابي الجهلاء.. فالمسلم الجاهل سيغرق والكافر المتعلم سينجو». فقد ينتحر أي انسان مهما كانت هويته وملته إن لم يتقصّ العلاج وإن تفشى به المرض.
وأخيرًا، لكل مرضى الاكتئاب والذين يشعرون بأعراضه وبوادره عليكم طلب المساعدة دون أن تحصروا الطلب في رجال الدينأو بالضرب عند المشعوذين، إنما يجب أن تُطلب من أهل الاختصاص والطب.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست