“من أجل أولئك الذين رحلوا عنا، وسقطوا ضحية كراهية وحقد لا مبرر لهما بسبب من نسوا أننا كلنا خُلقنا بصورة إله واحد، من العرب واليهود. لأبناء هذه البلد التي تُذكرنا بأن لا أرض لنا غيرها، لنا نحن الإسرائيليون ولكل أبناء البشر، ولمجد دولة إسرائيل”.

 

كانت تلك الكلمات بعض مما قالته الصحفية العربية – حاملة الجنسية الإسرائيلية – لوسي هريش، مقدمة الحفل الخاص بذكرى ما يسمى استقلال إسرائيل أو تأسيس إسرائيل إن صح التعبير.

 

 

 

كان الملفت للأنظار هذه المرة في مراسم الاحتفال الخاص بالذكرى الـ 67 لتأسيس إسرائيل، مقدمة الحفل العربية، والتي قدمت كلماتها بكل حماس باللغتين العربية والعبرية، بجانب كونها إحدى مضيئات شعلات الحفل.

 

 

لكن سيبقى السؤال المُلح، بعد مشاركة تلك العربية في الاحتفال بشكل رسمي نيابة عن عرب إسرائيل، هل حقا يُعادي العرب إسرائيل؟

 


 

لنشأة دولة إسرائيل تاريخ طويل من الصراعات والخيانات بل والمساومات أحيانًا ، سواء مع الغرب أو مع العرب أنفسهم.

 

ومنذ ذلك الحين أصبح وجود إسرائيل بين دول الشرق الأوسط أمرا واقعا يفرض نفسه بالقوة ويتعزز بسلسلة الانتصارات المتتالية في الحروب العربية الإسرائيلية وعلى الرغم من الخطابات الرنانة للزعماء العرب والشعارات المزلزلة في الشوارع، يبقى ما تخفيه أروقة السياسة أكثر تعقيدًا بشكل كبير مما يبدو عليه الأمر.

 

نماذج من التنسيق والتعاون

 

1- العداء المشترك لبرنامج إيرا النووي


 

تشترك دول الخليج العربي في مخاوفها تجاه امتلاك إيران للسلاح النووي، فقد أشارت برقية دبلوماسية سرية تعود لعام 2009 إلى أن هناك علاقات دبلوماسية سرية مكثفة بين إسرائيل ودول الخليج، موضحة أن إسرائيل ومن وصفتهم بأعدائها التقليديين في دول الخليج العربي أجروا علاقات دبلوماسية مكثفة، وتبادلوا معلومات استخبارية خطيرة، خاصة بشأن إيران. كما أن باكستان أنذرت إسرائيل بقرب عملية ضد سفارتها في الهند مما أدى لفشل العملية.

 

 

وأوضحت البرقية السرية التي نشرها موقع ويكيليكس أن معظم تلك الإجراءات الدبلوماسية بين تل أبيب وعواصم في الخليج العربي تمت لتنسيق السياسات وتبادل المعلومات الاستخبارية بشأن الخطر الذي تمثله طهران في المنطقة، رغم المظاهر العامة الخارجية التي توحي بالعدائية المتبادلة بين إسرائيل ودول الخليج.

 

 

وكشفت برقية دبلوماسية تعود لعام 2009 عن لقاءات دبلوماسية سرية على مستوى رفيع بين إسرائيل ودولة قطر وعدد من الدول الخليجية، رغم كونها دولًا عربية لا تعترف بإسرائيل.

 

 

وأضافت البرقية أنه رغم الخطابات العلنية العدائية ضد إسرائيل، فإن الدبلوماسيين العرب طلبوا من تل أبيب سرًا ووراء الكواليس أن تنقل رسائل إلى الحكومة الأمريكية وتحثها على اتخاذ إجراء أقسى ضد طهران.

 

 

وتوضح البرقية السرية الدبلوماسية المؤرخة في 19 آذار – مارس 2009 أن نائب المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية لشؤون الشرق الأوسط يعقوب هداس قال لأحد الدبلوماسيين الأميريكيين إن عرب الخليج يدركون قيمة الدور الذي يمكن أن تلعبه إسرائيل بسبب قوة علاقتها مع الولايات المتحدة.

 

 

وأضاف أن دول الخليج تدرك أيضًا ما يمكن لتل أبيب أن تقوم به ضد طهران، مضيفًا أن المسؤولين الخليجيين يعتقدون أن إسرائيل يمكنها أن

تفعل “مفعول السحر”.

 

2- عداء مصر وإسرائيل المشترك لحكم حركة حماس في غزة

 


 

ربما لم تعد تسيبي ليفني وزيرة خارجية إسرائيل، ولكنها لاتزال لديها القدرة على التسبب في أزمات دبلوماسية. فعلت ذلك حينما أعلنت أن هناك اتفاقًا بين مصر وإسرائيل لخنق حماس. وحيث لم يكن هناك تأكيد أو نفي رسمي من القاهرة، على الرغم من مطالبة حماس القاهرة بذلك، فقد أثارت تصريحات ليفني طوفانًا من التعليقات.

 

 

 

ويشك مراقبون بأن هناك بالفعل محورًا عربيًّا إسرائيليًّا تترأسه مصر، يهدف إلى تفكيك سيطرة حماس على قطاع غزة كهدف مباشر، كما يسعى أيضًا للقضاء على جميع هياكل ما يسمونه الإسلام السياسي في المنطقة.

وقد سبق وأن ظهر ذلك جليًا في الحرب الأخيرة على قطاع غزة وطريقة إدارة مصر لذلك الملف.

 

فبينما تعلن مصر الحرب على جماعة الإخوان المسلمين بداخلها وعلى توابعها في البلدان المحيطه بها، تواجه إسرائيل حركة حماس التابعة لجماعة الإخوان فكريًا وتنظيميًا وهو ما يعني تداخل المصالح.

 

وقد سبق وأن حر ض الكثير من الإعلاميين المصريين لضرب حركة حماس سواء من قبل الجيش المصري أو حتى الإسرائيلي نتيجة اتهامها بالضلوع في الاضطرابات الأمنية سواء ما بعد ثورة يناير أو الاضطرابات الحالية في سيناء.

 

3- سوق السلاح

 


 

كُشف النقاب في تل أبيب عن أن الدولة العبرية قامت في السنوات الخمس الأخيرة ببيع معدات عسكرية وأسلحة لكلٍ من باكستان، وأربع دول عربية هي مصر، الجزائر، الإمارات العربية المتحدة والمغرب، وقال رئيس تحرير صحيفة “هآرتس” العبرية، ألوف بن، الذي أورد النبأ إن الخبر يعتمد على وثائق رسمية قامت بنشرها الحكومة البريطانية، وهي تتعلق بمنح الرخص لتوريد الأسلحة والعتاد العسكري.

 

بجانب توارد أنباء عن تركيب إحدى الشركات الإسرائيلية للمنظومة الأمنية الخاصة بإمارة أبو ظبي.

 

وحقيقة الأمر لا تقتصر على البلدان العربية فقط بل تصل لما يسمى بمحور الممانعة المتمثل في إيران وحلفائها حيث تؤكد دراسة أعدها مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية حول تاريخ العلاقات “الإيرانية – الإسرائيلية” استمرار التعاون “الإسرائيلي – الإيراني” بعد قيام الثورة الإسلامية في العديد من المجالات أهمها التسلح حيث كانت إسرائيل المصدر الأول لسلاح إيران في الفترة من 1980 إلى 1985، وذكرت “هآرتس” تقريرًا داخليًا لوزارة الدفاع الإسرائيلية أوضح أن إسرائيل حافظت على علاقات “صناعية – عسكرية” مع إيران تم بموجبها تزويد إيران بـ 58000 قناع للغازات السامة من شركة “شانون للصناعات الكيماوية” بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية.

 

بجانب التعاون العسكري التركي الإسرائيلي حيث يعتمد الجيش التركي على شراء طائرات بدون طيار إسرائيلية، بجانب كون اعتماد حلف الناتو لإسرائيل كحليف استراتيجي وهو ما ينتج عنه تعاون عسكري بين تركيا العضو بالحلف وإسرائيل.

 

المعروف أن إسرائيل تعتبر من الدول المتقدمة تكنولوجيًا على صعيد صناعة طائرات التجسس والنظم الإلكترونية المختلفة وصناعة الصواريخ وبناء الطائرات الحربية أو المساهمة في تأهيلها وتزويدها بالأجهزة المتقدمة، كما أن إسرائيل أصبحت الدولة الأولى في العالم القادرة على إعادة تأهيل الأسلحة الروسية الصنع وتحويلها وتزويدها بأجهزة إلكترونية متقدمة.

 

4- الشراكة التجارية وإن لم يعلن عنها

 

 

مع تخوف إسرائيل من تأثيرات المقاطعة الأوروبية على اقتصادها، كشف تقرير أن المغرب احتل الرتبة 11على لائحة الشركاء الأفارقة لإسرائيل والرتبة الثالثة في لائحة شركائها العرب، فيما واصلت الصادرات المغربية نحو إسرائيل انتعاشها شهر نوفمبر المنصرم بعدما سجلت ارتفاعًا بنسبة 17 في المائة خلال الإحدى عشر شهرًا الأولى من السنة الماضية.

 

 

ويأتي هذا النمو بعد تسجيل انتعاش مضطرد لواردات إسرائيل من المغرب خلال شهر أكتوبر الماضي مقارنة مع نفس الفترة من العام المنصرم.

 

 

وبلغ حجم صادرات المغرب إلى الدولة العبرية، وفق ما جاء به المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء، خلال الفترة الممتدة ما بين يناير ونوفمبر 2014 نحو 6.1 مليون دولار أمريكي، مقابل 5.4 مليون دولار في نفس الفترة من السنة الماضية.

 

 

أما بخصوص الواردات المغربية من تل أبيب، فقد بلغت نحو 9.1 مليون دولار في الإحدى عشرة شهرًا الأولى من السنة الماضية، مقابل 52.5 مليون دولار في نفس الفترة من سنة 2013 و54.5 مليون دولار في 2012.

 

 

وصنف المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء المغرب في الرتبة 11 على لائحة أكبر الشركاء الاقتصاديين الأفارقة لإسرائيل وراء كل من جنوب أفريقيا ومصر وإثيوبيا وغانا والكوت ديفوار وتانزانيا ونيجيريا والسينغال وكينيا والكاميرون.

 

كما جاء المغرب في الرتبة الثالثة على لائحة أكبر الشركاء العرب (المعلن عنهم في اللوائح الحكومية الإسرائيلية) وراء الأردن التي احتلت الرتبة الأولى بعد أن بلغت قيمة مبادلاتهما التجارية 436 مليون دولار، متقدمة على مصر التي احتلت الرتبة الثانية.

 

5- القواعد العسكرية الإسرائيلية في الأراضي العربية

 


 

تتواجد إسرائيل عسكريًا خارج حدودها في منطقتين تحسبان على البلدان العربية:

 

أولًا جزر دهلك بإريتريا.

 

تقيم إسرائيل في الجزيرة أكبر قاعدة بحرية لها خارج حدودها في الجزر وذلك بموجب اتفاقية بينها وبين إريتريا وقعت في عام 1995. وتتخذ إسرائيل من الجزيرة مركزًا لها للرصد والمراقبة في البحر الأحمر.

 

كما أنها تعد أيضًا محطة لتشغيل الغواصات الإسرائيلية المزودة بالصواريخ النووية، التي تقوم بمراقبة حركة الملاحة عند مضيق باب المندب جنوب البحر الأحمر.

 

وكانت روسيا تتخذ من الجزيرة قبل ذلك كقاعدة للسيطرة على البحر الأحمر قبل خروجها منها في بداية التسعينيات من القرن الماضي.

 

بجانب توارد أنباء مؤخرًا على توسع إسرائيل في تلك المنطقة أيضًا ، بإقامة قاعدة عسكرية بميناء “مصوع” المطل على البحر الأحمر بدولة إريتريا مقابل صفقة أسلحة تقدر بنحو مليار دولار تتضمن 30 طائرة عسكرية من نوع ميج 29 و25 إضافة إلى تزويد سلاح المدرعات
بـ 230دبابة طراز تي 72 و62 وسنتوريوم.

 

الجدير بالذكر أن سبق وأن استخدمت إسرائيل قواعدها بإريتريا لقصف مناطق عسكرية في السودان.

 

ملحوظة:

 

إريتريا هي دولة أفريقية عاصمتها أسمرة. يتحدث الكثير من سكانها العربية، يتوزع سكان إرتريا تاريخيًا بين ثلاث مجموعات لغوية (بالمعنى المجازي) هي: الحامية والسامية والنيلية.

 

وقد هاجرت إليها القبائل التي تنتمي إلى المجموعتين الحامية والسامية من الجزيرة العربية أصلًا ويصعب التفريق بينهم في الشكل والهيئة العامة، أما النيليون فيعتقد أن أصولهم زنجية أو «متزنجة».

 

 

و لذلك تعتبراريتريا دولة عربية وبجانب كونها “عضوا مراقبا” في جامعة الدول العربية.

 

ثانيًا جزر صنافير المحتلة

 

فقد احتلت إسرائيل جزيرة صنافير لمدة عشرة أشهر دون أن يعلم السفير السعودي في واشنطن الأمير فيصل والذي أصبح ملكًا فيما بعد.

 

 

فبتاريخ 4-11-1956 احتلت إسرائيل مضائق تيران التابعة لأرض الجزيرة (السعودية) ومنها وصلت إلى قناة السويس مع فرنسا وإنجلترا. وكانت هذه المضائق محل خلاف حول ملكيتها مع مصر إلا أنه بعد احتلالها تركت السعودية مصر تفاوض بشأنها، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية منها عادت لاحتلالها من جديد خلال حرب الأيام الستة التي اندلعت بين مصر وإسرائيل عام 1967 كما استولت على جزيرة صنافير السعودية.

 

تتواجد اليوم قوات إسرائيلية بالجزر المسماة جزر تيران وصنافير في ظل تعتيم عربي تعمل تلك القوات على مراقبة الملاحة بمضيق تيران وخليج العقبة بشكل عام لضمان حرية الملاحة لمينائها المطل على البحر الأحمر إيلات.

 

 

6- العلاقات الدبلوماسية

 


 

تقيم إسرائيل علاقات دبلوماسية كاملة وفتح الحدود مع الجارتين مصر والأردن منذ توقيع معاهدات سلام معهم في عام 1979 و1994 على التوالي.

 

 

اليوم هناك اعتراف رسمي بدولة إسرائيل من قبل الدول العربية التالية:

مصر، الأردن وموريتانيا – قطعت العلاقات في 2010 -.

 

 

هناك اعتراف شبه رسمي من قبل الدول العربية التالية والذي يضم الاعتراف بجوازات السفر الإسرائيلية وعلاقات في مجالي التجارة والسياحة: المغرب، تونس، قطر والبحرين.

 

أما باقي الدول العربية فتتعامل مع إسرائيل بصورة غير رسمية أو غير مباشرة وبشكل غير متواصل. وهذه هي طبيعة الحال منذ بداية تسعينيات القرن العشرين.

 

 

يحتوي القانون الإسرائيلي على قائمة 5 دول عربية تُعرَّف كـ “دول عدو” وهي: سوريا، لبنان، المملكة العربية السعودية، العراق واليمن. ومعنى هذا التعريف هو اضطرار أي مواطن إسرائيلي إلى تصريح خاص لزيارة هذه الدول ولو استخدم جواز سفر أجنبي.

 

في الوقت الحاضر، ما مجموعه 32 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لا تعترف بدولة إسرائيل: 18 دولة عضوا في جامعة الدول العربية:

 

الجزائر، البحرين، جزر القمر، جيبوتي، العراق، الكويت، لبنان، ليبيا، المغرب، عمان، قطر، المملكة العربية السعودية، الصومال، السودان، سوريا، تونس، الإمارات العربية المتحدة، واليمن؛ كذلك 11 عضوًا في منظمة التعاون الإسلامي: أفغانستان، بنغلادش، بروناي، تشاد، غينيا، إندونيسيا، إيران، ماليزيا، مالي، النيجر و باكستان. كما أن هناك بلدان الأخرى لا تعترف بإسرائيل منها بوتان، كوبا وكوريا الشمالية.

في عام 2002، اقترحت الجامعة العربية تطبيع العلاقات مع إسرائيل من جانب الدول العربية كجزء من حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في مبادرة السلام العربية.

 

 

 

و يبقى التعقيب الأهم بعد سرد أوجه التعاون بين العرب وإسرائيل والذي تتوج بتقديم إحدى الصحفيات العربيات لحفل الاستقلال، بجانب التحالف العسكري والتنسيق الأمني فيما بينهم، علاوة على تعاون إسرائيل مع من يدعون العداء لها وإن كان مؤقتًا من الدول المجاورة للبلدان العربية.

فسيكون من غير المنصف نعت العلاقات العربية الإسرائيلية بالعدائية.

أو حتى وضع أمل على الدول غير العربية، وهي التي تستخدم ورقة المقاومة الفلسطينية كورقة ضغط في التفاوض والمصالح المشتركة التي تربطها بإسرائيل.

 

ولذلك يبقى التشكيك الأهم والذي يضع الكثير من أسئلة الاستفهام، إلى أي مدى نحن جادون في معاداة إسرائيل ككيان محتل؟

 

 

 

 

 


هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد