يعد الظاهرة الثانية بعد ظاهرة «محمد رمضان»، إن لم يكونا يتنافسان أحيانًا كثيرة على المركز الأول، فكلاهما يشتركان في تسمم المجتمع المصري عن طريق التحطيم الناعم، إذا صح القول، لجميع المثل والمبادئ والأخلاق، والأعراف المجتمعية المتعارف عليها، ما يؤدي إلى تشجيع وتسريع نمو بعض السلبيات الأخلاقية، التي هي بالفعل موجودة في المجتمع؛ فيعملون بذلك على إبرازها وانتشارها ووضعها في إطار تبدو منه أنها عادية، ويمكن للجميع الأخذ بها، بل البناء عليها وتطويرها.

إن من يقولون إنهم يمثلون القانون في مصر هم الأولى بالحفاظ على سلطته قوية، واضحة، بلا أي لبس أو تشكيك في القدرة على الحسم في الوقت الضروري للحسم، عندما تشتم رائحة انتشار السلبيات في المجتمع على أيدي الفئة المشهورة، أو الغنية، أو السلطوية، فلا بد من التدخل الحازم لمنع ما يسمى حمى العدوى، فذلك الشخص يفعل هذا الفعل ولا أحد يحاسبه أو حتى ينبهه، فلماذا أنا لا أفعل مثله! أنا لا أحد يعرفني وإذا فعلت مثلهم فلن يعرفني أحد!

فهذا الملقب بالممثل والفنان يجد أن حمل السلاح والتلويح به كأداةٍ للقوة، صورة مثالية يصدرها إلى فئةٍ عمرية بعينها في أعماله، غير مبالٍ بالنتائج السلبية التي في الحقيقة نحن في أشد الحاجة أن نبتعد عنها قدر الإمكان، يكفي فقط أن تفتح التلفاز على القنوات الإخبارية لترى حجم العنف والموت حولنا، أليس الفن رسالة كما يقولون؟! أين تلك الرسالة؟! وما تلك الرسالة التي تستدعي أن تخرج علينا عاريًا أو بملابس تشبه ملابس المجانين؟ أم أين تلك الرسالة عندما نراك تحمل السلاح الأبيض وتشق به من أمامك متباهيًا فخورًا؟! أنا سوف أخبرك سرًّا يا أيها الفنان، التمثيل أسمى بكثير من السفه الذي تقدمه، بل إن الحقيقة أن ما تقدمه ليس إلا ابتزازًا تستغل به جمهورك من الفئة المراهقة، إن من أبسط أهداف الفن وأهمها هو الإمتاع، وللأسف لا يوجد.

أما بالنسبة لمن يحسب أن هذه البلد ملكًا له وأن المجتمع ما هو إلا مجموعة من غير الشرفاء؛ فيستبيح أشخاصهم وأنسابهم لمجرد فقط أنهم ذكروا اسمه، فأقول له أنت واهم، فأنت أيضًا مثل مشين من خلال الألفاظ والبذاءات التي تنشرها في أي مكان تجلس فيه أو تظهر عليه، أنت لم تدع شخصًا محترمًا أو غير محترم إلا وتلفظت عليه وعايرته إما بأفعال قديمة وكأنك ملاك منزل من السماء، وإما بحسبه ونسبه، وهي أشد الصور ابتزازًا وخسة، وكأنك طاهر مطهر لا تخلو من العيوب كباقي الناس، العجيب والغريب معك بالذات أن لا احد يستطيع أن يأخذ حقه منك، لماذا؟! كم من البلاغات التي تقدم ضدك وهي بلاغات صحيحة وبالدليل المادي القوي بالصوت والصورة «كأنك يا بوزيد ما غزيت»، هل أنت فوق القانون فلا تحاسب؟ أنت لغز يحير الناس في الشارع والبيوت، لماذا يسكت عنك هكذا؟ أتمنى أن تدرك أن ما تفعله هو إساءة لنفسك ليس إلا، أفعالك هي مرآة الإنسان في الحياة.

إن العدل أن تشمل سلطة القانون جميع فئات المجتمع، بل إن من أولويات العدل أن يطبق القانون أولًا على من يمثلونه أولًا؛ حتى يصبحوا هم المثل الأعلى لباقي فئات المجتمع.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

تحميل المزيد