لعل من أحدث التقنيات الموجودة في عالم اليوم، والتي تغيب عن كثيرين، هي تقنية حل المشكلات. لقد توقفت أيامًا وأشهر وسنوات، تواجهني مشكلات عويصة، ثم أتفاجأ أن غيري يحلها بلمح البصر. فكيف يستطيع أحدهم تحقيق ما يريد ويحل مشكلاته بهذه السهولة ليتقدم في حياته؟

إن أكبر العوائق أمام من يفشلون في التقدم في الحياة، وحل المشكلات، تكمن في عواطفهم التي تقف حاجزًا ما بينهم وبين الحل. خذ على سبيل المثال: فكرة أن يضع جارك القمامة أمام منزلك، مما يزعجك كمشكلة تريد حلها. وستفاجأ بكثيرين يستشهدون بحادثة تاريخية عن عدم رد الرسول الكريم – عليه السلام – على جاره اليهودي ظنًا أنه بهذا الفعل يثنيه.

إن هذا النوع من التصرفات يسمى في عالم علم النفس اليوم سلوكًا تجنيبيًا، ويدل على نوع من ضعف الشخصية، فهل كان الرسول ضعيفًا؟ أبدًا، بل إنه عندما فعل هذا السلوك كان عزيز أهل المدينة وسيدها وحاكمها ويدفع له اليهود الجزية، وكان موقفه يظهر أنه لا يلتفت لصغير أعدائه، ولكن حقيقة، فإن بإمكانك إخبار الجار أنك تنزعج، ببساطة. وبامكانك توفير حاوية قمامة بجانب منزله، وبإمكانك إخبار صاحب البناء أن يرسل تنبيهًا للجيران كافة حول نظافة البناء، وبإمكانك أن ترسل زوجتك لتخبر زوجته بشكل لائق، وهناك أناس تفننوا وأبدعو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أبسط نواحي الحياة من التعايش مع الآخر، فلم علينا أن نعلم أبناءنا عن سلوك تجنبي، كتقليد غير عاقل أبدًا لمظهر السلوك النبوي لا لمقاصده؟

أحدث تقنية تم استحداثها اليوم هي أن لا يلزمك أن تعتذر عن مصيبة فعلتها، فهل تعلم ما هي؟

حسنا دعني أخبرك أنك تستطيع تحقيق أحلامك اليوم، وأن تكسر كل الحواجز، وتشتهي فتطاع، نعم، ليس بالضرورة أن يكون لديك حق في ما تريده، بل يكفي أن تريده وترغب به، وإن كان ليس لك فالأمر أصبح بسيطًا. أولًا حدد أي قانون تريد تخطيه.

مثلًا، لنقل إنك خريج صيدلة، وتريد إنشاء صيدليتك الخاصة، ولا تريد أن تعمل لدى أحدهم في صيدلية إلا للتدريب. إذن فبكل بساطة، بإمكانك تبادل شهاداتك مع زميلتك المتزوجة التي لا تعمل، والعمل كمعلمة لغة إنجليزية أو عربية وتمويل مشروعك الخاص.

ثم بإمكانك إقامة مشروع عن تعاون مختلف التخصصات والمهن للطلاب؛ ليكون ذلك رمزيًا عن وجودك غير الظاهر لغيرك. كما بإمكانك التحدث عن ضيق الأحوال المالية، وليس عليك أن تكترثي أبدًا إن كنت تسببت في طرد إحداهن من عملها لتعملي مكانها، ولتكتفي بقول إن الدنيا أرزاق، والله من كتب القدر، وأي أمر يحصل من ضرر أو خير فهو مكتوب على الشخص، وإن اجتمع عليه الناس.

وطبعًا فإن طلبات العمل المتوقفة للمتخصصين غير مهمة، وأنت لست مسؤولة عنها، إنما هي الإدارة المدرسية، والدولة، للتي قصرت في اتخاذ إجراء حاسم. وهكذا تستطيعين الحصول على عمل بسرعة، وتمويل مشروعك بما لا يزيد عن خمس سنوات عمل. أما بالنسبة للأمانة العلمية والمهنية، فببساطة يمكنك القول إن الإنترنت موجود، ويحتوي جميع المعلومات، ولست مسؤولة عن أي خطأ يحصل، وبأية حال، فالمعلمون قد درسوا تخصصات وضيعة، ولا قيمة لها، ولذا فمهتهم سهلة بأية حال، ويمكن لأي كان القيام بها وتعلمها. المهم أن لا تعتذر؛ لأن في ذلك اعترافًا ضمنيًا بإساءتك وتعديك على حقوق الآخرين، أما عن الاستغفار فحدث ولا حرج، فالمفهوم الجديد المنتشر هو أن تكذب وتخفي الحقيقة، فيكون آنذاك ذنبًا تستغفر منه.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

تحميل المزيد