ربما يكون العنوان صادمًا ولكنها الحقيقة التي نعرفها جميعًا ولكننا نتغاضى عن ذكرها عمدًا!
مصر هذا الوطن الوغد الذي طالما ظلمنا وقسا علينا نحن أبناءه، نحن من تمرغنا في عشقه دومًا وهو من صفعنا ومن أذلنا وهو من نعاني بسببه أينما ذهبنا! هذا الوطن الذي فسد تعليمه وصحته وأخلاقه وهو الذي قتل كل جميل فينا!
ولكن كما أن هذا الوطن وغد هو أيضًا مسكين جدًا بنا نحن أبناءه الذين نكرهه كرهًا جمًا ولا يوجد أبناء يكرهون وطنهم مثلما نكرهه نحن وكل منا يدعي أن له مبرراته في كراهيته.
نحن شعب نكرهه لدرجة أننا أوصلنا للحكم جماعة يقول مرشدها «طز في مصر وأبو مصر واللي جابوا مصر». نكرهها بداعي أننا نحب الدين أكثر وهو الغاية الأولى وكأن الدين والوطن في مجال مقارنة!
ولكن أيها الكاره لوطنك أقول لك إن الدين في قلبك وفي أفعالك وفي أخلاقك وليس في وطنك فالأوطان لا دين لها فهل رأيت يومًا وطنًا يذهب للمسجد أو الكنيسة كما قال الراحل العقيد جارنج ذات مرة ساخرًا!
وإن كانوا أوهموك بدولة الخلافة وما بها من خير وسلام وعدل وإنها مملكة الله فلن أدخل معك في جدال وأخبرك بحكايات من باطن الزمن تظهر لك ما هي دولة الخلافة وكيف إن كثيرًا من الخلفاء قتلوا من شدة الفتنة لأنك بالطبع لن تصدقني، ولأنهم عرفوك فقط ما يراد لك أن تعرف وليس أكثر، ولكني سوف أقول لك شيئًا واحدًا لو كانت دولة الخلافة خيرًا لبقيت ولو كانت هي مملكة الله فلم تكن لتزول لأن الله مملكته لم ولن تزول لأن الله ليس بزائل وإلا كفرت أنت بالله الذي تدعي أنك تؤمن به!
إنما هي كانت مجرد إمبراطورية عسكرية قائمة على القوة العسكرية مثل جميع الإمبراطوريات التي اندثرت.
وأريد أن أهمس في أذنك أيها الانتحاري الذي فجرت نفسك في هذا الوطن المسكين بأنك لن تجد الحور العين اللائي فجرت نفسك من أجلها فلو كنت ستجدها ما كان سيرسلك أحد إليها بل كان سيذهب بنفسه إليها وكنت سأذهب أنا شخصيًا معه!
هذا الوطن المسكين أيضًا بأبنائه المسيحيين الذين أصبح كثير منهم يكرهونه بدعوى أنهم مضطهدون وأنهم مهمشون ولم يفهموا بعد أن الجميع في هذا الوطن على الهامش ومضطهد. هذا الوطن المسكين بشرطته التي تهين البسطاء في الأقسام وهو أيضًا المسكين بأبنائه الذين يخالفون القانون ويعتدون على الشرطة إن تساهلت معه وعاملته بالقانون!
هذا الوطن المسكين بجيشه الذي أقحم نفسه بالسياسة والحكم وهو لم يكن يومًا أهلًا لهما. هذا الوطن المسكين بنا جميعًا فمن منا لم يغش لم يكذب لم يفسد لم يهمل في عمله لم يلقِ قمامته في الشوارع لم يتهرب من الضرائب حق الوطن عليه، من منا لم يطعن يومًا هذا الوطن في ظهره! فكلنا فاسدون ولا أستثني أحدًا كما قال الراحل العظيم أحمد زكي في رائعته ضد الحكومة.
من أصدق المقولات التي تقال في هذا الوطن «الجيش والشعب والشرطة يد واحدة» فحقًا إنهم يد واحدة ولكنها يد ضد الوطن لتغتاله!
أخيرًا أتذكر كلمات للدكتور محمد البلتاجي قطب جماعة الإخوان في حديثه للإعلام عقب انتهاء المائة اليوم التي حددها الرئيس السابق مرسي التي أسماها خطة المائة يوم الأولى قائلًا «قبل أن تسأل ماذا فعل الرئيس مرسي اسأل نفسك أنت أولًا ماذا فعلت» فقد كان هذا قول حق حتى لو كان يراد به باطل!
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست