كان شعار الإسلام هو الحل شعارًا أساسيًّا عند جماعة الإخوان، ونتيجة للمواءمات السياسية تخلوا عن هذا الشعار. فيا ترى ماذا حدث؟ وما السبب في ذلك؟
كان شعار «الإسلام هو الحل» أحد أهم المبادئ الأساسية، حملته الجماعة على كتفها واكتسبت به شعبية كبيرة لدى الشارع المصري الذي يحب التدين عمومًا، والدين الإسلامي خصوصًا. ولأننا في مصر فقد أثار هذا الشعار بعض الحساسيات السياسية لدى الأقباط في مصر، مما استدعاهم أيضًا إلى رفع شعار مسيحي مماثل، ألا وهو الإنجيل هو الحل.
لذلك استشعرت الحكومة آنذاك خطورة الأمر، وأنه قد يؤدى إلى فتنة طائفية هي في غنى عنها، وحتى لا تتعرض الحكومة للمشاكل، تم الاتفاق مع جماعة الإخوان على ألا ترفع شعار «الإسلام هو الحل» خصوصًا في الانتخابات البرلمانية، وذلك منعًا للإحراج السياسي، أو إحراج الحكومة على وجه الخصوص، وما تتعرض له من نقد من قبل الأقباط نتيجة لرفع الإخوان لهذا الشعار.
المهم هنا أن الإخوان استجابوا بشكل أو بآخر، وكان هذا بالتأكيد بمقابل سياسي أو حتى اقتصادي، وحذف الإخوان الشعار من شعاراتهم الانتخابية، وأدى ذلك إلى أن سحب الأقباط شعارهم المماثل من قائمة شعاراتهم هم أيضًا. ولا أدري ما المشكلة في رفع سواء شعار «الإسلام هو الحل» أو «المسيح هو الحل» شعارًا سياسيًّا، المهم أن يكون هناك حل لمشكلاتنا سواء من منظور إسلامي أو من منظور مسيحي، فالمهم هنا أن نجد الحل للمشكلة.
فإذا نظرنا إلى ألمانيا أو إسرائيل على سبيل المثال، سنجد الأحزاب الدينية تملأ الدنيا هناك في كلا البلدين، وإذا كنا في مصر نمنع الأحزاب السياسية التي تقوم على أساس ديني، فلماذا لا تمنع مثل هذه الدول على سبيل المثال، وهي دول أكثر مننا تقدمًا سواء اقتصاديًّا، أو فكريًّا، أو سياسيًّا.
فإذا كانت الأحزاب السياسية الدينية تمثل شيئًا سلبيًّا في الحياة السياسية لكانت منعتها تلك الدول من الأساس، ولكنها تعلم فائدتها بدلًا من شيوع الإلحاد في بلادهم والذي يؤدي إلى كوارث رهيبة لدى المجتمعات في جميع المجالات، سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.
ولكن الحكومة المصرية أدركت خطورة الأمر سواء على الجانبين الإسلامي والمسيحي، في أنهم سوف يجدون حلولًا من المنظور الديني (الإسلامي أو المسيحي) لمشكلات المجتمع، والذي تعجز عن إيجاده الحكومة من المنظور الدنيوي، مما سيجعل المواطنين من الشعب المصرى تلتف حول هذه التيارات السياسية سواء المسيحية منها أو الإسلامية مما سيجعل موقف الحكومة محرجًا أمام الشعب، ويجعلها تقف موقف العاجز أمام حل مشاكل المواطنين والتي تجد حلولها بشكل مبسط من المنظور الديني سواء الإسلامي أو المسيحي.
لكن الحكومة المصرية آنذاك آثرت مصلحتها الخاصة على المصلحة العامة، وآثر الإخوان مصلحتهم السياسية والفوز بعدد أكبر من المقاعد في البرلمان، وليذهب الشعار إلى المريخ، المهم مصلحة الجماعة، لذلك وصل بهم الحال بعد ذلك إلى ما هو عليه آنذاك.
لقد أدركت القيادة السياسية آنذاك أن شعار الإسلام هو الحل يستقطب قطاعات وفئات عديدة من الشعب المصري، ويستجدي تعاطفهم مما يدفعهم إلى الانتماء للجماعة، خاصة فى أوساط الشباب فى الجامعات على وجه التحديد.
ولربما كان هذا هو السبب الحقيقي وراء ضغط الحكومة المصرية آنذاك على الجماعة لتخلي عنه وترك هذا الشعار الذي يستقطب الكثير من فئات الشعب، خاصة وأننا ندرك أن الشعب المصرى متدين بطبعه. وكان مما يزيد الأمر تعقيدًا هو رفع الأقباط المصريين شعار الإنجيل أو المسيح هو الحل، مما سيضع الحكومة وحزبها الوطنى بين فكي الرحى، فإذا ما رُفع هذان الشعاران فإنه لن يكون هناك وجود للحكومة وحزبها الوطني، ولن يكون لها موطئ قدم في الحياة السياسية.
فكانت سياسة فرق تسد المتوارثة عن الاستعمار البريطانى، والتي طبقتها الحكومة وحزبها تجاه المسلمين والأقباط معًا حتى يخلو الجو السياسى للحكومة وحزبها الوطني، وقد كان بالفعل.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست