بالتأكيد إننا ننظر إلى إسرائيل بأنها العدو الاستراتيجى الأول بالنسبة لنا، ولكن علينا كعرب أن نتمهل سويا ولو لحظة كيف بدولة وجيش لا يتخطى عدد سكانها نحو ثمانية ملايين نسمة تقريبا، أن يصبحوا من القوى العظمى في العالم فالكيان الصهيوني ما هو إلا بضعة آلاف عسكري غطاؤهم الوحيد الولايات المتحدة الأمريكية وتجهيزاتهم النووية، دون ذلك فالجيش الإسرائيلي ما هو إلا جبناء وأشباه رجال لا تملك أيمانهم شيئا.
يستهزئ الإسرائيليون بمكانة العرب وسط الأمم وذلك لأن العربي ولحسن حظ الكيان الصهيوني لايعرف مكانته وسط الشعوب، ولكن من المؤكد في يوم من الأيام ستتبدل الظروف، وإن استطاعوا أن يضعفونا في الماضي عن طريق تصدير ثقافتهم الصهيونيي المتخلفي لبلادنا العربيي، فلابد علينا الآن أن نغير من أنفسنا ونصلح من عيوبنا، فمن المستحيل لرعاة لم يتخط تاريخهم المائة عام أن يقضوا على شعوب هي من قامت بصنع التاريخ وكتابته.
سوف نتطرق إلى العقود الماضية، ونكتفي بفتره 67 عامًا فقط .. ولكن لماذا 67 عامًا بالتحديد؟ لأن هذا هو مهد القضية الفلسطينية، دعونا نحاسب أنفسنا خلال تلك الفترة كم كانت تعد إسرائيل من العدة والعتاد لكي تسود العالم؟ كم عدد الحلفاء التي جعلتهم إسرائيل في صفها؟ وهيأت للعالم كافة نفسها كمشروع دولة عاصمتها القدس.
كم تقدمت إسرائيل في مجال الفضاء والفلك والطب والكيمياء والفيزياء والبحث العلمي؟!! كم كتابًا علميًا وأدبيًا ترجمته إسرائيل؟ كم فردًا أعطته إسرائيل جنسيتها لمجرد أنه بارع أو موهوب في علم أو فن ما؟
ولكن على النقيض من جهة العرب وخلال تلك العقود الخالية، هل تداول مفكرونا وكتابنا ومثقفونا وعلماؤنا بكافة انتماءاتهم الفكرية ما قدمته إسرائيل؟!! أصدق جواب على هذا السؤال هو ما نعاني منه الآن بسبب تهاوننا في حقوقنا وتفريطنا في أرضنا بسبب قلة خبراتنا وعدم إعطاء الفرص الحقيقية للكوادر البارعة والمتخصصة في عالمنا العربي.
ميزانيه البحث العلمي في الدول العربية وإسرائيل
يذكر أن إسرائيل تنفق على البحث العلمي 9مليار دولار تقريبا حسب تقديرات من عام 2008، وهو ما يوازي 4.7% من إنتاج إسرائيل القومي، ومعدل ما تصرفه حكومة إسرائيل على البحث والتطوير المدني في مؤسسات التعليم العالي ما يوازي 34.6% من الموازنة الحكومية المخصصة للتعليم العالي بكامله، أما باقي الموازنه فهو للرواتب، والمنشآت، والصيانة، والتجهيزات، وجملة الباحثين في إسرائيل حوالي 25 ألف باحث، وقد أفادت مصادر بوجود حوالي 90 ألف عالم ومهندس في إسرائيل يعملون في البحث العلمي وتصنيع التكنولوجيا المتقدمة خاصة الإلكترونيات الدقيقة والتكنولوجيا الحيوية، وقد تصل تكلفه الباحث الواحد في الدولة اليهودية 162 ألف دولار في السنة (أي أكثر من أربعة أضعاف تكلفة الباحث العربي). وفي الوقت الذي يوجد في الوطن العربي 363 باحثًا لكل مليون نسمة.
فقد بلغ عدد الباحثين في إسرائيل 25 ألفًا، بمعدل 5 آلاف باحث لكل مليون نسمة. وتلك أعلى نسبة في العالم بعد اليابان التي وصل عدد باحثيها إلى 5100 باحثا، ووفقا لدراسات، يصل إنفاق الدول العربية (كافة) على البحث العلمي والتطوير تقريبًا نصف ما تنفقه إسرائيل على الرغم من أن الناتج القومي العربي يبلغ 11 ضعفًا للناتج القومي في إسرائيل والمساحة هي 649 ضعفًا. واحتلت إسرائيل المرتبة الأولى عالميًا من حيث نصيب الفرد من الإنفاق على البحث العلمي وجاءت بعدها الولايات المتحدة الأمريكية ثم اليابان، أما الدول العربية، في هذا المجال من المقارنة، فهي مائة مرة أقل من إسرائيل (إسرائيل 1272.8 دولار سنويًا للفرد والدول العربية في آسيا بما فيها الدول النفطية يصل نصيب الفرد 11.9 دولار فقط).
واقع البحث العلمي في الوطن العربي
تشير التقارير الصادرة عن منظمة اليونسكو للعلوم والثقافة، إلى أن الدول العربية تنفق 14.7 دولارا على الفرد في مجال البحث العلمي، بينما تنفق الولايات المتحدة 1205.9 دولارا لكل مواطن، والدول الأوروبية حوالي 531 دولار، ويؤكد التقرير الصادر عن منظمة اليونسكو أن مستوى الإنفاق على البحث العلمي في العالم العربي ضعيف للغاية حتى في دولة كبرى مثل مصر، إذ لا يتجاوز ما ينفق فيها على البحث العلمي 0.23% من الموازنة العامة، كما بلغ الإنفاق على البحث العلمي في الأردن 0.34%، وفي المغرب 0.64% ولبنان 0.3% وتونس 1.02% والسعودية 0.05 والكويت 0.09%، من إجمالي الناتج القومي.
رجوح كفه إسرائيل على مستوى الميزان الاقتصادي
خلاصة القول، نستطيع أن نجزم تقريبا بالتالي.
إسرائيل تصرف 2500 دولارا على تعليم الفرد، مقابل 340 دولارا للعرب.
حجم الإنفاق على التعليم عند إسرائيل 7% من الناتج القومي مقابل 5% في أمريكا و4% في اليابان .
إسرائيل هي الأولى في العالم في مجال النشر العلمي نسبة لعدد السكان.
في رياض الأطفال الإسرائيلية كمبيوتر لكل طفل، أما عدد مستخدمي الإنترنت فهم خمسون ضعفًا بالنسبة لمستخدميه العرب.
نسبه الكتب المترجمة إلى العبرية 100 كتاب لكل مليون إسرائيلي، مقابل 3 كتب فقط لكل مليون عربي.
روسيا تشتري طائرات بلا طيار من إسرائيل .
الهند تشتري قمرًا صناعيًا للتجسس من إسرائيل .
أما بالنسبة للمساعدات الأمريكية لإسرائيل، والآراء العربية المبهمة حول أن إسرائيل تفعل كل ما يحلو لها لأن الولايات المتحدة الأمريكية تبدو كدرع واقٍ لهذا الكيان الصهيوني، وهنا نجد سؤالا يطرح نفسه هل تقدمت إسرائيل بالمساعدات الامريكية فقط دون تقدمها علميا؟؟
دعونا نتخيل إذا تكاتفت الدول العربية معا عسكريا واقتصاديا وكونت مايسمى (الاتحاد العربي)، وأصبحنا يدا واحدة نتحرك لتطهير أرضنا وليس لمصالح شخصية.
بالتأكيد إسرائيل لاتخلو من السلبيات، فالمجتمع الإسرائيلي مليء بالشروخ، ولكن يجب أن نرى تقدمهم فقط.
فهمْ اقتنعوا بأن التقدم فيزياء، ونحنُ اقتنعنا بأننا فقهاء.
67 عامًا مرت على حروب، ثورات، دماء، نضال، مقاومة، حجارة، مؤتمرات، ندوات، اجتماعات، مظاهرات، قمع، سجون، تشريد، إقصاء وكل ذلك بلاجدوى.
لا نريد إنتاج داعية لكل مواطن، وفقيه لكل بيت، ولكن نريد العمل والعلم، نريد الفريضة الغائبة يا أمة اقرأ. نحن لانقلل من شأننا بالعكس نحن نريد أن نعرف قدر شأننا، إذا نزل مؤمن وكافر إلى البحر، فلا ينجو إلا من تعلم السباحة فالله لايحابي الجهلاء، فالمسلم الجاهل سيغرق أما الكافر المتعلم سينجو.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ[الرعد:11]
صدق الله العظيم
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست