التصريحات الأخيرة لرئيس النظام في مصر عبد الفتاح السيسي ، هي بمثابة تهديد صريح بالحرب ضد الدولة الإثيوبية. هكذا فسرت تصريحاته، وهلل لها البعض معتبرين أن ذلك يعتبر ضمانه من النظام يتعهد من خلالها بالحفاظ على حصة مصر من مياه النيل.
ولكن السؤال الذي نطرحه في هذا المقال، ألا وهو: ماذا فعلًا لو قامت حرب بين مصر وإثيوبيا بسبب الملء الثاني للسد الذي حسب آخر التصريحات الإثيوبية تصر عليه إثيوبيا في الموعد المحدد؟ ماذا لو خسرت مصر الحرب ضد إثيوبيا؟ فهل سيكون ذلك سببًا لنهاية عصر وحكم السيسي لمصر؟. أم أن الشعب سيقف مع السيسي حتى لو خسر الحرب ضد إثيوبيا، مثلما فعل الشعب المصري مع عبد الناصر عقب هزيمته من إسرائيل في حرب 1967 م وطالبه بعدم التنحي والعودة للحكم مع الفارق في التشبيه. أم أن الشعب المصري المحكوم بالحديد والنار كالعادة منذ قيام الضباط الأحرار بانقلابهم في عام 1952م سيطالب برحيل السيسي لخسارته الحرب وفشله في الحفاظ على حصة مصر في مياه النيل؟
إن ما يؤكد أن تصريحات رأس النظام في مصر هي بمثابة تهديد بالحرب على إثيوبيا، هي المناورات التي عقدتها مصر مؤخرًا مع دولة السودان أواخر هذا الشهر، أفلا يُعد ذلك كارت تحذير لإثيوبيا بأن الأمور دخلت مرحلة الجدية وأن على إثيوبيا أن تأخذ تصريحات السيسي على محمل الجد.
أم أن هذه المناوارات هي بمجرد ورقة ضغط لإثيوبيا ليس أكثر ولا أقل، إلا أن المتابع للأحداث فقد صرح أحد المسئولين الإثيوبيين عن عزم إثيوبيا استئناف المفاوضات عما قريب تحت رعاية الاتحاد الأفريقى.
ولكن عن أي مفاوضات تتحدث إثيوبيا، ألم تكتف إثيوبيا والطرفان الآخران مصر والسودان من المفاوضات التي أستطيع أن أقول عنها إنها مفاوضات عبثية سواء ما تم منها تحت رعاية الاتحاد الأفريقي أو ما سبقها من مفاوضات.
لماذا تصر إثيوبيا على الملء الثاني في الموعد المحدد له كما أعلنت عن ذلك؟ ولماذا لا تتفق على أسس أخرى للملء تُرضي الطرفين الآخرين؟، سؤال هام يجب أن تجيب عنه إثيوبيا كما يُعلن بعض الإثيوبيين على صفحاتهم أنهم ليس لديهم نية لقطع أو منع المياه عن دولتي المصب. إذًا فلماذا تُصر إثيوبيا على الملء الثاني الأحادي للسد، طالما أن نيتها طيبة تجاه دولتي المصب؟
ولنعود إلى السؤال الذي نطرحه ماذا لو خسرت مصر الحرب ضد إثيوبيا إذا ما نشبت هذه الحرب؟
ففي الماضي كانت هناك سابقة صراع ما بين مصر وإثيوبيا فقد كانت هناك الحملة المصرية على الحبشة أو الحرب المصرية الإثيوبية، هو صراع بين الخديوي إسماعيل والإمبراطور يوحنس الرابع إمبراطور الحبشة (إثيوبيا حاليا)، في الفترة بين 1868 إلى 1876. وتضمنت الحملة معركتين؛ جوندت في 16 نوفمبر 1875 وجورا في 7-9 مارس 1876. وانتهى الصراع بانتصار إثيوبيا.
قد تختلف الظروف بين الماضي والحاضر ففي العصر الحديث مثلًا انتصرت دولة إسرائيل على مصر في حرب 1967م ولكن مصر استطاعت بعد تنظيم جيشها أن يكبد إسرائيل الخسائر الكبيرة واستطاع أن يعبر خط بارليف المنيع وعبور مانع قناة السويس… إلخ مما اضطر إسرائيل إلى أن تخضع لعملية السلام.
فهل يتكرر سيناريو حرب أكتوبر مع إثيوبيا أم يتكرر سيناريو حرب1967 إذا ما قامت حرب بين مصر وإثيوبيا، خصوصًا وأن إثيوبيا حصنت سد النهضة بمضادات جوية متقدمة، فهل يمكنها من خلالها أن تصد أي عدوان يحدث ضد سد النهضة.
يقولون إن غدًا لناظره لقريب وما هي إلا ثلاثة أشهر على بداية الملء الثاني للسد ونرى ماذا سيحدث ما بين مصر والسوداان وإثيوبيا؟
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست