فى الثالث والعشرين من شهر مارس (آذار) 2021 يكون قد مرت ست سنوات على توقيع اتفاقية إعلان المبادئ الخاص بسد النهضة، والذي وقعه كلٌ من رئيس النظام المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، الرئيس السوداني السابق عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلا ماريام ديسالين.
فكيف آلت الأوضاع في ملف سد النهضة الآن، وكيف تسير الأمور، وكيف سيصير الحال إذا ما واصلت إثيوبيا تعنتها في ملء السد بقرار أحادى دون توافق مع الطرفين الآخرين (مصر والسودان). والآن وصل الأمر في الجانب الإثيوبي إلى إعلانها الملء الثاني للسد في الموعد المقرر له دون أن تتوصل الأطراف الثلاثة إلى اتفاق فيما بينهم بعد أن وصلت المفاوضات إلى حائط سد.
الاتفاقية
ففي الثالث والعشرين من عام 2015 تم توقيع هذه الاتفاقية بين الدول الثلاث، والتي يوجه لها البعض في مصر اتهام أنها اتفاقية التنازل عن حصة مصر في ماء النيل لإثيوبيا. وعن هذه الاتفاقية فإنها تشمل 10 مبادئ تلتزم بها الدول الثلاثة وذلك تقديرًا للاحتياج المتزايد للدول الثلاثة لمواردهم المائية العابرة للحدود وإدراكًا لأهمية نهر النيل كمصدر للحياة ومصدر حيوي لتنمية الدول الثلاث، وذلك كما جاء في ديباجة الاتفاقية. إذًا إثيوبيا تعلم وتقر في هذه الاتفاقية أن نهر النيل هو مورد مائي عابر للحدود، وليس نهرًا محليًا – داخل دولة واحدة – أي أن للدولتين الأخريين حقوقًا مائية في هذا النهر كمورد مائي عابر للحدود فهذا اعتراف إثيوبي بذلك.
ولكن ذلك يناقض الموقف الإثيوبي على أرض الواقع الذي يتعامل مع ملف سد النهضة وكأن إثيوبيا تمتلك وحدها هذا النهر وأنه ملكًا لها وحدها والدليل على ذلك إعلان إثيوبيا عن أن الملء الثاني سيكون في موعده حتى ولو لم تتوصل الدول الثلاث إلى اتفاق في المفاوضات. وإذا حدث الملء الثاني للسد حسب الموقف الإثيوبي، وكما تراه إثيوبيا فإن ذلك حسب التصريحات الرسمية المصرية والسودانية يشكل تهديدًا لكلا الشعبين المصري والسوداني.
الحرب
ولكن ماذا سيكون الحال بالنسبة لمصر والسودان إذا أصرت إثيوبيا على موقفها، فهل يلجأ كل منهما إلى استخدام القوة العسكرية في تدمير السد؟ وهل في هذه الحالة ستغرق مصر والسودان في المياه المتدفقة من جراء إنهيار السد؟ أم ستكون القوة العسكرية موجهة إلى الجيش الإثيوبي والاشتباك معه وإجباره عن التراجع عن الموقف الإثيوبي المتعنت في ملف سد النهضة؟
الأمر الواقع
هل في نهاية الأمر ستقبل دولتا المصب بالأمر الواقع واسترضاء الجانب الإثيوبي من أجل المياه وقبول شروطه وطلباته مقابل المياه حتى لا يعطش كل من الشعبين.
فكلها فرضيات وإحتمالات نطرحها للمناقشة والبحث، خصوصًا أن الاتفاقية كل بنودها العشرة مجرد كلمات مطاطية فضفاضة، وكلام كالسمن على العسل مثل الصورة التي انتشرت عند توقيع الاتفاقية حيث ضم الموقعون الثلاثة أيديهم لأعلى، والتي أوهموا الشعوب أن الأمور على ما يرام، وأنه ليس هناك أي مشاكل تجاه ملف سد النهضة.
المشكلة الحقيقية
المشكلة الحقيقية في سد النهضة ليست في الملء الثاني، ولكنها في السد نفسه الذي يصفه البعض بأنه كمحبس المياه الذي تستطيع من خلاله إثيوبيا أن تقطع وتحجز المياه عن مصر والسودان في الوقت بعد ذلك إذا ما حدث خلاف بين الدولتين فيما بعد في المستقبل، بما يعنى أن بقاء السد يعني ما يشبه الرضوخ السياسي لمصر تجاه الجانب الإثيوبي.
السؤال الأخير
هل أخطأ النظام المصر بالتوقيع على الاتفاقية؟ لأنه بشكل أو بآخر اعتراف بحق إثيوبيا في إقامة السد، وعلى مصر أن تتحمل النتائج.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست