معظم طلاب هذه الكلية يدخلونها مضطرين، وفي الغالب تفرض عليهم الأقسام التي يدرسون فيها وفقًا لمجموع درجاتهم بالثانوية العامة ودرجات السنة الأولى التمهيدية.  أما الدراسة داخل الكلية فهي ليست شيقة – للكثير من الطلاب – مثل الكليات العلمية الأخرى سواء الطب أو الصيدلة أو الهندسة. ومعظم أساتذتها يطمحون في السفر للخارج للقيام ببعض الأبحاث العلمية التي لا يستطيعون إجراءها في مقر كلياتهم أو للحصول على مرتبٍ عالٍ لكي يحسنوا من مستواهم المادي.

 

وبسبب هذه الظروف تجد غالبية أعضاء هيئة التدريس بالكلية غير مهتم بتطوير الكلية وخدمة المجتمع وليس له عمل تطبيقي في إحدى الشركات أو المصانع الخاصة، وهذا ينعكس على طلاب الكلية الذين لا يجدون الاهتمام اللائق من هيئات التدريس في معظم الأحوال.

 

وكذلك تجد معامل الكلية قديمة وبالتالي فإن طلابها غير مبدعين ومعظم خريجيها يعانون من كثرة البحث عن عمل يناسب مستوى دراستهم، ومثقلون بما درسوه فى علوم أساسية مثل الرياضيات والفيزياء، ولا يجدون لها تطبيقات واقعية في خدمة مجتمعاتهم وبالتالي تقل فرص العمل المناسبة لما درسوه في الكلية.

 

كما ترى الطلاب المتميزين في الثانوية العامة يزهدون في هذه الكلية – التي تعتبرها دولا كثيرة أساس البحث العلمي والتطوير والتنمية – ويذهبون إلى ما يسمى بكليات القمة أو الجامعات الخاصة.  هذا هو حال كلية العلوم بالجامعات المصرية وعنها نتحدث.

 

ولعلنا لا نذيع سرًا إن قلنا إن من أهم الكليات العلمية المهتمة بالعلوم الأساسية وبناء جيل من الباحثين هي كلية العلوم بأقسامها المختلفة مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء. والغريب أن تجدها من أوائل الكليات التي تبنى عند إنشاء أي جامعة جديدة، وكذلك لها مكانة مرموقة في الدول المتقدمة، ولكن لماذا لم تتطور كليات العلوم بالشكل المطلوب لتواكب التطور العلمي والتكنولوجي السريع في المجالات المختلفة من فيزياء كمية وبيوتكنولوجي وعلوم الحاسب المحاكي للإنسان وتطبيقات الميكروبيولوجي في الطب والزراعة والصيدلة وغيرها؟

 

ومن وجهة نظري يرجع عدم تطور كليات العلوم في جامعاتنا إلى عدة أسباب، ولها أيضا حلول مقترحة، منها ما يلي:-
1- انغلاق كليات العلوم على نفسها سواء بعدم قبول طلاب من كليات مختلفة للدراسة بها سواء في مرحلة البكالوريوس أو الماجستير أو الدبلومات أو الدكتوراة. إذ تشترط الكلية الحصول على السنة الثالثة والرابعة كشرط أساسي للحصول على بكالوريوس العلوم وعليه الالتحاق ببرنامج الماجستير. وكذلك تضع الكلية شروطًا معقدة للحصول على دبلومة دراسات عليا من كليات العلوم، بينما تجد تيسيرات وشروطًا سهلة للالتحاق بكليات الآداب والحقوق والتجارة والهندسة والإعلام.

 

وأرى أنه يمكن التغلب على هذه الشروط بوضع امتحانات قبول وكورسات مؤهلة للدراسات العليا للدراسة في أي قسم بكليات العلوم. وعليه سوف تجذب كليات العلوم طلاب الدراسات العليا من جميع الكليات العلمية وغير العلمية المختلفة. مما يزيد من عدد طلاب الدراسات العليا، وبناء عليه سيتم تطوير المناهج وعمل مشاريع وبرامج مختلفة مع كليات أخرى.

 

2- عدم تحديث بعض المواد العلمية التي تدرس في السنة الأولى والثانية وتحديث البرامج لتواكب مقدرة الطلاب وعدم تحديث بعض الكورسات في السنة الثالثة والرابعة لتواكب سوق العمل على نحو ما يتم في كليات الحاسبات والهندسة والصيدلة.

 

3- قلة خبرة بعض الأساتذة بسوق العمل وعدم تنظيم مشاريع مشتركة مع الشركات المتقدمة وعدم ربط الطلاب بالتقنية الحديثة في مجال دراستهم، ومن المفترض أن يتم ذلك عبر مشاريع ممولة تخدم الشركات والمؤسسات العلمية المختلفة.

 

4- قلة أعداد طلبة كلية العلوم بالنسبة لباقي الكليات المختلفة وعدم توفرها في الجامعات الخاصة.

 

5- عدم قبول طلاب الجامعات الخاصة للالتحاق بالدراسات العليا بكليات العلوم سواء عبر برامج الدبلومات أو الماجستير أو الدكتوراه. مما يقلل انتشارها فى مجالات سوق العمل وحصول خريجيها على مناصب مرموقة وصانعة للقرارات فى مناصب مختلفة.

 

6- ومن وجهة نظري فإنه يجب تطوير المعامل والمواد التعليمية في كليات العلوم لكي تواكب التطور المذهل في العلوم الأساسية من بيولوجي وبيوفيزياء وفيزياء الكم وعلوم الحاسب وشبكاته وفروع الكيمياء. فمثلا يجب تطوير شعبة الحاسب الآلي وتطوير معاملها لتكون قسما خاصا، وفتح معامل حديثة له، واستقبال أكبر قدر من الطلاب المتميزين، وكذلك أقسام شعب البيوتكونولجي وفيزياء الكم وشعب العلوم البيئية وعلوم الفضاء ومعامل الكيمياء والجيولوجيا وأقسام النبات والحيوان.

7- يجب على كليات العلوم استقطاب أساتذة متميزين وطلاب نابغين من جميع دول العالم. وعليه عمل دعاية إعلانية بتخصصات كليات العلوم ومدى أهميتها لخدمة المجتمع. وعمل برامج مشتركة مع جامعات متقدمة لتبادل الأساتذة والطلاب بين كليات العلوم ونظيرتها في دول مثل ألمانيا واليابان وأمريكا والبرازيل. وكذلك تطوير المكتبات والدورات والمجلات العلمية بكليات العلوم.

 

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد