علاقة السينما بالأدب لا تتجلى فقط من خلال تحويل الروائع الأدبية إلى الشاشة، بل تتمظهر أيضًا من خلال تجسيد علاقة الفرد بالأدب، مقاربة عملية الكتابة والإبداع وتصوير حياة الأدباء والكتاب وعلاقتهم بمحيطهم. إن كنت من محبي الأدب بمختلف أنواعه من الشعر والرواية والفنون الأخرى، فإن قائمة الأفلام التالية ستزيدك إدمانًا، أما إن لم تكن، فهناك احتمال كبير أن تصير من مدمني الأدب، وإذا كنت كاتبًا تشق طريقك في عالم الإبداع، فإن هذه الأفلام ستلهمك حتمًا.

تحاول معظم هذه الأفلام الدرامية وصف عملية الكتابة الإبداعية وتحدياتها. فالكتابة لا تستقيم دائمًا، والقلم يتمرد أحيانًا ولا يطاوع صاحبه، إنها عملية أشبه بمخاض عسير لا ينتهي منه الكاتب إلا بعد أن يمر من أزمات نفسية واجتماعية قد تؤدي به إما لنص إبداعي في نهاية النفق المظلم، وإما تؤدي به إلى الهلاك عينه.

فيلم Dead Poets Society (1989)

«الطب، القانون، الأعمال، الهندسة: هذه مهن نبيلة وضرورية كي تستمر الحياة. لكن الشعر، الجمال، الرومانسية، الحب… هذا ما نبقى أحياء لأجله».

لا صوت يعلو على صوت الشعر في فيلم «مجتمع الشعراء الموتى»، بل تُخترق كل القوانين المتعارف عليها وتُضرب عرض الحائط من أجل لحظة الشعر، الفيلم من إخراج بيتر ويير وبطولة روبين ويليامز في دور جون كيتينج، مدرس اللغة الإنجليزية في مدرسة داخلية للطبقة الراقية.

يقوم كيتينج، من خلال أساليب غير مألوفة، بتدريس طلابه وإلهامهم عن طريق الشعر إلى درجة أنه طلب منهم ذات مرة أن يمزقوا صفحة من كتابهم المدرسي تُقيِّم الشعر بمعايير ميكانيكية. تتنافى أساليب كيتينج المثير للجدل مع القوانين التقليدية للمدرسة الداخلية، وهو ما يؤدي به إلى صراع رفقة طلابه ضد المؤسسة.

فيلم Sylvia (2003)

«كل ما أريده هو السواد… السواد والصمت!» 

الفيلم من إخراج كريستين جيفز وبطولة جوينيث بالترو، ودانييل كريج. هو مقتبس من علاقة الشاعرة الأمريكية سيلفيا بلاث بالشاعر البريطاني تيد هيوز. تقع بلاث في حب هذا الأخير، لكن بعد زواجهما تعجز بلاث عن الكتابة وتلقى صعوبة كي تجد صوتها الشعري الخاص أمام نجاح زوجها الباهر ومسؤولية الأطفال، إضافة إلى هذا فإن عدم الاهتمام وتعرضها للخيانة يقودانها لتراجيديا كارثية.

فيلم The Lives of Others (2006)

هل تمانع الكتابة باللون الأحمر؟

ليست لدي أدنى مشكلة!

قد تبدو الكتابة بعيدة عن التيمة الرئيسة للفيلم، لكنها السبب الرئيسي الذي يدفع البوليس السري للتجسس على الكاتب المسرحي جورج دريمان. وفي ظل نظام القمع الإشتراكي في ألمانيا الشرقية، تصبح الكتابة خطرًا قد تؤدي بصاحبها إلى الهلاك، فالمقال الذي أثار حفيظة النظام، كتب بآلة كاتبة ذات مداد أحمر، في إشارة رمزية إلى الخطر. تقع أحداث الفيلم في سنة 1984 في تجسيد شبيه لرواية جورج أورويل. الفيلم من إخراج فلوريان هينكل فون دوناسمارك وبطولة كل من أولغيش موييه، وسيباستيان كوخ، ومارتينا جيديك.

فيلم Midnight in Paris (2011)

«ليست مهمة الفنان أن يخضع لليأس، بل أن يجد علاجًا للفراغ في الوجود».

فيلم «ميدنايت إن باريس» للمخرج وودي ألين فيلم من نوع خاص يمزج بين الكوميديا والفانتازيا. تقع أحداث الفيلم في باريس طبعًا، حيث يقضي جيل بندر، كاتب سيناريو، عطلة رفقة خطيبته وعائلتها الثرية، يطمح جيل لإنهاء روايته الأولى ويخطط للاستقرار في باريس، لكن علاقته مع خطيبته، وأبويها وأصدقائها ليست على وفاق.

يتجول جيل في شوارع باريس وتسافر به سيارة عبر الزمن إلى العشرينيات من القرن الماضي، فيلتقي بسكوت فيتزجيرالد، وإرنست همنغواي، وسالفادور دالي، وبابلو بيكاسو وغيرهم، ويستفيد من خبرة جيرترود شتاين لكي ينقح روايته.

فيلم The Words (2012)

«جميعنا نقوم بخيارات في الحياة. لكن الجزء الصعب هو أن نتعايش معها».

ماذا لو كنت كاتبًا فاشلًا وكل ما يلاقيه كتابك هو الرفض من طرف الناشرين؟ تعثر فجأة على مخطوطة قديمة لرواية كاتبها مجهول، وتصبح بين ليلة وضحاها كاتبًا لا يعلى عليه، ماذا ستفعل لو كنت مكان روري جانسن؟ وماذا ستفعل عندما يظهر صاحب الرواية الحقيقي، بينما يظن الجميع أنك كاتبها؟ فيلم The Words من إخراج بريان كلوغمان وبطولة برادلي كوبر، يغوص في هذه الأسئلة.

فيلم On the Road (2012) 

«لا يكترثون لحياتهم، أليس كذلك؟ ما الذي يوجد في العالم كي نكترث به إن لم يكن حياتنا، الهبة الوحيدة التي لا يقدمها لنا الرب مرة ثانية؟» 

فيلم من إخراج والتر سالز، ومستلهم من رواية تحمل العنوان نفسه للكاتب الأمريكي جاك كيرواك، رواية هذا الأخير مرتكزة بدورها على حياته وعلاقته بأفراد الـ«Beat Generation». لهذا فشخصيات الفيلم، كما الرواية، شبيهة بشخصيات حقيقية كآلين جينسبورغ، وليام بورووز، لا حدود للجنون في هذا الفيلم، لذلك من الأفضل أن تستعد لجرعات من الصخب والمغامرة.

فيلم Kill Your Darlings (2013)

«بعض الأشياء، حين تعشقها تصبح ملكك إلى الأبد. وإذا حاولت أن تتخلى عنها، فإنها تستدير فقط وتعود إليك، إنها تصبح جزءًا منك أو تدمرك».

Kill Your Darlings هو أول فيلم طويل للمخرج الأمريكي جون كروكيداس. يتميز الفيلم بطابع بيوغرافي وذلك من خلال تصويره للعلاقة بين شعراء وأدباء الأربعينيات من القرن الماضي، من أبرز هؤلاء، نخص بالذكر، ألين جينسبورج، جاك كيرواك، وليام بورووز وغيرهم من كتاب الـ«Beat Generation».

فيلم Paterson (2016) 

«أحيانًا، تقدم الصفحات الفارغة آفاقًا رحبة!» 

الفيلم من إخراج جيم جارموش وهو فيلم شعري بامتياز. تركز الأحداث على سائق حافلة يدعى باترسون (آدم درايفر) في مدينة تحمل الاسم نفسه في ولاية نيو جيرسي. باترسون ليس مجرد سائق حافلة فحسب، بل شاعرًا أيضًا. لا يكتفي باترسون بكتابة الشعر، بل يتنفسه طوال اليوم. فهو دائمًا ما يبدأ يومه بسرقة بضع لحظات، قبل انطلاقه بالحافلة، كي يدون ما يجود عليه الإلهام من شعر. وطوال قيادته للحافلة في شوارع باترسون وإنصاته لحديث الركاب، الشعر، يحضر دومًا.

بعد إلحاح من زوجته لورا (غولسفيث فرحاني)، يقرر باترسون أن يقوم بطباعة قصائده على أمل أن يقدمها لناشر. لكنه يتفاجأ بأن كلبه مارفن قد مزق دفتره ومعه كل قصائده. ماذا ستكون ردة فعلك لو كنت مكان باترسون يا ترى؟

فيلم Rebel in the Rye (2017)

«”عزيزي (ويت)، جوابًا عن سؤالك الذي طرحته عليَّ منذ أعوام مضت. أجل، أنوي الكتابة لبقية حياتي بدون الحصول على شيء في المقابل».

الفيلم من إخراج داني سترونج وأحداثه هو الآخر مقتبسة عن قصة واقعية. تركز الأحداث على حياة جي دي سالينجر وعلاقته بالحب والحرب والكتابة. هذه الأخيرة تحتل حيزًا مهمًّا في الفيلم ولها طقوسها الخاصة والمميزة عند سالينجر، حتى إنه اختار العزلة كي يكرس حياته لها من دون مقابل.

فيلم El Autor (2017)

«أن تعيش، أن تلاحظ بانتباه، أن تنصت!» 

تلك كانت نصيحة مدرس ورشة الكتابة الإبداعية لألفارو كي يعثر على مصدر إلهامه. الإلهام لا يأتي من خلال قراءة الكتب، فالكتب كتبت للقراءة، أما الإلهام، فمصدره الواقع الذي تعيشه الذات والغير. لكن ألفارو تجاوز العمل بهذه النصيحة إلى درجة التلصص على الشؤون الخاصة لجيرانه، خداعهم، بل قلب حياتهم على عقب، كل ذلك من أجل كتابة رواية تنتمي للأدب الحقيقي حسب وصف ألفارو. فالكتابة بالنسبة له غاية سامية يجب تحقيقها بكل الوسائل المتاحة، الفيلم من إخراج المخرج الإسباني مانويل مارتن سوينكا وبطولة خافيير جييتيريز ألفاريز.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

المصادر

تحميل المزيد