الاستراتيجيات هو علم التفوق المستمر، والاستراتيجية الدولية يقصد بها السياسة التي تدير بها  بعض دول العالم العظمى من حولها، وقولنا الاستراتيجية الأمريكية، فذلك يعني تلكم السياسة الدولية التي تدير بها الولايات المتحدة الأمريكية العالم. لقد مرت الاستراتيجية الأميركية بعدد من المراحل، والتي بدأت من التدخل الأمريكي لإقامة الديمقراطيات عبر المعهد الديمقراطي الأمريكي، ومن بوابة برنامج الزائر الدولي، ثم تلتها استراتيجية الحرب على الإرهاب، وهذا المزيج الاستراتيجي يعبر عنه بالأولويات الأمريكية في العالم، لكن المستجد الآن أن نشر الديمقراطيات والحرب على الإرهاب لا تغطى كل بلدان العالم، فهناك دول ديمقراطية وتتربع على عرش الديمقراطية، وأخرى تحارب الإرهاب ولها إنجازات ميدانية في مجال مكافحة الإرهاب، وهذا ما دفع بحقيبة الاستراتيجيات الأمريكية أن تضيف ملفًا جديدًا هو استراتيجية الضربة المالية، وأبرز خصائص استراتيجية الضربة المالية أنها تغطي كل دول العالم، بما فيها روسيا والصين.

الجديد في حقيبة الاستراتيجية الأمريكية  هي الضربة المالية الساحقة التي وُجهت للجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتلويح باستخدامها في مواجهة تركيا، لكونها صممت لمجابهة الأنظمة التي تتبنى سياسات الاحتماء بالمواطن، والملشنة التي تجعل فكرها الميليشاوي قائمًا على اتخاذ المواطن درعًا بشريًّا، وبرزت كذلك فكرة الضربة المالية خيارًا جديدًا للتعامل مع إيران وأذرعها التي تدعي أنها دول، لكنها ميليشيات تحقق اللادولة، فعندما تحتمي المليشيات بين أوساط المدنيين تجعلها عصية على الاستهداف العسكري؛ لأن الكلفة البشرية ستكون باهظة، ومعها تأتي استراتيجية الضربة المالية بديلًا يعزلها عن المجتمع والشعب الذي تحتمي فيه؛ لكونها سبب المشكلات الاقتصادية من بوابة أنها الدولة، وطالما أن معايير التعافي الاقتصادي للدولة مرهون بتركها السلاح، واعتزال العمل السياسي، أو مهام إدارة الدولة.

أنواع الضربة المالية: مباشرة أو غير مباشرة

ضربة مالية مباشرة تستهدف الممولين لكنها في جديدها غير المباشر، قد تستهدف الجميع، بما فيها الممول العادي كمواطن، والجابي «السلطة أو الدولة»، وهذا يعد جديدًا وتحديثًا لمفهوم الضربة المالية التي تمر بالخطوات التالية:

1. منع خدمة سويفت المصرفية، ومنع فتح الحسابات.

2. استمرار هبوط العملة وارتفاع سعر صرفها مقارنه بالأخريات.

3. عدم قدرة التأمين على الديون السيادية، وارتفاع تكلفة التأمين.

4. تعطيل الواردات الاقتصادية للدولة لمدة زمنية تكفي انهيارها.

الكل يعرف أن إزالة الخطر عن إسرائيل هو أحد أبرز ملفات الاستراتيجية الأمريكية، وهذا لا يتحقق إلا إذا جرت إدارة خطط دولية لكشف قدرات جميع خصوم إسرائيل في الشرق الأوسط، ولا يخفى على أحد أن إسرائيل تراقب قدرات إيران‎، وذلك لا يتحقق إلا بوجود صراعات مختلفة تواجهها إيران، ووفقًا لمركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، وهو عبارة عن معهد بسيط ومتواضع يوجد ضمن الحرم الجامعي لجامعة تل أبيب، لكن مكتبة هذا المعهد تضم دراسات ومؤلفات غاية في الإهمية، لكن المشكة تكمن في نظم الأرشفة والفهرسة الإلكترونية، وإدارة المكاتب، وأمن حماية المعلومات، إذ لا يمكنك من كشف المحتوى بالكامل بقدر ما تحصل على إجابة موجزة. لقد كانت مكتبة مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أول من تحدث عن مصطلح الضربة المالية بأنه خيار استراتيجي لمواجهة الفكاك الاقتصادي، أو التنمر العسكري، وتفسير هذا الكلام أن هناك دولًا تحاول بناء اقتصادها الخاص، أو منافسة دول اقتصادية فيجري إخضاعها بضربة مالية، وهناك دول أخرى تعمل على تطوير قدراتها التسليحية غير التقليدية عبر عائداتها الاقتصادية، فتجابه بضربة مالية تجبرها على عدم التفكير في العمل التسليحي، وقد باتت لديها جبهة اقتصادية تصرفها عن التفكير. قد تكون الضربة المالية فكرة جهنمية وقاتلة، وفي الوقت ذاته هي التفسير العملي والمنطقي للعدائية التي تتبناها الدول الواقعة تحت تأثير جديد حقيبة الاستراتيجيات الأمريكية.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد