توجد الكثير من الأهداف التي نود تحقيقها، بل ونسعى جاهدين، لجعلها شيئًا واقعيًا ملموسًا أمام أعيننا، لذلك نظل نعمل بمنتهى الشغف والالتزام على تلك الأهداف، ونظل نحارب من أجلها، ولا نكل ولا نمل حتى نُحققها، وبعد ذلك نحتفل بها، ثم نعود مرة أخرى لتحقيق أهداف جديدة، وهكذا…إلى ما لا نهاية.
أسئلة محورية
ولكن السؤال الآن الذي يطرح نفسه هو
هل فكرت من هو ذلك الشخص الذي ستكون عليه، بعد تحقيقك لتلك الأهداف؟!
يوجد منا من يُجيب ويقول أنا هو أنا، بلا تغيير في شخصيتي أو حتى في حياتي، فسوف أظل كما أنا سواء حققت تلك الأهداف أم لا.
ونجد شخص آخر يقول بالتأكيد سوف أتغير، لأن الالتزامات سوف تتضاعف علي، وسوف أكون شخصًا مسئولًا أكثر عن ذي قبل، أيضًا من الممكن أن أخسر بعضًا من علاقاتي؛ لكثرة انشغالي في تحقيق أهدافي.
والسؤال الثاني هو
كم عدد المرات التي سعيت بكل طاقة وجهد لكي تحقق هدفًا ما، كإنقاص وزنك على سبيل المثال، ولكن عندما حققت ذلك الهدف وجدت أن مظهرك الجديد هذا أصبح غير ملائم مع شخصيتك الداخلية؟!
أو عندما أحببت شخصًا وتمنيت لو أن يضمكما بيت واحد، ولكن عندما تزوجت شعرت بأن هناك شيئًا غير مُريح بالنسبة لك، وتمنيت لو عاد بك الزمن مرة أخرى لتبقى عازبًا كما كنت؟!
حضرنا الكثير من الدورات التدريبية التي تتحدث عن خطوات تحقيق الهدف، ووضع الخطة المُحكمة التي تساعدنا على تحقيق تلك الأهداف، وأيضًا كيفية وضع رؤية ورسالة لحياتنا نعيش وفقها، والكثير الكثير من الدورات التدريبية التي ليس لها حصر، ولكن معظمنا لم يحضر أي دورة تدريبية تُخبرنا بأننا سوف نتغير عند تحقيق ذلك الهدف.
قصة توضيحية:
كان وزن مصطفى حوالي 120 كيلو، قرر أن يضع لنفسه هدفًا أن يصل إلى 70 كيلو خلال مدة زمنية قصيرة، حيث إنه كثيرًا ما كان يستاء من نظرات الناس له، لوزنه الضخم، وأيضًا كان يريد أن يحصل على وظيفة أفضل من التي يشغلها الآن، ولذلك قرر وضع ذلك الهدف لينقص من وزنه، ويعيش الحياة التي يتمناها.
ولكن بالطبع هذا ليس كل شيء، بل وضع أيضًا خطة مُحكمة للوصول لذلك الهدف، والتي تتضمن مواعيد الرياضة التي سوف يمارسها، وعدد الوجبات التي سوف يتناولها ومكونات تلك الوجبات، والطبيب الذي سوف يتابع معه نظامه الغذائي.
وبالفعل بعد حوالي سنة من العمل الجاد والالتزام على تحقيق هدفه، بالفعل أصبح وزنه 70 كيلو!
هل تظن أن حياته سوف تتغير بعدما أنقص من وزنه؟
بالطبع نعم، فبعد ما كان يُنظر له على إنه الشخص السمين غير الجذاب، أصبح الآن محل اتجذاب واهتمام ممن حوله.
وبعد ما كان لم يجد ملابس تليق على جسده بسهولة، أصبحت معظم الملابس التي يرغب في ارتداءها تليق عليه.
بعدما رفضت المرأة التي أحبها الارتباط به، أصبحت هي الآن من يتمنى الارتباط به.
كل هذا شيء أكثر من رائع، ولكن مصطفى لم يشعر يومًا بمتعة التغيير تلك، فهو اعتاد على المعاملة بطريقة معينة، ولم يعتد على المعاملة الجديدة، أيضًا كان يُفضل الجلوس مع الأصدقاء الذين في مثل وزنه، بينما الآن لم يعد يستريح معهم لأنهم أصبحوا يتجنبونه، فهو شخص نجح في تحقيق هدفه، بينما ما زالوا هم يُعانون.
بعدما تعود على الإحساس بالرفض، أصبح الآن مقبولًا اجتماعيًا على نطاق أوسع.
ظل على هذا الحال من التناقض والصراع الداخلي، بين ما كان عليه بالماضي، وما أصبح عليه الآن في الحاضر لفترة قصيرة، ثم عاد مرة أخرى إلى حياته السابقة، لأنه لم يشعر بالراحة مع حياته الجديدة، ولذلك بعد حوالي أربعة أشهر عاد لوزنه مرة أخرى!
تعرف على نفسك جيدًا بعد تحقيق هدفك:
أتمنى أن تكون القصة السابقة قد وضحت ما أعنيه من عنوان المقال هذا، «تعرف على نفسك عندما تحقق هدفك»، تعرف على نفسك جيدًا قبل تحقيق هدفك، بمعنى قبل تحقيق ذلك الهدف تخيل نفسك حققته بالفعل، لكي تعلم ما هي الأشياء التي سوف تقوم بها، ولكي تعلم ما هي الشخصية التي ستكون عليها عندما تحقق هدفك، ببساطة لكي تكون مستعدًا لحياتك الجديدة.
اسأل نفسك
اسأل نفسك تلك الأسئلة:
- لماذا أريد تحقيق ذلك الهدف؟
- ما الشخصية التي سوف أكون عليها بعد تحقيق هدفي؟
- من الأشخاص الذين سوف أحيط نفسي بهم عندما أحقق هدفي؟
- ما نوع الأماكن التي سوف أتردد عليها بعدما أحقق هدفي؟
- هل أسرتي سوف تتضرر من تحقيق ذلك الهدف؟
- هل أنا مستعد أن أخسر بعض أصدقائي غير المناسبين لي بعدما أحقق هدفي؟
والكثير الكثير من الأسئلة التي يفضل أن تسألها لنفسك؛ لتضمن أنك مستعد للتغيير الذي سوف يطرأ على شخصيتك من تحقيقك لذلك الهدف.
من الممكن أن أحدًا يسأل ذلك السؤال، «وكيف لي أن أجيب على تلك الأسئلة وأنا ما زالت لم أحقق هدفي حتى الآن؟!»,
ببساطة تستطيع أن تتخيل عن طريق التصور الابتكاري، أي تضع نفسك في الحالة التي ترغبها، بكل حواسك وبعقلك، أي تذهب إلى المستقبل وأنت ما زلت في الحاضر، ترى نفسك ماذا تأكل، وماذا تسمع، ومن هم أصدقاؤك…إلخ.
تضع نفسك في تلك الحالة لمدة قصيرة، حتى لا يكون انعكاس ذلك التمرين سلبيًّا، وبدلًا من أن تتخيل لكي تبث في نفسك الحماس، تجد نفسك تحلم أحلام يقظة بلا عمل.
فالتخيل هو الطريقة الوحيدة من وجهة نظري، الذي من خلاله سوف تتعرف على نفسك عندما تحقق هدفك، ومن ثم تستعد.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست
علامات
هدفك